صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 66

الموضوع: فوائد وتعليقات من شرح الشيخ سعيد على الجوهرة

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس الثاني عشر


    1. لا يشترط لكون الحادث حادثًا أن يكون مسبوقًا بزمان، وإنما يشترط أن يكون عدم نفسه سابقًا له، وهو _أي العدم_ كما ذكرنا في الدرس الماضي أمر لا وجود له في الخارج.

    2. ابن عربي يقول بأن الله تعالى لم يخلق شيئًا من عدم، ولا يعدم شيئًا بعد وجود، لأنه لا وجود إلا لله عنده، وهذه المظاهر الملاحظة لنا هي عنده المظاهر التي ظهر الله تعالى بها، فنفس ذات الله تعالى تتمظهر وتتصور بأحكام الممكنات، وهذه هي مسألة وحدة الوجود.

    3. وصوفية أهل السنة أمثال القشيري والجنيد والحجة الغزالي والحارث المحاسبي، لم يقل أحد منهم بوحدة الوجود، فيجب التمييز بين تصوف أهل السنة وتصوف ابن عربي.

    4. المفهوم الصحيح الفناء هو فناء العبد عن ملاحظة نفسه في مقابل ملاحظته لخالقه تعالى، لا فناءُ عين العبد.

    5. ابن عربي والسهروردي (المقتول صاحب الهياكل والتلويحات والمصارحات) وابن سينا وابن الفارض وابن سبعين، كلهم جارون على التصوف المبني على الإشراق، والتي هي نفس حقيقة وحدة الوجود، وكذلك الأمر في تصوف الشيعة المعاصرين، هو الآخر مبناه على وحدة الوجود، كالخميني والطبطبائي وغيرهم من أتباع مدرسته.

    6. ليحذر طالب العلم من أن تصده الشعارات عن البحث والنقد، فلو قال ابن تيمية ألف ألف مرة أنه الذي يقرره هو عقيدة السلف، فهذا لا يعنينا، لأن عندنا ميزانًا نعرف به عقيدة أهل السنة، وكذلك لو ادعى ابن عربي أنه خاتم الأولياء، وأن كل ما سطره بقلمه فهو من وحي الله تعالى، وأن كتابه الفصوص ناوله إياه النبي صلى الله عليه وسلم مناولة وأمره بإظهاره إلى الخلق، فكل ذلك لا يعنينا.

    7. القول بأن هناك عقيدتان: عقيدة عوام، وعقيدة خواص، هذا نوع من السفسطة، فالعقيدة واحدة، والعجيب أن القائلين بذلك يعتبرون أمثال الإمام الرازي والإمام الغزالي من العوام، أما الخواص عندهم فهم ابن الفارض وابن عربي وغيرهم من القائلين بوحدة الوجود !!!

    8. هناك من عرف الإنسان بأنه كائن متدين، وهذا التعريف باطل جملة وتفصيلًا، وهو مجرد وهم.

    9. برهان التطبيق هو من أقوى البراهين على بطلان التسلسل.

    10. محل النزاع بيننا وبين الفلاسفة أنهم قالوا بقدم العالم، فلا بداية للعالم عندهم، فالعلاقة بين الله وخلقه عندهم هي علاقة المعلولية، أما أهل السنة والجماعة فيقولون: إن الله تعالى ليس علة، بمعنى: العالمُ ليس فيضًا من فيوضات الذات العلية، بل العالم موجود بإيجاد الله التابع لإرادته سبحانه.

    11. وقد ذكر الشيخ سعيد حفظه الله تعالى في تعليقه على رسالة الإمام الإخميمي رحمه الله تعالى أنه لا يمكن إثبات أن الله تعالى فاعل مختار حقيقة إلا بناء على مذهب أهل السنة.

    12. ابن تيمية يلزمه نفي الإرادة عن الله تعالى، وإن ادعى هو خلاف ذلك، وكذلك ابن عربي، لأن العالم عنده فيض من فيوضات الذات العلية.

    13. عندما نصف أمرًا ما بأنه اعتباري، فليس معنى ذلك أنه لا وجود له في الخارج فقط، بل: يستحيل أيضًا تحققه في الخارج.

    14. العدد لا وجود له في الخارج، فهو أمر اعتباري انتزعه العقل من ملاحظة الكميات المنفصلة، وقد وقع تقي الدين النبهاني في سوء فهم لمفهوم العدد، وأدى به ذلك إلى الطعن في دليل الحدوث، ومثله من قبله شيخه صاحب كتاب (نقد العقل المجرد).

    15. أي برهان لا بد من أن ينطلق من نقطة اتفاق بيننا وبين الخصم، ومحل الاتفاق بيننا وبين الفلاسفة هي أن هذا العالم موجود:

    يتبع.....
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    قال الفلاسفة: إن اللحظة الحاصلة الآن قد سبقها عدد لا نهائي من اللحظات.

    أما نحن: فلا نسلم لهم أن هذا الدعاء الذي ادعوه قد تحقق في الخارج، ولكن جوزنا لهم جواز تصوره (أي من باب الفرض التقديري وهذا يجوز في المستحيلات).
    والآن وبما أننا قد جوزنا لكم تصور هذه السلسلة (التي بدايتها الآن ولا نهاية لها) في الماضي (وهذا هو الفرض الجدلي)، فهل يمكن أن تمنعوا تصور سلسلة أخرى تنتهي قبل هذه السلسلة بطوفان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام (مثلًا) أي: بدايتها الطوفان ولا نهاية لها في جانب الماضي.

    الآن نلاحظ أن الفترة التي تمتد من الطوفان إلى الآن هي محدودة.

    وقد أصبح بيننا وبين الفلاسفة لحظتان متفقٌ عليهما، هما اللحظة الآنية ولحظة الطوفان، ولذلك سنبدأ التطبيق من لحظة الطوفان ولحظة الآن، لكونهما محل الاتفاق.

    [قلت(محمد سليمان): الذي فهمته من التطبيق أنه نفس مفهوم السعي إلى اللانهاية في علم الرياضيات، بشرطٍ هنا: هو أن يكون مقدار السعي في السلسلتين له نفس المعدل (أي نفس المقدار ونفس عدد مرات الحذف).

    وبكلام آخر: نحذف مقدارًا زمنيًا من سلسلة الطوفان، ونحذف مقابله نفسَ هذا المقدار من السلسلة اللانهائية، ونبقى نسير على هذا المنوال، ونرى إلى أين ينتهي بنا المطاف.

    وبكلام آخر: نبدأ في سلسلة الطوفان من لحظة الطوفان، ونبدأ في السلسلة اللانهائية من اللحظة الآنية، ونسير في كل من السلسلتين بنفس المعدل (أو التواتر) باتجاه لحظة اللانهاية المزعومة ]

    والآن لنعرض الاحتمالات الممكنة الناشئة عن هذا السعي نحو نقطة اللانهاية المزعومة:

    أ‌.إما أن تنتهي السلسلتان معًا.
    ب‌. أو أن تنتهي السلسلة الطوفانية وتبقى الآنية.
    جـ. أو تنتهي السلسلة الآنية وتبقى الطوفانية.
    د. أو أن كلتا السلسلتين لا تنتهي.

    الآن بالنسبة إلى الاحتمال الأول: فهو مرفوض من جهة أولى (لأن فيه أن السلسلة الآنية منتهية وهذا يناقض الفرض التقديري بأنها غير متناهية)، ومرفوض من جهة أخرى: هو استحالة انقضائهما معًا لأنهما غير متساويتين.
    إذن فالاحتمال الأول قد أوصلنا إلى تناقض.

    وبالنسبة للاحتمال الثاني، وبملاحظة أن السلسلة الآنية تزيد على الطوفانية بمقدار متناه (هو الفرق الزمني بيننا وبين لحظة الطوفان) فينتج أن الآنية أصبحت مجموعًا لمقدارين متناهيين هما: نهاية الطوفاني والمقدار المتناهي الذي ذكرناه آنفًا، وما كان مجموعًا لمتناهيين فهو متناه لا محالة، أي أنه نتج أن السلسة الآنية متناهية، وهذا يناقض ما فرضناه تقديرًا (جدلًا_تنزلًا) من أنها غير متناهية.

    فهو كمن يقول:
    β + α = ∞
    حيث أن كلاً من α و β متناهيان، وهذا مستحيل رياضيًا.

    إذن فالاحتمال الثاني قد أوصلنا إلى تناقض.

    الآن بالنسبة إلى الاحتمال الثالث: فهو مرفوض رأسًا، لأنه يناقض الفرض التقديري بأن السلسة الآنية غير متناهية.
    إذن: فالاحتمال الثالث أيضًا قد أوصلنا إلى تناقض.

    بقي للفلاسفة المساكين أمل في الاحتمال الرابع:
    فنقول: الاحتمال الرابع أيضًا مستحيل، لأن حاصله أن مقدارًا لا متناهيًا يزيد على مقدار آخر لا متناه مثله، ومقدار هذه الزيادة متناه، وهذا مستحيل عقلاً (لأن المتناهي يتلاشى أمام اللامتناهي).

    فهو كمن يقول:
    ∞ - ∞ = α

    حيث أن: α مقدار محدود، ولن تجد في العالم من يقبل بصحة المساواة السابقة، لأن المقدار في الطرف الأيمن هو حالة عدم تعيين، فهو غير معرف.
    ومن يقع في هذا الخطأ فلا يستحق أن يتخرج من كلية الرياضيات لأنه متهم بجهله أبسطَ البديهيات....
    فالاحتمال الرابع أوصلنا إلى تناقض أيضًا.

    الآن وبما أن الاحتمالات الأربعة قد أوصلتنا إلى تناقض، فنقطع أن الفرض الذي أدى إلى هذا التناقض هو فرض خاطئ، أي أن القول بأن السلسلة الآنية غير متناهية هو أمر خاطئ، وعليه فلا بد من أن تكون متناهية، وإذا كانت متناهية فهذا يعني عدم الوصول إلى لحظة لا نهائية، بل إلى لحظة محدودة، وهي التي نطلق عليها لحظة بدء الخلق، التي قال عنها ربنا جل جلاله: ((ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا)) ونحن نقتدي بكلام ربنا، فلا نتخذ قول الفلاسفة عضدا، ونعلن بفضل الله تعالى أن مذهب الفلاسفة أذل وأحقر من أن يلتفت إليه، ونتقدم بأحر التعازي للفلاسفة ومعهم صاحبنا ابن تيمية، لا لفقدهم صحة مذهبهم، بل لفقدهم عقولهم ....

    16. البرهان السابق يسمى عند العلماء ببرهان التطبيق، أو برهان طوفان.

    [قلت (محمد سليمان): ومن باب الطرفة:
    تسميته ببرهان التطبيق، لأنه تطبيق عملي يظهر سخافة عقول الفلاسفة...
    وتسميته ببرهان الطوفان: لأنه أغرق مذهبهم، ولم يأت حتى الآن من ينتشل جثته ..]

    17. ممن اعترض على الدليل السابق وطعن به: أرسطو الفيلسوف اليوناني، وكذلك إيمانويل كنط وتقي الدين النبهانيي، واعتراضهم غير ذي قيمة علمية.

    18. ابن رشد جارٍ على مذهب أرسطو، وليس هو بالفيلسوف العظيم كما يصوره البعض بل هو مجرد شارح لكلام أرسطو، لكن الذي حصل أن الأوربيين في القرون الوسطى لشدة جهلهلم اعتبروا كتب ابن رشد لما وصلت إليهم أنها بمثابة التنوير لهم، فتمسكوا بها، ولم يكن عندها الأوربيون يعلمون شيئًا عن أرسطو وفلسفته.
    في حين اعتبر علماء المسلمين في تلك العصور مذهب ابن رشد عبارة عن سفسطة لا قيمة لها.

    19. موقف أهل السنة من فلسفة ابن رشد ليس تزمتًا كما اعتبره بعضهم من أمثال محمد عادل الجابري، الذي صور ابن رشد على أنه داعية تنوير وتحرر.

    20. نفس الاسطوانة السابقة تكررت مع ابن تيمية، حيث صور على أنه داعية تحرر.

    21. الأدوات التي أنتجت ابن رشد، ومن بعده تابعيه من العلمانيين، هي نفس الأدوات التي أنتجت ابن تيمية ومن بعده تابعيه من الوهابية المجسمة.

    22. محمد عبده ممن يجوز التسلسل، متابعة منه للفلاسفة، ومحاولة لنقض أسس مذهب أهل السنة،وقد أكانت م أكبر أدوات الاستشراق، ومن المعاول الهدامة لأسس العقائد والفقه وأصوله.

    23. كان محمد عبده بداية الطريق، بعد ذلك جاء على عبد الرازق الذي نفى الخلافة ونفى الدولة الإسلامية في كتابه: (الإسلام وأصول الحكم) وقد رد عليه أهل العلم، ثم قاسم أمين الذي كان محمد عبده مرشدًا له في الخفاء، ومعظم الكتابات الفقهية التي أودعها قاسم أمين في كتابه، هي من عمل محمد عبده، أشار إلى ذلك محمد عماره في كتابه (مجموع الأعمال الكاملة لجمال الدين الأفغاني) وفي (مجموع الأعمال الكاملة لمحمد عبده).


    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس الثالث عشر


    1. إذا كان الجوهر لا ينفك عن العرض (أي وجود الجوهر مشروط بوجود العرض) والعرض يستحيل أن يكون قديمًا، فينتج أن الجوهر يستحيل أن يكون قديمًا، وإذا كان العالم متألفًا من الجواهر والأعراض فيستحيل أن يكون قديمًا.

    2. لو طرأت صفة على الله تعالى للزم حدوثه، ولذلك فإن صفات الله تعالى كلها قديمة.

    3. في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كان الله ولا شيء معه، وكان عرشه على الماء)) يستحيل أن تكون (كان) الثانية بمعنى الأولى، وإلا كان الشطر الثاني من الحديث مناقضًا للأول، والتحقيق أن الأولى تامة، وهي تدل على الدوام ولا علاقة لها بالزمان، والثانية ناقصة، والواو التي قبلها لاستئناف حديث _أي كلام_ جديد.

    4. مسألة أن الله تعالى كان ولم يكن شيء معه، قد دل عليها الحديث السابق بالنص (لا بالظاهر ولا بالمفهوم) ودلالة النص هي أعلى مرتبة من مراتب دلالة النصوص.

    5. ومن قال بأن الله تعالى لم يكن موجودًا إلا ومعه بعض مخلوقاته، فقد خالف نص الحديث السابق، وخالف نص الآيات الدالة على أن الله تعالى هو الخالق والبارئ، وخالف دلالة العقل على حدوث العالم، وهذه مسألة خطيرة جدًا لا يجب لأحد أن يتساهل بها.

    6. بعض أهل البدع من أمثال ابن تيمية رجح الرواية للحديث السابق: ((كان الله ولم يكن شيء قبله)) مع أنها لا تصمد أمام رواية: ((كان الله قبل كل شيء)) بل ولا تتعارض معها إطلاقًا!!
    وهكذا يلوي أهل البدع أعناق النصوص لينصروا مذاهبهم الفاسدة.

    7. الحديث السابق حديث آحاد، لكن له قرائن من العقل والإجماع رفعته إلى رتبة إفادة العلم.

    8. لا يوجد هناك فرقة معينة اسمها (أهل الحديث) فمنهم مجسمة ومنهم أشاعرة ومنهم معتزلة، والهدف من المصطلح السابق هو إيهام الناس وتضليلهم، وإيجاد غطاء لبعض العقائد الفاسدة.

    9. ابن تيمية لا يعتد بنقله، ولا يجوز الاعتماد عليه في ذلك، فهو غير مأمون في النقل، قال الشيخ سعيد حفظه الله تعالى: ((وأنا تبين لي كذب ابن تيمية
    في كثير من هذه الأمور)).

    10. القائلون بوحدة الوجود من الصوفية يمتنعون عن القول بحدوث الوجود، بل بحدوث صوره وأشكاله.

    11. أهل السنة يقولون بأن الوجود غير الذاتي (أي وجود ما سوى الله تعالى) هو بفعل الله تعالى، بينما عبد الغني النابلسي وابن عربي قالوا: هو بعين وجود الله والعياذ بالله.
    ومثل العبارة السابقة يمكن حملها على المجاز إحسانًا للظن بقائلها، بشرط أن نكون قد تحققنا من صحة عقائده.

    12. بعد أن أصبح السلفيون يفهمون معنى كلام الإمام الطحاوي، بدؤوا يتبرؤون منه، وابن أبي العز لم يشرح الطحاوية، وإن سمى عمله شرحًا، بل هو في الحقيقة ردٌ على الإمام الطحاوي، ومخالفة لعقيدة أهل السنة.

    13. عبارة: (فلان لا يشاهد وجودًا لغير الله تعالى) تختلف كليًا عن عبارة: (فلان لا يثبت وجودًا لغير الله تعالى) فالأولى لا محذور فيها، وهي وحدة الوجود في مصطلح البيجوري، وهي نفسها وحدة الشهود والتي هي بمعنى الذهول عن وجود كل ما سوى الله تعالى، وعدم ملاحظة الخلق (وليس عدم إثبات وجود الخلق) أو ما يسمى بالفناء.
    بينما الثانية مخالفة لأصول أهل السنة، وهي وحدة الوجود في مصطلح ابن عربي ومن نحا نحوه.

    14. لا يمكن للإنسان الوصول إلى مرتبة وحدة الشهود إذا لم يكن عارفًا بعلم التوحيد.

    15. أثنى الشيخ على الخلوة، وذكر بأنها قد تطول حتى تتخلص النفس من علائقها الدنيوية.

    16. ليس كل الصوفية من أهل السنة، بل منهم من يقول بوحدة الوجود كابن عربي، ومنهم مجسمة كابن كرام والهروي الذي كان شيخًا للصوفية.

    17. الحلاج يعتبره ابن عربي أعلى رتبة بكثير من الجنيد! لأنه وافق هواه، مع أن الإمام الجنيد رضي الله عنه هو سيد الطائفة.

    18. الإمام الأشعري رضي الله عنه قال: (وجود كل شيء عينه) أي عين ذلك الشيء، ويأتي عبد الغني النابلسي فيقول أن الأشعري أراد أن وجود كل شيء هو عين وجود الله، وهذه حقيقة مذهب الأشعري!!!
    تعالى الله عما يقول علوًا كبيرًا، بل ما ذكره هو حقيقة مذهب ابن عربي، ومخالف لبدهيات المذهب الأشعري من كون العالم حادثًا.

    19. الاختلاف الذي حصل في فهم كلام الأشعري، لا يدخل فيه ما فهمه عبد الغني النابلسي إطلاقًا، بل هو _أي الاختلاف_ بالشكل:
    أ. بعضهم أبقى كلام الإمام على ظاهره، وعليه فلا يكون الوجود من الصفات القائمة بالذات، بل هو عين الذات، ومن عدها صفات هنا فمن باب التسامح اللفظي.

    ب. والبعض من أمثال السعد التفتازاني وأضرابه من المحققين أولوا عبارة الأشعري، فقالوا المراد منها أن الوجود ليس زائدًا على الذات في الخارج بحيث تصح رؤيته، وعليه فلا يكون في عد الوجود صفة تسامحٌ، لأنه يكفي في الصفة مغايرة الموصوف وإن لم تكن زائدة في الخارج.

    فالخلاصة: أن الإمام الأشعري أطلق العبارة وأراد بها المصداق، وعليه فلا يكون الإمام قد خالف قول جماهير الأشاعرة (أي كالرازي وكالسعد وغيره ممن تأول كلامه).

    20. نسب إلى الإمام الرازي أنه يقول بالحال في بعض كتبه، قال الشيخ سعيد حفظه الله تعالى: (ولم أرها، بل الذي رأيته في كتبه أنه ينفي الحال).
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    2
    جزاك الله خيرا.

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس الرابع عشر:


    1. المفهوم المطابَقي للقدم هو نفي الأولية للوجود، والمفهوم المطابقي للبقاء هو نفي آخرية الوجود، وهما صفتان متقابلتان، فإذا ثبتت واحدة ثبتت الأخرى.

    2. ونفي بداية الوجود ليس مجرد سلب لا كمال فيه، لأن معناه اللازم عنه هو إثبات الوجود الذاتي، وهو كمال محض.

    3. بالنسبة إلى المؤمنين بالله تعالى _جعلنا الله وإياكم بفضله من خيارهم_ فوصف الله تعالى بأنه واجب الوجود يكفي عن وصفه بالقدم والبقاء، وإنما تفصيل العلماء بذكر صفتي القدم والبقاء هو لأجل دفع وهم ناشئ عند بعض الناس من قياسهم الخالق على الخلق (أو الغائب على الشاهد) فقالوا: وجود الله له بداية كما وجودنا نحن، ووجود الله له نهاية كما وجودنا نحن، فكان تفصيل العلماء للرد عليهم.

    4. وعندما ندخل مفهوم الماضي والمستقبل في الكلام عن صفات الله تعالى، كأن نقول مثلًا: (معنى أن الله تعالى واجب الوجود هو أنه لا بداية لوجوده في الماضي، ولا نهاية لوجوده في المستقبل) فهذا بالنسبة إلينا نحن، فهو إذن أمر اعتباري، وليس معناه أن الزمان هو قيد من قيود الوجود الإلهي، وإنما احتجنا إلى هذا الأمر الاعتباري بسبب النقص الذي لا ينفك عن تصوراتنا وتفكيرنا.

    5. المناسب في علم التوحيد هو التفصيل لا الإجمال، قال الشيخ سعيد حفظه الله تعالى: (وهذا قاعدة نعممها في جميع مباحث العقائد . . . فالمسألة مبنية على التفصيل والبيان لا على الوهم والإجمال).

    6. صفتا القدم والبقاء عدهما العلماء من الصفات السلبية لأن معناهما المطابقي هو نفي الأولية والآخرية عن وجود الله تعالى، وليس معنى كونهما سلبيتين أن لازمهما عدم محض لا كمال فيه، لأن لازمهما في الحقيقة هو إثبات وجوب وجود الله تعالى، وهذا كمال محض، بل هو أكمل الكمال.

    [قلت (محمد سليمان): وقد ذكرت في فوائد الدرس الحادي عشر أن "كونه تعالى واجب الوجود، يترتب عليه الكثير الكثير من دقائق مسائل التوحيد" وهذا يبين أهمية إثبات صفتي القدم والبقاء لله تعالى لكون إثبات وجوب وجود الله تعالى لازمًا عن إثباتهما].

    7. وبشكل عام: فالصفات السلبية هي كمالات محضة لله تعالى، لكونها دائرة بين النقيض ومقابله، لا كما يتوهم المخالفون من أنها أعدام محضة لا كمال فيها.

    ومعنى: (لكونها دائرة بين النقيض ومقابله) أي أن الصفات السلبية تنفي عن الله تعالى النقيض الأدنى، فيلزم لزومًا مباشرًا عن ذلك إثبات النقيض الأعلى لله تعالى، أي إثبات الكمال اللائق بالله تعالى.

    والخلاصة: أن الصفات السلبية هي كمال محض لأن لازمها هو كمال محض.

    8. الكلام السابق عن الصفات السلبية فيه رد على قاعدة ابن تيمية في الإثبات المفصل والنفي المجمل، ومن الطبيعي أن يعترض ابن تيمية على المتكلمين في نفيهم عن الله تعالى ما لا يليق به، لأن أسلوب المتكلمين يسد عليه طريق إثبات ما يريد إثباته من لوازم الجسمية لله تعالى عن ذلك.

    [قلت (محمد سليمان) : راجع التفصيل في "نقض الرسالة التدمرية" للشيخ سعيد فودة حفظه الله، وتجد هناك الرد على قاعدة ابن تيمية]

    9. القرآن الكريم إنما ينفي النقائص عن الله تعالى تفصيلًا عند وجود من يقول بها من الناس، وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل.

    [قلت: (محمد سليمان): بناء على ما سبق، فإن ما فعله المتكلمون من أهل السنة إنما هو اقتداء بالكتاب والسنة، فهم نفوا الجسمية عن الله تعالى لما ظهر في الناس من يقول بها، وفي هذا رد على ابن تيمية وأتباعه من الوهابية الذين يرددون دائمًا ودون فهم عبارة: (نفي التجسيم لم يرد في كتاب ولا سنة) ]

    10. لا يمكن الإثبات التفصيلي لكمالات الله تعالى إلا عندما نعرف حقيقة ذات الله تعالى وحقيقة صفاته، وهذا ما لا مطمع في تحصيله، ولذلك فلا نملك إلا أن نصف الله تعالى بأحكام لصفاته، أما حيثياتها التفصيلي ومعانيها التفصيلية فلا ندركها.

    11. ابن تيمية يقرر في كثير من كتبه أن الله تعالى يتأثر بخلقه، تعالى الله عما يقول، والفظيع أنه يجعل هذه المسألة مما اختلف فيه السلف!!!

    12. من عادة ابن تيمية إذا أراد تأصيل مسألة ما، أن يجعلها خلافية، وذلك ليتسنى له الدخول في الخلاف ومن ثم ترجيح ما يريده هو، ثم إذا تأملت جيدًا وجدت أن المخالفين في كثير من المسائل التي يدعي أنها خلافية عند السلف هم المجسمة لا غير!!

    13. علماء أهل السنة نفوا عن الله تعالى جميع الصفات الحادثة كالرضى والغضب والرحمة (بمعنى أنهم نفوا أن تكون صفات قائمة بذات الله تعالى) وأثبتوا لوازمها، فهي عند أهل الحق صفات أفعال لا صفات ذات.

    14. يستشهد ابن تيمية وابن القيم وابن أبي العز ومن تبعهم بما يتوهمون أنه دليل عقلي على عدم صحة النفي التفصيلي، فيقولون ما حاصله: لو أنك وقفت أمام ملك وقلت له: أنت لست زبالًا ولست لصًا ولست أحمقًا ولست ...إلخ، أليس في أسلوبك غاية النقص، ألا يغضب عليك هذا الملك؟؟

    والجواب عن ذلك:
    أ. ليس في ذلك نقص من ناحية عقلية ولا من ناحية لغوية، لكن هناك نقص من الناحية العرفية، والله تعالى ليس بيننا وبينه علاقة عرفية حتى يرد علينا هذا النقص عند نفيِنا التفصيلي.
    ب. يلزم عليهم أن القرآن الكريم يعلم هذا الأسلوب الناقص في آيات كثيرة، منها: (لا تأخذه سنة ولا نوم) (وما كان ربك نسيًا).

    [قلت (محمد سليمان): ذكرنا في الفائدة التاسعة أن القرآن الكريم إنما ينفي النقائص عن الله تعالى تفصيلًا عند وجود من يقول بها من الناس، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
    إذا استحضرت ذلك فنقول: إذا وجد في حضرة هذا الملك من يقول له: أنت لص وأحمق وزبال و .. إلخ، فقمت أنت ودافعت عن الملك بقولك: كلا، فالملك ليس لصًا ولا أحمقًا ولا زبالًا .. إلخ، أفلا يعد هذا الذي قمت به كمالًا في تعاملك مع هذا الملك؟؟
    ألا يستلزم ذلك من الملك أن يرضى عنك ويكون مسرورًا منك؟؟
    الجواب عند كل العقلاء والمنصفين: نعم]

    15. نعيد تقرير قول العلماء في الصفات السلبية لأهمية ذلك:
    فالعلماء عندما قالوا إن الله تعالى موصوف بصفات سلبية، فمقصودهم بذلك أن المعنى المطابقي لها هو سلب نقص لا يليق بالله سبحانه وتعالى، وأن معناها اللازمَ القريبَ هو إثبات غاية الكمال لله سبحانه وتعالى.

    16. الصفة الثبوتية يشترط ثبوتها وجود موضعها.

    17. شبهة لابن تيمية حول الصفات السلبية:
    يقول ابن تيمية ما حاصله أن سلب النقائص أمر مشترك بين الموجودات والمعدومات، فإذا قلت أن الله ليس بعاجز، فالحكم نفسه يمكن أن يطلق على زيد من الناس على اعتبار أن زيدًا لا يزال عدمًا (أي لم يخلق بعد) .

    والحقيقة أن هذا نوع من التلبيس يتعاطاه ابن تيمية، لأن القضية السابقة تختلف بحسب موضوعها، فإذا كان الموضوع موجودًا ثم نفيت نقصًا عن هذا الموجود، فالحاصل من ذلك أن هذا الوجود كمال، وبرهان ذلك أن الشيء الموجود إما أن يكون كاملًا أو ناقصًا، ولا ثالثَ وراءهما، فإذا قلنا أن هذا الشيء موجود وغير موصوف بالصفات الناقصة، فهذا يلزم عنه مباشرة أن هذا الشيء موجود ومتصف بالكمال.

    أما إذا كان موضوع الحكم معدومًا فإن نفي النقائص لا يستلزم إثبات الكمال، لأن إثبات النقص وكذلك الكمال فرع عن إثبات الوجود.
    فثبت مما سبق أن نفي النقص عن الموجود يختلف كليًا عن نفي النقص عن المعدوم، وابن تيمية بعدم تفريقه بينهما قد ارتكب مغالطة واضحة، كما هو حاله في كثير من كلامه.

    18. كل صفة كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه فالله تعالى متصف بها، هذا هو الحق، وليس كما قال ابن تيمية في التدمرية اتصف بها المخلوق فالله تعالى أولى بها!!

    وهذه القاعدة في الحقيقة كان يرمي ابن تيمية من ورائها إلى إثبات اليد التي هي جارحة والجهة وما شابه ذلك، وهي ما يسمى عنده بقياس الأولى، وهذا نوع من قياس الغائب على الشاهد، وهذا هو التشبيه بعينه.

    19. كتطبيق لقاعدة أهل السنة المار ذكرها، نأخذ صفة العلم، فإذا قلنا إن علم المخلوق حادث، وتابع للنظر، وله درجات، وانفعالي أو فعلي، وغير ذلك من القيود التي هي وجوه نقص، فإذا جردنا صفة العلم عن كل الحيثيات والنقائص التي مثلنا لها، كان العلم صفة لله تعالى.

    والحقيقة أن هذه الصفات التي يثبتها أهل السنة تشترك مع صفات المخلوقين بالأحكام المترتبة عليها لا أكثر، وهو اشتراك لفظي وفي الأحكام الذهنية، وهذا ليس فيه ولو أدنى تشبيه.

    [قلت (محمد سليمان): مما سبق تعلم مدى تهافت ما يظنه المجسمة إيرادًا على أهل السنة، حيث يقولون لهم: لماذا لا يكون إثبات الصفات السبعة التي تثبتونها هو أيضًا تشبيهًا؟؟ ]

    20. في كل صفة لا بد من ملاحظة أمرين: حقيقة هذه الصفة، والأحكام المترتبة عليها.
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس الخامس عشر:



    1. كل ما كان قائمًا بمحل، بل كل ما جاز عليه أن يقوم بمحل فإنه مفتقر إلى ذلك المحل.

    2. القيام بالنفس لها مصداقان:
    الأول: عدم الاحتياج إلى محل يقوم به.
    الثاني: الاستغناء عن المخصص، بمعنى الاستغناء عن فاعل لإيجاده.

    3. سبب تقديم العلماء الصفات السلبية على صفات المعاني في البيان، هو أن الصفات السلبية تنفي عن الله تعالى الاتصاف بما من شأنه أن يوصل إلى انقلاب ماهية الإله.

    4. صفة الرحمة لله تعالى إما أن تفسر بأصلها (منشأها، وهو إرادة الإنعام، فتكون صفة ذات، وإما أن تفسر بنهايتها (أو لازمها) وهو الإنعام نفسه، فتكون صفة فعل.
    والقاعدة السابقة عامة في كل الصفات الحادثة كالغضب والمحبة والانتقام والخلق والتصوير وغيرها، مع مراعاة التغيير المناسب لكل صفة من حيث المنشأ، فالرحمة ذكرنا أنها تعود إلى الإرادة، ومثلها الغضب والانتقام، والخلق تعود إلى القدرة، والحكمة تعود إلى العلم والقدرة، والخبرة والإحاطة تعود إلى العلم، والهيمنة إلى العلم والقدرة، والقهر إلى القدرة، وهكذا...

    5. لا يجوز أن نشتق لله تعالى صفة ذات من كل اسم من أسمائه، فلا نقول: لله صفة اسمها الإحياء (من الحي) أو الإماتة (من المميت) أو البرء (من البارئ) وإنما هي صفات أفعال عائدة إلى صفات الذات التي يثبتها أهل السنة لله تعالى.

    6. الصفات التي تدل على الحدوث والتغير لا يشتق منها أسماء لله تعالى إلا باعتبار غايته، وهو عين الفعل نفسه، كالخالق والرزاق والمميت.

    7. وحدانية الصفات تعني عدم التكثّر للصفات لا في الذات ولا في غيرها.

    8. الفرق بين ابن تيمية والمعتزلة أنه يشبه الله تعالى بخلقه في الذات والصفات والأفعال، أما هم فيشبهون الله بخلقه فقط في جانب الأفعال.

    9. معنى صفات الأفعال: أي أن الله تعالى يوصف بها، أي أن العبد يشتق من فعل الله تعالى وصفًا له، لا أن الله تعالى متصف هو بها كصفات ذات.

    10. فائدة ما سبق أنه لا يجوز أن نعتبر الأفعال قائمة بالله تعالى، فهذا أمر خطير، يلزم عنه قيام الحوادث في ذات الله تعالى، وبالتالي نفي الإلهية عنه.

    11. قال الله تعالى: ((لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)) والمطلوب منا الآن بيان وجه التلازم بين تعدد الآلهة والفساد.
    العلماء وضحوا طريقة لبيان وجه التلازم بين تكثر الآلهة والفساد، سموها ببرهان التمانع، وسننقل كلام العلامة البيجوري رحمه الله ونضعه بين قوسين هكذا ( ) وخارج الأقواس نذكر تعليق الشيخ سعيد حفظه الله تعالى.

    (ودليل الوحدانية بالمعنى المراد هنا، وهو وحدة الذات والصفات بمعنى عدم النظير فيهما، أنه لو تعدد الإله كأن يكون هناك إلهان لما وجد شيء من العالم) لاحظ هنا أن البيجوري استخدم عدم وجود شيء من العالم، وهو أخص من مطلق الفساد، لأن الفساد يطلق على عدم الوجود في الأصل، وعلى اختلال التوازن والنظام بعد الوجود، فهو هنا أشار فقط إلى برهان التمانع الأصلي الحقيقي، وهو الذي يسميه العلماء بالدليل البرهاني، إلا أن الآية دلالتها أعم من ذلك، ومن ذلك ذكر البجوري بعد ذلك عن السعد التفتازاني رحمه الله تعالى أن هناك دليلين من الآية وليس دليل واحد، المشهور منهما هو دليل التمانع الذي ذكره البيجوري هنا، أما الدليل الآخر فهو مبني على فساد السماوات والأرض بعد وجودها، فهناك مصداقان لكلمة (الفساد) ومن كل واحد من هذين المصداقين يستنبط دليل على التوحيد، وكلا الدليلين قطعي، إلا أن أحدهما برهاني وهو الذي وضحه البيجوري، والآخر إقناعي وضحه وفصله الإمام التفتازاني.
    (لكن عدم وجود شيء من العالم باطل لأنه موجود بالمشاهدة، فما أدى إليه وهو التعدد باطل، وإذا بطل التعدد ثبتت الوحدانية وهو المطلوب) وهذه صياغة إجمالية للدليل، قال: (وإنما لزم من التعدد عدم وجودشيء من العالم لأنهما إما أن يتفقا وإما أن يختلفا، فإن اتفقا فلا جائز أن يوجداه معًا، لأن لا يلزم اجتماع مؤثرين على أثر واحد، ولا جائز أن يوجداه مرتبًا بأن يوجده أحدهما ثم يوجده الآخر، لأن لا يلزم تحصيل الحاصل، ولا جائز أن يوجد أحدهما البعض والآخر البعض، للزوم عجزهما حينئذ، لأنه لما تعلقت قدرة أحدهما بالبعض سد على الآخر طريق تعلق قدرته به، فلا يقدر على مخالفته، وهذا عجز، وهذا سمى برهان التوارد لما فيه من تواردهما على شيء واحد)


    ولا بد من بعض المقدمات لتوضيح الدليل السابق:

    الأولى: أن قدرة الإلهة يجب أن تكون عامة التعلق بجميع الممكنات، وأن الإله يستحيل عليه التخصيص لا من ذاته ولا من غيره، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، لأن ذات الله تعالى وصفاته من الواجبات، الواجبات يستحيل عليها التخصيص (أو التقييد)، وأما التخصيص في تعلقات الصفات والذي هو مستحيل أيضًا، ومعنى أن تعلقات الصفات لا تخصص: أي أن الصفة إذا جاز تعلقها بشيء جاز تعلقها بآخر له نفس ماهية الأول.
    وقولنا: (الإله يستحيل عليه التخصيص لا من ذاته ولا من غيره): أي أن التخصيص مستحيل لعينه وليس لمنشأ التخصيص، وذلك لأن نفس التخصيص يفيد الافتقار سواء أكان الله تعالى هو المخصص، أو كان غيره فلا فرق.
    والتخصيص الباطل يقول به ابن تيمية ويعبر عن ذلك بأن الله تعالى يتصرف في ذاته بذاته، وشبهة ابن تيمية أن الاختصاص يكون دليل افتقار إذا كان من غير الذات لا من عينها، وقد بينا لك قريبًا أن لا فرق.
    والحالة التي خصص الله تعالى بها نفسه الآن هي غير الحالة التي كان عليها قبل الآن، فواحدة منهما كمال والأخرى نقص، فعلى مذهب ابن تيمية من كون التخصيص كمالًا لا نقصًا، يلزم أن يكون الوقت شرطًا في هذا الكمال الآن، وشرطًا في الكمال الثاني لله في غير الآن، فيصبح مفتقرًا إلى الزمان، ولذلك فابن تيمية يقول بأن الزمان أمر وجودي وليس عدميًا كما يقول أهل السنة، والزمان عنده أزلي وأبدي.

    المقدمة الثانية: أن الأثر الواحد يستحيل أن يصدر عن مؤثرين تامين، أو: الفعل الواحد يستحيل أن يصدر عن فاعلَين مستقلَين، ومعنى مستقلين: أن يكون الواحد منهما كافيًا في إيجاد الفعل.

    المقدمة الثالثة: أن الحاصل لا يتحصل، بمعنى أن الموجود لا يوجد مرة أخرى.

    الآن لنفرض وجود أكثر من إله (إلهين مثلًا) فالشرط في كل من الإلهين ليكون إلهًا هو أن يكون موجودًا وقادرًا، ويجب أن تكون هذه القدرة واحدة لكل إله، وعامة التعلق بجميع الممكنات، وإلا لو كانت متعلقة ببعض الممكنات دون بعض الممكنات لكان هذا تخصيصًا لها وهو باطل، ولما كان إلهًا أصلًا، ولنفرض أمامنا جسمًا ما، فمن كون كل من الإلهين إلهًا يجوز أن تتعلق إرادة كل واحد منهما بخلق هذا الجسم مثلًا، ولنفرض اجتماعهما على هذا الجسم، فجواز تعلق إرادة كل واحد منهما: إما أن يدوم ويستمر، أو أن ينعدم.
    فإذا انعدم الجواز طرأ التخصيص على كل من الإلهين، وهذا يعني نفي إلهيتهما.
    وإذا استمر هذا الجواز (جواز التعلق) فلنفرض أن التعلق حصل فعلًا، وكل من الإرادتين تعلق بخلق هذا الجسم، عندها فالاحتمالات العقلية الممكنة ثلاثة:

    الاحتمال الأول: أن هذا الجسم الواحد قد خلقه كل من الإلهين، وهذا يلزم عنه اجتماع مؤثرين تامين على مؤثَّر (بفتح الثاء) واحد، (أو أثر واحد) وهذا مستحيل عقلًا.

    الاحتمال الثاني: أن لا يخلقا معًا، أي لا يستطيع كل واحد منهما خلق ما تعلقت به إرادته، فيحصل أن كلًا منهما قد خصص الآخر، وهذا يعني أن كلًا منهما ليس إلهًا، وقد قدرنا كون كل منهما إلهًا، أي أن الاحتمال الثاني مستحيل لأنه ناقض الفرض التقديري.

    والاحتمال الثالث: أن يخلق أحدهما هذا الجسم دون الآخر، وهذا يعني أن الإله الخالق منهما قد خصص الآخر الذي لم يخلق، وهذا يعني أن الآخر ليس إلهًا، ومن فرضنا أنهما متماثلان ينتج أن الأول أيضًا ليس إلهًا، وقد قدرنا كون كل منهما إلهًا، وهذا يعني أن الاحتمال الثالث مستحيل لمناقضته الفرض التقديري.
    وبالتالي فنحكم مباشرة ببطلان الفرض التقديري الذي أوصلنا إلى التناقضات السابقة، أي نحكم ببطلان تعدد الآلهة.

    12. برهان التمانع ليس موجودًا في أي من الكتب الفلسفية القديمة، وإنما اختص به المتكلمون حيث استنبطوه من القرآن الكريم.

    13. المقدمات الثلاث التي ذكرناه تهدم كل احتمال لتعدد الآلهة،كمثال: قد يقول قائل: لماذا فرضتم أنتم أن الإلهين متشاكسان؟ ما المانع من اتفاقهما؟
    والجواب: هذا باطل لأنه نوع من التخصيص (تحديد الصلاحيات في مصطلح السياسة) وقد ذكر الإمام السنوسي رحمه الله تعالى أن الإلهين المزعومين إما أن يتفقا وإما أن يختلفا، فإن اختلفا، كان برهان التوارد، وإن اتفقا، فإما أن يتفقا اختيارًا أو اضطرارًا، فإن اتفقا اضطرارًا فليس واحد منهما إلهًا، وإن اتفقا اختيارًا فليس واحد منهما بإله أصلًا، لأن قدرة كل منهما محدودة.

    14. علق الشيخ سعيد حفظه الله على استدلال العلامة البيجوري رحمه الله تعالى بابن رشد في دليل التوارد، وقال لا يجوز الاستدلال بمثله في مثل هذه المواطن.

    15. ابن رشد قال بأن دليل التمانع يدل على استحالة وجود السماوات والأرض، والآية: ((قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)) مبنية على وجودهما ثم فسادهما بعد الوجود، فالآية لا تدل على دليل التمانع.
    والجواب: أن دليل التمانع الذي ذكرناه لا يكون الالتفات فيه إلى فرضية وجود السماوات والأرض، بل ينظر في حقيقة الإله، ولم نتطرق إلى كون السماوات والأرض موجودة أو لا، فوجود السماوات والأرض ليست جزءًا من مقدمات برهان التمانع.
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الحوتري مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا.

    وإياكم أخي الفاضل، وأرجو الله تعالى أن تنتفعوا بها..
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس السادس عشر:



    1. نقيض شيء ما هو عدم لذلك الشيء، فالشيء ونقيضه أحدهما عدمي والآخر وجودي.

    2. يستحيل وجود ضد لله تعالى، لأن ذلك يستلزم المساواة في تمام الماهية.

    3. الند ليس عين الضد، لأنه يشترط في الند أن يكون مكافئًا له تعالى من حيثية معينة، كالقدرة مثلًا، حتى وإن لم يكن مشتركًا في جنس أعلى.

    4. الشبيه هو الذي يشارك الشيء ولو في أمر جزئي.

    5. المثيل ليس مطلق الشبيه، بل هو الشبيه الأخص، أي: هو الذي يساوي الشيء في صفاته الذاتية الحقيقية لا العارضة.

    6. نفي المثيل لا يستلزم نفي الشبيه، بينما نفي الشبيه يستلزم نفي المثيل.

    7. ونفي المثيل عن الله تعالى لا يخرج من الوقوع في التشبيه، ولو استقرأنا كلام ابن تيمية فلن نجد له نصًا واحدًا ينفي به مطلق التشبيه عن الله تعالى، وفي حال وجد مثل هذا النص، فإنه يكون قد قيده بالشبيه التام (فيعود الأمر إلى نفي المثيل) وذلك لأن ابن تيمية أصلًا يثبت التشبيه، وهذا جزء من أركان مذهبه، وهو يستند إلى قول الله تعالى: (ليس كمثله شيء) ويعتبر قد نفت التماثل، بينما التحقيق أن الآية قد نفت التشابه بين الله وخلقه، لأن النفي الذي تفيده (ليس) قد سلط على الكاف التي تفيد التشبيه.

    8. لقد أقام علماء التوحيد الأدلة على استحالة إدراك حقيقة ذات الله تعالى، وعلى استحالة إدراك حقيقة صفاته جل جلاله.

    9. لا بد للصفة من أن تكون قائمة بذات الموصوف، وإلا لم تكن صفة له.

    10. لا يمكن أن تتعلق القدرة بالواجبات، لأنه لو تعلقت بالواجبات لأصبحت هذا الواجبات ممكنات، ولأدى الأمر إلى انقلاب الحقائق والتناقض.

    11. من قواعد محاكمة النصوص ومحاكمة الأشخاص، أن لا نحكم بالتناقض عليها وعلى الأشخاص إلا بعد استنفاد كل الاحتمالات، أي: لا نحكم بالتناقض إلا إذا تعذر الجمع وتعذر الحمل وكذلك التخصيص والنسخ والتقييد و... إلخ.

    12. هل إعدام الله تعالى للمكنات يكون بأن يخلق فيها أضدادها فيؤدي اجتماع الأضداد إلى العدم؟
    أم أن الإعدام يكون بقطع المدد أو التعلق (والذي هو النسبة الثبوتية بين قدرة الله تعالى وبين الممكن نفسه) ؟
    الإمام الأشعري قال بالثاني، لأن آثار القدرة عنده وجودية كلها، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ((إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا)) أي: تنعدما، فالإمساك هنا استعارة.
    وهذا التعلق يسميه العلماء من صوفية أهل السنة (كالغزالي والقشيري وغيرهم) بالإمداد.
    أما عند القائلين بوحدة الوجود فالإمداد هو عين المستمد، وهو قائم بالممد.

    13. إذا قال شخص: مدد يا رسول الله، فإذا كان جاهلًا فعلينا تعليمه أن المقصود هو مدد الدعاء والرضا عند الله تعالى لا غير.

    14. أهل السنة يقولون بأن تعلق القدرة مترتب على تعلق الإرادة، لا أن القدرة متوقفة على الإرادة، فهذا معنى باطل، ويستحيل ترتب صفة على صفة في الوجود.

    15. كتاب (اليواقيت والجواهر في عقيدة الأكابر) فيقصد مؤلفه الشعراني رحمه الله بالأكابر ابن عربي ومن تبعه من الصوفية، وللشعراني طريقة ومنهج خاص حاول فيه أن يبين أن ابن عربي يوافق أهل السنة في عقائدهم، والشعراني رحمه الله تعالى أشعري من أهل السنة، إلا أنه من باب إحسان الظن بابن عربي، ومثله كثير من أهل السنة لأنه اشتهر أنه ولي، والأصل في الولي أن يكون من أهل السنة، ولو نظروا في كتب ابن عربي لعلموا أنه لا يوافق أهل السنة، أما المحققون من أهل السنة كالإمام التفتازاني الذي نظر في نفس كتب ابن عربي (الفصوص) فقد نقده وكفّره وقال هذا زنديق، ولا يقول بهذا إلا واحد من الشياطين.

    16. الإمام علاء الدين البخاري لما قدم دمشق ورأى الناس يختلفون في ابن تيمية، فأخذ كتب ابن تيمية وقرأها، ثم حكم عليه بالكفر، وحكم بالكفر أيضًا على من أطلق عليه لقب شيخ الإسلام، فسئل الإمام: فما قولك بابن عربي؟؟
    فحكم أيضًا بكفره لأنه قائل بوحدة الوجود.

    17. التحقيق: أن القول بأن كتب ابن عربي قد دس فيها، هذا يحتاج إلى دليل، فكما لا يجوز أن نحكم بوضع حديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بدليل، فكذلك لا يقبل من أحد أن يقول بأن كتب ابن عربي قد لحقها الدس إلا بدليل، وإلا فالأمر يصبح استخفافًا بعقول الناس، وطريقًا إلى العبث بالدين بأن نجعل من نحبه وليًا من أولياء الله تعالى.

    18. نحن _أهل السنة_ ولله الحمد لا نكيل بمكيالين، فإذا وجدنا مثلًا عبارة للإمام الرازي (وهو من هو) توهم خطأً، فترانا ننبه عليها في المختصرات وفي المطولات، ولا يمنعنا من ذلك جلالة الإمام الرازي ورفعة قدره رضي الله عنه، فلو كان أهل السنة الأشاعرة منافقين ومرائين، لكان أولى الناس بالتستر عليه والمجاملة له هم كبار أئمتهم.

    19. كمثال: عندما قال الإمام الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع مما كان) فإن الذين أقاموا الدنيا وأقعدوها هم الأشاعرة، ولم ينتظروا أحدًا من خارج أهل السنة لينتقد هذه العبارة، بل هم قاموا بواجبهم، وبينوا أنها تحتمل معنىً فاسدًا.

    20. قال الشيخ سعيد حفظه الله بأنه لا يوجد بينه وبين ابن عربي خلاف عائلي ولا نزاع ما، وقال: (ولكن كلامه الموجود في كتبه ظاهره وفي نصوص منه يخالف قواعد أهل السنة، فوجب التحذير منه، وأنا لا يهمني بعد ذلك أن أحكم بتكفيره، فليس هذا هدفي).

    21. من مشى على إحسان الظن بابن عربي من علماء أهل السنة، لم يكن معتمده استقراء كتب ابن عربي:
    قالوا: (ربما ذكر هذا اللفظ ولم يرد معناه): وهذا خلاف الأصل، لأن الأصل هو ذكر اللفظ مع إرادة معناه.
    قالوا: (ربما دس عليه): وهذا أيضًا خلاف الأصل، لأن الأصل عدم الدس، وهم لم يأتوا بدليل على الدس.
    قالوا: (ربما كان ذلك منه شطحة): وهذا خلاف الأصل أيضًا، لأن المفروض أن الشطحات عددها قليل لا كثير.
    وكل الاحتمالات التي ذكروها بعيدة.

    22. ابن عربي كان ظاهري المذهب في الفقه والأصول والعقائد، أم ابن حزم: فكان ظاهر المذهب في الفقه والأصول، لكنه كان مؤّولًا في العقائد.

    23. سبب تشنيع ابن حزم على الأشاعرة أن مذهبهم لم يصل إليه على حقيقته، لأنه ولد بعد وفاة الإمام الأشعري بمدة يسيرة، ولم يكن المذهب الأشعري قد وصل بعد إلى المغرب، بل وصله عن طريق خصوم المذهب، فظنهم فرقة من فرق المبتدعة، وكان ينسب إلى الأشاعرة أمورًا لم يقل بها أحد منهم إطلاقًا.
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,681
    هل هناك مجال لفتح باب الاستفسارات عن بعض التعليقات الموجودة هنا، نضعها في الرابط نفسه...

  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    والله أخشى أن يطول المقام يا أختي الفاضلة، ولذلك فأرى أن ننتظر حتى نهايتها، حيث قد بقي اثنا عشر درسًا بعون الله تعالى ومدده (أي تعلق قدرته على حد مصطلح السادة المتكلمين جزاهم الله خيرًا).
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,681
    ماشي إن شاء الله سيكون أفضل (:

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس السابع عشر:



    1. إذا عرفنا الإبصار الذي لنا، فلا نكتفي بالقول أن الإبصار صفة قائمة بنا، بل يمكن القول: هو انفعال في الشبكية ينقل عبر العصب البصري إلى مركز الرؤية في الدماغ .. إلخ، أي أنه يمكن التفصيل في حقيقة هذه الصفة، أما عندما نتحدث عن صفات الله تعالى، فليس لنا أن نقول في أي صفة من صفاته تعالى أكثر من أنها صفة قديمة قائمة بذاته تعالى وزائدة عليها، لأن حقيقة الصفات لا يعلمها إلا الله تعالى.

    2. وبعد أن نقف عند الحد السابق، فيمكن لنا أن نتكلم عن أحكام الصفات وتعلقاتها، فالإرادة مثلًا: هي صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى، تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه.
    فقولنا: (تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه) هذا كلام عن أحكام هذه الصفة وتعلقاتها.

    3. قول أهل السنة بأن مفهوم الصفة زائد على مفهوم الذات إنما هو في الذهن، وبالتالي فلا يلزم عليه تركب الذات في الخارج.

    4. الوجود والعدم هما أمران عارضان لكون الممكن ممكنًا، أي لا يتوقف كون الممكن ممكنًا على وجوده أو عدمه.

    5. أهل السنة هم الفرقة الوحيدة التي تثبت مطلق الإرادة لله تعالى، بخلاف الشيعة والفلاسفة وابن عربي والمعتزلة (في بعض الجهات كقوله بوجوب الصلاح والأصلح على الله تعالى).

    6. الممكنات المتقابلات . . . وجودنا والعدم الصفات
    أزمنة أمكنة جهات . . . كذا المقادير روى الثقات
    أي الممكنات المتقابلات هي: الوجود والعدم، صفة وصفة أخرى، الزمان وزمان آخر، المكان ومكان آخر، الجهة وجهة أخرى، المقدار ومقدار آخر.

    7. عند أهل الحق: لا يوجد استلزام بين الأمر والنهي والإرادة، فبعض المرادات مأمور بها، وبعضها لا.
    كذلك: فالإرادة ليست بمعنى المحبة والشوق، ولا تلازم بينهما، والمحبة عند أهل السنة لازمة عن الأمر بالشيء.

    8. الإرادة هي ترجيح شيء على شيء، وهي أمر فعلي محض وليس انفعاليًا، ولا يعني هذا أن الله تعالى محتاج إلى هذا الترجيح.

    9. تعلق الإرادة مترتب على تعلق العلم، أي يكون على وفاقه، وهو ترتب عقلي، أما في الوجود الخارجي فهي بنفس الرتبة، وكذلك في سائر الصفات.

    10. فهم أهل السنة للإرادة يترتب عليه حل كثير من إشكالات المخالفين، كتفريق ابن تيمية بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية، فالإرادة التكوينية لا يوجد تخلف بينها وبين مرادها، أم التشريعية فقد تتخلف عنده، وضرب لذلك مثالًا أن الله تعالى أراد إيمان أبي لهب، وأمره بذلك، إلا أن أبا لهب لم يؤمن، فالمتعلق لم يحصل.
    والخطأ الذي وقع به ابن تيمية هو أنه لم يفرق بين الإرادة والأمر، ويتابعه على هذا الباطل المعاصرون كابن عثيمين وغيره، دون أن يذكروا وجه اعتراض عليه.
    قال الشيخ سعيد حفظه الله: ((أن استقرأت كل آيات القرآن، فلم أجد موضعًا من مواضع القرآن يلزم منه التخلف بين الإرادة وبين تعلقها)).
    فمثلًا: الله تعالى أمر الناس بالصلاة، وبعضهم لم يصلِّ، فلا يعني هذا أن الله تعالى أراد الصلاة منهم ثم لم يقع هذا المراد، بل الصواب أن نقول إن الله تعالى أمر بالصلاة ولم يردها من بعض الناس، ولو أرادها منهم لما أمكن أن يترك أحد منهم الصلاة.
    أما الذي أراده الله تعالى من الأمر بالصلاة هو التشريع، وهذا لم يتخلف بل وقع على أتم وجه.

    11. بكلام آخر: فالأحكام التي خاطب الله تعالى بها المكلفين من أمر ونهي، فتعلقها بهم هو تعلق أمر ونهي لا تعلق إرادة، وحصول تعلق الأمر والنهي متوقف على إرادة المأمور نفسه.
    [قلت (محمد سليمان): وهذا فيه إثبات الكسب للإنسان، وأنه مخير لا مسير]

    12. ومثل هذا التقسيم قد قال به الشيعة، لكن لهدف في أنفسهم، هو الوصول إلى القول بإثبات العصمة للأئمة، ففي قول الله تعالى: ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا)) قال الشيعة: تعلقت إرادة الله تعالى بإذهاب الرجس، فلا بد من وقوع المتعلق وهو ذهاب الرجس عن أهل البيت وتطهيرهم، فتثبت العصمة لهم.

