بارك الله فيكم سيدي
بارك الله فيكم سيدي
{واتقوا الله ويعلمكم الله}
بوركت ياشيخ عمر
النداء والدعاء
قال الالوسي
لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً } كناية عن عدم الفهم والاستجابة، والنعيق التتابع في التصويت على البهائم للزجر، ويقال: نعق الغراب نعاقاً ونعيقاً إذا صوت من غير أن يمد عنقه ويحركها، ونغق بالغين بمعناه فإذا مد عنقه وحركها ثم صاح قيل: نعب بالباء، والدعاء والنداء بمعنى، وقيل: إن الدعاء ما يسمع، والنداء قد يسمع وقد لا يسمع، وقيل: إن الدعاء للقريب والنداء للبعيد.
قال القرطبي
ثم قال تعالى: { وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ } وهي المسألة: الثانية: وكَظم الغيظ ردّه في الجوف يقال: كظم غيظة أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته على إيقاعة بعدّوه، وكظمت السِّقاء أي ملأته وسددت عليه، والكظامة ما يسدّ به مجرى الماء ومنه الكِظام للسير الذي يسدّ به فَمُ الزَّقّ والقربة. وكظم البعير جرته إذا ردّها في جوفه وقد يقال لحبسه الجِرّة قبل أن يرسلها إلى فيه: كظم حكاه الزجاج. يقال: كظم البعير والناقة إذا لم يَجْتَرَّا، ومنه قول الراعي:
فأفَضْنَ بعد كُظومِهِنَ بِجِرّةٍ من ذي الأَبارِقِ إذ رَعَيْن حَقِيلا
والحقيل: موضع. والحقيل نبت. وقد قيل: إنها تفعل ذلك عند الفزع والجهد فلا تجترّ ـ قال أعشى باهِلة يصف رجلا نّحارا للإبل فهي تفزع منه:
قد تكْظِم البُزْلَ منه حين تُبْصِره حتى تَقَطَّع في أجوافِها الجِرَرُ
ومنه: رجل كظِيم ومكظوم إذا كان ممتلئا غما وحزنا. وفي التنزيل:{ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } [يوسف: 84]{ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } [النحل: 58].{ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ } [القلم: 48] والغيظ أصل الغضب، وكثيرا ما يتلازمان لكن فُرْقَانُ ما بينهما. أنّ الغيظ لا يظهر على الجوارح، بخلاف الغضب فإنه يظهر في الجوارح مع فعل مّا ولا بدّ ولهذا جاء إسناد الغضب إلى الله تعالى إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم. وقد فسر بعض الناس الغيظ بالغضب وليس بجيد، والله أعلم.
{ وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىظ° نَفْسِهِ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيغ¤ئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ظ±حْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }
قوله تعالى: { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً } أي ذنباً { فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىظ° نَفْسِهِ } أي عاقبته عائدة عليه. والكسب ما يجرّ به الإنسان إلى نفسه نفعاً أو يدفع عنه به ضررا ولهذا لا يسمى فعل الرب تعالى كسباً. قوله تعالى: { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيغ¤ئَةً أَوْ إِثْماً } قيل: هما بمعنى واحد كرر لاختلاف اللفظ تأكيداً. وقال الطبري: إنما فرق بين الخطيئة والإثم أن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد، والإثم لا يكون إلا عن عمد. وقيل: الخطيئة ما لم تتعمده خاصة كالقتل بالخطأ. وقيل: الخطيئة الصغيرة، والإثم الكبيرة، وهذه الآية لفظها عام يندرج تحته أهل النازلة وغيرهم
القرطبي
قوله تعالى: { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } قال مجاهد: الشرعة: السُّنة، والمنهاج: الطريق. وقال ابن قتيبة: الشرعة والشريعة واحد، والمنهاج: الطريق الواضح. فان قيل: كيف نسق «المنهاج» على «الشرعة» وكلاهما بمعنى واحد؟ فعنه جوابان.
أحدهما: أن بينهما فرقاً من وجهين: أحدهما: أن «الشرعة» ابتداء الطريق، والمنهاج: الطريق المستمر، قاله المبرّد. والثاني: أن «الشرعة» الطريق الذي ربما كان واضحاً، وربما كان غير واضح، والمنهاج: الطريق الذي لا يكون إِلا واضحاً، ذكره ابن الأنباري: فلما وقع الاختلاف بين الشرعة والمنهاج، حَسُنَ نسق أحدهما على الآخر.
والثاني: أن الشِّرعة والمنهاج بمعنى واحد، وإِنما نسق أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظين. قال الحطيئة:
ألا حَبَّذّا هندٌ وأرضٌ بها هِندُ وهندٌ أتى من دُونها النَّأْي والبُعْدُ
فنسق البُعد على النأي لما خالفه في اللفظ، وإِن كان موافقاً له في المعنى، ذكره ابن الأنباري. وأجاب عنه أربابُ القول الأول، فقالوا «النأي» كل ما قلّ بعده أو كثُر كأنه المفارقة، والبعد إِنما يُستعمل فيما كثرت مسافة مفارقته.
زاد المسير