صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 45 من 151

الموضوع: جواهر من فى كتاب الله

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الواحدة والثلاثون

    { وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    قوله: " منه " في محل جر، لأنه صفة لـ " شيء " فيتعلق بمحذوف أي: عن شيء كائنٍ منه. و " مِنْ " فيها وجهان، أحدهما: أنها للتبعيض، ولذلك لا يجوز لها أن تَهَبَهُ كلَّ الصَّداق. وإليه ذهب الليث. والثاني: أنها للبيان، ولذلك يجوزُ أن تَهَبَه كل الصَّداق. قال ابن عطية: " و " مِنْ " لبيان الجنس ههنا، ولذلك يجوز أن تَهَبَ المهر كله، ولو وقعت على التبعيض لما جاز ذلك ".
    انتهى. وقد تقدَّم أن الليث يمنع ذلك فلا يُشْكِل كونها للتعبيض

  2. #32
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الثانية والثلاثون

    { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }
    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله: { مِن قَرِيبٍ } فيه وجهان: أحدهما: أن تكون " من " لابتداءِ الغاية أي: تبتدىء التوبة من زمانٍ قريب من زمان المعصية لئلا يقعَ في الإِصرار، وهذا إنما يتأتَّى على قول الكوفيين، وأما البصريون فلا يجيزون أن تكون " مِنْ " لابتداء الغاية في الزمان، ويتأوَّلون ما جاء منه، ويكون مفهومُ الآية أنه لو تاب من زمانٍ بعيد لم يدخُلْ في مَنْ خُصَّ بكرامةِ قَبولِ التوبة على الله المذكورةِ في هذه الآية، بل يكون داخلاً فيمن قال فيهم " فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم ".

    والثاني: أنها للتبعيض أي: بعضَ زمانٍ قريب، يعني: أي جزء من أجزاء هذا الزمان أتى بالتوبة فيه فهو تائب من قريب. وعلى الوجهين فـ " مِنْ " متعلقة بـ " يتوبون " ، و " قريب " صفة لزمان محذوف كما تقدَّم تقريره، إلا أنَّ حَذْفَ هذا الموصوف وإقامةَ هذه الصفةِ مُقامه ليس بقياسٍ، إذ لا ينقاس الحَذْفُ إلا في صور، منها أن تكونَ الصفةُ جَرَتْ مَجْرى الأسماء الجوامد كالأبطح والأبرق، أو كانت خاصةً بجنس الموصوف نحو مررت بكاتبٍ، أو تقدَّم ذِكْرُ موصوفها نحو: " اسقِني ماءً ولو بارداً، وما نحن فيه ليس شيئاً من ذلك.

    وقال الالوسي فى تفسيره:
    { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } أي من زمان قريب وهو ما قبل حضور الموت كما ينبىء عنه ما سيأتي من قوله تعالى:
    { حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ }
    [النساء: 18] الخ يروى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في آخر خطبة خطبها: «من تاب قبل موته بسنة تاب الله تعالى عليه» ثم قال: «وإن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر تاب الله تعالى عليه» ثم قال: «وإن الشهر لكثير من تاب قبل موته بيوم / تاب الله تعالى عليه» ثم قال: «وإن اليوم لكثير من تاب قبل موته بساعة تاب الله تعالى عليه» ثم قال: «وإن الساعة لكثيرة من تاب قبل موته وقد بلغت نفسه هذه ـ وأهوى بيده الشريفة إلى حلقه ـ تاب الله تعالى عليه " وأخرج أحمد والترمذي عن ابن عمر عن النبـي صلى الله عليه وسلم " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " وأخرج ابن أبـي شيبة عن قتادة قال: كنا عند أنس بن مالك وَثَمّ أبو قلابة فحدث أبو قلابة قال: إن الله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة فأنظره إلى يوم الدين فقال وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح قال: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال ـ القريب ـ ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت، وروي مثله عن الضحاك، وعن عكرمة الدنيا كلها قريب وعن الإمام القشيري ـ القريب ـ على لسان أهل العلم قبل الموت، وعلى لسان أهل المعاملة قبل أن تعتاد النفس السوء ويصير لها كالطبيعة، ولعل مرادهم أنه إذا كان كذلك يبعد عن القبول، وإن لم يمتنع قبول توبته، و { مِنْ } تبعيضية كأنه جعل ما بين وجود المعصية وحضور الموت زماناً قريباً، ففي أي جزء من أجزاء هذا الزمان تاب فهو تائب في بعض أجزاء زمان قريب، وجعلها بعضهم لابتداء الغاية. ورجح الأول بأن من إذا كانت لابتداء الغاية لا تدخل على الزمان على القول المشهور، والذي لابتدائيته مذ ومنذ، وفي الإتيان بثم إيذان بسعة عفوه تعالى.

  3. #33
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الثالثة والثلاثون

    { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله: { ٱللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } صفةٌ لـ " نسائكم " المجرورِ بـ " مِنْ " ، اشترط في تحريم الربيبة أن يُدْخَلَ بأمها.

    ولا جائزٌ أن تكونَ صفة لـ " نسائكم " الأولى والثانية لوجهين،

    أحدهما: من جهة الصناعة، وهو أن " نسائكم " الأولى مجرورةٌ بالإِضافة والثانية مجرورة بـ " من " فقد اختلف العاملان، وإذا اختلفا امتنع النعت، لا تقول: " رأيت زيداً ومررت بعمرٍو العاقلين " على أن يكون " العاقلين " نعتاً لهما.

    والثاني من جهة المعنى: وهو أن أم المرأة تَحْرُم بمجردِ العَقْدِ على البنت دَخَلَ بها أو لم يَدْخُل بها عند الجمهور، والربيبةُ لا تَحْرُم إلا بالدخولِ على أمها.

    وفي كلام الزمخشري ما يلزم منه أنه يَجوز أَنْ يكونَ هذا الوصفُ راجعاً إلى الأولى في المعنى فإنه قال: { مِّن نِّسَآئِكُمُ } متعلق بـ " ربائبكم " ومعناه: أن الربيبة من المرأةِ المدخولِ بها مُحَرَّمةٌ على الرجل حلالٌ له إذا لم يدخل بها. فإن قلت: هل يَصِحُّ أن يتعلق بقوله: { وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ }؟ قلت: لا يخلو: إمَّا أَنْ يتعلَّقَ بهن وبالربائب فتكون حرمُتهن وحرمةُ الربائب غيرَ مبهمتين جميعاً، وإمَّا أَنْ يتعلَّق بهن دونَ الربائبِ، فتكونُ حرمتُهن غيرَ مبهمة وحرمةُ الربائب مبهمةً، ولا يجوز الأول لأن معنى " من " مع أحد المتعلقين خلافُ معناها مع الآخر، ألا تراك إذا قلت: " وأمهاتُ نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " فقد جَعَلْتَ " مِنْ " لبيان النساء وتمييزاً للمدخولِ بهنَّ مِنْ غيرِ المدخول بهنَّ، وإذا قلت: " وربائبكم من نسائِكم اللاتي دَخَلْتُم بهن " فإنك جاعلٌ " مِنْ " لابتداءِ الغاية كما تقولُ: " بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة " ، وليس بصحيحٍ أَنْ يَعْني بالكلمة الواحدة في خطاب واحد معنيين مختلفين، ولا يجوز الثاني لأن الذي يليه هو الذي يستوجبُ التعليقُ به ما لم يَعْرِضْ أمرٌ لا يُرَدُّ، إلا أَنْ تَقول: أُعَلِّقُه بالنساء والربائب، وأجعل " من " للاتصال كقوله تعالى:{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ }
    [التوبة: 67]،[وقال]:
    1565ـ....................... فإني لستُ مِنْكَ ولَسْتَ مِنِّي
    [وقوله]:
    1566ـ ما أنا من ددٍ ولا ددٌ مِنِي
    وأمهاتُ النساء متصلات بالنساء لأنهن أمهاتُهن، كما أن الربائب متصلاتٌ بأمهاتهن لأنهن بناتُهن، هذا وقد اتفقوا على أن التحريم لأمهاتِ النساء مبهمٌ ". انتهى. ثم قال: " إلا ما رُوي عن علي وابن عباس وزيد وابن عمرو وابن الزبير أنهم قرؤوا " وأمهاتُ نسائكم اللاتي دَخَلْتُم بهن " فكان ابن عباس يقول: " واللهِ ما أُنزل إلا هكذا " فقوله: " أعلقه بالنساء والربائب " إلى آخره يقتضي أن القيد الذي في الربائب ـ وهو الدخول ـ في أمهات نسائكم، كما تقدم حكايته عن علي وابن عباس. قال الشيخ: " ولا نعلم أحداً أثبتَ لـ " مِنْ " معنى الاتصال، أما الآية والبيت والحديث فمؤولة.

  4. #34
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الرابعة والثلاثون

    { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }
    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:
    و " مِنْ " في " منهن " تحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون للبيان. والثاني: أن تكون للتبعيض، ومحلُّها النصب على الحال من الهاء في " به " ولا يجوز في " ما " أن تكون مصدرية لفسادِ المعنى، ولعَوْدِ الضميرِ في " به " عليها./

    { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    قوله: " فممَّا " الفاء قد تقدم أنها: إمَّا جوابُ الشرط، وإما زائدةٌ في الخبر على حَسَب القولين في " مَنْ ". وفي هذه الآية سبعة أوجه،

    أحدها: أنها متعلقة بفعل مقدر بعد الفاء تقديره: فلينكحْ مِمَّا مَلَكَتْه أيمانكم، و " ما " على هذا موصولةٌ بمعنى الذي، أي: النوعَ الذي ملكته، ومفعولُ ذلك الفعل المقدر محذوف تقديره: فلينكح امرأة أو أَمَةً مِمَّا ملكته أيمانكم، فـ " مما " في الحقيقة متعلق بمحذوف؛ لأنه صفة لذلك المفعولِ المحذوفِ، و " مِنْ " للتبعيض نحو: أكلت من الرغيف، و " من فتياتكم " في محل نصب على الحال من الضمير المقدر في " مَلَكَتْ " العائدِ على " ما " الموصولة، و " المؤمناتِ " صفةٌ لـ " فتياتِكم ".

    الثاني: أن تكونَ " مِنْ " زائدةً و " ما " هي المفعولةُ بذلك الفعل المقدر أي: فلينكح ما ملكَتْه أَيْمانكم.

    الثالث: أن " مِنْ " في " من فتياتكم " زائدة، و " فتياتِكم " هو مفعولُ ذلك الفعل المقدر أي: فلينكح فتياتِكم، و " مِمَّا ملكت " متعلقٌ بنفسِ الفعل، و " من " لابتداء الغاية، أو بمحذوفٍ على أنه حال من " فتياتكم " قُدِّمَ عليها، و " مِنْ " للتبعيض.

    الرابع: أن مفعول " فلينكح " هو المؤمنات أي: فلينكح الفتيات المؤمنات، و " مِمَّا ملكت " على ما تقدم في الوجه قبله، و " من فتياتكم " حالٌ من ذلك العائد المحذوف.

    الخامس: أنَّ " مما " في محل رفع خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: فالمنكوحة مما ملكت.

    السادس: أن " ما " في " ممَّا " مصدريةٌ أي: فلينكح مِنْ مِلْك أيمانكم، ولا بد أن يكونَ هذا المصدرُ واقعاً موقع المفعول نحو:
    { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ }
    [لقمان: 11] ليَصِحَّ وقوع النكاح عليه...


    { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    و " مِنْ " تبعيضية. والثاني: أن " مِنْ " زائدة،

  5. #35
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الخامسة والثلاثون

    { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يَشْتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً }* { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَٰعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ٱلدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱسْمَعْ وَٱنْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله تعالى: { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ }: فيه سبعةُ أوجهٍ

    أحدها: أَنْ يكونَ " مِن الذين " خبراً مقدماً، و " يُحَرِّفون " جملةٌ في محلِّ رفعٍ صفةً لموصوف محذوف هو مبتدأ، تقديره: " من الذين هادوا قومٌ يُحَرِّفون " وحَذَفُ الموصوفِ بعد " مِنْ " التبعيضية جائزٌ، وإنْ كانت الصفةُ فعلاً كقولهم: " منا ظَعَن ومنا أَقام " أي: فريق ظعن، وهذا هو مذهبُ سيبويه والفارسي، ومثلُه:
    1590ـ وما الدهرُ إلا تارتانِ فمِنْهما أموتُ وأُخْرى أبتغي العيشَ أكدحُ
    أي: فمنهما تارةً أموت فيها.

    الثاني: ـ قول الفراء ـ وهو أنَّ الجارَّ والمجرور خبرٌ مقدم أيضاً، ولكنَّ المبتدأَ المحذوفَ يقدِّرُه موصولاً تقديره: " من الذين هادوا مَنْ يحرفون " ، ويكون قد حَمَل على المعنى في " يُحَرِّفون " ، قال الفراء: " ومثله:
    1591ـ فَظَلُّوا ومنهم دَمْعُه سابقٌ له وآخرُ يَثْني دمعةً العينِ باليدِ
    قال: " تقديرُه: " ومنهم مَنْ دمعُه سابقٌ له ". والبصريون لا يجيزون حَذْفَ الموصولِ لأنه جزءُ كلمة، وهذا عندهم مؤولٌ على حذف موصوف كما تقدم، وتأويلُهم أَوْلَى لعطفِ النكرة عليه وهو " آخر " ، و " أخرى " في البيتِ قبلَه، فيكونُ في ذلك دلالةٌ على المحذوفِ، والتقديرُ: فمنهم عاشقٌ سابقٌ دمعُه له وآخرُ.

    الثالث: أنَّ " مِن الذين " خبرُ مبتدأ محذوف أي: هم الذين هادوا، و " يُحَرِّفون " على هذا حالٌ من ضمير " هادوا ". وعلى هذه الأوجهِ الثلاثةِ يكونُ الكلامُ قد تَمَّ عند قوله " نصيراً ".

    الرابع: أن يكونَ " من الذين " حالاً من فاعل " يريدون " قاله أبو البقاء، ومَنَع أن يكونَ حالاً من الضمير في " أوتوا " ومن " الذين " أعني في قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ } قال: " لأنَّ الحال لا تكونُ لشيءٍ واحد إلا بعطفِ بعضِها على بعض ". قلت: وهذه مسألةٌ خلافٍ، من النحويين مَنْ مَنَع، ومنهم مَنْ جَوَّز وهو الصحيح.

    الخامس: أنَّ " مِن الذين " بيانٌ للموصولِ في قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ } لأنهم يهودٌ ونصارى فبيَّنهم باليهودِ، قال الزمخشري، وفيه نظرٌ من حيث إنه قد فُصِل بينهما بثلاثِ جمل وهي: " والله أعلم " إلى آخره، وإذا كان الفارسي قد مَنَعَ الاعتراضَ بجملتين فما بالُك بثلاث!! قاله الشيخ، وفيه نظرٌ فإنَّ الجمَلَ هنا متعاطفةٌ، والعطفُ يُصَيِّر الشيئين شيئاً واحداً.

    السادس: أنه بيانٌ لأعدائِكم، وما بينهما اعتراض أيضاً وقد عُرِف ما فيه.

    السابع: أنه متعلِّقٌ بـ " نصيراً " ، وهذه المادةُ تتعدَّى بـ " من ". قال تعالى:

    { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ }
    [الأنبياء: 77]
    { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ }
    [غافر: 29] على أحدِ تأويلين: إمَّا على تضمينِ النصرِ معنى المنع أي: منعناه من القوم، وكذلك: وكفى بالله مانعاً بنصرِه من الذين هادوا، وإمَّا على جَعْلِ " مِنْ " بِمعنى " على " والأولُ مذهبُ البصريين. فإذا جعلنا " من الذين " بياناً لِما قبله فبِمَ يتعلَّق؟؟ والظاهرُ أنه يتعلق بمحذوف، ويَدُلُّ على ذلك أنهم قالوا في " سُقيْاً لك ": إنَّ " لك " متعلق بمحذوف لأنه بيانٌ.

    وقال أبو البقاء: " وقيل: هو حالٌ من " أعدائكم " أي: واللهُ أعلمُ بأعدائِكم كائنين من الذين هادوا، والفصلُ بينهما مُسَدِّد فلم يمنعْ من الحال ". فقوله هذا يُعْطي أنه بيانٌ لأعدائكم مع إعرابِه له حالاً فيتعلَّق بمحذوف، لكن لا على ذلك الحذفِ المقصودِ في البيان.

    { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }
    قال السمين الحلبي فى الدر المصون
    قوله تعالى: { مِنْكُمْ }: في محلِّ نصبٍ على الحال من " أُولي الأمر " فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، أي: وأولي الأمرِ كائنين منكم، و " مِنْ " تبعيضية

    { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

    قال الرازى فى تفسيره:

    : قال الزجاج كلمة «من» ههنا صلة زائدة، والتقدير: وما أرسلنا رسولا، ويمكن أن يكون التقدير: وما أرسلنا من هذا الجنس أحدا الا كذا وكذا، وعلى هذا التقدير تكون المبالغة أتم.

    { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    قوله تعالى: { مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ }: فيه أربعةُ أوجهٍ،

    أظهرُها: أنه بيانٌ للذين أَنْعَم الله عليهم.

    والثاني: أنه حالٌ من الضميرِ المجرور في " عليهم " ،

    والثالث: أنه حالٌ من الموصولِ وهو في المعنى كالأول، وعلى هذين الوجهين فيتعلَّق بمحذوفٍ أي: كائنين من النبيين.

    والرابع: أن يتعلَّق بـ " يُطِعِ " قال الراغب: " اي: ومَنْ يُطِع الله والرسول من النبيين ومن بعدهم، ويكونُ قوله: { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } إشارةً إلى الملأ الأعلى، ثم قال: { وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } ويُبَي‍ِّن ذلك قولُه عليه السلام عند الموت: " اللهم أَلْحِقْني بالرفيق الأعلى " وهذا ظاهرٌ " انتهى. وقد أفسده الشيخ من جهة لامعنى ومن جهة الصناعة. أمَّا مِنْ جهةِ المعنى فلأِنَّ الرسولَ هنا هو محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وقد أَخْبَرَ تعالى أنه مَنْ يُطِعِ الله ورسوله فهو مع ذُكر، ولو جُعل " مِن النبيين " متعلِّقاً بـ " يُطِع " لكان " من النبيين " تفسيراً لـ " مَنْ " الشرطية " فيلزم أن يكونَ في زمانه عليه السلام أو بعده أنبياءُ يطيعونه، وهذا غيرُ ممكنٍ لقوله تعالى:
    { وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ }
    [الأحزاب: 30] وقوله عليه السلام: " لا نبيَّ بعدي " وأمَّا مِنْ جهةِ الصناعةِ فلأِنَّ ما قبل الفاء الواقعةِ جواباً للشرط لا يعمل فيما بعدها، لو قلت: " إنْ تضرب يقم عمروٌ زيداً لم يَجُزْ

  6. #36
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة السادسة والثلاثون

    { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون
    قوله: { مِنَ ٱلصَّلاَةِ } في " مِنْ " وجهان، أظهرُهما: أنها تبعيضيةٌ، وهذا معنى قول أبي البقاء وزعم أنه مذهبُ سيبويه وأنها صفةٌ لمحذوفٍ تقديرُه: شيئاً من الصلاة. والثاني: أنها زائدةٌ وهذا رأي الأخفش فإنه لا يشترط في زيادتِها شيئاً

    { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً }

    قال الالوسي فى تفسيره

    { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ } الأعمال { ٱلصَّٰلِحَـٰت } أي بعضها أو شيئاً منها لأن أحداً لا يمكنه عمل كل الصالحات وكم من مكلف لا حج عليه ولا زكاة ولا جهاد، فمن تبعيضية، وقيل: هي زائدة. واختاره الطبرسي وهو ضعيف، وتخصيص الصالحات بالفرائض كما روي عن ابن عباس خلاف الظاهر، وقوله سبحانه: { مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ } في موضع الحال من ضمير { يَعْمَلُ } و { مِنْ } بيانية. وجوز أن يكون حالاً من { ٱلصَّٰلِحَـٰت } و { مِنْ } ابتدائية أي: كائنة من ذكر الخ، واعترض بأنه ليس بسديد من جهة المعنى، ومع هذا الأظهر تقدير كائناً لا كائنة لأنه حال من شيئاً منها وكون المعنى ـ الصالحات الصادرة من الذكر والأنثى ـ لا يجدي نفعاً لما في ذلك من الركاكة ولعل تبيين العامل بالذكر والأنثى لتوبيخ المشركين في إهلاكهم إناثهم، وجعلهن محرومات من الميراث،
    وقال ابن عطية فى المحرر الوجيز:
    وقوله تعالى: { ومن يعمل من الصالحات } دخلت { من } للتبعيض إذ، { الصالحات } على الكمال مما لا يطيقه البشر، ففي هذا رفق بالعباد، لكن في هذا البعض الفرائض وما أمكن من المندوب إليه، ثم قيد الأمر بالإيمان إذ لا ينفع عمل دونه، وحكى الطبري عن قوم: أن { من } زائدة، وضعفه كما هو ضعيف

    وقال الطبري فى تفسيره
    فإن قال لنا قائل: وما وجه دخول «مَنْ» في قوله: { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ } ، ولم يقل: ومن يعمل الصالحات؟

    قيل: لدخولها وجهان: أحدهما أن يكون الله قد علم أن عباده المؤمنين لن يطيقوا أن يعملوا جميع الأعمال الصالحات، فأوجب وعده لمن عمل ما أطاق منها ولم يحرمه من فضله بسبب ما عجزت عن عمله منها قواه.

    والآخر منهما أن يكون تعالى ذكره أوجب وعده لمن اجتنب الكبائر وأدّى الفرائض، وإن قصر في بعض الواجب له عليه، تفضلاً منه على عباده المؤمنين، إذ كان الفضل به أولى، والصفح عن أهل الإيمان به أحرى. وقد تقوّل قوم من أهل العربية أنها أدخلت في هذا الموضع بمعنى الحذف، ويتأوّله: ومن يعمل الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن. وذلك عندي غير جائز، لأن دخولها لمعنى، فغير جائز أن يكون معناها الحذف.]

  7. #37
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة السابعة والثلاثون

    { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً}

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    و " من " لابتداء الغاية مجازاً، وليست تبعيضيةً. ومن غريب ما يحكى أن بعض النصارى ناظَرَ علي بن الحسين بن واقد المروزي وقال: " في كتاب الله ما يَشْهد أنَّ عيسى جزءٌ من الله " وتلا: " وروح منه " ، فعارضه ابن واقد بقوله تعالى:
    { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ }
    [الجاثية: 13]، وقال: " يلزم أن تكون تلك الأشياء جزءاً من الله تعالى وهو مُحالٌ بالاتفاق " فانقطع النصراني وأسلم.

    وقال الالوسي فى تفسيره

    و ـ من ـ متعلقة بمحذوف وقع صفة لروح، وهي لابتداء الغاية مجازاً لا تبعيضية كما زعمت النصارى.

    يحكى أن طبيباً نصرانياً حاذقاً للرشيد ناظر علي بن الحسين الواقدي المروزي ذات يوم فقال له: إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى عليه السلام جزء منه تعالى، وتلى هذه الآية، فقرأ الواقدي قوله تعالى:
    { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مّنْهُ }
    [الجاثية: 13] فقال: إذن يلزم أن يكون جميع الأشياء جزءاً منه سبحانه وتعالى علواً كبيراً فانقطع النصراني فأسلم، وفرح الرشيد فرحاً شديداً، ووصل الواقدي بصلة فاخرة،

    انظر الجوهرة 34 من جواهر العطف هنا

    http://www.mazameer.com/vb/showthrea...=172427&page=2

  8. #38
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الثامنة والثلاثون

    سورة المائدة

    { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

    قال الالوسي فى تفسيره
    { فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } جملة متفرعة على بيان حل صيد الجوارح المعلمة مبينة للمضاف المقدر ومشيرة إلى نتيجة التعليم وأثره، أو جواب للشرط، أو خبر للمبتدأ، و ـ من ـ تبعيضية إذ من الممسك ما لا يؤكل كالجلد والعظم وغير ذلك، وقيل: زائدة على رأي الأخفش؛ وخروج ما ذكر بديهي؛

    وقال السمين الحلبي فى الدر المصون:
    قوله: { مِمَّآ أَمْسَكْنَ } في " مِنْ " وجهان،

    أظهرُهما: أنها تبغيضيةٌ، وهي صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، هو مفعولُ الأكل، أي: فكلوا شيئاً مما أمسكنه عليكم.

    والثاني: أنها زائدةٌ وهو قياسُ قولِ الأخفش، فعلى الأول تتعلَّق " مِنْ " بمحذوفٍ، وعلى الثاني لا تَعَلُّقَ لها، و " ما " موصولةٌ أو نكرةٌ موصوفة، والعائدُ محذوفٌ، وعلى كلا التقديرين أي: أَمْسَكَتْه كما تقدم.

  9. #39
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة التاسعة والثلاثون

    { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

    قال الالوسي فى تفسيره

    و { من الرسل } صفة { فترة } و { من } ابتدائية، أي فترة كائنة من الرسل مبتدأة من جهتهم، والفترة فعلة من فتر عن عمله يفتر فتوراً إذا سكن، والأصل فيها الإنقطاع عما كان عليه من الجد في العمل، وهي عند جميع المفسرين انقطاع ما بين الرسولين.

    وقال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    و " من الرسل " صفةٌ لـ " فترة " على أن معنى " من " ابتداءُ الغاية أي: فترةٍ صادرة من إرسال الرسل.

    { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله تعالى: { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ }: فيه وجهان،

    أظهرُهما: أنه متعلق بـ " كتبنا " ، و " ذلك إشارةٌ إلى القتل، والأجْلُ في الأصل هو الجناية، يقال: أَجَلَ الأمر إجْلاً وأَجْلاً بفتح الهمزة وكسرها إذا جَناه وحدَه ومنه قولُ زهير:
    1719- وأهلِ خباءٍ صالحٍ ذاتُ بينِهم قد احتربوا في عاجلٍ أنا آجِلُهْ
    أي: جانيه، ومعنى قول الناس: " فَعَلْتُه من أجْلِك ولأجلك " أي: بسببك، يعني مِنْ أَنْ جَنَيْتَ فَعْلَه وأوجبته، وكذلك قولهم: " فَعَلْتُه من جَرَّائك " أصله مِنْ أَنْ جَرَرْتُه، ثم صار يستعمل بمعنى السبب، ومنه الحديث: " مِنْ جَرَّاي "أي من أجلي. و " من " لابتداء الغاية أي: نشأ الكَتْبُ وابتدأ من جناية القتل، ويجوزُ حَذْفُ " مِنْ " واللام وانتصابُ " أَجْل " على المفعول له إذا استكمل الشروط، قال:
    1720- أَجْلَ أنَّ اللّهَ قد فَضَّلكمْ .....................
    والثاني - أجازَه بعضُ الناس - أن يكونَ متعلقاً بقوله: " مِن النادمين " أي: ندم من أجل ذلك: أي: قَتْلِه أخاه، قال أبو البقاء: " ولا تتعلق بـ " النادمين " لأنه لا يحسن الابتداء بـ " كتبنا " هنا، وهذا الرد غير واضح، وأين عدمُ الحسنِ بالابتداء بذلك.؟ ابتدأ الله إخباراً بأنه كَتَب ذلك، والإِخبارُ متعلق بقصة ابنَيْ آدم، إلا أنَّ الظاهرَ خلافُه كما تقدم.

    { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَٱلْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    وقوله: { مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ } فيه وجهان، أحدُهما: أنه في محل نصب على الحال، وصاحبها فيه وجهان أحدُهما: أنه الموصولُ / الأول. والثاني: أنه فاعل " اتَّخذوا " الثاني من الوجهين الأولين أنه بيان للموصول الأول، فتكونُ " مِنْ " لبيانِ الجنس، وقوله: { مِن قَبْلِكُمْ } متعلق " بـ " أوتوا "؛ لأنهم أُوتوا الكتابَ قبل المؤمنين، والمرادُ بالكتابِ الجنسُ.

  10. #40
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الاربعون

    { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    وقال الزمشخري: " مِنْ " في قوله: { لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } للبيانِ كالتي في قوله:
    { فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ }
    [الحج: 30] قلت: فعلى هذا يتعلقُ " منهم " بمحذوفٍ، فإنْ قلت: هو على جَعْلِه حالاً متعلقٌ أيضاً بمحذوفٌ. قلت: الفرقُ بينهما أنَّ جَعْلَه حالاً يتعلَّقُ بمحذوفٍ، ذلك المحذوفُ هو الحالُ في الحقيقة، وعلى هذا الوجهِ يتعلَّقُ بفعلٍ مفسِّرٍ للموصولِ الأولِ، كأنه قيل: أعني منهم، ولا محلِّ لـ " أعني " لأنها جملةٌ تفسيرية. وقال الشيخ: " ومِنْ " في " منهم " للتبعيض أي: كائناً منهم، والربطُ حاصلٌ بالضمير، فكأنه قيل: كافرُهم، وليسوا كلَّهم بَقُوا على الكفر " انتهى. يعني: هذا تقديرٌ لكونِها تبعيضيةً وهو معنى كونِها في محلِّ نصبٍ على الحال.

    { وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    و " من الدمع " فيه أربعةُ أوجه،

    أحدُها: أنه متعلِّقٌ بـ " تَفيض " ، ويكون معنى " مِنْ " ابتداءَ الغاية، والمعنى: تَفِيضُ من كثرة الدمع.

    والثاني: أنه متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من الفاعلِ في " تفيضُ " قالهما أبو البقاء، وقَدَّر الحالَ بقولك: " مملوءةً من الدمع " وفيه نظر، لأنه كونٌ مقيدٌ، ولا يجوزُ ذلك، فبقي ان يُقَدَّرَ كوناً مطلقاً أي: تفيض كائنً من الدمع، وليس المعنى على ذلك، فالقولُ بالحاليةِ لا ينبغي. فإن قيل: هل يجوزُ عند الكوفيين أن يكونَ " من الدمع " تمييزاً، لأنهم لا يَشْترطون تنكيرَ التمييز، والأصل: تفيض دمعاً، كقولك: " تَفَقَّأ زيدٌ شحماً " فهو من المتصبِ عن تمام الكلام؟ فالجوابُ أن ذلك لا يجوزُ، لأنَّ التمييز إذا كان منقولاً من الفاعلية امتنع دخولُ " مِنْ " عليه، وإن كانت مقدرةً معه، فلا يجوز: " تَفَقَّأ زيدٌ من شحم " وهذا - كما رأيتَ - مجرورٌ بـ " من " فامتنع أن يكونَ تمييزاً، إلا أن ابا القاسم في سورة براءة جعله تمييزاً في قوله تعالى:
    { تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ }
    [التوبة: 92]، ولا بد من نقلِ نصه لتعرفه، قال رحمه الله تعالى: " تفيضُ من الدمعِ كقولك: " تفيضُ دمعاً " وهو أبلغ من قولِك: يفيضُ دمعُها، لأنَّ العينَ جُعِلَتْ كأنها دمعٌ فائض، و " من " للبيان، كقولك: " أَفْديك من رجلٍ " ومحلُّ الجارِّ والمجرور النصبُ على التمييز " وفيه ما قد عَرَفْتَه من المانِعَيْنِ، وهو كونُه معرفةً، وكونُه جُرَّ بـ " مِنْ " وهو فاعلٌ في الأصل، وسيأتي لهذا مزيدٌ بيانٍ، فعلى هذا تكونُ هذه الآيةُ كتلك عنده، وهو الوجهُ الثالث.

    الرابع: انَّ " مِنْ " بمعنى الباء، أي: تفيضُ بالدمع، وكونُها بمعنى الباءِ رأيٌ ضعيف، وجعلوا منه أيضاً قوله تعالى:
    { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ }
    [الشورى: 45] أي: بطرف، كما أنَّ الباءَ تأتي بمعنى مِنْ، كقوله:>
    1804- شَرِبْنَ بماءِ البحرِ ثم ترفَّعَتْ متى لُجَجٍ خُضْرٍ لهنَّ نَئيجُ
    أي: من ماءِ الجر.

    قوله: { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ } " مِنْ " الأولى لابتداءِ الغاية وهي متعلقةٌ بـ " تَفِيضُ " والثانيةُ يُحْتمل أن تكونَ لبيانِ الجنس، أي: بَيَّنت جنسَ الموصولِ قبلَها، ويُحتمل أن تكونَ للتبعيضِ،

    وقد أوضح أبو القاسم هذا غايةَ الإِيضاح، قال رحمه الله: " فإنْ قلت: أيُّ فرقٍ بينَ " مِنْ " و " مِنَ " في قوله: { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ }؟ قلت: الأولى لابتداء الغاية، على أنَّ الدمع ابتدأ ونَشَأ من معرفة الحق، وكان من أجله وبسببِه، والثانيةُ لبيان الموصول الذي هو " ما عرفوا " وتحتمل معنى التبعيض، على أنهم عَرَفوا بعضَ الحقِّ فأبكاهم وبَلَغَ منهم، فكيف إذا عَرَفوه كلَّه وقرؤوا القرآن وأحاطُوا بالسنة " انتهى.

    ولم يتعرض لما يتعلَّق به الجارَّان وهو يمكن أَنْ يُؤْخَذَ من قوةِ كلامه، وَلْنزد ذلك إيضاحاً و " مِنْ " الأولى متعلقةٌ بمحذوفٍ على أنها حال من " الدمع " أي: في حالِ كونه ناشئاً ومبتدئاً من معرفةِ الحق، وهو معنى قول الزمخشري، على أنَ الدمعَ ابتدأ ونشَأَ من معرفة الحق، ولا يجوزُ أَنْ يتعلق بـ " تفيض " لئلا يلزَم تعلُّقُ حرفين مُتَّحِدَيْن، لفظاً ومعنىً بعامل واحد، فإنَّ " مِنْ " في " من الدمع " لابتداءِ الغاية كما تقدَّم، اللهم إلا أن يُعتقد كونُ " مِنْ " في " من الدمع " للبيانِ، أو بمعنى الباء فقد يجوز ذلك، وليس معناه في الوضوحِ كالأول.

    وأمَّا " من الحق " فعلى جَعْلِه أنها للبيان تتعلَّقُ بمحذوف أي: أعني من كذا، وعلى جَعْلِه أنها للتبعيض تتعلق بـ " عَرَفوا " وهو معنى قولِه: " عَرَفوا بعض الحق ".

    وقال أبو البقاء في " مِن الحق " إنه حالٌ من العائد المحذوف " على الموصول، أي: مِمَّا عرفوه كائناً من الحق، ويجوزُ أن تكون " من " في قوله تعالى: { مِمَّا عَرَفُواْ } تعليلةً، أي: إنَّ فَيْضَ دمعهم بسبب عرفانهم الحقَّ، ويؤيِّدُه قول الزمخشري: " وكان مِنْ أجله وبسببه "

    فقد تحصل في " مِنْ " الأولى أربعةُ أوجه، وفي الثالثةِ ضَعْفٌ أو منعٌ كما تقدم،

    وفي " مِنْ " الثانية أربعةٌ أيضاً: وجهان بالنسبة إلى معناها: هل " من " ابتدائية أو تعليليةٌ؟ ووجهان بالنسبة إلى ما تتعلق به: هل هو " تفيض " أو محذوفٌ على أنها حالٌ من الدمع،

    وفي الثالثة خمسة، اثنان بالنسبة إلى معناها: هل هي بيانيةٌ أو تبعيضيةٌ؟ وثلاثةُ بالنسبة إلى متعلِّقها: هل هو محذوفٌ وهو " أعني " أو نفسُ " عَرَفوا " أو هو حالٌ، فتتعلق بمحذوفٍ أيضاً كما ذكره أبو البقاء

  11. #41
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    سورة الانعام
    الجوهرة الواحدة والاربعون

    { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ }
    قال السمين الحلبي فى الدر المصون
    قوله تعالى: { مِّن طِينٍ }: فيه وجهان، أظهرهما: أنه متعلِّقٌ بـ " خَلَقكم " و " مِنْ " لابتداء الغاية. والثاني: أنه متعلِّق بمحذوف على أنه حال، وهل يُحتاج في هذا الكلام إلى حَذْفِ مضاف أم لا؟ خلاف: ذهب جماعة كالمهدويِّ ومكي وجماعة إلى أنه لا حَذْفَ، وأن الإِنسان مخلوقٌ من الطين، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولودٍ يولد إلا ويُذَرُّ على النطفة من تراب حفرته ". وقيل: إن النطفة أصلها الطين. وقال غالب المفسرين: ثمَّ محذوفٌ أي: خَلَقَ أَصْلَكم أو أباكم من طينٍ، يعنون آدم وقصته المشهورة. وقال امرؤ القيس:
    1859- إلى عِرْقِ الثَّرى رَسَخَتْ عُروقي وهذا الموتُ يَسْلُبُني شبابي
    قالوا: أراد بعِرقْ الثرى آدم عليه السلام لأنه أصلُه.

    { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ }
    قال السمين الحلبي فى الدر المصون
    قوله تعالى: { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ }: " مِنْ آية " فاعل زيدت فيه " مِنْ " لوجود الشرطين فلا تَعَلُّق لها. و " من آيات " صفة لـ " آية " فهي في محل جرٍّ على اللفظ أو رفعٍ على الموضع. ومعنى " مِنْ " التبعيض.

    { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    و " كم " يجوز أن تكون عبارة عن الأشخاص فتكونَ معفولاً بها ناصبها " أَهْلَكْنا " و " مِنْ قَرْنٍ " على هذا تمييز لها، وأن تكون عبارةً عن المصدر فتنتصبَ انتصابَه بأهْلَكْنا، أي إهلاكاً، و " مِنْ قرن " على هذا صفةٌ لمفعول " أَهْلَكْنا " أي أهلكنا قوماً أو فوجاً من القرون؛ لأنَّ قرناً يراد به الجمع، و " مِنْ " تبعيضية، والأُولى لابتداء الغاية. وقال الحوفي: " من " الثانية بدل من " مِنْ " الأولى وهذا لا يُعْقل فهو وَهْمٌ بَيِّنٌ، ويجوز أن تكون " كم " عبارة عن الزمان فتنتصب على الظرف. قال أبو البقاء: " تقديره: كم أزمنةٍ أهلكنا فيها " وجعل أبو البقاء على هذا الوجه " من قرن " هو المفعول به و " مِنْ " مزيدة فيه وجاز ذلك لأن الكلام غير موجب والمجرور نكرة. إلا أن الشيخ منع ذلك بأنه لا يقع إذ ذاك المفردُ موقعَ الجمع لو قلت: [ " كم أزماناً ضربتُ رجلاً، أو كم مرةً ضربتُ رجلاً " لم يكن مدلولُ رجل رجالاً]، لأن السؤال إنما يقع عن عدد الأزمنة أو المرات التي ضربت فيها، وبأن هذا ليس [موضعَ زيادة " مِنْ " لأنها لا تُزاد في الاستفهام]، إلا وهو استفهام مَحْضٌ أو يكونُ بمعنى النفي، والاستفهام هنا ليس مَحْظَاً ولا مُراداً به النفيُ. [انتهى. والجواب عمَّا قاله: لا نُسَلِّم ذلك].


    { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    قوله: { وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } في فاعل " جاء " وجهان،

    أحدهما: هو مضمر، واختلفوا فيما يعود عليه هذا الضمير، فقال ابن عطية: " الصواب عندي أن يقدر: " جَلاء، و بيان ". وقال الرماني: " تقديره: ولقد جاءك نبأ " وقال الشيخ: " الذي يظهر لي أنه يعود على ما دل عليه المعنى من الجملة السابقة، أي: ولقد جاءك هذا الخبرُ من تكذيبِ أَتْباع الرسل للرسل والصبر والإِيذاء إلى أن نُصِروا ". وعلى هذه الأقوال يكون " من نبأ المرسلين " في محل نصب على الحال من ذلك الضمير، وعاملها هو " جاء " لأنه عاملٌ في صاحبها.

    والثاني: أنَّ " من نبأ " هو الفاعل، ذكره الفارسي، وهذا إنما يتمشَّى له على رأي الأخفش؛ لأنه لا يَشْترط في زيادتها شيئاً وهذا - كما رأيت - كلامٌ موجَبْ، والمجرور بـ " مِنْ " معرفة. وضُعِّفَ أيضاً من جهة المعنى بأنه لم يَجِئْه كلُّ نبأ للمرسلين لقوله:{ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ }
    [غافر: 78]، وزيادة " مِنْ " تؤدي إلى أنه جاءه جميع الأنباء؛ لأنه اسم جنس مضاف، والأمر بخلافِه.

    ولم يتعرَّض الزمخشري للفاعل إلا أنه قال: " ولقد جاءك من نبأ المرسلين بعضُ أبنائهم وقصصهم " وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب، إذ " مِنْ " لا تكون فاعلة، ولا يجوز أن يكون " من نبأ " صفةً لمحذوف هو الفاعل، أي: ولقد جاءك نبأ من نبأ المرسلين، لأن الفاعلَ لا يُحْذَفُ بحالٍ إلا في مواضع ذُكِرت، كذا قالوا. قال أبو البقاء: " ولا يجوز عند الجميع أن تكون " مِنْ " صفةً لمحذوف، لأن الفاعلَ لا يُحْذف، وحرف الجر إذا لم يكن زائداً لم يصحِّ أن يكون فاعلاً لأنَّ حرف لاجر يُعَدِّي، وكل فعل يعمل في الفاعل من غير تعدٍّ " يعني بقولِهِ " لم يصحَّ أن يكونَ فاعلاً " لم يَصِحَّ أن يكون المجرور بذلك الحرف، وإلاَّ فالحرفُ لا يكونُ فاعلاً البتة.

  12. #42
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الثانية والاربعون

    { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله: { مِن شَيْءٍ } فيه ثلاثة أوجه،

    أحدها: أن " مِنْ " زائدة في المفعول به والتقدير: ما فرَّطْنا شيئاً، وتضمَّنه " فرَّطنا " معنى تركنا وأغفلنا، والمعنى: ما أَغْفَلْنا ولا تَرَكْنا شيئاً. ثم اختلفوا في الكتاب: ما المراد به؟ فقيل: اللوح المحفوظ، وعلى هذا فالعموم ظاهر لأن الله تعالى أثبت ما كان وما يكون فيه. وقيل: القرآن، وعلى هذا فهل العمومُ باقٍ؟ منهم من قال: نعم، وأن جميع الأشياء مثبتة في القرآن. إمَّا بالصريح وإمَّا بالإِيماء، ومنهم من قال: إنه يُراد به الخصوص، والمعنى: من شيءٍ يحتاج إليه المُكَلَّفون.

    والثاني: أن " مِنْ " تبعيضيةٌ أي: ما تركْنا ولا أَغْفَلْنا في الكتاب بعضَ شيء يَحْتاج إليه المكلَّف.

    الثالث: أنَّ " من شيء " في محل نصب على المصدر و " من " زائدة فيه أيضاً. ولم يُجِزْ أبو البقاء غيره، فإنه قال: " مِنْ " زائدة، و " شيء " هنا واقع موقع المصدر أي تفريطاً.

    وعلى هذا التأويل لا يَبْقى في الآية حجةٌ لمن ظنَّ أن الكتابَ يَحْتوي على ذِكْر كل شيء صريحاً. ونظير ذلك:
    { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً }
    [آل عمران: 120]، ولا يجوز أن يكون مفعولاً به لأنَّ " فرَّطْنا " لا يتعدى بنفسه بل بحرف الجر، وقد عُدِّيَتْ إلى الكتاب بـ " في " فلا يتعدَّى بحرف آخر، ولا يَصِحُّ أن يكون المعنى: ما تركنا في الكتاب من شيء، لأن المعنى على خلاف فبان التأويل بما ذكرنا " انتهى. قوله: " يحتوي على ذِكْر كل شيء صريحاً " لم يَقُلْ به أحدٌ لأنَّه مكابرة في الضروريات.

  13. #43
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الثالثة والاربعون

    { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون:

    وقوله: { مِنْ حِسَابِهِم } قالوا: " مِنْ " بتعيضية وهي في محلِّ نصب على الحال، وصاحبُ الحال هو " مِنْ شيء " لأنها لو تأخرت عنه لكانت صفةً له، وصفةُ النكرة متى قُدِّمَتْ انتصبت على الحال، فعلى هذا تتعلَّق بمحذوفٍ، والعامل في الحال الاستقرار في " عليك " ، ويجوز أن يكون " من شيء " في محلِّ رفعٍ بالفاعلية ورافعُه " عليك " لاعتماده على النفي، و " مِنْ حسابهم " حالٌ أيضاً من " شيء " العمل فيها الاستقرار، والتقدير: ما استقرَّ عليك شيء من حسابهم. وأُجيز أن يكون " من حسابهم " هو الخبر: إمَّا لـ " ما " وإمَّا للمبتدأ، " وعليك " حال من " شيء " ، والعامل فيها الاستقرار، وعلى هذا فيجوز أن يكون " من حسابهم " هو الرافع للفاعل على ذاك الوجه، و " عليك " حال أيضاً كما تقدم تقريره، وكون " من حسابهم " هو الخبر، و " عليك " هو الحال غيرُ واضح لأنَّ مَحَطَّ الفائدة إنما هو " عليك ".

    وقوله: { وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ } كالذي قبله، إلا أنَّ هنا يمتنع بعض ما كان جائزاً هناك، وذلك أن قوله " من حسابك " لا يجوز أن يُنْصَبَ على الحال لأنه يلزمُ تقدُّمه على عامله المعنوي، وهو ضعيفٌ أو ممتنع، لا سيما وقد تقدَّمَتْ هنا على العامل فيها وعلى صاحبها، وقد تقدَّم لك أن الحال إذا كانت ظرفاً أو حرفَ جر كان تقديمُها على العامل المعنويِّ أحسنَ منه إذا لم يكن كذلك، فحينئذ لك أن تجعل قوله " مِنْ حسابك " بياناً لا حالاً ولا خبراً حتى تخرجَ من هذا المحذورِ، وكَوْنُ " مِنْ " هذه تبعيضيةً غيرُ ظاهر، وقدَّم خطابَه عليه السلام في الجملتين تشريفاً له، ولو جاءت الجملة الثانية على نَمَط الأولى لكان التركيب: " وما عليهم مِنْ حسابك من شيء " فتقدَّم المجرور بـ " على " كما قَدَّمه في الأولى، لكنه عَدَل عن ذلك لما تقدم.

    انظر الجوهرة 239 من جواهر الضمائر هنا

    http://www.mazameer.com/vb/showthrea...171828&page=12

    { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    و " مَنْ " يجوز أن تكون شرطيةً وأن تكون موصولة، وعلى كل تقدير فهي مبتدأَةٌ، والفاءُ وما بعدها في محل جزم جواباً إن كانت شرطاً، وإلاَّ ففي محلِّ رفعٍ خبراً إن كانت موصولة، والعائد محذوف أي: غفور له.

    والهاء في " بعده " يجوز أن تعود على " السوء " وأن تعود على العمل المفهوم من الفعل كقوله:
    { ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ }
    [المائدة: 8]، والأولى أولى لأنه أصرح، و " منكم " متعلِّقٌ بمحذوف إذ هو حالٌ من فاعل " عمل " ، ويجوز أن تكون " مِنْ " للبيان فيعمل فيها " أعني " مقدراً.....

    " ومِنْ " في " مِنْ بعده " لابتداء الغاية.

    انظر الجوهرة 25 من جواهر ان فى كتاب الله هنا

    http://www.mazameer.com/vb/showthrea...=179869&page=2

    { وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون
    قوله: { مِن دُونِ } في " مِنْ " وجهان، أظهرهما: أنها لابتداء الغاية،

    والثاني: أنها زائدةٌ، نقله ابن عطية بشيء؛ وإذا كانت لابتداء الغاية ففي ما يتعلَّق به وجهان، أحدهما: أنها حال مِنْ " وليّ " لأنها لو تأخَّرَتْ لكانَتْ صفةً له، فتتعلَّقُ بمحذوف هو حال. والثاني: أنها خبر " ليس " فتتعلق بمحذوف أيضاً هو خبر لـ " ليس " وعلى هذا فيكون " لها " متعلقاً بمحذوف على البيان. وقد مرَّ نظائره، و { مِن دُونِ ٱللَّهِ } فيه حذفُ مضافٍ أي: من دون عذابِهِ وجزائه

    { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    وقوله " داود " وما عُطِفَ عليه منصوب: إمَّا بفعل الهبة وإمَّا بفعل الهداية. و " مِنْ ذريته " يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق بذلك الفعل المحذوف، وتكون " مِنْ " لابتداء الغاية. والثاني: أنها حال أي: حال كونِ هؤلاء الأنبياء منسوبين إليه.

  14. #44
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الرابعة والاربعون

    { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله: { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ } في الهاء وجهان

    أحدهما: أن تعود على النبات وهذا هو الظاهر ولم يذكر الزمخشري غيره، وتكون " مِنْ " على بابها مِنْ كونها لابتداء الغاية أو تكون للتبعيض، وليس بذلك.

    والثاني: أن تعود على الماء وتكون " مِنْ " سببية، وذكر أبو البقاء الوجهين فقال: " وأخرجنا منه أي: بسببه. ويجوز أن تكون الهاء في " منه " راجعة على النبات وهو الأشبه، وعلى الأول يكون " فأخرجنا " بدلاً من " أخرجنا " الأول ". أي إنه يُكتفى في المعنى بالإِخبار بهذه الجملة الثانية وإلا فالبدل الصناعي لا يظهر، والظاهر أنَّ " فأخرجنا " عطف على " فأخرجنا " الأول. وقال الشيخ: " وأجاز أبو البقاء أن يكون بدلاً مِنْ فأخرجنا ". قلت: إنما جعله بدلاً بناء على عود الضمير في " منه " على الماء فلا يصحُّ أن يحكى عنه أنه جعله بدلاً مطلقاً؛ لأن البدلية لا تُتَصَوَّرُ على جعل الهاء في " منه " عائدة على النبات.

  15. #45
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصر.القاهرة
    المشاركات
    12,975
    الجوهرة الخامسة والاربعون

    { وَرَبُّكَ ٱلْغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُمْ مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    وقوله { مِنْ ذرِّيَّة } متعلق بأنشأكم. وفي " مِنْ " هذه أوجه

    أحدها: أنها لابتداء الغاية أي: ابتدأ إنشاءكم من ذرية قوم.

    والثاني: أنها تبعيضية قاله ابن عطية.

    الثالث: بمعنى البدل، قال الطبري ـ وتبعه مكي بن أبي طالب ـ " هي كقولك: " أخذت من ثوبي درهماً " أي: بدله وعوضه، وكون " مِنْ " بمعنى البدل قليل أو ممتنع، وما ورد منه مؤولٌ كقوله تعالى:
    { لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً }
    [الزخرف: 60] وقوله:
    2060ـ جاريةٌ لم تَأْكُلِ المرقَّقَا ولم تَذُقْ من البقول الفُسْتُقا
    أي: بدلكم وبدل البقول، والمعنى: من أولاد قوم متقدمين أصلهم آدم. وقال الزمخشري: " من أولاد قوم آخرين لم يكونوا على مثلِ صفتكم وهم أهل سفينة نوح "

    { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله: { مِّنْ إمْلاَقٍ } " مِنْ " سببية متعلقة بالفعل المنهيّ عنه أي: لا تقتلوا أولادَكم لأجل الإِملاق

    سورة الاعراف

    { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }

    قال السمين الحلبي فى الدر المصون

    قوله: " منه " متعلقٌ بـ " حَرَجٌ ". و " مِنْ " سببيَّة أي: حَرَجٌ بسببه تقول: حَرِجْتُ منه أي: ضِقْتُ بسببه، ويجوز أن يتعلق بمحذوفٍ على أنه صفةٌ له أي: حرج كائن وصادر منه. والضمير في " منه " يجوز أن يعود على الكتاب وهو الظاهر، ويجوز أن يعود على الإِنزال المدلول عليه بـ " أُنْزِل " ، أو على الإِنذار أو على التبليغ المدلولِ عليهما بسياقِ الكلام، أو على التكذيب الذي تضمَّنه المعنى.

صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •