من رأى الصواب أو الرجحان فى مخالفة أبى حنيفة لدى مالك أو الشافعى أو أحمد فى مسألة من المسائل فليخبرنا بدليله الذى رجح به فلعلنا نكشف له عن دليل أبى حنيفة فيها والرد على دليل المخالف فيرى ذلك النور الذى نراه. ولقد قالها أبو حنيفة لتلميذه أبى مقاتل فى كتاب العالم والمتعلم ، قال له : "وإن أنكرت شيئاً مما أذكره لك فسل عن تفسيره إن كنت مناصحاً. فرب كلمة يسمعها الإنسان فيكرهها ، فإذا أخبر بتفسيرها : رضى بها" انتهى،
وكلنا لا نبحث ولا ننشد إلا السنة المطهرة ولا نرى فى أحد من أصحاب المذاهب عصمةً عن الخطأ ، لكن علمنا من كثرة المطالعة أن أبا حنيفة هو الذى وفق له فقه (أى فهم) السنة ، وهى الشهادة التى شهد له بها مالك : حيث قال : " لقد وفق له الفقه حتى ما عليه فيه كبير مؤنة " . بل وقال مثلها عنه كلٌ من سفيان بن عيينة والثورى والشافعى ويزيد بن هارون وعبد الله بن المبارك ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل
فمن كان يرجو النجاة لدينه مما حدث من شقاق وتشرذم بآراء ضعيفة واهية بين المسلمين : فلا يتسرعن بمخالفة أبى حنيفة لرأى مالك أو الشافعى أو أحمد أو حتى لرأى نفسه واجتهاد شخصه – ولو فى مسألة واحدة – قبل أن يتأمل ويتمعن فى الأدلة ويسأل علماء المذهب المخلصين