صفحة 5 من 12 الأولىالأولى 123456789 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 75 من 170

الموضوع: السنة والعام

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    59:القنوط واليأس

    { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

    { يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ }

    ماالفرق بينهما؟؟

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    60:الحمد والشكر

    { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }

    قال امامنا الرازى فى تفسيره:

    اعلم أن الكلام المستقصى في قوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } قد سبق في تفسير سورة الفاتحة، ولا بأس بأن نعيد بعض تلك الفوائد، وفيه مسائل:

    المسألة الأولى: في الفرق بين المدح والحَمْد والشُّكْر.

    اعلم أن المدح أعم من الحمد، والحمد أعم من الشكر.

    أما بيان أن المدح أعم من الحمد، فلأن المدح يحصل للعاقل ولغير العاقل، ألا ترى أنه كما يحسن مدح الرجل العاقل على أنواع فضائله، فكذلك قد يمدح اللؤلؤ لحسن شكله ولطافة خلقته، ويمدح الياقوت على نهاية صفائه وصقالته! فيقال: ما أحسنه وما أصفاه، وأما الحمد: فانه لا يحصل إلا للفاعل المختار على ما يصدر منه من الإنعام والإحسان، فثبت أن المدح أعم من الحمد.

    وأما بيان أن الحمد أعم من الشكر، فلأن الحمد عبارة عن تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام سواء كان ذلك الإنعام واصلاً إليك أو إلى غيرك، وأما الشكر فهو عبارة عن تعظيمه لأجل إنعام وصل إليك وحصل عندك. فثبت بما ذكرنا أن المدح أعم من الحمد، وهو أعم من الشكر.

    إذا عرفت هذا فنقول: إنما لم يقل المدح لله ولأنا بينا أن المدح كما يحصل للفاعل المختار، فقد يحصل لغيره. أما الحمد فانه لا يحصل إلا للفاعل المختار. فكان قوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } تصريحاً بأن المؤثر في وجود هذا العالم فاعل مختار خلقه بالقدرة والمشيئة وليس علة موجبة له إيجاب العلة لمعلولها، ولا شك أن هذه الفائدة عظيمة في الدين وإنما لم يقل الشكر لله، لأنا بينا أن الشكر عبارة عن تعظيمة بسبب انعام صدر منه ووصل إليك، وهذا مشعر بأن العبد إذا ذكر تعظيمه بسبب ما وصل إليه من النعمة فحينئذ يكون المطلوب الأصلي به وصول النعمة إليه وهذه درجة حقيرة، فأما إذا قال: الحمد لله، فهذا يدل على أن العبد حمده لأجل كونه مستحقاً للحمد لا لخصوص أنه تعالى أوصل النعمة إليه، فيكون الاخلاص أكمل، واستغراق القلب في مشاهدة نور الحق أتم، وانقطاعه عما سوى الحق أقوى وأثبت.

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    61:يستجيب ويجيب

    { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }

    قال الرازى فى تفسيره:

    قال علي بن عيسى: الفرق بين يستجيب ويجيب، أن يستجيب في قبوله لما دعيَ إليه، وليس كذلك يجيب لأنه قد يجيب بالمخالفة كقول القائل: أتوافق في هذا المذهب أم تخالف؟ فيقول المجيب: أخالف

    ملحوظة

    بعد ان تتأمل ماذكره الرازى تفكر فى هذه الاية

    { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }

    قال امامنا الرازى رحمه الله فى تفسيره:

    المسألة الثالثة: في الآية سؤال مشكل مشهور، وهو أنه تعالى قال:
    { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ }
    [غافر: 60] وقال في هذه الآية: { أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } وكذلك
    { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }
    [النمل: 62] ثم إنا نرى الداعي يبالغ في الدعاء والتضرع فلا يجاب.

    والجواب: أن هذه الآية وإن كانت مطلقة إلا أنه قد وردت آية أخرى مقيدة، وهو قوله تعالى:
    { بَلْ إِيَّـاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء }
    [الأنعام: 41] ولا شك أن المطلق محمول على المقيد، ثم تقرير المعنى فيه وجوه أحدها: أن الداعي لا بد وأن يجد من دعائه عوضاً، إما إسعافاً بطلبته التي لأجلها دعا وذلك إذا وافق القضاء، فإذا لم يساعده القضاء فإنه يعطي سكينة في نفسه، وإنشراحاً في صدره، وصبراً يسهل معه احتمال البلاء الحاضر، وعلى كل حال فلا يعدم فائدة، وهو نوع من الاستجابة وثانيها: ما روى القفال في تفسيره عن أبـي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    " دعوة المسلم لا ترد إلا لإحدى ثلاثة: ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، إما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء بقدر ما دعا ".

    وهذا الخبر تمام البيان في الكشف عن هذا السؤال، لأنه تعالى قال: { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ولم يقل: أستجب لكم في الحال فإذا استجاب له ولو في الآخرة كان الوعد صدقاً وثالثها: أن قوله: { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } يقتضي أن يكون الداعي عارفاً بربه وإلا لم يكن داعياً له، بل لشيء متخيل لا وجود له ألبتة، فثبت أن الشرط الداعي أن يكون عارفاً بربه ومن صفات الرب سبحانه أن لا يفعل إلا ما وافق قضاءه وقدره وعلمه وحكمته فإذا علم أن صفة الرب هكذا استحال منه أن يقول بقلبه وبعقله: يا رب افعل الفعل الفلاني لا محالة، بل لا بد وأن يقول: افعل هذا الفعل إن كان موافقاً لقضائك وقدرك وحكمتك، وعند هذا يصير الدعاء الذي دلت الآية على ترتيب الإجابة عليه مشروطاً بهذه الشرائط وعلى هذا التقدير زال السؤال الرابع أن لفظ الدعاء والإجابة يحتمل وجوهاً كثيرة أحدها: أن يكون الدعاء عبارة عن التوحيد والثناء على الله كقول العبد: يا ألله الذي لا إله إلا أنت، وهذا إنما سمي دعاء لإنك عرفت الله تعالى ثم وحدته وأثنيت عليه، فهذا يسمى دعاء بهذا التأويل ولما سمي هذا المعنى دعاء سمي قبوله إجابة لتجانس اللفظ ومثله كثير وقال ابن الأنباري: { أُجِيبُ } ههنا بمعنى أسمع لأن بين السماع وبين الإجابة نوع ملازمة، فلهذا السبب يقام كل واحد منهما مقام الآخر، فقولنا سمع الله لمن حمده أي أجاب الله فكذا ههنا قوله: { أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ } أي أسمع تلك الدعوة، فإذا حملنا قوله تعالى: { ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } على هذا الوجه زال الإشكال وثانيها: أن يكون المراد من الدعاء التوبة عن الذنوب، وذلك لأن التائب يدعو الله تعالى عند التوبة، وإجابة الدعاء بهذا التفسير عبارة عن قبول التوبة،وعلى هذا الوجه أيضاً لا إشكال، وثالثها: أن يكون المراد من الدعاء العبادة، قال عليه الصلاة والسلام: " الدعاء هو العبادة " ومما يدل عليه قوله تعالى:
    { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ }
    [غافر: 60] فظهر أن الدعاء ههنا هو العبادة، وإذا ثبت هذا فإجابة الله تعالى للدعاء بهذا التفسير عبارة عن الوفاء بما ضمن للمطيعين من الثواب كما قال:
    { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَيَزِيدُهُم مِن فَضْلِهِ }
    [الشورى: 26] وعلى هذا الوجه الإشكال زائل ورابعها: أن يفسر الدعاء بطلب العبد من ربه حوائجه فالسؤال المذكور إن كان متوجهاً على هذا التفسير لم يكن متوجهاً على التفسيرات الثلاثة المتقدمة، فثبت أن الإشكال زائل.

