رايت أن انظر في كلام العلماء حول ذلك فرايت المسالة مختلف فيها وهل مبنية على اصل مختلف فيه وجمعت من كلام سادتي العلماء هذه الاسطر
المعقود عليه في النكاح
اختلف العلماء في المعقود عليه في النكاح ما هو ، هل هو منفعة البضع أو العين الموصوفة بالحل أو المشاركة على حسب التفصيل التالي :
القول الأول ( منفعة البضع )
وهو قول الشافعية والحنابلة وكثير من الفقهاء .
قال القاضي أبو الحسين في فروعه والذي يقتضيه مذهبنا أن المعقود عليه في النكاح منفعة الاستمتاع وأنه في حكم منفعة الاستخدام .
قال صاحب الوسيلة المعقود عليه منفعة الاستمتاع .
وقال إبراهيم بن ضويان في منار السبيل ( وليس عليها رحمة زوجها في عجن وخبز وطبخ ونحوه نص عليه لأن المعقود عليه منفعة البضع فلا يملك غيره من منافعها ) .
وقال الخطيب الشربيني ( الزوج لا يملك منفعة البضع وإنما يملك أن ينتفع به والزوجة والجاني لا يملكان شيئا وإنما يستفيدان رفع سلطنة الزوج ومستحق القصاص ) .
الأدلة
• أنها المستوفاة بحكم العقد والاستحقاق إنما يراد للاستيفاء والمستوفى هو المنافع فكان المستحق هو المستوفى .
• إن الله تعالى سمى العوض أجرا في قوله تعالى {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن } والأجر إنما يستحق في مقابلة المنفعة كما أن الثمن إنما يستحق في مقابلة العين .
القول الثاني (العين الموصوفة بالحل )
وذهب الحنفية وجماعة إلى أن مورده العين الموصوفة بالحل وحكمه ملك العين ، ومنهم من قال مورده المنفعة لكن منفعة البضع أخذت حكم الأجزاء والأعيان فصار حكمها حكم أجزاء الآدمي .
الأدلة
احتج الحنفية على ذلك بأمور أربعة :
• إضافة الحل إلى ذات المنكوحة في قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم .
• أنه لو كان المعقود عليه المنافع لما صح نكاح الطفلة الرضيعة كما لا يصح عقد الإجارة على نهر صغير ولا جحش ولا أرض سبخة .
• أن عقد النكاح على التأبيد والعقد على المنافع لا يتأبد .
• أن المهر يستقر بوطأة واحدة ولو كان المعقود عليه المنافع لكانت الوطأة الواحدة بمثابة سكنى لحظة واحدة في عقد الإجارة فإنه لا يستحق به من الأجرة إلا بقدر ما يخصه .
ما يترتب على الخلاف
ترتب على خلاف الجمهور مع الحنفية فروع كثيرة منها :
• منها أن وطء السيد لا يمنع الرد بالعيب عند الجمهور لأنه استيفاء منفعة ويمنع عند الحنفية لأنه في حكم جزء حبسه عنده وامتنع عليه رد الأصل .
• ومنها أن النكاح لا ينعقد عند الجمهور إلا بلفظ التزويج والإنكاح وهو اللفظ الموضوع شرعا لتمليك هذا الجنس من المنفعة وقال أبو حنيفة ينعقد بلفظ البيع والهبة وكل لفظ يدل على ملك الذات .
• ومنها أن الخلوة الصحيحة لا تقرر المهر عند الجمهور لأن المعقود عليه المنفعة وضمان المنافع يعتمد تلفها تحت يد من عليه البدل ومنافع البضع لا تدخل تحت اليد لأنها ليست بمال ولا تقبل ويد الغاصب لا تمنع من التزويج وما لا يدخل تحت اليد يكون ضمانه بالإتلاف كبدل الحر حتى قال الشافعية إن البدل لا يتقرر باستئجار الحر بالتمكين وإنما يتقرر بالاستيفاء وهو الذي أختاره القفال وعند الحنفية يتقرر لأن المعقود عليه عين المرأة وقد سلمت نفسها .
• ومنها أن النكاح ينفسخ بالعيوب الخمسة عند الجمهور لأن المعقود عليه المنفعة فيدخلها الفسخ كما في الإجارة وعند الحنفية لا ينفسخ لأن إثبات الملك في العين كان ضروريا إذ الحرية تنافي المملوكية فيقدر بقدر الضرورة والضرورة قد اندفعت بإثبات الطلاق والفسخ توسع في محل الضرورة فيمتنع .
• ومنها أن الخلع فسخ عند الجمهور على القول المنصور في الخلاف والقول الثاني أنه طلاق وهو مذهب أبي حنيفة رض لأن مورد عقد النكاح في حكم أجزائها وهي حرة وملك الجزء الضروري ليس بأصل والفسخ توسع .
• ومنها أن السيد لا يجبر عبده على النكاح عند الجمهور لأن مورد عقد النكاح منفعة البضع وهي مملوكة من الأمة دون العبد وعند الحنفية يجبر لأن مورد عقد النكاح في إجبار أمته ملك العين وهو موجود في العبد .
• ومنها إن الوطء في العتق المبهم لا يكون تعيينا عند الجمهور لأنه استيفاء منفعة كالاستخدام وعند الحنفية يكون تعيينا لأنه في حكم استيفاء جزء .
• ومنها أن الشقص الممهور يؤخذ بالشفعة عند الجمهور بقيمة البضع وكذلك إذا جعل بدل الخلع أو أجره يؤخذ بقيمة البضع وعند الحنفية لا يثبت فيه الشفعة لأن منافع البضع ليست بمال .
القول الثالث ( المنفعة مزدوجة )
وهو قول لم أعثر على قائله ولا على دليله إلا أنه كما يبدو لي وجيه مدركا ذلك أنه يجعل للزوجة حقا في الاستمتاع كالرجل وهي ومسألة جديرة بالبحث .
حكم استمتاع الرجل والمرأة
اتفق الفقهاء على جواز استمتاع الزوج بزوجته واختلفوا في العكس إذا كان من غير رضا الزوج فمنعه الشافعية وهو ظاهر من تعليلهم بملك المنفعة فهي قاصرة على الزوج .
قال الخطيب نقلا عن الزركشي ( ولا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة زوجها إذا منعها منه بخلاف العكس لأنه يملك التمتع بها بخلاف العكس وهو ظاهر ).
بينما يذهب الجمهور من الحنفية والحنابلة وغيرهم إلى أن التمتع مشترك بين الزوج والزوجة
قال في الكافي في فقه ابن حنبل ( يباح لكل واحد من الزوجين النظر إلى جميع بدن صاحبه ولمسه وكذلك السيد مع أمته المباحة له لأنه أبيح له الاستمتاع به فأبيح له النظر إليه كالوجه )
وقال البهوتي في كشاف القناع ( ولكل واحد من الزوجين نظر جميع بدن الآخر ولمسه بلا كراهة حتى الفرج ) .
وقال صاحب بدائع الصنائع (وكذلك المرأة يحل لها النظر إلى زوجها واللمس من فرقه إلى قدمه لأنه حل لها ما هو أكثر من ذلك وهو التمكين من الوطء فهذا أولى ) .
*