بسم الله الرحمن الرحيم ،
والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين وعلى آله وصحبه وسلم ،
أما بعد ،
يبهرنا الغرب بتقدمه العلمي والحضاري في شتى المجالات ، وبحكم القاعدة الاجتماعة التى قررها ابن خالدون وغيره من أن الضيعف يقلد الأقوى دائما ، تجد أغلبنا بحكم انبهاره يأخذ ما يأتي من الغرب على أنه الحق الذي لا يأتيه الباطل . ولكن الحقيقة أن الغرب تخبط في مبحث من أهم المباحث الأولية ، وهو مبحث مصادر المعرفة . فتراهم تارة يقررون أن "كل معقول لا يؤيده محسوس لا يعتد به" وتارة يعتدون بالعقل والمنطق . وهم في هذا التخبط من أيام ديكارت ثم هيوم ثم كانت ثم هيجل ثم الفلسلفة الوضعية الخ
ونحن معشر المسلمين المؤمنين بالعقل والحس معا نقرر مبدأ في غاية الأهمية - ونثبته بالعقل المحض (الذي ينكره كانت) - وهو [ (1) أن هذا العالم حادث ] . أي لم يكن موجودا ثم وجد . وكان الكثير من علماء الغرب لا يؤمنون بذلك ، بل يؤمنون بأن العالم قديم (أي أزلي) . وعلى رأس هؤلاء كان ألبرت أينشتاين (حتى رجع بعد اكتشافات إدوين هابل) . ثم ثبت العلم الحديث أن العالم حادث حقيقة وانتصر بذلك أهل العقل على من أنكروا العقل المحض .
ونحن أيضا معشر المسلمين نقرر أن [ (2) كل حادث لا بد له من محدث ] . وبما أن اقرار هذه المقدمة مع المقدمة التى قبلها تفيد بالضرورة أن لهذا العالم صانع ، أدخل الغرب الأهواء الدفينة - بأسلوب خفي - أدخلوه في العلم الذي يفترض أنه تجريبي محض متجرد عن الأهواء. ومرت هذه العملية الخبيثة دون ملاحظة بسبب ضعف الغرب عامة في العلوم العقلية والمنطقية مقارنة بأهل الإسلام وبسبب التقليد الأعمى .
يقول بيل برايسون في كتابه الشهير :"A Short History of Everything" في أثناء عرض مجموعة نظريات عن بدء الكون :
Others attribute the big bang to what they call "a false vacuum" or "a scalar field" or "vacuum energy" - some quality or thing, at any rate, that introduced a measure of instability into the nothigness that was. It seems impossible that you could get something from nothing, but the fact that once there was nothing and now there is a universe is evident proof that you can.
وترجمة جوجل (مع بعض التعديل) :
ويعزو آخرون الانفجار الكبير إلى ما يسمونه "الفراغ الكاذب" أو "حقل العددية" أو "طاقة الفراغ" - (شئ ما من هذا القبيل) ، على أية حال ، هذا الشئ أدخل قدرا من عدم الاستقرار في العدم الذي كان. يبدو من المستحيل أنك يمكن أن تحصل على شيء من لا شيء، ولكن الحقيقة أنه بمجرد أن لم يكن هناك شيء، والآن هناك الكون هو دليل واضح أن ذلك ممكن [أي الحصول على شئ من لا شئ].
____________________________________
لاحظ هذا الفساد المنطقي الذي لو قاله عالِم أحياء أو كيمياء في معمله لضحك منه صغار الطلبة ! انظر كيف يقول ((ولكن الحقيقة أنه بمجرد أن لم يكن هناك شيء، والآن هناك الكون هو دليل واضح أن ذلك ممكن.))
والاستدلال الطبيعي أن يقول :
(1) نحن نؤمن أنك لا يمكن أن تحصل على شئ من لا شئ .
(2) فبما أنه حصل شئ .
= إذا فهناك شئ أحدث هذا الشئ (عالمنا)
ولكنه قال :
(1) نحن نؤمن أنك لا يمكن أن تحصل على شئ من لا شئ .
(2) فبما أنه حصل شئ .
= يمكن أن نحصل على شئ من لا شئ !!!
_______________________________
وأظن الخلل ظاهر وواضح . فلو طبق عالم الكيمياء هذا المبدأ فله أن يقول :
(1) أنا لا أعلم من أين حصل هذا التغير في المحلول
(2) بما أن بيل برايسون أثبت أنه يمكن أن نحصل على شئ من لا شئ
= لا داعي للبحث عن سبب تغير المحلول لأنه حصل من لا شئ .
هل سمعتم عالم يحترم نفسه في الغرب قبل الشرق يقول بهذا الهراء ؟!!
ثم تجد هؤلاء المخابيل القائلين بحدوث أشياء من لا شئ ينكرون حدوث المعجزات (لاعتقادهم أن المعجزات أتت من لا شئ) !!!
_____________________________
يا معشر المسلمين ثقوا بأنفسكم وبعلومكم وحضارتكم وعلمائكم ، فنحن لم نسد الدنيا من لا شئ .
والحمد لله رب العالمين .