وإياكم أخي العزيز...
نعم أخي الحبيب محمد: الفائدة التي اقتبستها هي التي تزيل الإشكال هنا:
http://www.aslein.net/showthread.php?t=16143
وإياكم أخي العزيز...
نعم أخي الحبيب محمد: الفائدة التي اقتبستها هي التي تزيل الإشكال هنا:
http://www.aslein.net/showthread.php?t=16143
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
فوائد الدرس العشرين:
1. إن لكل آية معنى إجماليًا (أو عامًا أو كليًا) لا يختلف فيه اثنان، فقول الله تعالى: (يد الله فوق أيديهم) يقطع المسلمون جميعهم أن أحد مرادات هذه الآية هو أن الله تعالى يعين المسلمين ويؤيدهم، وهذا معنى إجمالي كلي لا خلاف فيه بين المسلمين، فهذا المعنى الكلي أو الإجمالي يرفض فيه التفويض رفضًا قاطعًا، لأنه يؤدي إلى تعطيل الآية.
لكن وقع بعد ذلك نزاع في معنى اليد، فادعى المجسمة أن الآية السابقة تثبت معنى وراء هذا المعنى المتفق عليه، هو إثبات صفة زائدة على القدرة وهي صفة عين لا صفة معنى.
فقال لهم أهل السنة: نحن وأنتم أمام أمرين: إما أن نثبت نحن وأنتم المعنى المتفق عليه ثم نسكت عن ما وراء ذلك مع القطع باستحالة كون اليد هي الجارحة، وهذا هو التفويض الذي هو السكوت عن محل النزاع.
أو: أن نأتي بمعنى آخر لا يستلزم التشبيه، فتكون اليد في الآية السابقة ليس معناها فقط مجرد القدرة، بل هي معونة خاصة وزيادة رعاية للمسلمين ما داموا مع بعضهم البعض، وذكر الله تعالى لليد يكون نوعًا من الكناية والاستعارة.
2. الأصل في كل كلمة أن تدل على مفهوم واحد، لأن الأصل عدم الاشتراك، لكن هذا المفهوم الواحد يمكن أن يصدق على أكثر من مصداق، ومثال ذلك: اليد.
اليد في اللغة ليست موضوعة أصلًا للجارحة التي للإنسان، (وإلا لكان إطلاق اليد على يد الحصان مجازًا، أو أنه تكون موضوعة وضعًا ثانيًا ليد الحصان، ووضعًا ثالثًا ليد الباب، وتعدد الأوضاع خلاف الأصل) لكن الصواب: أن اليد تستعمل في مفهوم واحد، هو الآلة التي يتوصل بها إلى فعل ما، وعلى ذلك يمكن أن يطلق على الوزير بأنه يد للملك.
3. عندما أقول: إن هذا اللفظ ظاهر في المعنى الفلاني، فما معنى الظهور هنا؟؟
هو أني عندما سمعت هذا اللفظ تبادر إلى ذهني ذلك المعنى الفلاني، وقد يتبادر إلى ذهن السامع مصداق من المصاديق التي يصدق عليه هذا المعنى الفلاني (أي يكون هذا المصداق ظاهرًا عنده)، وعلة الظهور هي غلبة استعمال السامع لهذا اللفظ في هذا المصداق.
4. مفهوم الظهور هو أمر نسبي وليس مطلقًا، منظور فيه إلى أصل اللفظ وإلى المتكلم وإلى السامع، وإلى موضوع الكلام، ولا يقال إن هذا اللفظ ظاهر في المعنى الفلاني إلا إذا أخذت جميع هذه الأطراف: (المتكلم، المخاطب، المعنى الأصلي الذي وضع له هذا اللفظ في اللغة، موضوع الكلام).
5. معنى أن التأويل أعلم، أي يحتاج إلى علم أكثر.
6. التأويل والتفويض ليسا مذهبين، بل طريقتان لمذهب واحد.
7. ابن تيمية ذم التفويض، ولكنه فسره بأنه تعطيل اللفظ عن المعنى مطلقًا، وهو غير معنى التفويض عند أهل السنة.
8. الشيخ سعيد حفظه الله ممن يرجح التأويل على التفويض.
1. 19:35 *** 2. 28:40 *** 3. 36:35 *** 4. 42:30
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
فوائد الدرس الحادي والعشرين وهو متمِّم الذي قبله:
1. مشكلة الذين يتكلمون عن الاستواء من المخالفين أنهم يقتصرون في آيات الاستواء على ذكر عبارة الاستواء (ثم استوى على العرش) دون ذكر تتمة الآية، وذكر الفائدة من سياقها.
قال الشيخ سعيد حفظه الله بأنه لم يجد لابن تيمية في كافة المواضع التي تكلم فيها عن الاستواء موضعًا واحدًا أكمل فيه الآية، إلا في موضع واحد في آخر (درء التعارض) أورد الآية كاملة، ولكن لم يكن مقصده الكلام عن الاستواء.
2. ومنشأ الخلاف: هو ما الذي استند إليه المخالف في فهمه وتفسيره الجلوس بالاستقرار والارتفاع؟؟
والحجة المعروفة لدى المخالفين: هي الأخذ بظاهر الآية..
وللجواب عن ذلك:
قال الله تعالى: ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) وهذه أول آية ورد فيها الاستواء في المصحف.
ولنقطع الآية إلى معان كلية، ثم نستقرئ بقية الآيات التي فيها ذكر الاستواء.
في أول الآية الكريمة السابقة يقول الله تعالى: ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)) ولنتساءل: هل الكلام في هذا المقطع من الآية هو عن ذات الله أم عن أفعاله؟؟
واضح أن الكلام هو عن أفعاله تعالى.
ثم ذكر الله تعالى الاستواء: ((ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) وهنا محل النزاع.
ثم بعد ذكر الاستواء قال تعالى: ((يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ)) وكذلك فالكلام في هذا المقطع هو عن أمر الله تعالى وفعله من تسخير وتدبير، أي ليس عن ذات الله وحقيقته.
ثم قال تعالى: ((أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ)) فأعاد هنا ذكر الخلق المذكور في أول الآية، والأمر المذكور ثانيًا، وليس في هذا حديث عن ذاته تعالى.
ثم قال تعالى: ((تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) فالربوبية لها معنيان: الأول الخلق، والثاني الأمر، أي: الخلق والتدبير.
فالحاصل أن الآية الكريمة السابقة:
أ. تتكلم عن أفعال الله تعالىا وليس عن ذاته.
ب. تتكلم عن الخلق والتدبير.
ج. أي تتكلم عن الله تعالى من حيث هو رب.
والآن لنر هل الآيات الأخرى التي تتكلم عن الاستواء، هل هي تتكلم عن حقيقة ذات الله تعالى كما يزعم المجسمة، أم أنها تتكلم عن أفعال الله تعالى شأنها شأن الآية السابقة؟؟
ولنبدأ بالآية الثانية بعد التي مرت معنا، وهي قوله تعالى في سورة يونس: ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالأرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ))
المقطع الذي قبل ذكر الاستواء الكلام فيه كما في الآية الأولى، والذي بعد الاستواء هو قوله تعالى: ((يدبر الأمر)) فهو حديث عن ربوبية الله تعالى وليس عن ذاته، وكذلك المقطع الذي بعده: ((مَا مِن شَفِيعٍ إِلا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ)) فالحديث فيه عن فعل من أفعال الله تعالى لا عن ذاته، لأن الشفاعة تتطلب الاستجابة وهي من أفعال الله تعالى.
ثم قال تعالى: ((ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ)) فالحديث أيضًا عن الربوبية لا عن الذات.
فالآية السابقة كالتي سبقتها، لا تتحدث إطلاقًا عن ذات الله تعالى، بل عن أفعال صدرت من الله تعالى وتعلقت بمخلوقاته.
الآن مع الآية الثالثة وهي قوله تعالى في سورة الرعد: ((اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)).
فما قبل ذكر الاستواء وما بعده أيضًا هو حديث عن أفعال الله تعالى، وليس في الآية كلام عن حقيقة الله تعالى.
والآية الرابعة وهي قوله تعالى في سورة طه وهي قوله تعالى: ((الرحمن على العرش استوى)).
ونلاحظ أن الكلام في الآيات الثلاثة التي قبل هذه كان عن بذكر اسم الله، أما في هذه الآية فقد ذكر اسم الرحمن، والرحمن هو صفة مشتقة من الرحمة وليس اسم علم، والرحمة فعل من أفعال الله تعالى، فعبارة (الرحمن استوى على العرش) لا تساوي عبارة (الله استوى على العرش) لأن الأولى تفيد أن الله من حيث هو رحمن استوى على العرش.
وكذلك الأمر في بقية الآيات التي ورد فيها ذكر الاستواء، فكلها تتحدث عن أفعال الله تعالى في خلقه.
وبالتالي فلا يوجد في الآيات أية إشارة أو قرينة يمكن أن يتبادر منها إلى العقل معنى الجلوس والاستقرار.
كما أنه لم يرد في لغة العرب أن استوى بمعنى جلس، بل استوى في لغة العرب بمعنى تم.
وكل مشتقات وموراد الاستواء، فيها معنى التمام.
قول القائل: (استويت جالسًا) فيه دليل على أن الجلوس غير الاستواء، وإلا لو كان نفسه لأصبحت الجملة السابقة لغوًا.
ومن ذلك أيضًا: (استوى راكعًا) فهذه تفيد أيضًا أن الاستواء غير الجلوس.
في أصل اللغة: فإن لفظ الاستواء يكون وصفًا لما بعده، أي لما يضاف إليه.
وعلى قول من يجعل الاستواء صفة ذات، وبملاحظة أن ذكر الاستواء دائمًا يأتي بعد (ثم) التي تفيد التعقيب، وقبلها دومًا يذكر خلق السماوات والأرض، فحاصل كل ما سبق أن الله تعالى اكتسب وصفًا ذاتيًا له بعد خلق السماوات والأرض، فالاستواء مشروط بالخلق، وهذا يفيد افتقار الله تعالى إلى خلقه في اكتساب كماله، ويفيد اتصافه تعالى بكمال حادث، الأمر الذي يلزم عنه كون الله تعالى ناقصًا وخاليًا من الوصف بهذا الكمال قبل خلق السماوات والأرض، وهذا كفر والعياذ بالله.
[قلت (محمد سليمان): في حين أن مذهب أهل السنة أن كمالات الله تعالى كلها قديمة، ويستحيل اتصافه تعالى بكمال حادث].
وحاصل مذهب الأشعري رضي الله عنه: أن الاستواء فعل فعله الله تعالى في العرش، والعرش كناية عن المخلوقات.
وعلى ما سبق تقريره: فلا نعتبر الاستواء من المتشابه.
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
بارك الله بك وأجزل مثوبتك أخي محمد سليمان ، لنا استفسارات جمة نوردها فور انتهاءكم من تدوين هذه الدرر بإذن الله تعالى
من وجد الله فماذا فقد؟! ومن فقد الله فماذا وجد؟!
أسطر ماتعة جزى الله صانعها خير الجزاء.
أما أنه في الصوفية من يقول بوحدة الوجود فنعم، بل كثرة كائرة، وأما أنه فيهم مشبهة فهذا فيه بعد والله أعلم؛ والتمثيل بأبي إسماعيل الهروي فيه غرابة، فالذي اعتنى بتصوف الهروي هو ابن القيم وأمثاله اليوم من مدرسة الإخوان والسلفية، حيث يجدون فيه بغيتهم، وأما ابن كرام فاسمه شبه غائب عن كتب الصوفية، نعم أذكر أني قرأت نقلا عنه في الإحياء في الزهديات لا في المعرفيات، وهذا من تدقيق الحجة في الاستشهاد، ومع هذا أقول: استشهد الحجة بالحلاج مرتين أو ثلاثا في إحيائه في المعرفيات لا في الزهديات.
لا أريد تطويل القول فيما لا يعني هنا، ولكن يمكن حمل ذلك على معنى التصوف العام الذي قد يدخل فيه كل زاهد وعابد، وإلا فالإمام القشيري بين في مقدمة الرسالة تبرأ عقائد القوم ( الصوفية ) من التشبيه، فالتشبيه والتصوف!! لا أدري كيف يجتمعان؟!
قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ
جزاكم الله خيرًا...
نبهني أحد الإخوة في ملتقى النخبة بقوله:
بارك الله بكم عزيزي
وقع نظري عند تصفح الموضوع على تقريرات بحاجة لتحرير،ومنها:
فوائد الدرس السادس:
قال العلامة الدرديري رحمه الله تعالى في: "شرح الخريدة"(ص/32-شنار) : "و العقل سر روحاني تدرك به النفس العلوم الضرورية و النظرية ، و محلُّه القلب و نوره في الدماغ ، و ابتداؤه من حين نفخ الروح في الجنين و أول كماله البلوغ"أ.هـ.وليس فيه ما تحته خط بعاليه.فتأمل!1. عرف الإمام الدردير العقل بأنه سر روحاني تدرك به النفس العلوم الضرورية والنظرية، مبدؤه عند نفث الروح في الجسد، أصله في القلب ونوره في الدماغ، أول كماله عند سن البلوغ، وتمام كماله عند سن الأربعين. اهـ. بالمعنى.
فأجبته بقولي:
جزاكم الله خيرًا سيدي ***** على المتابعة....
وأود الإشارة إلى أن هدف الشيخ حفظه الله تعالى من ذكر تعريف العقل عند الإمام الدردير رحمه الله تعالى، كان هو تبيين كيف أنه رحمه الله تعالى جمع بين قول أبي حنيفة وبين قول الشافعي رضي الله عنهما، وانظر الفائدة التي بعدها:
وهكذا المقصد _كما لا يخفى عليكم_ لا يحتاج لأكثر من النقل بالمعنى، وقد دعمنا مقصدنا، وبرأنا ذمتنا، بقولنا في نهاية الفائدة: ((انتهى بالمعنى)) فتأمل! .يرى الإمام الشافعي رضي الله عنه أن العقل في القلب، ويرى الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه أن العقل في الدماغ.
أما بالنسبة للإخوة طلاب العلم: فالأحوط أن لا يؤخذ كلام إمام _إن أرادوه بنصه_ إلا من مصدره الأساسي، وهذه مطردة دومًا...
اللهم انفعنا وانفع بنا جميعًا يا أرحم الراحمين...
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد.. كنت قد سمعت هذه الدروس قبل سنوات عديدة، ودونت أكثر هذه الفوائد على نسختي التي فارقتها كباقي كتبي في الشام جمعني الله بهم، و احتجت لها هذه الأيام، فوجدت هذه الفوائد التي دونتموها قد جمعت ما كتبته وزيادة، فأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتم.. ونرجو منكم إتمام ما بقي من الدروس..
ما مصائب الدنيا إلا جرح سرعان ما يلتئم، فإما أن يلتئم على أجر من الصبر، وإما على وزر..
فكل مصيبة في غير الدين هينة، أما المصيبة فيه فذاك الجرح الذي لا يلتئم..
فكيف بمن أوتي علما ودينا فنبذه وراء ظهره واختار جرح نفسه بيديه؟!
جزاكم الله خيرًا...
سأعاود النشاط بعون الله تعالى، لكن بعد أن أقتني جهازًا جديدًا خلفًا للقديم الذي سرقه شبيحة الأسد عندما اقتحموا منزلنا
أما هذه المشاركة: فكتبتها من جهاز أحد أقاربي...
أرجو منكم جميعًا الدعاء...
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
اللهم سلِّم سلِّم ....
يا سيدي محمد أكثروا من قراءة الأذكار كلِّها حتى يحفظكم الحفيظ بحفظه، اقرؤوها على الدوام عسى الله تعالى أن يجعل من بين أيديهم سدًّا و من خلفهم سدًّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ....
الله يحفظكم سيدي و أهلكم و ذويكم و أحبتكم.
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
فوائد الدرس الثاني والعشرين:1. في جميع آيات الاستواء ما خلا قوله تعالى: ((الرحمن على العرش استوى)) فإن نسبة الاستواء إلى لفظ الجلالة ((الله)) أي إلى العَلَم الدال عليه تعالى، ولذلك جاءت الاستواء مقيدًا بالتدبير والعلم وغير ذلك من القيود، أما في الآية السابقة: فجاء الاستواء منسوبًا إلى الله تعالى من حيث كونه رحمانًا، والرحمة هي صفة فعل له تعالى، فآل الأمر إلى ما سبق تقريره من أن الاستواء صفة فعل له تعالى.
2. التمام الذي يفهم من لفظ (استوى) معناه تمام فعله سبحانه وتعالى.
3. إجابة الإمام مالك رضي الله عنه للسائل المبتدع الذي سأل عن كيفية الاستواء وردت برواية: (الكيف غير معقول) وبرواية: (الكيف مجهول) والإمام مالك رحمه الله ليس هو أول من أجاب بمثل هذه الإجابة، فقد نقلت عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها برواية واحدة هي: (الكيف غير معقول) ولم ينقل عنها: (الكيف مجهول) ونقلت عن نعيم بن حماد بنفس الصيغة الواردة عن أم سلمة: (الكيف غير معقول) والمجسمة يحتجون برواية: (الكيف مجهول) ويتركون الأخرى: (الكيف غير معقول) ويهملونها مطلقًا ولا يذكرونها في كتبهم، ولا يذكرون الروايات الأخرى عن الإمام مالك ومن سبقه، بل هم عمموا رواية: (الكيف مجهول) وأوهموا الناس أنه لا يوجد في المسألة سواها، ثم بعد ذلك فهموا من عبارة (الكيف مجهول) أن الكيف ثابت لكنه مجهول، ونذكر هنا بتعريف الكيف والذي هو: ((وضع أجزاء الجسم بالنسبة إلى بعضها، أو وضع الجسم بالنسبة إلى غيره)) ويصبح معنى ثبوت الكيف: أي ثبوت الجسمية لله تعالى (مكان، تحيز، جلوس على العرش ...إلخ) وفعلهم هذا نوع من الكذب في العلم.
ونحن سنناقش كلا الروايتين عن الإمام مالك فارضين صحة كل منهما، وسنوجه كلا القولين بما يتوافق مع عقيدة أهل السنة والجماعة، فنقول:
أولًا: السند الذي وردت به رواية: (الكيف غير معقول) أقوى من الذي وردت به رواية: (الكيف مجهول).
[قلت (محمد سليمان): قال الدكتور صهيب السقار في رسالته: "التجسيم في الفكر الإسلامي" مناقشًا اعتماد ابن تيمية على رواية (الكيف المجهول): ((أما ما ذكره ابن تيمية رحمه الله عن الإمام مالك فلم أجده عنه بهذا اللفظ. وإنما يوجد بسند موضوع عن وهب بن منبه وهو من مسلمة أهل الكتاب يزعم أنه موجود في التوراة)).
ثم قال في الحاشية: ((أخرجه أبو الشيخ في العظمة 2/706 بسند حكم بوضعه الذهبي في العلو 1/125وحكم بركاكة متنه أيضا))].
ثانيًا: في جميع الروايات ورد قول الإمام مالك: (الاستواء معلوم) أو (غير مجهول) والمقصود: أي من حيث إنه مذكور في القرآن _لا أن معنى الاستواء معلوم كما يتوهم المجسمة أنه الجلوس، وقد ذكرنا في فوائد سابقة أنه لم يرد في لغة العرب أن استوى بمعنى جلس، بل استوى في لغة العرب بمعنى تم_ وهذا من الإمام مالك جواب على التنبيه الذي بدأ به السائل حيث قال: (يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى).
أما الجواب على سؤال: (كيف استوى) فنقول:
السؤال بكيف وأين ومتى: إنما يكون عن هيئات عارضة للشيء، لا عن أصل وجود هذا الشيء، وأما السؤال عن أصل الوجود فيكون بالهمزة أو هل، وعليه فسؤال السائل المبتدع إنما هو عن هيئة عارضة للاستواء هو قد افترضها أي أثبتها مسبقًا، لا عن أصل الاستواء، أي: هو سأل عن النسبة التصديقية بين الكيف والاستواء، ولذلك بدعه الإمام مالك (أي لإثباته الكيف لما سبق، ولأنه سأل عنه، والسؤال عن الشيء فرع عن إثباته) فالجواب على الرواية الأولى: (الكيف غير معقول) أي لا نعقل نسبته إلى الله تعالى، أي مستحيل نسبته إلى الله تعالى، وعلى الثانية: (الكيف مجهول) أي مجهول الثبوت عندي، أو مجهول نسبته إلى الله تعالى، وإلا كان المعنى أن الإمام مالكًا يجهل الكيف مطلقًا، أي يجهل ما تدل عليه كلمة (كيف) وهذا مستحيل لأمور، أدناها أن يقال أن الإمام مالكًا يتحدث عن كيف الوضوء وكيف الصلاة وغير ذلك.
وننبه أنه لا يشترط لصحة السؤال وجود المسؤول عنه في الخارج، بل يكفي مطلق الذكر، فلا يشترط إذن وجود الكيف.
4. الكلام على قوله جل وعلا: ((يخافون ربهم من فوقهم)):
(من) حرف جر، ولا بد لها من متعلق، فما هو متعلقها؟
والجواب: لا جائز أن يتعلق حرف الجر بلفظ (ربهم) لأن الأصل أن المتعلق به يكون فيه معنى الحركة، وهو في الآية السابقة الفعل (يخافون) و (ربهم) هنا تمحضت للعلمية لأنها أضيفت (أي حتى لا يقال أنها مصدر فيه معنى الحركة). وعلى ما سبق: فيكون تقدير الكلام في الآية: (يخافون من فوقهم ربهم).
لكن ماذا لو حاول المجسمة الهروب بأن يقولوا: تقدير الآية هو (يخافون ربهم الكائن من فوقهم) فحرف الجر متعلق باللفظ المحذوف، فهل يسلَّم لهم؟
فالجواب: لا يصح أن يقال: فلان كائن من فوقي، بل الصواب: فلان فوقي.
5. كل من يناقش المجسمة، فعليه أن يتوقع أن يكذبوا عليه ويتهموه ويختلقوا عليه.
6. نصح الشيخ سعيد كل من وهبه الله تعالى التمكن في اللغة وقواعدها أن يفيد المسلمين بدراسة علم العقيدة الإسلامية.
7. القواعد الأصولية والقواعد اللغوية المطبقة على النصوص عند دراسة العقيدة، هي نفسها المطبقة عليها عند استنباط أحكام الفقه.
[قلت (محمد سليمان): لعل هذا مما يفسر كون المتكلمين في أصول الدين هم أبرع الناس في علم أصول الفقه].
8. معنى (أنزلناه) أي دفعة واحدة، و(نزلناه) أي بالتدريج.
9. كون الخالق في جهة يستلزم ثبوت الحد، ومن ثم الافتقار إلى من خصصه بهذا الحد.
10. العلة الغائية الدافعة إلى فعل ما، هي السبب الذي يرمي الفاعل إلى الوصول إليه، مثال: جلست لأتعلم، فالتعلم هو العلة الغائية للجلوس.
11. العلة الغائية أو الغرض في حق الله تعالى _ وهو ما يفعله ليستكمل ذاته أو صفاته_ محال بثبوت استغنائه تعالى وكماله المطلق، وهذه الاستحالة لا ترد على الحكمة، أي: نفي الغرض عن أفعال الله تعالى لا يستلزم نفي الحكمة، لأن مفهوم الحكمة هو وجود التناسب والتناسق بين الأفعال، وهذا يتم بدون اشتراط وجود دافع أو غرض يعود عليه بالكمال.
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
فوائد الدرس الثالث والعشرين:
1. عند أهل السنة: الكسب هو المصحح للتكليف، والفرق بين الكسب والخلق: أن الأول هو الاتصاف بأشياء موجودة، أما الثاني فهو الإيجاد من العدم.
2. كل ما جاز اتصاف الله تعالى به، وجب اتصافه به، وهذه من القواعد العظيمة عند أهل السنة .
[قلت (محمد سليمان): أي كل صفة كمال محض لا نقص فيها بوجه من الوجوه فهي واجبة لله تعالى، وقد مر هذا سابقًا]>
3. في الرد على الجبرية يقول أهل السنة والجماعة: نحن ندرك بأنفسنا معنى الاختيار، وهذا الإحساس _ومنه الوجدان_ لا يمكن نفيه لمجرد توهمات، ومن جهة أخرى: فقد ثبت بالدليل العقلي وجوب تعلق قدرة الله تعالى بجميع الممكنات، أي فلا يجوز ورود التخصيص على قدرته ولا أيٍّ من صفاته العلية، وإلا لكان مفتقرًا إلى المخصص، والتخصيص نوع من الإمكان (هو الإمكان الخاص، وهو تساوي الطرفين _الوجود والعدم_ بالنسبة لله تعالى، وهو منفي أصلًا عن الله تعالى) إذن فتعلق قدرته بما لم تتعلق به بسبب ورود التخصيص، أمر ممكن، وحسب القاعدة السابقة فإنه واجب، فانتفى التخصيص وثبت عموم تعلق القدرة لله تعالى.
3. الإمكان الخاص الذي أشرنا إليه وإلى استحالته في حق الله تعالى، هذا يثبته المجسمة، وإذا سألت: فما المرجح إذن؟
فمذهبهم هو أن الله تعالى يخصص نفسه ببعض الأحوال، أي يتصرف بنفسه على حد تعبير ابن تيمية الحرَّاني، ويتوهم السذج أن مقصود ابن تيمية: أن الله تعالى يتصرف بالخلق بنفسه، أي هو منفرد بالتصرف، والحقيقة أن مراد ابن تيمية أن الله يتصرف بقدرته ومحل تصرفه هو عين ذاته تعالى (أي ذاته خاضعة لتصرفه) وإلا فالمعنى المتوهم من قبل بعض السذج ليس محل خلاف بين المسلمين حتى يقيم ابن تيمية الدلائل عليه!.
لكن ما سبق: هو أسلوب من أساليب ابن تيمية البارع فيها، حتى يتسنى له الهروب عند أدنى محاققة.
وهذا أصل مذهبه في قيام الحوادث بذات الله تعالى، وكمثال: فالكلام عنده بحرف وصوت، والحرف والصوت ممكنان بالنسبة له تعالى إمكانًا خاصًا، ويتوقف ترجيح وجودهما على عدمهما على إرادته، أي هو يتكلم متى شاء، فيخلق كلامه قائمًا بذاته.
أما مذهب أهل السنة والجماعة، فهو استحالة توقف صفة كمال لله على أخرى له تعالى.
4. ويُرَدُّ على المعتزلة القائلين بأن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية، بثبوت وجوب التعلق للقدرة بكل الممكنات التي منها ما هو محل الخلاف (أي الأفعال الاختيارية).
5. قال أهل السنة: نحن وصلنا بالبرهان إلى أن الإنسان ليس مجبورًا وليس خالقًا، بل له الكسب، وهي التسمية القرآنية، فالكسب حالة معينة للإنسان ينتفي عنه فيها الجبر والخلق.
ولا بد قبل المتابعة من لفت النظر إلى أمر مهم، ألا وهو أن كوننا عالمين بالأشياء ليس متوقفًا على العلم بحقائقها، بل يكفي العلم بأحكامها وبالنسب الثابتة لها، وذلك كمعرفتنا لمولانا جل وتعالى.
وههنا نقول: إن عدم إدراكنا لحقيقة الكسب، وكذلك اختلاف العلماء في بيان حقيقته، لا يعود بالنقض على إدراك أننا بالفعل في حالة لا نحن مجبرون ولا نحن خالقون لأفعالنا، أي في حالة الكسب.
ولا يلزم علماء أهل السنة أكثر من بيان ما سبق لكي يثبتوا مذهبهم، على أن العلماء شرحوا كثيرًا من الصفات التي تقرب مفهوم الكسب للذهن.
مثلًا: قالوا: الكسب لا يتعلق بالأجسام، أي لا يمكن أن يكتسب الإنسان جسمًا.
قالوا: الكسب لا يتعلق بجميع الأعراض، بل ببعضها دون البعض، وقيدوا الأعراض القابلة للكسب بكونها موجودة (إذ بدون هذا القيد يصير خلقًا لا كسبًا).
6. لا أحد من الأشاعرة نفى كون الإنسان قادرًا، بل هو عندهم قادر لكن على الكسب لا الخلق، فالأخير ممنوع، كذلك لا أحد يقول أنه ليس بفاعل.
7. ليس الخلق شرطًا للاختيار، لكن الاختيار شرط للخلق، وهذه قاعدة عظيمة لحل كثير من إشكالات المعتزلة على الأشاعرة.
8. الفرق بين الخلق والكسب: أن أثر القدرة على الخلق ليس في محل القدرة، وأثر القدرة على الكسب في محل القدرة، والخلق (أي المخلوق) لا يكون وصفًا للخالق، أما الكسب فيكون وصفًا للمكتسب.
9. الجبرية قصدوا من تمثيل الإنسان بالريشة في مهب الريح نفيَ الإرادة عنه مطلقًا، لكن من حيث أصل الجبر: أجبرت فلانًا على شي: أي حملته عليه قسرًا، أي على خلاف إرادته القائمة به، فالجبر إذن: قيام فعل في الذات على خلاف الإرادة القائمة فيها، وهذا طبعًا في مقابلة الكسب (أي في حق المخلوق)، أما في مقابلة الخلق (أي في حق الخالق جل وعلا): فالجبر هو عدم حصول الفعل على وفاق الإرادة، وهو ما عبر عنه الإمام السنوسي رحمه الله تعالى بالكراهة المقابلة للإرادة، لا التي تقابل المحبة.
فالحاصل: إذا وقع فعل ما على غير وفاق إرادة الخالق جل وعلا، فيكون عندها مكرهًا أو مجبورًا، وهذا مستحيل في حقه تعالى عن ما يقول أهل البدع علوًا كبيرًا.
10. الصحيح عند أهل السنة عدم تكفير المعتزلة بقولهم أن الإنسان يخلق أفعال نفسه الاختيارية بقدرة خلقها الله فيه، والذي أنقذهم من الكفر تقييدهم القدرة التي للإنسان بقيد كونها مخلوقة لله تعالى ومؤثرة بإذن الله تعالى، فلو قالوا باستقلالية قدرة العبد عن قدرة الله تعالى لكفروا.
11. كون مذهب أهل السنة وسطًا في بين مذهبي الجبرية والمعتزلة في الكسب، وكذلك وسطًا في كثير من الأمور الأخرى بين المذاهب الأخرى (كمسألة الرؤية ومسألة الكلام) لا يعني أبدًا أنهم اتخذوا من التوسط في الأقوال طريقًا إلى تقرير مذهبهم، بل مذهبهم تم تقريره بناء على النظر الصحيح والتحقيق المتقن، لا على التلفيق، ثم لا إشكال بعد ذلك إن جاء وسطًا.
[قلت (محمد سليمان): أي فلا يجوز وصف الأشاعرة بأنهم لعبوا ما يشبه دور الوساطة الدبلماسية بين الأطراف المتنازعة، وقد رأيت مثل هذا الكلام في المنتديات، وهو كلام عاطفي فارغ، والعبرة بقوله تعالى: ((قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)).
وهؤلاء مثلهم كمثل من يقول: (إن محمدًا جاء مقرًا وموافقًا للعديد من العادات التي كانت عند الكفار الذين يدعي مخاصمتهم) واهمًا أن هذا طعن في نبوته عليه أفضل الصلاة والسلام، متناسيًا أن هذه العادات التي أقرها هي من مكارم الأخلاق، وليست أي عادات، وذلك أمر لا حرج فيه، بل ذلك غاية مهمته وذروتها: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) وأن الطعن سيتوجه على نبوته لو أنه رفض ما عند الناس من حق، وحاشاه يفعل ذلك، فداه نفسي وأهلي.
وكذلك فما قبله الأشاعرة من المذاهب الأخرى هو الحق الذي فيها لا غير، ولا حرج عليهم في أن يوافقوا الفرق الأخرى فيما كان عندهم من الحق، بل موافقتهم للحق الذي عندهم واجب عليهم لا خيرة لهم فيه، ثم بعد ذلك إذا صادف وأن جاء مذهبهم وسطًا بين المذاهب الأخرى فأين الإشكال؟!
فهل يريد بعض الناس من الأشاعرة أن يردوا ما عند الآخرين من حق، حتى يكفوا لسانهم عن الطعن فيهم؟!].
12. أكثر الفلاسفة المتأخرين يجزمون ببطلان مذهب المعتزلة في أفعال العباد.
13. في قول الناظم: (فليس مجبورًا ولا اختيارًا) النفي الذي تفيده (ليس) مسلط على (مجبورًا) وعلى (لا اختيار).
14. المعتزلة لهم عبارتان فيما يوجبونه على المولى جل جلاله:
* فالبعض منهم قال بأن فعل الصلاح (المقابل للفساد) واجب على الله تعالى سواء في الدنيا أو في الآخرة، وهؤلاء لم يوجبوا فعل الأصلح، وهم المعتزلة البصريون.
* والبعض قال: لو كان شيء أصلح من شيء، ففعل هذا الأصلح واجب على الله تعالى أيضًا، لا الصلاحِ فقط، وهم المعتزلة البغداديون.
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
فوائد الدرس الرابع والعشرين:
1. رؤية الله تعالى هي أمر يحصل فينا نحن، أي يطرأ علينا نحن، ولا يطرأ على الله تعالى أي تغير، والرؤية أساسًا هي زيادة إدراك، وهذه الإدراك إما بصفة مستقلة عن العلم أو بنفس العلم، على خلاف، والجمهور من الأشاعرة على أن الصفة التي يحصل بها الرؤية غير العلم، وللإمام الأشعري قول آخر: هي أن الرؤية هي نوع علم، أي نوع من تعلقات العلم.
وعلى كلا المذهبين: فحصول الرؤية (أي حصول هذه الزيادة في الإدراك) لا يشترط فيه شيء مطلقًا، إذ قد جزمنا بعدم وجود علل أو ترتبات في العالم، بل يكفي لإيجاد شيء ما مجرد تعلق قدرة الله تعالى وإرادته به.
2. ما ذكره المخالفون من شروط للرؤية من مقابلة وتوسط في المسافة هي شروط عادية ( وبالتالي تقبل التخلف) خلقها الله تعالى ضرورية لنا نحن لحصول الإدراك وليست هي شرطًا لعين الإدراك (أي ليست شرطًا عقليًا).
3. ضرب الأشاعرة أمثلة لحصول الرؤية بدون الشروط العادية التي ذكرها المخالفون:
أ. الرؤية التي تحصل للنائم في الرؤيا المنامية، (ويصح تسميتها في اللغة رؤية) ولا علاقة للجسم الإنساني بما فيه العين بهذه الرؤية مطلقًا، إذ عند النوم تكون الجملة العصبية معطلة، وإنما الرؤية المنامية هي نوع من إدراكات الروح عند من يثبتها.
ب. نحن نقول أن الله تعالى يرى مخلوقاته، والمعتزلة يجيزون إطلاق هذا القول، ونحن نقول للمعتزلة: مهما كان معنى الرؤية عندكم (أي سواء قيدتموه بالعلم أو لم تقيدوه بالعلم) فأنتم تجيزون القول بأن الله تعالى يرى مخلوقاته، فهل تشرطون في رؤية الله تعالى لخلقه أن يقابلهم أو يواجههم أو أن يوجد شعاعٌ متصل أو أن يوجد عين مفتوحة؟
وجوابهم هم: لا. وهذا دليل على وقوع تخلف الشروط التي ذكروها.
جـ. ضرب الإمام الرازي رحمه الله تعالى مثالًا، قال: إذا نظر الإنسان إلى جسم من الأجسام وأغمض عينيه، فإنه سيبقى مستحضرًا تلك الصورة.
4. أهل السنة الأشاعرة كانوا هم الأقوى نظرًا والأكثر قدرة على تعقل الموجودات، ذلك أنهم نظروا في الوجود باحتمالاته العقلية المطلقة، وهذه ميزة لهم، في حين أن خصومهم حصروا الوجود فيما اعتادوا عليه.
5. الكلام على تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة برؤية القمر ليلة البدر:
فالحديث فيه تشبيه الرؤية بالرؤية لا تشبيه المرئي بالمرئي، فهو عليه الصلاة والسلام لم يقل: ترون ربكم كالقمر، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تضارون) وفي رواية: (لا تضامون في رؤيته) أي ليس ثمة أي ضرر أو تعب يلحق بكم، بل زيادة في الكشف والإدراك نعمة من الله تعالى وتفضلًا، وتشبيه الرؤية لمولانا جل وعز برؤية القمر: أي أن الإدراك جليٌّ والكشف بيِّن.
وبناء على ما قرره أهل السنة في معنى الرؤية: فلا يجوز أن نقول بأن الحديث السابقَ الكلامُ عنه مخالفٌ ظاهره للمعقول.
6. القائلون بأن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام طلب الرؤية ليعلم قومه أن الله لا يرى، لم ينتبهوا إلى أن سيدنا موسى كان وحده وقتها، فإن قيل: يخبرهم بما حصل ، قلنا مادام الخبر يكفي فلماذا الطلب إذن، أي ماداموا يصدقونه فيكفي أن يخبرهم بامتناع الرؤية، وإن كانوا لا يصدقونه فما فائدة البرهان العملي؟!
7. صاحب الجوهرة على وقوع الرؤية للمصطفى عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج، وهو أحد قولين عند أهل السنة، وذكر الشيخ سعيد أن أدلة المثبتين لم تقوَ في إثبات ذلك، كما نص عليه عدد من المحققين، والأصل عدم وقوع الرؤية، ومخالفة الأصل لا تتم إلا بدليل قوي، ولا دليل قويًا فيها، فنستصحب الأصل، وقد وردت أحاديث صحيحة تفيد عدم وقوع الرؤية.
8. ظن بعض العلماء كالنووي وابن حجر رحمهما الله تعالى أن السيدة عائشة اعتمدت في نفيها وقوع الرؤية على مجرد النظر، أي احتجت بقوله تعالى: ((لا تدركه الأبصار)) والواقع أنها اعتمدت على سؤالها للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابه على ذلك.
9. وممن نفى وقوع الرؤية أيضًا سيدنا عبد الله بن مسعود، وبما أن الخلاف هو في وقوع الرؤية في الدنيا (لا في صحتها أو إمكانها) فيستفاد من هذا الخلاف إمكان وقوعها مطلقًا عند الصحابة رضوان الله عليهم إجماعًا.
10. ظن الزمخشري أن النفي بلن في قوله تعالى للكليم عليه السلام: ((لن تراني)) لتأبيد النفي في الدنيا والآخرة، وهو قول ضعيف حتى من حيث النحو، ولن التي يظن أنها تفيد تأبيد النفي سمَّوها بلن الزمخشرية.
[قلت (محمد سليمان): قال العلامة ابن مالك:
ومن رأى النفي بلن مؤبدًا . . . فقوله اردد وسواه فاعضدا
وقد أثبت البيت من حفظي له _في جملة أبيات قليلة حفظتها من الألفية_ إذ ليس لدي مرجع الآن، فأرجو التصحيح حال الخطأ].
11. بالنسبة لتقديم النفي على الإثبات أو العكس: فبعض الأصوليين قال بأن المثبت مقدم على النافي، والبعض قال العكس، فالتحقيق في المسألة أن النفي والإثبات كلاهما يحتاج إلى دليل، والتقديم بحسب الأصل، فإذا كان الأصل النفي، فالنافي مقدم، وإذا كان الأصل الإثبات، فالمثبت مقدم.
12. تعريف: الفضل هو فعل خير بلا سبق وجوب، وهذا التعريف غير موجود في الكتب، ولكنه يفيد ما يريده العلماء.
وإذا فعل الواحد شيئًا واجبًا عليه فلا يسمى فعله فضلًا، إلا مجازًا أو كناية.
13. تعريف: الاحتياج أو الافتقار: هو توقف الذات على غير الذات، وهذا التعريف أيضًا غير موجود في الكتب، ولكنه يفيد ما يريده العلماء.
14. كتاب "هياكل النور" للسهروردي من الكتب الإشراقية، ومن المتون الكبرى عند الفلاسفة، وهو كتاب خطير.
15. محمد عبده ممن اغتر بالفلاسفة، وتابعهم كما في شرحه على العقائد العضدية، واضطر إلى إنكار بطلان التسلسل، واعتمدوا على أنه لا يصح كونه لم يزل جوادًا إلا بمنع إبطال التسلسل، فمنعوه.
[قلت: (محمد سليمان): الشيخ محمد بخيت المطيعي في حاشيته على شرح الخريدة، رأيته يعترض على صحة برهان الطوفان، ولا أدري ما الذي دفعه لذلك].
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
فوائد الدرس الخامس والعشرين:
1. قاعدة: كل قديم فهو صفة من صفات الله تعالى، أو هو عين ذات الله تعالى، ولا ثالث قديمًا.
2. قاعدة: كل موجود ممكن فهو حادث لا محالة، وكل حادث فهو فعل لله تعالى.
3. من شروط المعجزة التحدي، أي أن يتحدى الرسول المرسل إليهم بالإتيان بمثل ما وقع له من الخوارق، والمعجزات هي أفعال من جملة الأفعال الحادثة الصادرة عن الفاعل المختار، وهذا يستلزم كونها من الممكنات، إذ لو كانت المستحيلات لما وجدت مطلقًا (لأنه غير متعلقة به القدرة) ولو كانت من جملة الواجبات، لاستحال أن يطلب الرسول من المرسل إليهم الإتيان بمثلها، لأنه لا يدخل أصلًا تحت القدرة، فالتحدي إذن لا يتم بواجب ولا بمستحيل.
4. وبما أنه صح كون المعجزة فعلًا ممكنًا، وصح مطالبة المكلفين بالإتيان بمثلها، نتج أن المعجزة هي فرد مندرج تحت جنس معين، أي يمكن أن يكون له مثيل، وإلا فلو كان غير مندرج تحت جنس، لما صح المطالبة بالإتيان بمثله، لأنه يكون حينها فردًا لا مثل له أصلًا.
5. انقلاب الحقائق هو من جملة الممكنات، فالعصا في يد سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام انقلبت حقيقتها بالفعل.
6. يدعي بعض الساذجين من أمثال طه حسين أن اللغة العربية قبل القرآن كان لها طور، وبعده أصبح لها طور آخر، واللغة العربية لا تُعرف إلا من القرآن، وبنى على ذلك نفي وجود الشعر الجاهلي، وأنه كله منحول.
وهذه دعوة استشراقية في أصلها لهدم الدين، لأنها تصوِّر أن القرآن جاء العرب على غير ما هو معهود عندهم، فكيف يطلب منهم بعد ذلك الإتيان بمثله؟!
7. قال المتكلمون: حقائق العالم كله واحدة، لكن الصور تختلف.
8. المجسمة أكثر الناس عرضة للانخداع بالدجال.
9. أصل نظرة الرأسماليين العلمانيين للدين، هو أن الدين مجرد وهم لا وجود له في الخارج، ولا حرج على الإنسان أن يتعلق بوهمه، لكن ليس له أن يعممه على الآخرين، إلا على من يقبله.
وهذا مبني على المقولة المشهورة: (دع ما لله لله، وما لقيصر لقيصر).
10. كل الرسالات التي قبل رسالة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، هي تمهيد لرسالته.
11. اليهود أنكروا كون رسالة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لما قبلها.
12. تفضيل القرون الأولى من المسلمين على لاحقيهم، إنما هو من حيث الجملة، أي فلا نقول بأن كل واحد من القرون الأولى خير من كل واحد ممن جاء بعده.
13. مسألة الأفضلية بين الصحابة من ملحقات أو من فروع العقيدة، والخلاف فيها ليس ذا شأن.
14. الشيعة الاثني عشرية يعدون سيدنا عليًا رضي الله عنه بنفس منزلة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وخيرًا من بقية الانبياء والمرسلين، وهم يصرحون بذلك لا يلمحون، وعدهم سيدنا عليًا بنفس منزلة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، جار على أحد أصولهم التي تنص على الاتحاد في الأنفس، وهذا مبناه على صيرورة وانتقال الإمامة من إمام إلى إمام، فالنفس واحدة، وتتجلى تجليًا في أشخاص، وذلك يرجع إلى قواعد عقلية عندهم بنوها على الفلسفة الإشراقية.
قال حافظ الشام ابن عساكر:
فيا ليت شعري ماذا الذي تنفر منه القلوب عنهم - يعني الأشاعرة - أم ماذا ينقم أرباب البدع منهم؟!
أغزارة العلم، أم رجاحة الفهم، أم اعتقاد التوحيد والتنزيه، أم اجتناب القول بالتجسيم والتشبيه، أم القـول بإثبـات الصفـات، أم تقديس الـرب عن الأعضـاء والأدوات؟!
أم تثبيت المشيئة لله والقدر، أم وصفه عزوجل بالسمع والبصر، أم القول بقدم العلم والكلام، أم تنزيههم القديم عن صفات الأجسام ؟!
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سيدي محمد سليمان، بارك اله فيكم و في جهدكم و جعله لكم ذخرا، و بارك الله فيكم و في والديكم و تغمد والدكم برحمته و كتب له أجر تربية مثلكم.
لو أنكم تتفضلون على طلبة العلم و تتمون عملكم هذا بنكتة نافعة، و هي أن تحددوا الأبيات التي شرحها الشيخ في كل درس.. جازاكم الله خيرا