بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اما بعد فهذا اختصار يسير لرسالة الدين القيم للكيرانوي التي نقض بها كتاب أعلام الموقعين لابن القيم مع تهذيب يسير ،وبعض الزيادات النافعة ،و أسأل أن ينفع بهاوأصل الرسالة هي من تأليف الشيخ:حبيب أحمد الكيرانوي:توفي بعد سنة ١٣٠٦ هـ.
وطبعت ضمن كتابه <قواعد في علوم الفقه> وهذا الكتاب يحتوي على مباحث في أسباب ترك الحديث،ومباحث الاجتهاد والتقليد، والتخصيص بخبر الواحد، وحجية القياس،والاعتداد بخلاف الظاهرية، وحكم التلفيق، وحكم الالتزام بمذهب،وحجيةالإجماع، والزيادة على النص.وفرغ من تأليفه سنة ١٣٥٧ ه.
وقد طبع الكتاب في بيروت عام ١٤٠٩ ه في ( ٣٥١ ) صفحةوضمن هذا الكتاب باب كامل خاص بنقض كلام ابن قيم الجوزية في أعلام الموقعين وسمى هذا النقض (الدين القيم) جزاه الله خير الجزاء .فأحببت اختصاره وتهذيبه لتعم الفائدة فاختصرته اختصاراً يسيراً جداً مع إضافات قليلة .وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان مؤلفه رحمه الله تعالى وأن يتقبل مني هذا العمل الذي لا أريد عليه إلا رضا الله جل جلاله . وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
قال المؤلف رحمه الله :قد حدث في هذه القرون أناس يعترضون على الأئمة بل ويسبون بعضهم ،ويذمون التقليد ويدعون الناس إلى تركه مع أن جل مطاعنهم وكل دلائلهم مبنية على التقليد لمن سبقهم ، لأنهم يقولون خالف أبو حنيفة في المسألة الفلانية الحديث الصحيح ، فإن قلت : كيف عرفت أنه صحيح ؟ يقولون : صححه الحافظ (( الفتح )) وصححه فلان وفلان . ولا يعرفون أنه لما لم يجز لهم تقليد أبي حنيفة كيف جاز لهم تقليد مثل ابن حجر ؟ ، ولما حرمتم التقليد فكيف وجب على أبي حنيفة تقليد ابن حجر وأمثاله في تصحيح ما يصححون وتضعيف ما يضعفون ؟ .
وكيف وجب عليه أن يفهم من الحديث على تقدير الصحة ما فهمه ابن حجر وغيره رحم الله الجميع؟ فهؤلاء في الحقيقة أشد تقليداً من المقلدين ، لأن المقلدين إنما يوجبون التقليد على غير المجتهد للمجتهد ، وهؤلاء يوجبون على المجتهد تقليد أنفسهم ، بأن يقلد من قلده ، وإن كان غير مجتهد ثم هم يدعون الناس إلى ترك الأئمة المجتهدين ويلزمون تقليد أنفسهم في تصحيح ما يصححون ، وتضعيف ما يضعفون ، وفهم ما يفهمون والقول بما يقولون ، وتحليل ما يحلون ، وتحريم ما يحرمون تقليداً لسلفهم ، وسب من يسبون ، ومدح من يمدحون ، فلما انتهى جهل هؤلاء إلى أن تناقضت آراؤهم وأفعالهم حيث يذمون شيئاً لغيرهم ، ويختارون لأنفسهم أقبح منه ويحرمون شيئاً على غيرهم ، ويوجبون عليهم أشنع منه ، فلا يشك عاقل في جهلهم ، ولكن لما كانت تشكيكاتهم وتلبيساتهم يغتر بها الذين لا يعلمون ، وتروج عليهم ، رأينا كشف تلبيساتهم أحرى .