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    62:النفش والرعى

    { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ }

    قال القرطبي فى تفسيره:

    قوله تعالى: { إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ } أي رعت فيه ليلاً؛ والنفش الرعي بالليل. يقال: نفشت بالليل، وهَمَلت بالنهار، إذا رعت بلا راعٍ. وأنفشها صاحبها. وإبلٌ نُفَّاش. وفي حديث عبد الله بن عمرو: الحبة في الجنة مثل كرِش البعير يبيت نافِشاً؛ أي راعياً؛ حكاه الهروي. وقال ابن سيده: لا يقال الهَمَل في الغنم، وإنما هو في الإبل...

    الثالثة عشرة: قد تقدّم القول في الحرث والحكم في هذه الواقعة في شرعنا: أن على أصحاب الحوائط حفظ حيطانهم وزروعهم بالنهار، ثم الضمان في المثل بالمثليات، وبالقيمة في ذوات القيم. والأصل في هذه المسألة في شرعنا ما حكم به محمد صلى الله عليه وسلم في ناقة البراء بن عازب...

    الخامسة عشرة: إن قيل: ما الحكمة في تفريق الشارع بين الليل والنهار، وقد قال الليث بن سعد: يضمن أرباب المواشي بالليل والنهار كل ما أفسدت، ولا يضمن أكثر من قيمة الماشية؟ قلنا: الفرق بينهما واضح، وذلك أن أهل المواشي لهم ضرورة إلى إرسال مواشيهم ترعى بالنهار، والأغلب عندهم أن من عنده زرع يتعاهده بالنهار ويحفظه عمن أراده، فجعل حفظ ذلك بالنهار على أهل الزروع؛ لأنه وقت التصرف في المعاش، كما قال الله سبحانه وتعالى:
    { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً }
    [النبأ: 11] فإذا جاء الليل فقد جاء الوقت الذي يرجع كل شيء إلى موضعه وسكنه؛ كما قال الله تعالى:
    { مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ }
    [القصص: 72] وقال:
    { وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً }
    [الأنعام: 96] ويرد أهل المواشي مواشيهم إلى مواضعهم ليحفظوها، فإذا فرّط صاحب الماشية في ردها إلى منزله، أو فرط في ضبطها وحبسها عن الانتشار بالليل حتى أتلفت شيئاً فعليه ضمان ذلك، فجرى الحكم على الأوفق الأسمح، وكان ذلك أرفق بالفريقين، وأسهل على الطائفتين، وأحفظ للمالين، وقد وضح الصبح لذي عينين، ولكن لسليم الحاستين؛

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    63:النفس والروح

    { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ }
    { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }

    قال الشيخ الالوسي فى تفسير الاية الثانية:

    البحث الثالث: اختلف الناس في الروح والنفس هل هما شيء واحد أم شيئان؟ فحكى ابن زيد عن أكثر العلماء أنهما شيء واحد فقد صح في الأخبار إطلاق كل منهما على الآخر وما أخرجه البزار بسند صحيح عن أبـي هريرة رفعه " إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين يود لو خرجت نفسه والله تعالى يحب لقاءه وأن المؤمن تصعد روحه إلى السماء فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفه من أهل الدنيا " الحديث ظاهر في ذلك. وقال ابن حبيب: هما شيئان فالروح هو النفس المتردد في الإنسان والنفس أمر غير ذلك لها يدان ورجلان ورأس وعينان وهي التي تلتذ وتتألم وتفرح وتحزن وإنها هي التي تتوفى في المنام وتخرج وتسرح وترى الرؤيا ويبقى الجسد دونها بالروح فقط لا يلتذ ولا يفرح حتى تعود، واحتج بقوله تعالى:
    { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ }
    [الزمر: 42] الآية. وحكى ابن منده عن بعضهم أن النفس طينية نارية والروح نورية روحانية، وعن آخر أن / النفس ناسوتية والروح لاهوتية، وذكر أن أهل الأثر على المغايرة وأن قوام النفس بالروح والنفس صورة العبد والهوى والشهوة والبلاء معجون فيها ولا عدو أعدى لابن آدم من نفسه لا تريد إلا الدنيا ولا تحب إلا إياها، والروح تدعو إلى الآخرة وتؤثرها. وظاهر كلام بعض محققي الصوفية القول بالمغايرة ففي «منتهى المدارك» للمحقق الفرغاني أن النفس المضافة إلى الإنسان عبارة عن بخار ضبابـي منبعث من باطن القلب الصنوبري حامل لقوة الحياة متجنس بأثر الروح الروحانية المرادة بقوله تعالى:
    { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى }
    [الحجر: 29] الثابت تعينها في عالم الأرواح وأثرها واصل إلى هذا البخار الحامل للحياة فالنفس إذن أمر مجتمع من البخار ووصف الحياة وأثر الروح الروحانية وهذه النفس بحكم تجنسها بأثر الروح الروحانية متعينة لتدبير البدن الإنساني قابلة لمعالي الأمور وسفاسفها كما قال سبحانه وتعالى:
    { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }
    [الشمس: 8] والروح الروحانية أمر لا يكتنه والحق أنهما قد يتحدان إطلاقاً وقد يتغايران، وابن القيم اعتمد ما عليه الأكثرون من الاتحاد ذاتاً، وذكر غير واحد أنه هو الذي عليه الصوفية بيد أنهم قالوا: إن النفس هي الأصل في الإنسان فإذا صقلت بالرياضة وأنواع الذكر والفكر صارت روحاً ثم قد تترقى إلى أن تصير سراً من أسرار الله تعالى.