    والجواب: لو نظرنا إلى ما قبل الآية، لوجدنا مجموعة من الأحكام قد أمر الله بها أهل البيت، ثم جاء قول الله تعالى ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا)) فالمعنى أن الله تعالى قد أراد هذه الأحكام التي يترتب عليها إن طبقتموها تطهيرُكم وذهابُ الرجس عنكم، فمتعلق الإرادة هنا هو إنزال هذه الأحكام، وهذا قد حصل، فلا تخلف.
    فإرادة الله تعالى لم تتعلق مباشرة بإذهاب الرجس، وإلا لكانت الآية بدون ذكر اللام الداخلة على (يذهب) والتي تفيد الغاية.

    13. حفظ المتن أمر جيد، لكن على طالب العلم أن يتقن حله.

    14. كون علم الله تعالى ذاتيًا هو أصل عظيم يبنى عليه الكثير من المسائل التي هي في غاية الدقة، وتفصيلها في المطولات.

    15. كل الصفات التي تعلقها تعلق تأثير، فلا تتعلق إلا بالممكنات، أما الصفات التي تعلقها تعلق دلالة كالكلام وكشف كالعلم فتتعلق بكل شيء.

    16. الإمام الغزالي كفر من قال بأن علم الله إجمالي، لأن في ذلك نفيًا لما هو معلوم من الدين بالضرورة، ولكن يصح القول (بل يجب) أن الإجمال هو من متعلقات علم الله تعالى.

    17. الحركة ليست شرطًا للحياة، بل هي لازم من لوازم الوجود الإنساني (الخارجي)، والمجسمة قالوا: لا حيّ إلا متحركًا، وقولهم باطل لما قدمنا.

    18. طرحت هذا السؤال في المنتدى:
    عرف علماء أهل السنة صفة الحياة بأنها صفة أزلية قائمة بذات الله تعالى تصحح اتصافه بالعلم.
    والسؤال: كيف نفهم هذا التعريف في ضوء القاعدة التي تنص على أن صفات الله تعالى لا تتوقف على بعضها؟؟ (وكان الصواب أن أقول: لا يتوقف بعضها على بعض) فأجاب سيدي الشيخ سعيد حفظه الله بقوله:
    ((التوقف المردود هو التوقف في الوجود، لا في التعلق وتعقل الاتصاف، وكلها قديمة، ولا تغاير في الخارج، لأن كل صفة لا هي عين الصفة الأخرى ولا غيرها، فلا يلزم الترتب في الوجود الخارجي، بأن يتوقف وجود صفة على وجود صفة غيرها خارجًا، وهو الباطل المستلزم للتركب المستلزم للاحتياج والافتقار))

    19. صفات الكلام والسمع والبصر يتوقف إثباتها على سبيل القطع أدلة سمعية وليست عقلية.

    20. عندما يتحدث أهل السنة عن صفة الكلام لله تعالى وأن الله تعالى متصف به، فلا يكون قصدهم الكلام الذي هو صوت وحرف.

    21. العلوم التي يكتسبها الإنسان لا تكون دائمًا حاضرة في نفسه، فبمقدار استحضار النفس للعلوم فإنه يحدث عندك كلام نفساني عن هذه العلوم.
    22. الحرف والصوت لا يمكن قيامهما بالله تعالى لأنهما من الأمور الحادثة، ونقول للمخالف: هل كان الله تعالى قبل حدوث الحرف والصوت في ذاته كاملًا أم لا؟
    سيجيب بنعم قطعًا وإلا كفر، فنقول: وهل حدوث الحرف والصوت في ذاته صفة كمال أو نقص؟
    سيجيب: صفة كمال، فنقول: إذن يلزم أن الله تعالى كان ناقصًا ثم اكتسب كمالًا لم يكن فيه!

    23. وبشكل عام: يستحيل اتصاف الله تعالى بكمال حادث، وهذا بيناه سابقًا، وهو استدلال قطعي كما قال الشيخ سعيد حفظه الله تعالى.

    24. احمرار الوجه يعتبر كلامًا، وإشارات البكم تعتبر كلامًا، وحركات العين تعتبر كلامًا، وإشارات المرور تعتبر كلامًا، فمفهوم الكلام أوسع بكثير من الحرف والصوت، وأعم مما ذكرناه أيضًا، وحقيقته كما قال كثير من العلماء: هو المعنى القائم بالنفس، وكل ما سوى هذا المعنى ويدل عليه: فهذا يطلق عليه كلام مجازًا.
    [قلت: (محمد سليمان): هذا المكتوب في المنتديات والفيس بوك أليس كلامًا؟؟ بالطبع نعم، وهو ليس حرفًا ولا صوتًا كما تلاحظون. ويخطر في بالي طرفة: هي أنه يلزم على السلفيين _كونهم يحصرون الكلام في الحرف والصوت_ أن لا ينتقدوا الشيخ سعيد على تأليفه الكاشف الصغير، لأنه لا يستطيع أحد منهم أن يثبت أن ما في الكاشف الصغير هو صدر من الشيخ سعيد على شكل صوت وحرف!! بالتالي لا يوجد دليل على أنه من تأليفه!!
    وإن أصرّوا على انتقاده، ألزمناهم بالإقرار بالكلام النفسي!!
    هل أعجبتكم الطرفة؟!! ]

    25. معنى قوله تعالى: ((وكلم الله موسى تكليمًا)) أي: إما بأن خلق حرفًا وصوتًا يدلان على كلامه القديم، أو أنه قد كشف الغطاء فسمع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كلامه القديم النفساني.

    26. معنى أن تسمع الكلام: أي أن يقوم في نفسك إدراك لأمر يدلك على المعنى القائم في النفس، وبهذا فسر الإمام الأشعري سماع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لكلام الله تعالى، أي بخلق الله تعالى للإدراك في نفس سيدنا موسى.

    27. الإمام الجويني وبعض الأئمة أقاموا أدلة عقلية على إثبات الكلام والسمع والبصر، ولكن غيرهم من العلماء لم يسلموا بقطعية أدلتهم، بل قالوا بأنها أدلة تحتمل القدح، بل مقدوح فيها على التحقيق.

    28. بعض الأغبياء من المجسمة التزموا أن الله ينزل إلى السماء الدنيا هو والملك، وقالوا: ما المانع من ذلك؟؟!!
    حسبنا الله ونعم الوكيل....
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس الثامن عشر:


    1. لو صدر عن الله تعالى فعل بغير إرادته لما كان عندها قادرًا، بل يصبح موجبًا، أو فاعلًا بالذات، وهذا باطل يلزم عنه قدم العالم.

    2. مجرد اتصاف الله تعالى بالقدرة تصحح اشتقاق اسم الفاعل من القدرة وهو (القادر) فالله يسمى قادرًا حتى قبل خلق الخلق (أي المخلوقات).

    3. لا يجوز القول بأن العلة من خلق الله تعالى للخلق هي تعريف خلقه به، والصواب أن نقول: إن الله تعالى خلق الخلق لأنه أراد خلقهم، ولو كانت معرفة الخلق له هي العلة لخلقه لهم، لكان الله عندها فاعلًا لغاية (أو فاعلًا غائيًا) وهذا مخالف لمذهب أهل السنة الذي ينص على أن الغاية هي المترتبة على فعله تعالى والتابعة له، والقول بأن الله تعالى فاعل غائي، هو قول أرسطيٌّ أفلاطوني.
    وأما اللام في قوله تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) فهي لام العاقبة لا لام العلة.

    4. أصل مذهب الأشاعرة هو الفرق بين حقيقة الخالق وحقيقة المخلوق.

    5. اللغة دالة على المعاني وليست موجدة لها، والمعاني ليست مستمدة منها، والذهن والعقل هو الأصل في الفهم والمعنى، وهذه قاعدة عظيمة ينحلُّ بها كثير من إشكالات المجسمة الذين ظنوا أن اللفظ دال على المعنى، أي جعلوا اللغة أصلًا للمعاني.

    6. بعض المخالفين يستدلون على إثبات أن الكلام لا يكون إلا لفظًا ببيت العلامة ابن مالك:
    كلامنا لفظ مفيد كاستقم ....
    وابن مالك لم يرد حصر الكلام في الألفاظ، وإنما معنى البيت: كلامنا نحن النحويين، أي نحن النحويين لا نطلق الكلام إلا على اللفظ المفيد، وقد نبه شراح الألفية على أن الكلام أعم من ذلك.

    7. التفكير ليس هو عين الكلام النفساني، بل التفكير هو فعل نفساني (يقوم بالنفس) ينتج عنه علم بما لم يكن معلومًا، أما الكلام النفساني فيكون قبل النظر وأثناء النظر وبعد النظر، وقد قال العلماء بأن الكلام يتعلق بعين ما يتعلق به العلم من متعلقات.

    8. الكلام النفساني ثابت قبل أن يقول الأخطل بيته المشهور:
    إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلًا
    وإنما الأخطل ممن نبه عليه، وقد ذكر الشيخ سعيد حفظه الله تعالى في شرح الطحاوية أدلة من الكتاب والسنة على الكلام النفساني.

    9. الآن وبعد أن ذكرنا الأدلة الكثيرة على الكلام النفساني، ونبهنا إلى أن الأخطل هو مجرد منبه عليه لا أكثر، فالسؤال الوجيه: لماذا اشتهر عند علماء الأشاعرة الاستشهاد ببيت الأخطل السابق عند كلامهم عن الكلام النفساني؟؟
    الجواب: لا يكون الشاعر شاعرًا حقيقيًا حتى يقول كلامًا يوافقه فيه أغلب الناس، فولا أن الأخطل وجد لهذا المعنى شيوعًا وانتشارًا بين الناس لما قاله، فالأخطل بقوله السابق إنما نظم أمرًا شائعًا بين الناس.

    10. ليس بنفس كلام الله تعالى تكون المخلوقات، وإنما بقدرته، وقوله تعالى عن سيدنا عيسى: ((وكلمته ألقاها إلى مريم)) فالتعبير بــ (كلمته) إنما هو من باب الكناية عن القدرة.

    11. للإمام الأشعري قولان في صفتي السمع والبصر:
    القول الأول: أن السمع والبصر هما صفتان زائدتان على مفهوم العلم، وهو المشهور عند جماهير الأشاعرة.
    القول الآخر: أن السمع والبصر هما نوعا تعلق للعلم، بمعنى: أن علم الله تعالى إذا تعلق بالمبصرات سمي بصرًا، وإذا تعلق بالمسموعات سمي سمعًا.

    12. الإنسان كلما ازداد تعمقًا في هذا العلم ازداد يقينًا ورسوخًا، لكن الذي يخوض في هذا العلم (أي التوحيد) على غير بصيرة فهذا يزداد تشتتًا، وهذا الحكم مضطرد في سائر العلوم أيضًا.

    13. الله تبارك وتعالى متكلم أزلًا وأبدًا، وقولنا: (أزلًا وأبدًا) لنفي الزمان عن الله تعالى.

    14. لا تجد عالمًا محققًا في الشريعة يهمز ويلمز ويستهزئ، لأن هذه المذكورة من سمات الضعفاء والجهلة وقليلي العلم، وهذا كان شأن اليهود قديمًا، والمشركين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شأن المجسمة من هذه الأمة، ولذلك على طلاب العلم أن يتجنبوا هذه الأخلاق المذمومة أصلًا، بل الطريقة الصحيحة للتعامل مع الخصوم هو أن نسعى لفهم مذهبهم أكثر منهم، لنحسن الرد عليهم.

    [قلت (محمد سليمان): وقد كان سيدي الشيخ سعيد جزاه الله خيرًا سباقًا إلى تطبيق ما يوصينا به _معشر طلاب العلم_ فعلى سبيل المثال: أنا لا أظن إطلاقًا أن في المنتسبين إلى ابن تيمية في هذه الأيام من يفهم مذهب إمامه كما يفهمه سيدي الشيخ سعيد حفظه الله، ويمكن بسهولة اكتشاف هذا، وذلك بمطالعة ردودهم على الشيخ سعيد، حيث تجد الشيخ سعيد يتكلم في واد، وهم يتكلمون في واد آخر]

    15. التحقيق أنه ليس لله جل وعلا صفة تسمى إدراكًا، وكل المدركات إنما هي من متعلقات العلم، والأشاعرة ما أثبتوا السمع والبصر لله تعالى إلا لوردهما بدليل سمعي، ولا دليل قطعيًا على اتصاف الله تعالى بالإدراك الزائد على العلم، ولا يجوز أن نصف الله تعالى بوصف ما إلا بالقطع واليقين.

    16. لا يجوز القول بأن الصفات غير الذات، لأنه لو كانت كذلك لصح الانفكاك، لكن العقل لا يصحح الانفكاك، بل الوهم هو الذي يصحح الانفكاك، وكون العقل لا يصحح الانفكاك ليس معناه أن الصفات هي عين الموصوف، لأن ذلك يؤدي إلى انتفاء الوصف أصلًا، إذ لا يتحقق الوصف إلا بوجود تغاير في المفهوم (لا في الحقيقة أو الوجود).

    17. عندما نقول بأن الصفات ليست غير الذات، فمفهوم الغيرية هنا عبارة عن مصطلح يراد به أن وجود هذا المفهوم (أي الذي للصفة) هل هو غير وجود المفهوم الآخر الذي هو الذات؟؟ والجواب يكون: لا.
    أما مفهوم العينية: فهو من حيث الوجود في الخارج، لا من حيث المفهوم كما هو الحال في الغيرية.
    ولذلك فانتفاء الغيرية والعينية ليس انتفاء مستلزمًا للتناقض، لأنه في مستويين مختلفين، لأن واحدًا منهما (أي من الانتفاءين) يتكلم في مستوى المفهوم، والآخر يتكلم في مستوى الموجود.
    وعلى ذلك: فإن قول أهل السنة بأن الله تعالى موصوف بصفات المعاني لا يلزم عليه التركيب، لأن التركيب لا يلزم إلا عند إثبات وجودين متركبين في ذات واحدة، كوّنا بتركبهما ذاتًا ثالثة، وهذا غير متحقق هنا لأنا نفينا الغيرية في الوجود (وإنما أثبتناها في المفهوم).
    والملخص: مفهوم الصفة ليس هو عين مفهوم الذات، ووجود الصفة ليس هو غير وجود الذات، فلننتبه لهذا الكلام الدقيق.

    وهذا الدليل الزمني التقريبي للفوائد السابقة:

    1: 2.45 * 2: 5.00 * 3: 8.30 * 4: 13.18 * 5: 15.45 * 6: 33.10 * 7: 34.25 * 8: 39.45 * 9: 43.00 * 11: 1.15.00 * 12: 1.17.15 * 13: 1.19.00 * 16: 1.37.40 * 17: 1.43.00
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    سوريا_درعا
    المشاركات
    641
    فوائد الدرس التاسع عشر:



    1. معنى أن صفة الحياة ليس لها تعلق، أي أنها لا تطلب أمرًا زائدًا على حقيقتها أو قيامها بالذات، أي ليس لها أثر ناتج عنها، بخلاف العلم (مثلًا) والذي أثره هو الكشف عن شيء ما، وكذلك القدرة التي أثرها هو إيجاد أو إعدام ممكن ما.

    2. العبارة البشعة التي يقولها ابن تيمية والتي مفادها أن الله تعالى يتصرف بذاته، إنما هي ناشئة عن عدم فهمه لتعلقات صفة القدرة.

    3. الممكن يستحيل أن يخرج عن كونه مقدورًا لله تعالى، ولو لم تتعلق القدرة به تنجيزًا، لأنه بقي التعلق الصلوحي، فالممكن لا يمكن ينفك عن تعلق القدرة به، إما صلوحيًا أو تنجيزيًا.

    4. التعلق الصلوحي قديم، ولذلك فلا يتصور العقل زواله.

    5. الأوصاف الصلوحية هي حقيقة الأوصاف الإلهية، أما التنجيزية للقدرة فهي أفعال لله تعالى، والله تعالى لا يكون إلهًا بأفعاله، بل بصفاته القديمة.

    6. التعلق التنجيزي الحادث ليس وصفًا للإله من حيث كونه إلهًا، أي لو انعدم هذا الوصف التنجيزي فلا ينعدم كون الله تعالى إلهًا، بخلاف ما لو انعدم التعلق الصلوحي القديم، فإنه يترتب على هذا الانعدام عدم كون الله تعالى إلهًا.

    7. عدم تعلق القدرة بالمستحيلات ليس عجزًا، لأن القدرة ليس من شأنها أن تتعلق بالمستحيلات، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)) فيه دليل على صحة مذهب الأشاعرة من عدم تعلق القدرة بالمستحيلات، ولا يصح القول: الله لا يقدر على المستحيل، لأنه يوهم عجزًا، وإنما الصواب أن نقول: قدرة الله تعالى لا تتعلق بالمستحيل.

    8. أثنى الشيخ سعيد حفظه الله تعالى على كتاب (مجرد مقالات الأشعري) للإمام ابن فُورك رحمه الله تعالى، وقال بأنه من أعظم كتب المذهب، وفيه كل أصول وفروع المذهب، ومن يستطيع قراءته وفهمه فإنه يستغني عن كتب كثيرة جدًا.

    9. في قول الله تعالى: (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي)) يستحيل أن تكون اليد غير القدرة، وإلا لزم التكثر في القدرة، وما دام أثر القدرة (وهو الخلق) قد نسب لليد، ففي ذلك نوع كناية أو نوع مجاز، فيكون معنى اليد هو القدرة مع زيادة العناية.

    10. يستحيل أن يكون لصفتين نفس حقيقة التعلق مطلقًا.

    11. لا يجوز للإنسان أن يتوهم أن ما يدركه عن طريق الحس هو كما هو في الخارج، لأن الحس هو عبارة عن انفعالات الإنسان لما في الخارج، أما عين ما هو في الخارج فلا تدركه على حقيقته.
    أما الفلاسفة فيقولون: عين ما في الخارج قد وقع في النفس، وهذا غلط.

    12. علماء أهل السنة يقولون: المعرفة عقلية، ولا توجد هناك معرفة حسية، ولكن الحس شرط للتعقل وليس جزءًا له، أي شرط لأن يعمل العقل، بل إن العقل هو الدليل على الحس، وليس العكس.

    وهذا دليل المواضع الزمنية للفوائد السابقة:
    1. 3:40 *** 2. 9:40 *** 3. 25:00 *** 4. 39:25 *** 5. 40:57 *** 6. 41:30 *** 9. 1:10:00 *** 11. 1:25:00
    قال حافظ الشام ابن عساكر:
    فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
    أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
    أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!




  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    عمان- الأردن
    المشاركات
    3,723
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

    10. يستحيل أن يكون لصفتين نفس حقيقة التعلق مطلقًا.
    جزاك الله خيراً أخي العزيز.
    فالله أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين

صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •