عبد السلام مازن ابو خلف
06-11-2009, 12:48
بسم الله الرحمن الرحيم
المدارسة الثالثة
التقسيم (الثاني):وهو باعتبار متعلق الحكم أي الفعل الذي تعلق به الحكم بحسب الوصفين المتنافيين أي الحسن والقبح.
الفعل الحسن والقبيح عند الأشاعرة:
(ما نهي عنه شرعا) نهيا جازما كالحرام أو غير جازم كالمكروه (فقبيح وإلا) بأن لم ينه الشارع عنه) فحسن) سواء كان الفعل قد تعلق به خطاب لا نهيَ فيه (كالواجب والمندوب والمباح) أو لم يتعلق به خطاب كفعل الله (وفعل غير المكلف) من ساهٍ ونائم وصبيٍ وكفعل البهيمة.
الحسن والقبيح عند المعتزلة:
(والمعتزلة قالوا): الفعل القبيح هو (ما ليس للقادر عليه) أي داخل تحت قدرته فيخرج العاجز والملجئ (العالم بحاله) أي عالم بما في الفعل من المفسدة الداعية إلى تركه (أن يفعله) أي ما ليس له أن يفعله وذلك لاستقباح العقول له استقباحا ناشئا من قبحه في نفس الأمر ويدخل فيه الحرام فقط.
(و) الفعل الحسن: (ما له أن يفعله) أي ما للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله فيدخل فيه أفعال الله والواجب والمندوب والمباح والمكروه ، (وربما قالوا): الفعل (الواقع على صفة توجب المدح) هو الحسن (أو) على صفة توجب (الذم) فهو القبيح. (فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص) لأنه لا يشمل المباح والمكروه باعتبارهما غير ممدوحين بخلاف التعريف الأول فإنه يشملهما.
والخلاصة أن الأشاعرة يقولون بأن منشأ الحسن والقبح في الأفعال هو الشرع فالشرع هو المثبت لهما الكاشف للمكلف عنهما؛ فلا يكلف الانسان قبل كشف الشرع له عن حكمه بهما، والمعتزلة يقولون بأن منشأ الحسن والقبح في الأفعال ثابت لها قبل الشرع؛ فهما ثابتان في نفس الأمر والعقل كاشف عنهما والشرع مظهر لهما تيسيرا على الناس وإلا فالإنسان مكلف بهما حتى ولو لم يرد الشرع؛ فالعقل الكاشف هو مناط التكليف بهما.
التقسيم (الثالث):
(قيل: الحكم إما سبب) وهو الحكم الوضعيُ (أو مسَبَّب) وهو الحكم التكليفي، (كجعل الزنا سببا لإيجاب الجلد على الزاني) فجَعْلُ الزنا: حكم وضعي؛ وهو سبب، وإيجاب الجلد: حكم تكليفي؛ وهو مسبب، (فإن أريد بالسببية الإعلام) أي أن الاسباب علامات من الله على أحكامه (فحقٌّ، وتسميتها حكما بحث لفظيٌّ، وإن أريد بها التأثير) أي أن الاسباب تستلزم أحكاما من الله بحيث يكون السبب المعين مؤثرا في وجود حكمٍ معين (فباطل، لأن الحادث) وهو الزنا مثلا (لا يؤثر في القديم) أي لا يستلزم حكما من الله؛فيكون الحكم من الله لازما عن السبب الحادث؛فإنه عوضا عن أن الله لا يلزمه فعل شيء فهو يفيد تأثير السبب الحادث في حكم الله القديم.(ولأنه مبني على أن للفعل جهات توجب الحسن والقبح وهو باطل).
(الرابع: الصحة: استتباع الغاية) أي طلب الفعل أن تتبعه غايته؛فصحة الفعل هي كونه على هيئة تستلزم ترتب غايته عليه وذلك بتحقق شروطه وأركانه وانتفاء موانعه،والغاية هي الأثر المقصود من الفعل كملك الانتفاع بالبضع بالنسبة للنكاح مثلا، (وبإزائها البطلان والفساد) فهما لفظان مترادفان معناهما واحد وهو عدم طلب الفعل لغايته أي عدم ترتب غايته عليه وذلك للأسباب المذكورة سابقا.
واتفق العلماء على أن الغاية من المعاملات هي حل الإنتفاع بكلٍ من العوضين واختلفوا في (غاية العبادة) فهي (موافقة) الفعلُ (الأمرَ عند المتكلمين) فمتى ظن العبد موافقة فعله لما أمر به الشارع فعبادته صحيحة عندهم، وهي (سقوط القضاء عند الفقهاء)؛فغاية العبادة عندهم هي عدم المطالبة بالفعل مرةً ثانية بناءاً على تحقق الطلب الأول ؛(فصلاة من ظن أنه متطهر صحيحة على الأول لا على الثاني)؛فالفريقان يوجبان إعادتها وإنما الخلاف في تسميتها فهي على الاول صحيحة لظن موافقتها للأمر وتجب إعادتها لتبين وجود خللٍ فيها إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه، وعلى الثاني باطلة لبقاء المطالبة بها بعد فعلها وتجب إعادتها لذلك.
(وأبو حنيفة سمى ما لم يشرع بأصله) أي بذاته وهي الاركان (ووصفه كبيع الملاقيح) وهي ما في بطون الامهات باطلا وذلك لفقدان ركن المبيع، (وما شرع بأصله دون وصفه) العارض على ذات الفعل (كالربا فاسدا) لإنه وإن كان مشروعا باعتبار ذاته لكنه غير مشروع باعتبار الوصف العارض عليه وهو زيادة أحد العوضين من جنس واحد على الآخر بلا مقابل،فحكم الباطل عندهم أنه لا يعتد به أصلا؛فلا تترتب عليه آثاره ويأثم فاعله، وأما الفاسد فتترتب عليه آثاره مع إثم فاعله، فإذا ألغي الوصف العارض فلا إثم فيه.
(والإجزاء هو الأداء الكافي) أي الاتيان بالفعل إتياناً كافيا (لسقوط التعبد به) أي لعدم المطالبة بالفعل مرة ثانية ويتحقق ذلك باستيفاء شروط الفعل وأركانه وانتفاء موانعه،) وقيل) والقائل الفقهاء أن الإجزاء هو (سقوط القضاء) أي سقوط طلب الإتيان بالفعل مرة ثانية وليس المقصود بالقضاء معناه الاصطلاحي وهو القيام بالفعل بعد مضيُ الوقت المقدر له مع عدم القيام به.
( ورُدَّ بأن القضاء حينئذ) أي حين وقوع الفعل مجزئاً (لم يجب لعدم الموجب) للقضاء وهو وقوع الفعل غير مستوفياً للشروط والأركان (فكيف سقط) إذ سقوط القضاء فرع لثبوته وهو لم يثبت بعد؛هذا أولا.
(و)أما ثانيا فتعريفكم مردود (بأنكم) يا فقهاء (تعللون سقوط القضاء به) أي بالإجزاء؛ فتقولون:سقط قضاء الفعل لأنه أجزأ، (والعلة غير المعلول) فكيف تعرفون أحدهما بالآخر.
( وإنما يوصف به) أي بالإجزاء (وبعدمه: ما يحتمل وجهين) أي ما يحتمل أن يقع في الخارج على أكثر من وجه؛ٍ واحدٌ منها صحيح؛ (كالصلاة) فهي تقع مرةً معتدا بها ومرةً أخرى غير معتدٍ بها وذلك حسب استيفائها للشروط، (لا المعرفة بالله تعالى وردِّ الوديعة) فهي لا تقع في الخارج إلا على وجهٍ واحد معين، فهي إما أن تقع -فتكون معتدا بها- أو لا تقع، وما هذه حاله فلا يوصف بالإجزاء .
التقسيم (الخامس):
( العبادة)_فتخرج المعاملة_ إما أن يكون لها وقت محددٌ من قبل الشارع -بحيث يكون له مبدأ ونهاية- أو لا يكون لها وقت معين.
فالعبادة التي ليس لها وقت معين-محدد الطرفين- لا توصف بأداء ولا قضاء لوجود قيد الوقت فيهما وانعدامه فيها، وقد توصف بالإعادة لوجود قيد الإعادة فيها وهو سبق الأداء المختل.
وأما العبادة التي لها وقت معين فهي إن وقعت قبل وقتها المعين بإجازة من الشارع فتسمى تعجيل مثل إخراج زكاة الفطر في أول شهر الصوم، (وإن وقعت في وقتها المعين ولم تسبق بأداء مختل) وذلك باختلال ركن أو شرط (فأداء) وقولنا: "لم تسبق بأداء مختل" صادق بصورتين؛الأولى أن لا تسبق بأداء أصلا مثل إيقاع الظهر ابتداءً في وقتها والثانية أن تسبق بأداء لا خلل فيه مثل أن يصلي شخص الظهر في جماعة بعد أن يصليها منفردا لتحصيل الفضيلة، وإلا بأن وقعت في وقتها المعين مع سبقها بأداء مختل (فإعادة).
(وإن وقعت) العبادة (بعده) أي بعد وقتها المعين فتسمى قضاءً، وللقضاء أربعة أقسام:
فالعبادة إن وقعت بعد وقتها المعين (ووجد فيه سبب وجوبها) أي وجوب أدائها (فقضاء وجب أداؤه كالظهر المتروكة قصدا) وهذا هو القسم الاول، (أو) أي القسم الثاني قضاء (لم يجب) أداؤه في الوقت المعين ولكن أمكن ذلك شرعاً وعقلاً (كصوم المسافر والمريض) إذا تركاه في وقته المعين وقضياه بعده؛ فإن أداءه في الوقت المعين غير واجب شرعا مع أنه ممكن شرعا وعقلا فيستطيعان أن يصوماه، أو أي القسم الثالث قضاء لم يجب أداؤه شرعا و(امتنع) وقوعه من العبد (عقلا كصلاة النائم)، أو أي القسم الرابع قضاء لم يجب أداؤه شرعا وامتنع وقوعه من العبد (شرعا كصوم الحائض) .
التقسيم (السادس):وهذا تقسيم للحكم التكليفي باعتبار كونه على وفق الدليل أو على خلافه، حيث قال رحمه الله: (الحكم إن ثبت على خلاف) ما دل عليه (الدليل) الاصلي (لعذر فرخصة) سواء كان العذر ضرورة أو حاجة (كحل الميتة والقصر والفطر للمسافر)، و الاتيان بالرخصة يكون (واجبا) كحل الميتة (ومندوبا) كقصر الصلاة للمسافر (ومباحا) كالفطر للمسافر أيضا، (وإلا) بأن كان الحكم ثابتا على وفق الدليل (فعزيمة) سواء كان الحكم واجبا أو مندوبا أو حراما أو مكروها أو مباحا خلافا لمن حصرها بالبعض.
(الفصل الثالث) من الباب الاول من المقدمة.
(في أحكامه) أي في أحكام الحكم من حيث تحققه في الإيجاب، فللإيجاب سبعة أحكام.
(وفيه) سبعة (مسائل)............................
سأبدأ بها في الأسبوع القادم بإذن الله
المدارسة الثالثة
التقسيم (الثاني):وهو باعتبار متعلق الحكم أي الفعل الذي تعلق به الحكم بحسب الوصفين المتنافيين أي الحسن والقبح.
الفعل الحسن والقبيح عند الأشاعرة:
(ما نهي عنه شرعا) نهيا جازما كالحرام أو غير جازم كالمكروه (فقبيح وإلا) بأن لم ينه الشارع عنه) فحسن) سواء كان الفعل قد تعلق به خطاب لا نهيَ فيه (كالواجب والمندوب والمباح) أو لم يتعلق به خطاب كفعل الله (وفعل غير المكلف) من ساهٍ ونائم وصبيٍ وكفعل البهيمة.
الحسن والقبيح عند المعتزلة:
(والمعتزلة قالوا): الفعل القبيح هو (ما ليس للقادر عليه) أي داخل تحت قدرته فيخرج العاجز والملجئ (العالم بحاله) أي عالم بما في الفعل من المفسدة الداعية إلى تركه (أن يفعله) أي ما ليس له أن يفعله وذلك لاستقباح العقول له استقباحا ناشئا من قبحه في نفس الأمر ويدخل فيه الحرام فقط.
(و) الفعل الحسن: (ما له أن يفعله) أي ما للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله فيدخل فيه أفعال الله والواجب والمندوب والمباح والمكروه ، (وربما قالوا): الفعل (الواقع على صفة توجب المدح) هو الحسن (أو) على صفة توجب (الذم) فهو القبيح. (فالحسن بتفسيرهم الأخير أخص) لأنه لا يشمل المباح والمكروه باعتبارهما غير ممدوحين بخلاف التعريف الأول فإنه يشملهما.
والخلاصة أن الأشاعرة يقولون بأن منشأ الحسن والقبح في الأفعال هو الشرع فالشرع هو المثبت لهما الكاشف للمكلف عنهما؛ فلا يكلف الانسان قبل كشف الشرع له عن حكمه بهما، والمعتزلة يقولون بأن منشأ الحسن والقبح في الأفعال ثابت لها قبل الشرع؛ فهما ثابتان في نفس الأمر والعقل كاشف عنهما والشرع مظهر لهما تيسيرا على الناس وإلا فالإنسان مكلف بهما حتى ولو لم يرد الشرع؛ فالعقل الكاشف هو مناط التكليف بهما.
التقسيم (الثالث):
(قيل: الحكم إما سبب) وهو الحكم الوضعيُ (أو مسَبَّب) وهو الحكم التكليفي، (كجعل الزنا سببا لإيجاب الجلد على الزاني) فجَعْلُ الزنا: حكم وضعي؛ وهو سبب، وإيجاب الجلد: حكم تكليفي؛ وهو مسبب، (فإن أريد بالسببية الإعلام) أي أن الاسباب علامات من الله على أحكامه (فحقٌّ، وتسميتها حكما بحث لفظيٌّ، وإن أريد بها التأثير) أي أن الاسباب تستلزم أحكاما من الله بحيث يكون السبب المعين مؤثرا في وجود حكمٍ معين (فباطل، لأن الحادث) وهو الزنا مثلا (لا يؤثر في القديم) أي لا يستلزم حكما من الله؛فيكون الحكم من الله لازما عن السبب الحادث؛فإنه عوضا عن أن الله لا يلزمه فعل شيء فهو يفيد تأثير السبب الحادث في حكم الله القديم.(ولأنه مبني على أن للفعل جهات توجب الحسن والقبح وهو باطل).
(الرابع: الصحة: استتباع الغاية) أي طلب الفعل أن تتبعه غايته؛فصحة الفعل هي كونه على هيئة تستلزم ترتب غايته عليه وذلك بتحقق شروطه وأركانه وانتفاء موانعه،والغاية هي الأثر المقصود من الفعل كملك الانتفاع بالبضع بالنسبة للنكاح مثلا، (وبإزائها البطلان والفساد) فهما لفظان مترادفان معناهما واحد وهو عدم طلب الفعل لغايته أي عدم ترتب غايته عليه وذلك للأسباب المذكورة سابقا.
واتفق العلماء على أن الغاية من المعاملات هي حل الإنتفاع بكلٍ من العوضين واختلفوا في (غاية العبادة) فهي (موافقة) الفعلُ (الأمرَ عند المتكلمين) فمتى ظن العبد موافقة فعله لما أمر به الشارع فعبادته صحيحة عندهم، وهي (سقوط القضاء عند الفقهاء)؛فغاية العبادة عندهم هي عدم المطالبة بالفعل مرةً ثانية بناءاً على تحقق الطلب الأول ؛(فصلاة من ظن أنه متطهر صحيحة على الأول لا على الثاني)؛فالفريقان يوجبان إعادتها وإنما الخلاف في تسميتها فهي على الاول صحيحة لظن موافقتها للأمر وتجب إعادتها لتبين وجود خللٍ فيها إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه، وعلى الثاني باطلة لبقاء المطالبة بها بعد فعلها وتجب إعادتها لذلك.
(وأبو حنيفة سمى ما لم يشرع بأصله) أي بذاته وهي الاركان (ووصفه كبيع الملاقيح) وهي ما في بطون الامهات باطلا وذلك لفقدان ركن المبيع، (وما شرع بأصله دون وصفه) العارض على ذات الفعل (كالربا فاسدا) لإنه وإن كان مشروعا باعتبار ذاته لكنه غير مشروع باعتبار الوصف العارض عليه وهو زيادة أحد العوضين من جنس واحد على الآخر بلا مقابل،فحكم الباطل عندهم أنه لا يعتد به أصلا؛فلا تترتب عليه آثاره ويأثم فاعله، وأما الفاسد فتترتب عليه آثاره مع إثم فاعله، فإذا ألغي الوصف العارض فلا إثم فيه.
(والإجزاء هو الأداء الكافي) أي الاتيان بالفعل إتياناً كافيا (لسقوط التعبد به) أي لعدم المطالبة بالفعل مرة ثانية ويتحقق ذلك باستيفاء شروط الفعل وأركانه وانتفاء موانعه،) وقيل) والقائل الفقهاء أن الإجزاء هو (سقوط القضاء) أي سقوط طلب الإتيان بالفعل مرة ثانية وليس المقصود بالقضاء معناه الاصطلاحي وهو القيام بالفعل بعد مضيُ الوقت المقدر له مع عدم القيام به.
( ورُدَّ بأن القضاء حينئذ) أي حين وقوع الفعل مجزئاً (لم يجب لعدم الموجب) للقضاء وهو وقوع الفعل غير مستوفياً للشروط والأركان (فكيف سقط) إذ سقوط القضاء فرع لثبوته وهو لم يثبت بعد؛هذا أولا.
(و)أما ثانيا فتعريفكم مردود (بأنكم) يا فقهاء (تعللون سقوط القضاء به) أي بالإجزاء؛ فتقولون:سقط قضاء الفعل لأنه أجزأ، (والعلة غير المعلول) فكيف تعرفون أحدهما بالآخر.
( وإنما يوصف به) أي بالإجزاء (وبعدمه: ما يحتمل وجهين) أي ما يحتمل أن يقع في الخارج على أكثر من وجه؛ٍ واحدٌ منها صحيح؛ (كالصلاة) فهي تقع مرةً معتدا بها ومرةً أخرى غير معتدٍ بها وذلك حسب استيفائها للشروط، (لا المعرفة بالله تعالى وردِّ الوديعة) فهي لا تقع في الخارج إلا على وجهٍ واحد معين، فهي إما أن تقع -فتكون معتدا بها- أو لا تقع، وما هذه حاله فلا يوصف بالإجزاء .
التقسيم (الخامس):
( العبادة)_فتخرج المعاملة_ إما أن يكون لها وقت محددٌ من قبل الشارع -بحيث يكون له مبدأ ونهاية- أو لا يكون لها وقت معين.
فالعبادة التي ليس لها وقت معين-محدد الطرفين- لا توصف بأداء ولا قضاء لوجود قيد الوقت فيهما وانعدامه فيها، وقد توصف بالإعادة لوجود قيد الإعادة فيها وهو سبق الأداء المختل.
وأما العبادة التي لها وقت معين فهي إن وقعت قبل وقتها المعين بإجازة من الشارع فتسمى تعجيل مثل إخراج زكاة الفطر في أول شهر الصوم، (وإن وقعت في وقتها المعين ولم تسبق بأداء مختل) وذلك باختلال ركن أو شرط (فأداء) وقولنا: "لم تسبق بأداء مختل" صادق بصورتين؛الأولى أن لا تسبق بأداء أصلا مثل إيقاع الظهر ابتداءً في وقتها والثانية أن تسبق بأداء لا خلل فيه مثل أن يصلي شخص الظهر في جماعة بعد أن يصليها منفردا لتحصيل الفضيلة، وإلا بأن وقعت في وقتها المعين مع سبقها بأداء مختل (فإعادة).
(وإن وقعت) العبادة (بعده) أي بعد وقتها المعين فتسمى قضاءً، وللقضاء أربعة أقسام:
فالعبادة إن وقعت بعد وقتها المعين (ووجد فيه سبب وجوبها) أي وجوب أدائها (فقضاء وجب أداؤه كالظهر المتروكة قصدا) وهذا هو القسم الاول، (أو) أي القسم الثاني قضاء (لم يجب) أداؤه في الوقت المعين ولكن أمكن ذلك شرعاً وعقلاً (كصوم المسافر والمريض) إذا تركاه في وقته المعين وقضياه بعده؛ فإن أداءه في الوقت المعين غير واجب شرعا مع أنه ممكن شرعا وعقلا فيستطيعان أن يصوماه، أو أي القسم الثالث قضاء لم يجب أداؤه شرعا و(امتنع) وقوعه من العبد (عقلا كصلاة النائم)، أو أي القسم الرابع قضاء لم يجب أداؤه شرعا وامتنع وقوعه من العبد (شرعا كصوم الحائض) .
التقسيم (السادس):وهذا تقسيم للحكم التكليفي باعتبار كونه على وفق الدليل أو على خلافه، حيث قال رحمه الله: (الحكم إن ثبت على خلاف) ما دل عليه (الدليل) الاصلي (لعذر فرخصة) سواء كان العذر ضرورة أو حاجة (كحل الميتة والقصر والفطر للمسافر)، و الاتيان بالرخصة يكون (واجبا) كحل الميتة (ومندوبا) كقصر الصلاة للمسافر (ومباحا) كالفطر للمسافر أيضا، (وإلا) بأن كان الحكم ثابتا على وفق الدليل (فعزيمة) سواء كان الحكم واجبا أو مندوبا أو حراما أو مكروها أو مباحا خلافا لمن حصرها بالبعض.
(الفصل الثالث) من الباب الاول من المقدمة.
(في أحكامه) أي في أحكام الحكم من حيث تحققه في الإيجاب، فللإيجاب سبعة أحكام.
(وفيه) سبعة (مسائل)............................
سأبدأ بها في الأسبوع القادم بإذن الله