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    64:الركز والصوت

    { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }

    قال الالوسي فى تفسيره:

    { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } أي صوتاً خفياً وأصل التركيب هو الخفاء ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه في الأرض والركاز للمال المدفون، وخص بعضهم الركز بالصوت الخفي دون نطق بحروف ولا فم، والأكثرون على الأول

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    65:البعل والزوج والسيد

    { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }

    قال الالوسي فى تفسيره:

    { بَعْلِي } أي زوجي، وأصل البعل القائم بالأمر فأطلق على الزوج لأنه يقوم بأمر الزوجة، وقال الراغب: ((هو الذكر من الزوجين وجمعه بعولة نحو فحل وفحولة، ولما تصوروا من الرجل استعلاءاً على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها؛ وسمي به شبه كل مستعل على غيره به فسمي باسمه، ومن هنا سمي العرب معبودهم الذي يتقربون به إلى الله تعالى بعلا لاعتقادهم ذلك فيه

    { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

    قال ابن عاشور فى التحرير:

    والبعولة: جمع بعل. وهو الزوج، وسيد الأَمَة. وأصل البعل الرب والمالك (وسمي الصنم الأكبر عند أهل العراق القدماء بعْلاً وجاء ذكره في القرآن في قصة أهل نينوى ورسولهم إلياس)، فأطلق على الزوج لأن أصل الزواج ملك وقد بقي من آثار الملك فيه الصداق لأنه كالثمن. ووزن فعولة في الجموع قليل وغير مطرد وهو مزيد التاء في زنة فعول من جموع التكسير.

    { وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    66:القد والقط

    { وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

    قال الالوسي فى تفسيره:

    . والقدّ القطع والشق وأكثر استعماله فيما كان طولاً وهو / المراد هنا بناءً على ما قيل: إنها جذبته من وراء فانخرق القميص إلى أسفله، ويستعمل القط فيما كان عرضاً، وعلى هذا جاء ما قيل في وصف علي كرم الله تعالى وجهه: إنه كان إذا اعتلى قدّ وإذا اعترض قط، وقيل، القدّ هنا مطلق الشق، ويؤيده ما نقل عن ابن عطية أنه قرأت فرقة ـ وقط ـ وقد وجد ذلك في مصحف المفضل بن حرب. وعن يعقوب تخصيص القدّ بما كان في الجلد والثوب الصحيحين

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    67:وَجَدْنَا وأَلْفَيْنَا

    { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

    { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

    { وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

    قال ابن عاشور فى تفسير الاية الاخيرة:

    والإلفاء: وجدان شيء على حالة خاصة من غير سعي لوجدانه، فالأكثر أن يكون مفاجئاً، أو حاصلاً عن جهل بأول حصول، كقوله تعالى:
    { قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا }
    [سورة البقرة: 170].

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    68:زوجه وامرأته

    { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ }

    { قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ }

    { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }

    { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ }

    ماالفرق بينهما؟

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    69:جعل وخلق

    { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

    { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }

    ما الفرق بينهما؟

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    70:الضلال والغى

    { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ }

    جاء فى تفسير الرازى:

    ثم قال تعالى: { ما ضل صاحبكم وما غوى } أكثر المفسرين لم يفرقوا بين الضلال والغي، والذي قاله بعضهم عند محاولة الفرق: أن الضلال في مقابلة الهدى، والغي في مقابلة الرشد، قال تعالى:
    { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَىّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً }
    [الأعراف: 146] وقال تعالى:
    { قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ }
    [البقرة: 256] وتحقيق القول فيه أن الضلال أعم استعمالاً في الوضع، تقول ضل بعيري ورحلي، ولا تقول غوى، فالمراد من الضلال أن لا يجد السالك إلى مقصده طريقاً أصلا، والغواية أن لا يكون له طريق إلى المقصد مستقيم يدلك على هذا أنك تقول للمؤمن الذي ليس على طريق السداد إنه سفيه غير رشيد، ولا تقول إنه ضال، والضال كالكافر، والغاوي كالفاسق، فكأنه تعالى قال: { مَا ضَلَّ } أي ما كفر، ولا أقل من ذلك فما فسق، ويؤيد ما ذكرنا قوله تعالى:
    { فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم }
    [النساء: 6] أو نقول الضلال كالعدم، والغواية كالوجود الفاسد في الدرجة والمرتبة،

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    71:يهجعون وينامون

    {كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }

    قال الالوسي فى تفسيره:

    و ـ الهجوع ـ النوم، وقيده الراغب بقوله: ليلاً، وغيره بالقليل

    وقال القرطبي فى تفسيره:

    معنى «يَهْجَعُونَ» ينامون؛ والهجوع النوم ليلاً، والتَّهْجاع النومة الخفيفة؛ قال أبو قيس بن الأَسْلَت:
    قد حصَّتِ البيضةُ رأسي فَمَا أَطْعَمُ نَوْماً غيرَ تَهْجاعِ
    وقال عمرو بن مَعْدي كرِب يتشوّق أخته وكان أسرها الصِّمَّة أبو دُرَيد بن الصِّمَّة:
    أَمِنْ رَيْحَانة الدَّاعِي السَّميعُ يُؤَرِّقُنِي وأَصحابي هُجوعُ
    يقال: هَجَعَ يَهْجَع هُجوعاً، وهَبَغَ يَهْبَغُ هُبوغاً بالغين المعجمة إذا نام؛ قاله الجوهري

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    72:الخَلْف والخَلَف بفتح اللام وإسكانها

    { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ ٱلْكِتَٰبَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    ". والخَلْف والخَلَف ـ بفتح اللام وإسكانها ـ هل هما بمعنىً واحد، أي: يُطلق كل منهما على القَرْن الذي يَخْلُف غيره صالحاً كان أو طالحاً، أو أن الساكن اللام في الطالح والمفتوحها في الصالح؟ خلافٌ مشهور بين اللغويين. قال الفراء: " يُقال للقَرْن: خَلْف ـ يعني ساكناً ـ ولمن استخلفته: خلَفاً ـ يعني متحرك اللام ـ ". وقال الزجاج: يُقال للقَرْن يجيء بعد القرن خَلْف ". وقال ثعلب: " الناس كلهم يقولون: " خَلَف صدق " للصالح و " خَلْف سوء " للطالح، وأنشد:
    2324ـ ذهب الذين يُعاشُ في أكنافِهم وبَقِيتُ في خَلْف كجِلْدِ الأجرب
    وقالوا في المثل: " سكت أَلْفاً ونطق خَلْفاً " ، ويُعزى هذا أيضاً إلى الفراء وأنشدوا:
    2325ـ خَلَّفْتَ خَلْفاً ولم تَدَعْ خَلفَا ليت بهم كان لا بك التَّلَفَا
    وقال بعضهم: " قد يجيء في الرديء خَلَف بالفتح، وفي الجيد خَلْف بالسكون، فمِنْ مجيء الأول قوله:
    2326ـ...................... إلى ذلك الخَلَفِ الأعور
    ومِنْ مجيء الثاني قول حسان:
    2327ـ لنا القَدَمُ الأُوْلى عليهم وخَلْفُنا لأولِنا في طاعة الله تابعُ
    وقد جمع بينهما الشاعر في قوله:
    2328ـ إنَّا وَجَدْنا خَلْفَنا بِئْسَ الخَلَفْ عبداً إذا ما ناء بالحِمْل وَقَفْ
    فاستعمل الساكنَ والمتحركَ في الرديء، ولهذا قال النضر: " يجوز التحريكُ والسكونُ في الرديء، فأمَّا الجيدُ فبالتحريك فقط " ، ووافقه جماعةُ أهل اللغة إلا الفراءَ وأبا عبيد فإنهما أجازا السكون في الخلف المراد به الصالح.

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    73:النصب واللغوب

    { ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}

    قال الشيخ الالوسي فى تفسيره:


    { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } أي تعب { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } كلال وفتور وهو نتيجة النصب، وضمه إليه وتكرير الفعل المنفي للمبالغة في بيان انتفاء كل منهما كذا قال جمع من الأجلة، وقال بعضهم: النصب التعب الجسماني واللغوب التعب النفساني. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنه فسر النصب بالوجع ....

    وقال الرازى فى تفسيره:

    وقوله تعالى: { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } اللغوب الإعياء والنصب هو السبب للإعياء فإن قال قائل إذا بين أنه لايمسهم فيها نصب علم أنه لا يمسهم فيها لغوب ولا ينفي المتكلم الحكيم السبب، ثم ينفي مسببه بحرف العطف فلا يقول القائل لا أكلت ولا شبعت أو لا قمت ولا مشيت والعكس كثير فإنه يقال لا شبعت ولا أكلت لما أن نفي الشبع لا يلزمه إنتفاء الأكل وسياق ما تقرر أن يقال لا يمسنا فيها إعياء ولا مشقة، فنقول ما قاله الله في غاية الجلالة وكلام الله أجل وبيانه أجمل، ووجهه هو أنه تعالى بين مخالفة الجنة لدار الدنيا فإن الدنيا أماكنها على قسمين:

    أحدهما: موضع نمس فيه المشاق والمتاعب كالبراري والصحاري والطرقات والأراضي

    والآخر: موضع يظهر فيه الإعياء كالبيوت والمنازل التي في الأسفار من الخانات فإن من يكون في مباشرة شغل لا يظهر عليه الإعياء إلا بعدما يستريح

    فقال تعالى: { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } أي ليست الجنة كالمواضع التي في الدنيا مظان المتاعب بل هي أفضل من المواضع التي هي مواضع مرجع العي، فقال: { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } أي، لا نخرج منها إلى مواضع نتعب ونرجع إليها فيمسنا فيها الإعياء

    وقرىء { لُغُوبٌ } بفتح اللام والترتيب على هذه القراءة ظاهر كأنه قال لا نتعب ولا يمسنا ما يصلح لذلك، وهذا لأن القوي السوي إذا قال ما تعبت اليوم لا يفهم من كلامه أنه ما عمل شيئاً لجواز أنه عمل عملاً لم يكن بالنسبة إليه متعباً لوقته، فإذا قال ما مسني ما يصلح أن يكون متعباً يفهم أنه لم يعمل شيئاً لأن نفس العمل قد يصلح أن يكون متعباً لضعيف أو متعباً بسبب كثرته، واللغوب هو ما يغلب منه وقيل النصب التعب الممرض، وعلى هذا فحسن الترتيب ظاهر كأنه قال لا يمسنا مرض ولا دون ذلك وهو الذي يعيا منه مباشرة.

صفحة 5 من 12 الأولىالأولى 123456789 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •