صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 26

الموضوع: قصيدة في استعراض تاريخ المسلمين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907

    قصيدة في استعراض تاريخ المسلمين

    قصيدة في استعراض تاريخ المسلمين .

    تعريف بالقائل : عثمان بن بوحفص بن الشيخ بن حمادي بن علي بن حمزة ... من مواليد 06 مارس 1972 ، المنيعة ولاية غرداية الجزائر .


    يقول عثمان حمزة المنيعي :

    جادَتْ قَوافٍ تُحيِّي عابِرَ الزمَــــــنِ ـــــــــــــــــــــــــــــــ تاريخَ قومٍ و ما في الـــدهر مِن سُنَنِ
    فادخل لبغداد و اسأل عن خليفتـِــها ـــــــــــــــــــــــــــــــ و زُرْ دمـــشقَ بني مروان مِنْ سَكَنِ !!
    هلِ الرشيد ينادي السُّحْــبَ مُفتخرًا : ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( أنَّى تسيري خراجُ الأرض يلحقنِي ) ؟!
    أمِ ابنُ يوســفَ حـَــجاجٌ مـــُــهَدِّدُهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــــ فــــــــــأهلُ كُوفةَ في خوفٍ منَ الفتنِ
    كيف الحُسينُ ينادي الناس واعِظَهُم : ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( دمُ ابنِ بِنتِ رسولِ الله لم يُصَنِ ! )
    غدا الأمين مع المـــــــأمون قد وَقَعَا ـــــــــــــــــــــــــــــــ في حرب داحِسَ و الغبراءِ في الزمنِ
    و هبَّ مـــُــــــعتصمٌ غوثًا لِصارخةٍ ــــــــــــــــــــــــــــــــ يصونُ عِزَّ بَني الإســـــلامِ مِن فَطِنِ
    و الراشدون أَعاد العدلَ خـــــامِسُهم ــــــــــــــــــــــــــــــــ منْ بعدِ جورٍ من الأيـــــــام و المِحَنِ
    فَـــــــتحٌ تَتــــــابَعَ منْ صينٍ لأندلسٍ ــــــــــــــــــــــــــــــــ فالخيرُ يُنشر في الأمصار و الــــمُدُنِ
    و القُدْسَ رَدَّ صلاحُ الدينِ مِنْ مَـــلِكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــــ يُوَحِّدُ الأرضَ فـــــــالإِفرنْجُ في وَهَنِ
    رُدَّ المـــــــــــــغولُ بقُطْزٍ قام مُنتقمًا ـــــــــــــــــــــــــــــــــ و قاد بِيبَرسُ جيشَ العز لم يَــــــــهُنِ
    كان المـغولُ لأهل الشرقِ قد طَحنُوا ـــــــــــــــــــــــــــــــــ و خرَّبوا الأرض ، فالعُمران كالدِّمَنِ
    جاء الفِرنْجةُ من غربٍ بِذِي لَــــجَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ يُجرُونَ للـــــرُّكب الدماء من ضَغَنِ
    صارتْ طوائفَ بعد المــــجد أندلسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ نعيمُ ملكٍ بــــــــــــمجد المُلْك لم يُعَنِ !!
    مــــنْ بعْدِ أبناء عبد المُؤمِنِ بنِ عَلِي ــــــــــــــــــــــــــــــــ ضاعتْ ، كأنَّ بها الأمجادُ لم تــــكُنِ
    فمـنْ رأى كابنِ عبَّـــــــــادٍ غَدا ملِكًا ــــــــــــــــــــــــــــــــ أمسى و أهلُه في بُعْدٍ عنِ الــــــوَطنِ
    لَبَّى الجهادَ بِها ابنَ تــــــــاشَفِينَ كأنْ ـــــــــــــــــــــــــــــــ قدْ عـــاد طارقُ و الأبطالُ في السُّفُنِ
    و الغـــــــــــافِقِيُّ إلى البلاطِ مُوفَدُها ـــــــــــــــــــــــــــــــ يومَ الـــــــشهادة و الأَلْطافِ و المِنَنِ
    دَسْـــــــــتُ الخِلافة مَزْهُوٌّ بِناصِرِهَا ــــــــــــــــــــــــــــــــ لم يــــــــنْسَ صَقرَ قُريشٍ فرَّ مِنْ إِحَنِ
    صاغتْ بغرناطةَ الحمراءَ خـــــاتِمةً ـــــــــــــــــــــــــــــــــ حُسْنٌ أُحِيطَ بحُزْنٍ ، أيُّ مُــــــــــــفْتَتَنِ !!
    بَنَتْ كُتــــــــــامةُ للمُعِزِّ قــــــــاهِرةً ـــــــــــــــــــــــــــــــــ بِأرضِ مِصرَ ، فأهلُ الشرقِ في شَحَنِ
    حاز الفُتوحَ بَنُو عُثمانَ و اسْتلَمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــــــ أمرَ الخِلافةِ ، مِنْ وِزْرٍ لمُــــــؤتَمَنِ !!
    شمسُ الخلافة كمْ سرَّتْ بِمَطلَــــعِها ــــــــــــــــــــــــــــــــ هلِ الغُروبُ غروبُ الشمسِ لم يَحِنِ ؟!!
    مالَتْ قوافٍ على التاريخِ تَقـــــــرأُهُ ــــــــــــــــــــــــــــــــ فاعــــــجَبْ لِشعرٍ معَ التاريخِ مُقْترِنِ !!

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907

    Thumbs up

    الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ و الخلافة العباسية :

    جـــادَتْ قَوافٍ تُحيِّي عابِرَ الزمَــــــنِ ـــــــــــــــــــــــــــــــ تاريخَ قومٍ و ما في الـــدهر مِن سُنَنِ
    فادخل لبغداد و اسأل عن خليفتـِــها ـــــــــــــــــــــــــــــــ و زُرْ دمـــشقَ بني مروان مِنْ سَكَنِ !!


    الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ :
    الدولة الأموية أو الخِلافَةُ الأُمَوِيَّةُ أو دولة بني أمية (41 - 132 هـ / 662 - 750 م) هي ثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وأكبر دولة في تاريخ الإسلام. كان بنو أمية أولى الأسر المسلمة الحاكمة، إذ حكموا من سنة 41 هـ (662 م) إلى 132 هـ (750 م)، وكانت عاصمة الدولة في مدينة دمشق. بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك، إذ امتدت حدودها من أطراف الصين شرقاً حتى جنوب فرنسا غرباً، وتمكنت من فتح إفريقية والمغرب والأندلس وجنوب الغال والسند وما وراء النهر.

    يرجع الأمويون في نسبهم إلى أميَّة بن عبد شمس من قبيلة قريش. وكان لهم دورٌ هام في عهد الجاهلية وخلال العهد الإسلامي. أسلَم معاوية بن أبي سفيان في عهد الرسول محمد ( ص ) ، وتأسست الدولة الأموية على يده، وكان قبلاً واليًا على الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، ثم نشب نزاع بينه وبين علي بن أبي طالب بعد فتنة مقتل عثمان، حتى تنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية بعد مقتل أبيه، فتأسست الدولة بذلك. أخذ معاوية عن البيزنطيين بعض مظاهر الحكم والإدارة إذ جعل الخلافة وراثيَّة عندما عهد لابنه يزيد بولاية العهد، واتخذ عرشًا وحراسًا وأحاط نفسه بأبَّهة الملك، وبنى له مقصورة خاصَّة في المسجد، كما أنشأ ديوان الخاتم ونظام البريد. بعد وفاة يزيد اضطربت الأمور، فطالب ابن الزبير بالخلافة، ثم تمكن عبد الملك بن مروان بن الحكم من هزمه وقتله في مكة سنة 73 هـ، فاستقرت الدولة مجدداً.

    الخلافة العباسية :
    تأسست الدولة العباسية على يد المتحدرين من سلالة أصغر أعمام نبي الإسلام محمد بن عبد الله ( ص ) ، ألا وهو العباس بن عبد المطلب، وقد اعتمد العباسيون في تأسيس دولتهم على الفرس الناقمين على الأمويين لاستبعادهم إياهم من مناصب الدولة والمراكز الكبرى، واحتفاظ العرب بها، كذلك استمال العباسيون الشيعة للمساعدة على زعزعة كيان الدولة الأموية. نقل العباسيون عاصمة الدولة، بعد نجاح ثورتهم، من دمشق العربية الشاميّة، إلى الكوفة، ثم الأنبار قبل أن يقوموا بتشييد مدينة بغداد العراقية لتكون عاصمة الخلافة الإسلامية، والتي ازدهرت طيلة ثلاث قرون من الزمن، وأصبحت أكبر مدن العالم وأجملها، وحاضرة العلوم والفنون .
    ويمكن إرجاع نضوج الدعوة العباسية إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وابنه إبراهيم الذي سجنه آخر الأمويين مروان بن محمد في مدينة حران إلى أن توفي عام 746م،[6] فتولى أخاه أبو العباس شؤون الحركة العباسية بناءً على دعوة أبو مسلم الخراساني؛ وقد قام أبو مسلم بإعلان قيام الدولة العباسية في خرسان وحارب نصر بن سيار الوالي الأموي فيها وانتصر عليه، ثم احتلّ مدينة مرو ومنها انتقل أبو العباس إلى الكوفة في أغسطس سنة 742م بشكل سري، وظل مختفيًا حتى 29 أكتوبر 742م، الموافق فيه 12 ربيع الأول سنة 132هـ حين بايعه أهل الكوفة بالخلافة .
    انتهى الحكم العباسي في بغداد سنة 1258م عندما أقدم هولاكو خان التتري على نهب وحرق المدينة وقتل أغلب سكانها بما فيهم الخليفة وأبنائه. انتقل من بقي على قيد الحياة من بني العباس إلى القاهرة بعد تدمير بغداد، حيث أقاموا الخلافة مجددًا في سنة 1261م، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز لوحدة الدولة الإسلامية دينيًا، أما في الواقع فإن سلاطين المماليك المصريين كانوا هم الحكّام الفعليين للدولة. استمرت الخلافة العباسية قائمة حتى سنة 1519م، عندما اجتاحت الجيوش العثمانية بلاد الشام ومصر وفتحت مدنها وقلاعها، فتنازل آخر الخلفاء عن لقبه لسلطان آل عثمان، سليم الأول، فأصبح العثمانيون خلفاء المسلمين، ونقلوا مركز العاصمة من القاهرة إلى القسطنطينية .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف طفيف ) .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    هارون الرشيد بن محمد المهدي الخليفة العباسي الخامس :

    هلِ الرشيد ينادي السُّحْــبَ مُفتخرًا : ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( أنَّى تسيري خراجُ الأرض يلحقنِي ) ؟!

    وقف الخليفة الشهير هارون الرشيد ، خامس خلفاء بني العباس ، على شرفة قصره في بغداد ينظر إلى سحابة عابرة ، متوقعاً أن تجود بالغيث . و عندما عبرت دون أن تمطر، خاطبها بقوله : ( أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك ) . و كان يشير بذلك إلى اتساع رقعة ملكه . فمن هو هارون الرشيد ؟

    هارون الرشيد :

    هارون الرشيد بن محمد المهدي هو الخليفة العباسي الخامس ، يعتبر من أشهر الخلفاء العباسيين . حكم بين عامي 786 و809 م . ولد (حوالي سنة 763م في مدينة الري و توفي سنة 809م في مدينة طوس ( مشهد اليوم ) . و هو أكثر الخلفاء العباسيين ذكرا في المصادر الأجنبية ، أما المصادر العربية فقد أفاضت الكلام عنه حيث صور بالخليفة الورع المتدين الذي تسيل عبراته عند سماع الموعظة و المجاهد الذي أمضى معظم حياته بين حج وغزو , فكان يحج عاما و يغزو عاما , و أنه أول خليفة عباسي قاد الغزو بنفسه , و قد نقل ابن خلكان أن الرشيد قد حجّ تسع مرّات و كان يصلي في اليوم مائة ركعة ، كذلك كان يصور بصورة الخليفة الحذر الذي يبث عيونه و جواسيسه بين الناس ليعرف أمورهم و أحوالهم , بل كان أحيانا يطوف بنفسه متنكرا في الأسواق و المجالس ليعرف ما يقال فيها ، و يعتبر عصره العصر الإسلامي الذهبي .
    هارون الرشيد هو ابن الخليفة محمد المهدي من زوجته الخيزران بنت عطاء التي كان لها نفوذ كبير في الدولة , ولد هارون في مدينة الري سنة 763 م كان والده واليا على المدينة, نشأ في صباه مع أخيه موسى الهادي في بغداد وعاش في قصر الخلافة في رعاية جده عاما قبل أن تنتقل أسرته إلى قصرها الجديد قرب الرصافة في الجانب الشرقي من مدينة بغداد , أشرفت على تربيته اسرة البرامكة الفارسية التي كان لها روابط وثيقة بأسرة الخلافة و عائلة المهدي , وتلقى تعليمه على يد العالم علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي الكوفي عالم النحو المعروف بالكسائي الذي ظل معه حتى وفاته ثم صار أيضا معلما للأمين ابن الرشيد كما تولى تربيته و تعليمه أيضا المعلم المفضل الضبي الذي صنف للمهدي كتاب "المفضليات" .
    تزوج هارون ابنة عمه زبيدة بنت جعفر و التي أنجب منها هارون ولده محمد الأمين , أما ابنه الثاني عبد الله المأمون فقد ولد من جارية فارسية اسمها مراجل . أطلق عليه أبوه المهدي لقب الرشيد وأخذ له البيعة كولي للعهد بعد أخيه الأكبر موسى الهادي فأصبح هارون الرشيد ولي العهد الثاني .
    بويع الرشيد بالخلافة في (14 ربيع الأول 170 هـ/14 سبتمبر 786 م) ، بعد وفاة أخيه موسى الهادي ، و كانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف متباعدة تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلسي .
    كان الرشيد مثقفا ثقافة عربية واسعة و كان يملك أدبا رفيعا و تذوقا للشعر و اللغة لذلك قيل : كان فهم الرشيد فهم العلماء . و كانت مجالسه تملأ الشعراء و العلماء و الفقهاء و الأطباء والموسيقيين , و كان كثيرا ما يناقش العلماء والأدباء , كذلك كان ينقد الشعر والشعراء . كان يقول : " البلاغة التباعد عن الاطالة , و التقرب من معنى البغية , والدلالة بالقليل على المعنى" , قال عنه الذهبي: "و كان يحب العلماء , ويعظم حرمات الدين , و يبغض الجدال والكلام , و يبكي على نفسه و لهوه و ذنوبه لاسيما إذا وعظ" و يقول الخطيب البغدادي : "و كان يحب الفقه والفقهاء, و يميل إلى العلماء" , و من أشهر الأدباء الذين عاصروا الرشيد و حضروا مجالسه الشاعر الكبير أبو العتاهية و أبو سعيد الأصمعي . ومن علماء الدين الذين عاشوا في عصره الامام الشافعي صاحب المذهب الشافعي و الامام مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي في الفقه الذي التقى بالرشيد حين قصد الخليفة منزله بالمدينة المنورة و قرأ عليه الامام كتاب الموطأ ، و على الصعيد العلمي دعم الرشيد عالم الكيمياء المشهور جابر بن حيان و أسس و تلامذته منهج التجربة في العلوم .
    و غدت بغداد في عهده قبلة طلاب العلم من جميع البلاد ، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء و المحدثين و القراء و اللغويين، و كانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم و حلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا ، من حيث غزارة العلم ، و دقة التخصص ، و حرية الرأى والمناقشة، و ثراء الجدل و الحوار . كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين و سائر الصناع . و كان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب و الفقه و العلم ، حتى ذاع صيت الرشيد و طبق الآفاق ذكره ، و أرسلت بلاد الهند و الصين و أوروبا رسلها إلى بلاطهِ تخطب وده، و تطلب صداقـته .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف ) .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    الحجاج بن يوسف الثقفي :

    أمِ ابنُ يوســفَ حـَــجاجٌ مـــُــهَدِّدُهُمْ ـــــــــــــــ فـأهلُ كُوفةَ في خوفٍ منَ الفتنِ

    أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي (40 - 95 هـ = 660 - 714 م) قائد أموي داهية سفاك خطيب .
    هو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف .
    ولد و نشأ في منازل ثقيف بمدينة الطائف ، في عام الجماعة 41 هـ . وكان اسمه كليب ثم أبدله بالحجاج . و أمه الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي الصحابي الشهيد . تعلم القرآن و الحديث و الفصاحة ، ثم عمل في مطلع شبابه معلم صبيان مع أبيه ، يعلم الفتية القرآن والحديث، و يفقههم في الدين .
    بنى مدينة واسط. ومات بها ، وأجري على قبره الماء فاندرس. وكان سفاكا سفاحا باتفاق معظم المؤرخين . عُرف بـالمبير أي المبيد .
    في الشام التحق بشرطة الإمارة فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة إليه و رفع مكانته ورقاه فوق أصحابه ، فأخذهم بالشدة و عاقبهم لأدنى خلل ، فضبط أمورهم . و رأى فيه روح بن زنباع العزيمة والقوة الماضية ، فقدمه إلى الخليفة عبد الملك بن مروان .
    في 73 هـ قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عبد الله بن الزبير ، فجهز جيشاً ضخماً لمنازلة ابن الزبير في مكة ، و أمر عليه الحجاج بن يوسف ، فخرج بجيشه إلى الطائف ، و انتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش ، فتوالت الجيوش إليه حتى تقوى تماماً ، فسار إلى مكة و حاصر ابن الزبير فيها . أعلن الحجاج الأمان لمن سلم من أصحاب ابن الزبير ، و أمنه هو نفسه ، غير أن عبد الله بن الزبير لم يقبل أمان الحجاج ، و قاتل رغم تفرق أصحابه عنه الذين قبلوا أمان الحجاج ، فقتل . و كان لابن الزبير رضي الله عنهما حين قتل ، اثنتان وسبعون سنة ، و ولايته تنوف عن ثماني سنين ، و كان عمر الحجاج يومئذ اثنتان وثلاثون سنة .
    عزل عبد الملك بن مروان الحجاج عن الحجاز لكثرة الشكايات فيه ، و ولاه على العراق .
    دامت ولاية الحجاج على العراق عشرين عاماً ، و فيها مات . وكانت العراق عراقين ، عراق العرب و عراق العجم ، فنزل الحجاج بالكوفة ، و كان قد أرسل من أمر الناس بالاجتماع في المسجد، ثم دخل المسجد ملثماً بعمامة حمراء ، و أعتلى المنبر فجلس وأصبعه على فمه ناظراً إلى المجتمعين في المسجد فلما ضجوا من سكوته خلع عمامته فجأة و قال خطبته المشهورة التي بدايتها :


    أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ـــــــــــ متى أضع العمامة تعرفوني

    و منها :


    أما و الله فإني لأحمل الشر بثقله و أحذوه بنعله و أجزيه بمثله ، و الله يا أهل العراق إني لأرى رؤوساً قد أينعت و حان قطافها ، و إني لصاحبها ، و الله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم و اللحى . ثم قال : و الله يا أهل العراق ، إن أمير المؤمنين عبد الملك نثل كنانة بين يديه ، فعجم عيدانها عوداً عوداً ، فوجدني أمرّها عوداً ، و أشدها مكسراً ، فوجهني إليكم ، ورماكم بي . يا أهل العراق ، يا أهل النفاق والشقاق و مساوئ الأخلاق ، إنكم طالما أوضعتم في الفتنة ، و اضطجعتم في مناخ الضلال ، وسننتم سنن الغي ، و أيم الله لألحونكم لحو العود ، و لأقرعنكم قرع المروة ، و لأعصبنكم عصب السلمة و لأضربنكم ضرب غرائب الإبل ، إني و الله لا أحلق إلا فريت ، و لا أعد إلا وفيت ، إياي و هذه الزرافات ، و قال و ما يقول ، و كان و ما يكون ، و ما أنتم و ذاك ؟ . يا أهل العراق ! إنما أنتم أهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، فكفرتم بأنعم الله ، فأتاها وعيد القرى من ربها ، فاستوسقوا واعتدلوا، ولا تميلوا، و اسمعوا وأطيعوا ، وشايعوا وبايعوا ، و اعلموا أنه ليس مني الإكثار و الإبذار و الأهذار ، و لا مع ذلك النفار والفرار ، إنما هو انتضاء هذا السيف ، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف ، حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم ، و يقيم له أودكم ، و صغركم ، ثم إني وجدت الصدق من البر ، و وجدت البر في الجنة ، و وجدت الكذب من الفجور ، و وجدت الفجور في النار ، و إن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم و إشخاصكم لمجاهدة عدوكم و عدو أمير المؤمنين ، و قد أمرت لكم بذلك ، و أجلتكم ثلاثة أيام ، و أعطيت الله عهداً يؤاخذني به ، و يستوفيه مني ، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه . و لينهبن ماله ، ... اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام: فقال القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالعراق من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله ، فسكتوا فقال الحجاج من فوق المنبر : "أسكت يا غلام" فسكت ، فقال :" يا أهل الشقاق و يا أهل النفاق و مساوئ الأخلاق ، يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا تردون السلام ؟ هذا أدب ابن أبيه ؟ و الله لئن بقيت لكم لأؤدبنكم أدباً سوى أدب ابن أبيه، و لتستقيمن لي أو لأجعلن لكل امرئ منكم في جسده و في نفسه شغلاً ، اقرأ كتاب أمير المؤمنين يا غلام"، فقال : بسم الله الرحمن الرحيم فلما بلغ إلى موضع السلام صاحوا و على أمير المؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته، فأنهاه ودخل قصر الإمارة" .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف ) .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    قصة مقتل الحسين - رضي الله عنه :

    كيف الحُسينُ ينادي الناس واعِظَهُم : ـــــــــــــــــــــــــــــــ ( دمُ ابنِ بِنتِ رسولِ الله لم يُصَنِ ! )

    قال الحسين عليه السلام لجيش ابن زياد : "راجعوا أنفسكم وحاسبوها، هل يصلح لكم قتال مثلي؟ وأنا ابن بنت نبيكم، وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري ". فانضم له منهم ثلاثون، فيهم الحر بن يزيد التميمي قائد مقدمة جيش بن زياد. فقيل له: "أنت جئت معنا أمير المقدمة والآن تذهب إلى الحسين؟!" قال: "ويحكم والله إني أخير نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار على الجنة ولو قطعت وأحرقت".

    سأل رجل من أهل العراق ابن عمر ( رضي الله عنهما ) عن دم البعوض يصيب الثوب فقال : انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم .


    مقتل الحسين عليه السلام :
    ( من كتاب أسد الغابة ، لأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني )

    ... أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد الثقفي أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد وأنا حاضر أسمع أخبرنا أبو نعيم الحافظ أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم أخبرنا جعفر بن محمد الصائغ أخبرنا حسين بن محمد أخبرنا جرير بن حازم أخبرنا محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين بن علي عليه السلام فجعل في طست فجعل ينكت عليه وقال في حسنه شيئا قال أنس كان أشبههم برسول الله وكان مخضوبا بالوسمة هذا حديث صحيح متفق عليه ، وروى الأوزاعي عن شداد بن عبد الله قال سمعت واثلة بن الأسقع وقد جيء برأس الحسين فلعنه رجل من أهل الشام ولعن أباه فقام واثلة وقال والله لا أزال أحب عليا والحسن والحسين وفاطمة بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم ما قال لقد رأيتني ذات يوم وقد جئت النبي في بيت أم سلمة فجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله ثم جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه ثم دعا بعلي ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قلت لواثلة ما الرجس قال الشك في الله عز وجل قال أبو أحمد العسكري يقال إن الأوزاعي لم يرو في الفضائل حديثا غير هذا والله أعلم قال وكذلك الزهري لم يرو فيها إلا حديثا واحدا كانا يخافان بني أمية قال الزبير بن بكار حدثني مصعب قال حج الحسين خمسا وعشرين حجة ماشيا فإذا يكون قد حج وهو بالمدينة قبل دخولهم العراق منها ماشيا فإنه لم يحج من العراق وجميع ما عاش بعد مفارقة العراق تسع عشرة سنة وشهورا فإنه عاد إلى المدينة من العراق سنة إحدى وأربعين وقتل أول سنة إحدى وستين وكان الحسين كارها لما فعله أخوه الحسن من تسليم الأمر إلى معاوية وقال أنشدك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك فقال له الحسن اسكت أنا أعلم بهذا الأمر منك وكان الحسين رضي الله عنه فاضلا كثير الصوم والصلاة والحج والصدقة وأفعال الخير جميعها وقتل يوم الجمعة وقيل يوم السبت وهو يوم عاشوراء من سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق وقبره مشهور يزار وسبب قتله أنه لما مات معاوية بن أبي سفيان كاتب كثير من أهل الكوفة الحسين بن علي ليأتي إليهم ليبايعوه وكان قد امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية لما بايع له أبوه بولاية العهد وامتنع معه ابن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر فلما توفي معاوية لم يبايع أيضا وسار من المدينة إلى مكة فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة فتجهز للمسير فنهاه جماعة منهم أخوه محمد بن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر
    فلما أتى العراق كان يزيد قد استعمل عبيد الله بن زياد على الكوفة فجهز الجيوش إليه واستعمل عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ووعده إمارة الري فسار أميرا على الجيش وقاتلوا حسينا بعد أن طلبوا منه أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد فامتنع وقاتل حتى قتل هو وتسعة عشر من أهل بيته قتله سنان بن أنس النخعي وقيل قتله شمر بن ذي الجوشن وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي وقيل قتله عمر بن سعد وليس بشيء والصحيح أنه قتله سنان بن أنس النخعي وأما قول من قال قتله شمر وعمر بن سعد لأن شمر هو الذي حرض الناس على قتله وحمل بهم إليه وكان عمر أمير الجيش فنسب القتل إليه ولما أجهز عليه خولي حمل رأسه إلى ابن زياد وقال أوقر ركابي فضة وذهبا فقد قتلت السيد المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا وخيرهم إذ ينسبون نسبا وقيل إن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس قتلت الحسين بن علي وهو ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها أعظم العرب خطرا أراد أن يزيل ملك هؤلاء فلو أعطوك بيوت أموالهم لكان قليلا فأقبل على فرسه وكان شجاعا به لوثة فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد وأنشد الأبيات المذكورة فقال عمر أشهد أنك مجنون وحذفه بقضيب وقال أتتكلم بهذ الكلام والله لو سمعه زياد لقتلك ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطئوها الحسين وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلا ولما قتل أرسل عمر رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد فجمع الناس وأحضر الرؤوس وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين فلما رآه زيد بن أرقم لا يرفع قضيبه قال له أعل بهذا القضيب فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هاتين الشفتين يقبلهما ثم بكى فقال له ابن زياد أبكى الله عينيك فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك فخرج وهو يقول أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتلتم الحسين بن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم وأكثر الناس مراثيه فمما قيل فيه ما قاله سليمان بن قثة الخزاعي مررت على أبيات آل محمد فلم أرها أمثالها حين حلت فلا يبعد الله البيوت وأهلها وإن أصبحت منهم برغمي تخلت وكانوا رجاء ثم عادوا رزية لقد عظمت تلك الرزايا وجلت أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ولم تنك في أعدائهم حين سلت وإن قتيل الطف من آل هاشم أذل رقابا من قريش فذلت ألم تر أن الأرض أضحت مريضة لفقد حسين والبلاد اقشعرت وقد أعولت تبكي السماء لفقده وأنجمها ناحت عليه وصلت وهي أبيات كثيرة وقال منصور النمري ويلك يا قاتل الحسين لقد بؤت بحمل ينوء بالحامل أي حباء حبوت أحمد في حفرته من حرارة الثاكل تعال فاطلب غدا شفاعته وانهض فرد حوضه مع الناهل ما الشك عندي بحال قاتله لكنني قد أشك بالخاذل كأنما أنت تعجبين ألا تنزل بالقوم نقمة العاجل لا يعجل الله إن عجلت وما ربك عما ترين بالغافل ما حصلت لأمرىء سعادته حقت عليه عقوبة الآجل أخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه وغير واحد قالوا بإسنادهم إلى الترمذي قال حدثنا أبو خالد الأحمر قال حدثنا رزين حدثني سلمى قال دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت ما يبكيك قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت مالك يا رسول الله قال شهدت قتل الحسين آنفا وروى حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار وهو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا الدم قال هذا دم الحسين لم أزل ألتقطه منذ اليوم فوجد قد قتل في ذلك اليوم قال أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا واصل بن عبد الأعلى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير قال لما جيء برأس ابن زياد وأصحابه نضدت في المسجد فانتهيت إليهم وهم يقولون قد جاءت قد جاءت فإذا حية قد جاءت تتخلل الرؤوس حتىدخلت في منخر عبيد الله بن زياد فمكثت هنيهة ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا قد جاءت قد جاءت ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح أخرجه الثلاثة .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    الخلاف بين الأمين والمأمون :

    غدا الأمين مع المـــــــأمون قد وَقَعَا ـــــــــــــــــــــــــ في حرب داحِسَ و الغبراءِ في الزمنِ

    داحس والغبراء :هي حرب من حروب الجاهلية وقعت في منطقة نجد بين فرعين من قبيلة غطفان هما: عبس وذبيان و تعد من أطول الحروب التي عاشها وخاضها العرب في الجاهلية .

    و داحس والغبراء هما اسما فرسين وقد كان " داحس" حصانا لقيس بن زهير العبسي الغطفاني، و" الغبراء" فرسا لحذيفة بن بدر الذبياني الغطفاني. كان سبب الحرب هو سلب قافلة حجاج للمناذرة تحت حماية الذبيانيين مما سبب غضب النعمان بن المنذر وأوعز بحماية القوافل لقيس بن الزهير من عبس مقابل عطايا وشروط إشترطها ابن زهير ووافق النعمان عليها مما سبب الغيرة لدى بنى ذبيان، فخرج حذيفة مع مستشاره وأخيه حمل بن بدر وبعضا من أتباعه لمقابلة ابن زهير وتصادف أن كان يوم سباق للفرس. اتفق قيس وحذيفة على رهان على حراسة قوافل النعمان لمن يسبق من الفرسين.

    كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة أيام تقطع خلالها شعب صحراوية وغابات، أوعز حمل بن بدر من ذبيان لنفر من أتباعه يختبئوا في تلك الشعاب قائلا لهم: إذا وجدتم داحس متقدما على الغبراء في السباق فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء فلما فعلوا تقدمت الغبراء. حينما تكشف الأمر بعد ذلك اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان.

    دامت تلك الحرب أربعين سنة واشتركت فيها العديد من القبائل العربية بصف بنى ذبيان مثل قبيلة طيئ وهوازن التي كان لها ثأر لإغارة عبس عليهم لاعتقاد عبس بأنهم سبب مقتل زعيمهم زهير ومن قبله ابنه شأس بن زهير، وهي الحرب التي أظهرت قدرات عنترة بن شداد القتالية، ومات فيها عن عمر جاوز الثمانين عاما إثر سهم مسوم أطلقة فارس يدعى الليث الرهيص، كان قد عماه عنترة في تلك الحرب وانتهت الحرب بهزيمة عبس وانقضاء سطوتهم على يد جيش حذيفة بن بدر الذي دخل ديار عبس بعد هروب قيس بن زهير زعيمهم، وخروج معظم جيش عبس في حراسة قافلة للنعمان بن المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة بمئة جندى وترك على أبوابها جيشا قوامه خمسة آلاف فارس. مات في هذه الحرب عروة بن الورد وعنترة بن شداد وحمل بن بدر وعمرو بن مالك ومالك بن زهير، انتهت الحرب بعد قيام شريفين هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان المرّيّان الذبيانيان فأديا من مالهما ديات القتلى الذين فضلوا بعد إحصاء قتلى الحيين وأطفآ بذلك نار الحرب، وقد مدح زهير بن أبي سلمى هذا الفعل في معلقته.
    ــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف طفيف ) .

    الخلاف بين الأمين والمأمون :

    النزاع الذي قام بين الأمين وبين أخيه المأمون, كان استمرارا للصراع القائم بين العرب والعجم داخل الدولة العباسية, وكان يمثل الحزب العربي الأمين ووزيره الفضل بن الربيع, أما الحزب الفارسي فكان يتمثل بالمأمون ووزيره الفضل بن سهل ومر النزاع بين الأمين والمأمون على مرحلتين, المرحلة الأولى كانت دبلوماسية سلمية انتهت سنة 195 هجرية والمرحلة الثانية كانت مرحلة حرب انتهت بمقتل الأمين سنة 198 هجرية .
    بدأالنزاع على شكل مراسلات وسفارات متبادلة بين الأخوين حول مشكلة العهد المعلق في الكعبة, فالمأمون يرى التمسك بنصوص هذا العهد الذي يقضي بالاستقلال بشؤون خراسان خلال حكم أخيه الأمين, أما الأمين فيرى نفسه خليفة للمسلمين ويستطيع التصرف في أمور خراسان كما تقضي بذلك المصلحة العامة .
    و لاشك أن مطامع رجال الحاشية في بلاط كل من الأمين والمأمون كانت من العوامل التي زادت في اتساع الخلاف بين الأخوين, فالفضل بن الربيع ينصح الأمين بأن يستدعي أخاه المأمون إلى بغداد حتى يظفر به كرهينة ويفصل بينه وبين جنده, والفضل بن سهل يوعز إلى المأمون بالاعتذار عن الذهاب إلى بغداد بحجة أن أمور خراسان تستدعي البقاء فيها ، وهنا طلب الأمين من المأمون أن يتنازل له عن بعض كور خراسان بحجة أن مال خراسان يكفيها, أما مال العراق فلا يكفيه, إلا أن المأمون رفض ذلك الطلب. وغضب الأمين من رفض المأمون لمطالبه وأرسل اليه رسالة يخيره فيها بين الاذعان لشروطه أو التعرض لنار لا قبل له بها, ولكن المأمون لم يأبه لهذا التهديد ورد عليه بأنه لايخشى في الحق لومة لائم .
    فشلت المفاوضات السلمية التي كانت قائمة بين الأمين والمأمون, مما جعل الطرفان يحتكمان للحرب, ففي أوائل سنة 195 هـ أمر الأمين بوقف الدعاء للمأمون وأعلن البيعة لابنه موسى ولقبه بالناطق بالحق, ونقش اسمه على السكة وكان هذا بمثابة خلع المأمون, ثم بعث من سرق الكتابين بالكعبة وحرقهما, وأمام هذا الاعلان رأى المأمون أن يستعد للحرب فجهز جيشا كبيرا وحشده على حدود خراسان في منطقة الري, وولى عليه قائدين من أتباعه المخلصين وهما طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين الذي يرجع اليه الفضل في اعداد جيش المأمون اعدادا قويا, أما الأمين فقد اختار علي بن عيسى بن ماهان أحد كبار رجال الدولة الذي كان واليا على خراسان في عهد الرشيد, تقدم بن ماهان نحو الري لقتال طاهر بن الحسين دون أن يستعد له استعدادا كافيا وذلك لأنه كان يستهين بشأن طاهر لحداثته, وانتهت المعركة بانتصار جيش طاهر بن الحسين ومقتل علي بن عيسى بن ماهان سنة 195 هـ، أرسل الأمين جيوشا أخرى عديدة إلى الري ولكن مصيرها كان الهزيمة وقد استنفذت هذه الجيوش موارد الأمين فلم يستطع تحريك جيوشا أخرى وهنا تتحول الحرب من مداخل خراسان إلى مداخل العراق .
    و تقدم الجيش الخراساني نحو بغداد, حيث اتفق طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين على أن يقوم الأول بمهاجمة بغداد من الغرب بينما يهاجمها الثاني من ناحية الشرق, وتقدم الجيشان حتى بلغا أرباض بغداد حيث حدثت معارك مختلفة بين قوات الأمين وقوات المأمون ولم يكن جيش الأمين قويا كما لم يكن قواده في حالة معنوية عالية, فقد استمالت قوات المأمون بعض قادة جيش الأمين بالهدايا والهبات فانضموا اليه واحدا بعد الاخر . غير أن الذين قاوموا هذا الحصار هم أهل بغداد وبالأخص "جماعة العيارين" أو الفتيان وهي مجموعة من مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية المختلفة ومن الأغنياء والفقراء لكن كان أغلبهم من أبناء الأسر الفقيرة. ولقد دافع العيارون عن بغداد ببسالة نادرة وضربوا أمثلة رائعة في الصمود والشجاعة, وعلى الرغم من مقاومة هذه المجموعة, فقد استطاعت جيوش المأمون أن تضرب حصارا على حول بغداد, فاشتد الجوع بالأهالي لدرجة أن الأمين صرف كل ما لديه من أموال على جنوده واضطر إلى طلب الأمان والتسليم . وفضل الأمين أن يسلم نفسه للقائد هرثمة لكبر سنه من جهة ولقسوة طاهر بن الحسين من جهة أخرى وخرج الأمين وأتباعه عابرين نهر دجلة في سفينة صغيرة لم تلبث بفعل الزحام أو بفعل طاهر أن انقلبت واستطاع الأمين أن يسبح إلى الشاطيء وهناك أسره الجنود الخراسانيون وقتلوه بأمر من طاهر وبذلك تنتهي خلافة الأمين, وتولى المأمون الخلافة .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف طفيف ) .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    وامعتصماه !

    و هبَّ مـــُــــــعتصمٌ غوثًا لِصارخةٍ ـــــــــــــــــــ يصونُ عِزَّ بَني الإســـــلامِ مِن فَطِنِ

    القصة

    تقول إحدى الروايات أن رجلا قدم للمعتصم ناقلا له حادثة شاهدها قائلا: يا أمير المؤمنين، كنت بعمورية فرأيت امرأة عربية في السوق مهيبة جليلة تسحل إلى السجن فصاحت في لهفة: وامعتصماه وامعتصماه

    فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية قائلا له: من أمير المؤمنين إلى كلب الروم أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي. فلم يستجب الأمير الرومي وانطلق المعتصم بجيشه ليستعد لمحاصرة عمورية فمضى إليها، فلما استعصت عليه قال: اجعلو النار في المجانيق وارموا الحصون رميا متتابعا ففعلوا، فاستسلمت ودخل المعتصم عمورية فبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها: هل أجابك المعتصم قالت نعم.

    فلما استقدم الرجل قالت له: هذا هو المعتصم قد جاء وأخزاك قال: قولي فيه قولك. قالت: أعز الله ملك أمير المؤمنين بحسبي من المجد أنك ثأرت لي. بحسبي من الفخر أنك انتصرت فهل يأذن لي أمير المؤمنين في أن أعفو عنه وأدع مالي له. فأعجب المعتصم بمقالها وقال لها: لأنت جديرة حقا بأن حاربت الروم ثأرًا لك. ولتعلم الروم أننا نعفو حينما نقدر.

    ويذكر بعض الرواة أن إمرأة ممن وقعت في أسر الروم قالت: وامعتصماه، فنُقل إليه ذلك الحديث، وفي يده قَدَح يريد أن يشرب ما فيه، فوضعه، ونادى بالاستعداد للحرب.

    يقولون كانت المرأة في أحد الأسواق وفيه رجل من الروم مار بالسوق فرأى المرأة وحاول أن يتحرش بها وأمسك بطرف جلبابها فصرخت "وامعتصماه"، فسمع صوتها رجال المعتصم فبلغوه فأمر بتجهيز جيش كبير والاستعداد للحرب.

    وتذهب رواية رابعة أن الروم استغلوا انشغال الخليفة المعتصم في القضاء على فتنة بابك الخرمي، وجهزوا جيشا ضخماً قاده ملك الروم، بلغ أكثر من مائة ألف جندي، هاجم شمال الشام والجزيرة، ودخل مدينة زِبَطْرة التي تقع على الثغور، وكانت تخرج منها الغزوات ضد الروم، وقتل جيش الروم من بداخل حصون المدينة من الرجال، وانتقل إلى "ملطية" المجاورة فأغار عليها، وعلى كثير من الحصون، ومثَّّل بمن صار في يده من المسلمين، وسَمَلَ أعينهم، وقطع آذانهم وأنوفهم، وسبى من المسلمات فيما قيل أكثر من ألف امرأة.

    وصلت هذه الأنباء المروعة إلى أسماع الخليفة، وحكى الهاربون الفظائع التي ارتكبها الروم فتحرك على الفور، وأمر بعمامة الغزاة فاعتم بها ونادى لساعته بالنفير والاستعداد للحرب.

    وخرج المعتصم على رأس جيش كبير، وجهّزه بما لم يعدّه أحد من قبله من السلاح والمؤن وآلات الحرب والحصار، حتى وصل إلى منطقة الثغور، ودمّرت جيوشه مدينة أنقرة ثم اتجهت إلى عمورية في جمادى الأولى 223 هـ == أبريل 838م وضرب حصارا على المدينة المنيعة دام نصف عام تقريباً، ذاقت خلاله الأهوال حتى استسلمت المدينة، ودخلها المسلمون في 17 رمضان سنة 223 هـ == 13 أغسطس 838م بعد أن قُتل من أهلها ثلاثون ألفا، وغنم المسلمون غنائم عظيمة، وأمر الخليفة المعتصم بهدم أسوار المدينة المنيعة وأبوابها وكان لهذا الانتصار الكبير صداه في بلاد المسلمين، وخصّه كبار الشعراء بقصائد المدح.
    القصة في الشعر العربي

    وهذا ما نظمه أبو تمام في بائيته الخالدة مادحاً للخليفة بعدما حقق نصرا:

    السيف أصدق أنباء مـن الكتــــــب ــــــــ في حده الحد بين الجد واللـــــــــــــــعب
    بيض الصفائح لا سـود الصحائــــف ــــــــ في متونهن جلاء الشك والريـــــــــــــــب
    والعلم في شهب الأرمـاح لامعـــة ـــــــــ بين الخميسين، لا في السبعة الشهب
    أين الرواية؟ بل أيـــن النجــــــــــوم ــــــــ وما صاغوه من زخرف فيها ومن كــــــذب
    يا يوم وقعة عمورية انـــصرفــــــــت ــــــــ عنك المنى حفلا معسولة الحلـــــــــــب
    لقد تركت أمير الـــمؤمنين بـــــــها ــــــــ للنار يوما ذليل الصخر والخشـــــــــــــــب
    غادرت بها بهيم الـــليل وهـــــــــو ـــــــــ ضحى يشله وسطها صبح من اللهـــــب
    حتى كأن جلابيب الدجى رغبــت ــــــــ عن لونها, أو كأن الشمس لم تغــــــــــب
    ضوء من النار والظلمــاء عاكفـــــة ـــــــــ وظلمة من دخان في ضحى شحــــــــب
    فتح الفتوح تعالى أن يحـيط بـــــه ـــــــــ نظم من الشعر أو نثر من الخطــــــــــــبِ
    فتْحٌ تفتّح أبواب السماء لـــــــــــه ــــــــ وتبرز الأرض في أثوابها القُشُــــــــــــــــب
    أبقيت جد بني الإسلام في صَعَد ـــــــــ والمشركين ودار الشرك في صَبَـــــــــــب
    تدبير معتصم بالله منتقــــــــــــــم ـــــــــ لله مرتقب في الله مرتغــــــــــــــــــــــــــب
    لبيّت صوتًا زِبَطريًا هَرَقْتَ لَــــــــــهُ ـــــــــ كَأْسَ الْكَرَى وَرُضَابَ الْخُرّدِ الْعُــــــــــــــــرُب

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    الخُلَفاءُ الرَّاشِدون و دولة الخِلافة الرَّاشِدَة :

    و الراشدون أَعاد العدلَ خـــــامِسُهم ***** منْ بعدِ جورٍ من الأيـــــــام و المِحَنِ

    قال رسول الله ( ص ) : "الْخِلاَفَةُ فِي أُمّتِي ثَلاَثُونَ سَنَةً، ثُمّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ"

    الخِلافةُ الرَّاشِدَة، أو الخِلافةُ الراشِدِيَّة، أو دولةُ الخُلَفاءُ الرَّاشِدين، هي أولى دُول الخِلافة الإسلاميَّة التي قامت عقِب وفاة الرسول ( ص ) يوم الاثنين 12 ربيع الأوَّل سنة 11هـ، المُوافق فيه 7 يونيو سنة 632 م ، وهي دولةُ الخِلافة الوحيدة التي لم يكن الحكم فيها وراثيًّا بل كان الخكم قائمًا على الشورى ، عكس دول الخِلافة التالية التي كان الحُكمُ فيها قائمًا على التوارث .
    توالى على الخلافة أربعة من كِبار الصحابة ، وجميعهم من العشرة المُبشرين بالجنَّة ، و هم : أبو بكر الصدّيق وعُمر بن الخطَّاب وعُثمان بن عفَّان وعليّ بن أبي طالب ، يُضاف إليهم الحسن بن عليّ بن أبي طالب الذي يعدّ البعض عهده القصير في الحكم مُتممًا لعهد الأربعة الذين سبقوه ، و اشتهر الخُلفاءُ الراشدون بالزُهد والتواضع وعاشوا حياتهم دون أي أبَّهة وبشكلٍ مُماثل لباقي الناس .


    خامس الخلفاء الراشدين :

    أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ\681م - 101هـ\720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين. ولد سنة 61هـ في المدينة المنورة ، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب ، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة .

    والده : هو عبد العزيز بن مروان بن الحكم، كان من خيار أمراء بني أمية، بقي أميراً على مصر أكثر من عشرين سنة. ولما أراد الزواج قال لقيّمه: «اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي، فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح» ، فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب (وقيل اسمها ليلى) .

    أمه : أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. ووالدها: أبو عمرو عاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، ولد في أيام النبوة وحدّث عن أبيه، وكان طويلاً جسيماً من نبلاء الرجال، ديِّناً خيِّراً صالحاً، وكان بليغاً فصيحاً شاعراً. وأمه: هي جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصاريّة .

    وأما جدته لأمه فقد كان لها موقف مع عمر بن الخطاب، فعن عبد الله بن الزبير بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم قال :
    بينما أنا وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يَعُسّ بالمدينة إذ أعيا، فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: «يا بنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء» ،
    فقالت لها : «يا أمتاه، أوما علمت ما كان من أمير المؤمنين اليوم؟»، قالت: «وما كان من عزمته يا بنية؟»، قالت: «إنه أمر منادياً فنادى أن لا يشاب اللبن بالماء»، فقالت لها: «يا بنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر»، فقالت الصبية لأمها: «يا أمتاه، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء»، وعمر يسمع كل ذلك، فقال: «يا أسلم، عَلِّم الباب واعرف الموضع»، ثم مضى في عسه. فلما أصبحا قال: «يا أسلم، امض إلى الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها، وهل لهم من بعل؟»، فأتيت الموضع فنظرت، فإذا الجارية أيِّم لا بعل لها، وإذا تيك أمها وإذا ليس بها رجل، فأتيت عمر فأخبرته، فدعا عمر ولده فجمعهم فقال: «هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟»، فقال عاصم: «يا أبتاه، لا زوجة لي فزوجني»، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتاً، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز» .

    كان عمر بن عبد العزيز شديد الإقبال على طلب العلم . وفي سنة 87هـ ، ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة ، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ ، فصار والياً على الحجاز كلها ، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق . فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيراً ومستشاراً له ، ثم جعله ولي عهده ، فلما مات سليمان سنة 99هـ تولى عمر الخلافة .
    تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات ، منها: العدلُ والمساواة ، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها ، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم ، كما أعاد العمل بالشورى ، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين ، كما اهتم بالعلوم الشرعية ، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف . استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام ، حتى قُتل مسموماً سنة 101هـ ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده .
    وكان عمر بن عبد العزيز يلقب بـ"الأشجّ" أو "أشجّ بني مروان"؛ وذلك لأنه عندما كان صغيراً دخل إلى اصطبل أبيه عندما كان والياً على مصر ليرى الخيل ، فضربه فرس في وجهه فشجّه ، فجعل أبوه يمسح الدم عنه و يقول: «إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد» .
    ويُذكر أن عمر بن الخطاب رأى ذات ليلة رؤيا، وكان يقول: «ليت شعري من ذو الشين (أي العلامة) من ولدي الذي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً؟» ، و كان بلال بن عبد الله بن عمر بوجهه شامة ، فحسبه آل الخطاب المبشر الموعود ، حتى جاء الله بعمر بن عبد العزيز .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف طفيف ) .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    الفتوحات الإسلامية عبر التاريخ :

    فَـــــــتحٌ تَتــــــابَعَ منْ صينٍ لأندلسٍ ـــــــــــــــ فالخيرُ يُنشر في الأمصار و الــــمُدُنِ

    الفتوحات الإسلامية هي عدة حروب خاضها المسلمون بعد وفاة الرسول ( ص ) ضد بيزنطة والفرس والقوط في السنوات مابين (632–732) في العهدين الراشدي والأموي، و كان من نتائج الغزوات سقوط مملكة الفرس وفقدان البيزنطيين لأقاليمهم في الشام وشمال أفريقيا ومصر ، و نشر الإسلام اللغة العربية ، و من ثم ظهور الحضارة العربية الإسلامية .
    بعد وفاة رسول الله ( ص ) في المدينة المنورة بويع أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة وحارب قبائل العرب في حروب الردة وبعدها غزا المسلمون الروم البيزنطيين والفرس الساسانيين ، ففتحوا الشام ومصر والعراق وفارس ، و ازدهرت بعد ذلك الحضارة الإسلامية في الدول التي دانت بالإسلام ودانت له طواعية تحت ظل الخلافة الراشدة وحكم الدولتين الأموية والعباسية . و لقد ظلت الخلافة الراشدة ثلاثين عاما (632 – 661 م). و في عهد الخليفة عمر بن الخطاب أقيمت أول المدن الإسلامية كالكوفة والفسطاط ومدن إسلامية عديدة .
    تأسست الدولة الأموية (661 - 750 م) وكانت عاصمتها دمشق وحكمت حوالي قرن . وكانت تمتد من غربي الصين إلى جنوب فرنسا حيث كانت الغزوات الإسلامية وقتئذ تمتد من شمال أفريقيا إلى إسبانيا وجنوب فرنسا غرب أوروبا, و بالسند وسط آسيا وفيما وراء نهري جيحون وسيحون . وأقيمت المؤسسات الإسلامية والمساجد والمكتبات في كل البقاع التي فتحها الأمويون .
    وحاول الخلفاء الأمويون بدمشق غزو مدينة القسطنطينية عام 717م. وإبان حكمهم غزوا جميع بلاد شمال أفريقيا. وكان أول نزول لقوات الدعوة الإسلامية في عصر الدولة الأموية وضمت أرض الأندلس بشبه جزيرة إيبيريا (أسبانيا والبرتغال). فكان أول انتصار للمسلمين هناك عام 92 هجرية (711 م) في معركة وادي البرباط, لتبدأ مسيرة الغزوات الإسلامية بجنوب إيطاليا وصقلية. فلقد بلغت الدعوة الإسلامية برنديزي والبندقية بإيطاليا على البحر الأدرياتيكي. وخضعت كل جزر البحر الأبيض المتوسط من إقريطش شرقا حتى قورشقة غربا للحكم الإسلامي .
    وعندما كانت الحضارة الأندلسية في عنفوانها, كانت موقعة بواتييه (بلاط الشهداء) قرب تولوز بوسط فرنسا قدأوقفت المد الإسلامي الكاسح لشمالها. حيث لم ينتصر عبد الرحمن الغافقي على الفرنجة عام 114 هجرية (732 م) عندما قتل بها في معركة بلاط الشهداء. لكنهم رغم هذه الهزيمة, واصلوا غزواتهمم حتي أصبحت تولوز وليون ونهر اللوار تحت السيادة الإسلامية .
    تولّى قتيبة بن مسلم الباهلي قيادة جيوش خراسان سنة 87 هـ (706م)، وقد باشرَ قتيبة فتوحاته في بلاد ما وراء النهر في العام نفسه ففتح بيكند ثم فتحَ بخارى وبلخ سنة 90 هـ وسمرقند سنة 93 هـ وكابل سنة 94 هـ وأخيراً فتح كاشغر سنة 96 هـ (وهي عاصمة تركستان الشرقية) ، وهكذا بلغَ حدود الصين ، ولم يَغزو الصين قط ، غير أنه أجبر إمبراطورها على دفع الجزية للأمويين ، وكانت تلك أقصى فتوحات المشرق .
    وأما محمد بن القاسم الثقفي فقد تولّى في الوقت ذاته فتحَ إقليم السند، حيث فتح مدينة «الدبيل» الواقعة مكان كراتشي اليوم سنة 93 هـ و التي فرَّ منها ملك السند داهر ، الذي التقاه المسلمون لاحقاً في معركة على نهر مهران ، وانتصروا فيها وقتلوا داهر على الرغم من استعانة الهنود بالفيلة في المعركة وأخيراً فتحَ مدينة الملتان سنة 94 هـ ، وهي من أهم مدن تلك البلاد، وبذلك أتمَّ فتح السند وضُمَّت بدورها إلى الدولة الأموية .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف يسير ) .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    صلاح الدين الأيوبي محرر القدس و هازم الصليبيين :

    و القُدْسَ رَدَّ صلاحُ الدينِ مِنْ مَـــلِكٍ ـــــــــــــــــــــــــــــــ يُوَحِّدُ الأرضَ فـــــــالإِفرنْجُ في وَهَنِ

    الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي (532 - 589 هـ / 1138 - 1193 م)، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي قائد عسكري أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة. قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين .
    بعد أن نجح صلاح الدين في أن يجمع مصر وسوريا والحجاز وتهامة والعراق في دولة إسلامية موحدة قوية تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من الشمال والشرق والجنوب، واطمأن إلى وحدتها وتماسكها، انتقل إلى تحقيق القسم الثاني من مخططه السياسي، وهو محاربة الصليبيين وطردهم من البلاد . وجاءَته الفرصة حين تعرّض أرناط آل شاتيون صاحب الكرك لقافلة غزيرة الأموال كثيرة الرجال فأخذهم عن آخرهم ونهب أموالهم ودوابهم وسلاحهم، فأرسل إليه صلاح الدين يلومه ويُقبح فعله وغدره ويتوعده إن لم يطلق الأسرى والأموال، فلما رفض أرسل صلاح الدين، الذي كان آنئذ في دمشق، إلى جميع الأطراف باستدعاء العساكر لحرب أرناط، وتوجه بنفسه إلى بصرى، ومنها إلى الأردن ونزل بثغر الأقحوان .
    في يوم السبت 25 ربيع الآخر سنة 583 هـ، الموافق فيه 5 يوليو سنة 1187م، نزل الصليبيون قرون حطين ،وكان صلاح الدين قد سبقهم إلى هناك وتمركز جيشه في المنطقة العليا منها حيث نبع المياه، وكانت تجهيزات الفرنجة الحربية الثقيلة هي سبب تأخره م في الوصول، ولمّا حصل ووصلوا إلى الموقع كانوا هالكين من العطش لدرجة أنهم شربوا الخمر بدلاً من الماء فسكر منهم الكثير، وهاجموا جيش صلاح الدين فقُتل من الفريقين عدد من الجنود، وكان الصليبيون متحمسين في البداية للحصول على الماء فهزموا المسلمين في أول النهار ولكن دارت الدوائر في آخر النهار، فإنقض الأيوبيون على الجيش الصليبي ومزقوا صفوفه، واستمرت المعركة ساعات طويلة، وما أن انقشع غبارها حتى تبيّن مدى الكارثة التي لحقت بالصليبيين، فقد خسروا زهرة شباب جنودهم، وقُتل العديد من الفرسان والضبّاط المخضرمين، ووقع الملك غي آل لوزينيان وأخوه وأرناط صاحب الكرك وغيرهم من كبار الصليبيين بالأسر .
    رأى صلاح الدين ألا يتوجه مباشرة لفتح القدس بعد انتصار حطين، وإنما رأى أنه من الأسلم أن يسير لفتح مدن الساحل ومن ثم الهجوم على القدس، فرحل طالبًا عكا فأخذها وأنقذ من كان بها من أسرى المسلمين ، ثم تفرقت الجنود الأيوبية في الساحل يأخذون الحصون والقلاع والأماكن المنيعة، ففتحوا نابلس وحيفا والناصرة وقيسارية وصفورية ، وأقام صلاح الدين في عسقلان المناجيق وقاتلها قتالاً شديدًا حتى استسلمت حاميتها، وأقام عليها إلى أن تسلّم أصحابه غزة وبيت جبرين والنطرون بغير قتال، وهكذا كان صلاح الدين قد استرجع أغلب ساحل الشام .
    ظل صلاح الدين في عسقلان حتى نظم إدارتها وسلمها إلى أحد مماليكه واسمه علم الدين قيصر، وأعطاه ولاية عسقلان والقطاع الذي حولها ورحل منها وتوجه إلى القدس لفتحها، ووصلها يوم الخميس في 11 رجب سنة 583 هـ، الموافق فيه 20 سبتمبر سنة 1187م، من جهة عين سلوان حتى يكون الماء قريب من جيشه وأمر جنده بمحاصرة المدينة في هيئة دائرية ، وصلى المسلمين على الجبل الذي حولها يوم الجمعة ، وزحفوا للقتال بعد الصلاة، ولم يكن في المدينة المقدسة قوة كبيرة لحمايتها من الهجوم الأيوبي ، حيث لم يزيد عدد الجنود عن 1400 جندي، أما الباقون فكانوا من الفقراء والأهالي الذين لا خبرة لديهم في القتال وكان باليان بن بارزان فارس من فرسان الفرنجة الكبار يسكن مدينة القدس ويتولى شؤونها منذ أن غادرها الملك غي، وكان باليان هذا هو صاحب مدينة الرملة ، وقاد القتال في ذلك اليوم وانضم إليه الكهنة والشمامسة، وكان ماهرًا في إدارة القتال وتوجيه المقاتلين أمام قوات صلاح الدين، وكان خوفه الأكبر أن يقتل المسلمين كل مسيحيي القدس عند دخولهم كما فعل الصليبيون عندما فتحوا المدينة قبل ما يزيد عن قرن من الزمن، فحث السكان أن يدافعوا عن حياتهم ومقدساتهم حتى الرمق الأخير، وعندما أرسل له صلاح الدين أن يسلم المدينة ويطلب الأمان لم يفعل، وأصر على القتال واستمر في الحرب لمدة 14 يومًا .
    ولما رأى صلاح الدين أن الحرب ستكون شديدة ولم يقدر على احتلال مدينة القدس ، أحضر يوسف البطيط، وهو رجل مسيحي أرثوذكسي مقدسي ،واستخدمه صلاح الدين لمراسلة الفرنجة، وكان يعرف أحوال البلاد وأهلها كما كان يعرف كبار فرسان تلك البلاد، فطلب منه أن يتفق مع المسيحيين الأرثوذكس من عرب وروم يوعدهم بالخير والعفو عنهم إذا لم يساعدوا الفرنجة في القتال وأن يسلموا المدينة لصلاح الدين من الجهة التي يسكنون بها في القدس فيُهلكوا الفرنجة،[139] الذين رفض صلاح الدين أن يعفي عنهم بحال فتح المدينة، حتى هدد باليان بقتل الرهائن المسلمين، والذين يُقدّر عددهم بأربعة الآف مسلم، وتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة، أي قبة الصخرة والمسجد القبلي، الذان يُشكلان المسجد الأقصى، إذا لم يعف صلاح الدين عنهم.
    استشار صلاح الدين الأيوبي مجلسه وقبل هذه الشروط، على أن يتم دفع فدية على كل من فيها مقدارها عشرة دنانير من كل رجل وخمسه دنانير من كل امرأة ودينارين عن كل صبي وكل صبية لم يبلغ سن الرشد .
    دخل صلاح الدين المدينة في ليلة المعراج يوم 27 رجب سنة 583 هـ، الموافق فيه 2 أكتوبر سنة 1187 ، و أمر بترميم المحراب العمري القديم و حمل منبر مليح من حلب كان الملك نور الدين محمود بن زنكي قد أمر بصنعه ليوضع في المسجد الأقصى متى فُتح بيت المقدس، فأمر صلاح الدين بحمله من حلب و نُصب بالمسجد الأقصى .
    وقد ابتهج المسلمون ابتهاجًا عظيمًا بعودة القدس إلى ربوع الأراضي الإسلامية والخلافة العباسية، وحضر ناس كثيرون ليسلموا على السلطان ومن هؤلاء الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي، الشاعر المشهور، فأنشد صلاح الدين قصيدة طويلة من مائة بيت يمدحه ويُهنئه بالفتح ، ومما جاء في القصيدة :

    هذا الذي كانت الآمال تَنْتَظِرُ فَلْيوفِ لله أقوامٌ بما نَذَر
    هذا الفتوحُ الذي جاء الزمانُ به إليك من هفوات الدهر يعتذرُ
    تَجُلّ علياه عن دح يُحيط به وصفٌ وإن نظم المّدَاح أو نثروا
    لقد فتحتَ عَصيّاً من ثُغورهمُ لولاك ما هُدَّ من أركانها حَجَرُ

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف يسير ) .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    معركة عين جالوت إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي :

    رُدَّ المـــــــــــــغولُ بقُطْزٍ قام مُنتقمًا ـــــــــــــــــــــ و قاد بِيبَرسُ جيشَ العز لم يَــــــــهُنِ

    معركة عين جالوت (25 رمضان 658 هـ / 3 سبتمبر 1260) هي إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ، إذ استطاع جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز من إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا ، وقعت المعركة بعد انتكاسات مريرة لدول ومدن العالم الإسلامي، حيث سقطت الدولة الخورازمية بيد المغول ثم تبعها سقوط بغداد بعد حصار دام أياماً فاستبيحت المدينة وقُتل الخليفة المستعصم بالله فسقطت معه الخلافة العباسية ، ثم تبع ذلك سقوط جميع مدن الشام وفلسطين و خضعت لهولاكو .
    كانت مصر في تلك الفترة تئِنُّ من الصراعات الداخلية والتي انتهت باعتلاء سيف الدين قطز عرش مصر سنة 657 هـ / 1259 سلطانا لمماليك مصر. فبدأ بالتحضير لمواجهة التتار، فقام بترتيب البيت الداخلي لمصر وقمع ثورات الطامعين بالحكم، ثم أصدر عفواً عاماً عن المماليك الهاربين من مصر بعد مقتل فارس الدين أقطاي بمن فيهم بيبرس، ثم طلب من العز بن عبد السلام إصدار فتوى تُشرع له جمع الضرائب على سكان مصر بعد أن واجهته أزمة اقتصادية عجز من خلالها عن تجهيز الجيش، وكان له ما أراد وأصدر العز بن عبد السلام فتوى تجيز جمع الضرائب بشروطٍ خاصة ومحددة، ما إن انتهى قطز من تجهيز الجيش حتى سار به من منطقة الصالحية شرق مصر حتى وصل إلى سهل عين جالوت الذي يقع تقريباً بين مدينة بيسان شمالاً ومدينة نابلس جنوباً في فلسطين، وفيها تواجه الجيشان الإسلامي والمغولي، وكانت الغلبة للمسلمين، واستطاع الآلاف من المغول الهرب من المعركة واتجهوا قرب بيسان، وعندها وقعت المعركة الحاسمة وانتصر المسلمون انتصاراً عظيماً، وأُبيد جيش المغول بأكمله .
    كان لمعركة عين جالوت أثراً عظيماً في تغيير موازين القوة بين القوى العظمى المتصارعة في منطقة الشام، فقد تسببت خسارة المغول في المعركة من تحجيم قوتهم، فلم يستطع القائد المغولي هولاكو الذي كان مستقراً في تبريز من التفكير بإعادة احتلال الشام مرةً أخرى، وكان أقصى ما فعله رداً على هزيمة قائده كتبغا هو إرسال حملة انتقامية أغارت على حلب .
    المعركة :
    صلى جيش المسلمين صلاة الفجر يوم الجمعة 25 رمضان 658 هـ / 3 سبتمبر 1260م، ورتبوا صفوفهم بعد الصلاة واستعدوا، وما إن أشرقت الشمس حتى أتى جيش التتار لسهل عين جالوت من الشمال، ولم يكن في السهل أحد من المسلمين، فقد كانوا يختبؤن خلف التلال، وكانت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس لا تخفي نفسها، وكان الهدف من هذه الخطة حتى يعتقد جواسيس التتار أن هذه المقدمة هي كل الجيش .
    نظر كتبغا إلى مقدمة جيش المسلمين فوجد القوة الظاهرة أمامه قوة قليلة جداً، فأراد أن يحسم المعركة لصالحه بأسرع وقت، وقرر أن يدخل بكامل جيشه وقواته لقتال مقدمة الجيش (وهذا ما خطط له قطز)، أعطى كتبغا إشارة البدء لقواته بالهجوم على المقدمة التي ظن أنها كل الجيش، فتقدمت أعداد هائلة من فرسان التتار باتجاه مقدمة الجيش، وقف بيبرس هو وجنوده في أماكنهم حتى اقتربت منهم جموع التتار، عندها أعطى بيبرس لجنوده إشارة بدأ القتال، فانطلقوا باتجاه جيش التتار، وارتفعت سحب الغبار من المعركة وتعالت أصوات دقات الطبول، واحتدم القتال للحظات، وثبتت مقدمة الجيش في القتال وكانت مكونة من خيرة فرسان المماليك، قرر كتبغا استخدام كامل قواته لقتال مقدمة الجيش بعد أن رأى منهم الثبات في القتال، دون أن يترك أي قوات للاحتياط خلف جيش التتار، استمر القتال سجالاً على الرغم من الفجوة العددية الكبيرة بين القوتين، ثم دقت الطبول دقات معينة وهي عبارة عن أوامر من قطز إلى بيبرس بسحب التتار إلى داخل سهل عين جالوت، بدأ بيبرس على الفور في تنفيذ الأوامر، فأظهر للتتار الانهزام وتراجع بظهره وهو يقاتل، وكان التراجع الذي نفذه بيبرس وجنوده تراجعاً سريعاً وذلك حتى لا تهلك مقدمة الجيش، عندما رأى كتبغا تراجع المسلمين أمر جنده بتتبعهم والقضاء عليهم، وبدأ جيش التتار في دخول سهل عين جالوت للضغط على الجنود الذين انسحبوا، وبعد مدة من الزمن ليست بالقليلة دخل جيش التتار بأكمله داخل سهل عين جالوت، وانسحب ركن الدين بيبرس بجنوده إلى الناحية الجنوبية من السهل، ارتكب كتبغا خطأً جسيماً بعدم تركه قوات احتياطية خارج السهل لتؤمن طريق العودة في حال الخسارة ولتمنع التفاف جيش المسلمين حول التتار .
    في هذا الوقت نزل جيش المسلمين الرئيسي من خلف التلال إلى ساحة المعركة، وأسرعت فرقة قوية من المماليك لغلق المدخل الشمالي لسهل عين جالوت، وبذلك أحاطت قوات جيش المسلمين بالتتار من كل جانب، أيقن عندها القائد كتبغا المكيدة التي انطوت عليه من المسلمين، وبدأ صراع لا مجال فيه للهرب أو المناورة .
    قرر قطز أن ينزل بنفسه لأرض المعركة، فرمى خوذته وأخذ يصرخ «واإسلاماه... واإسلاماه»، واحتدم القتال في سهل عين جالوت، وكان فيه أن صوّب أحد التتار سهمه نحو قطز، فأخطأه وأصاب فرسه وقتل الفرس، واستمر القتال وقطز في أرض المعركة يقاتل، وبدأت الكفة تميل لصالح المسلمين، وارتد الضغط على التتار، وتقدم أمير من أمراء المماليك واسمه جمال الدين آقوش الشمسي واخترق صفوف التتار حتى وصل لكتبغا، ودار بينها قتال فتمكن آقوش من كتبغا وقتله، وبقتله قتلت العزيمة عند جيش التتار، وأصبحوا يقاتلون ليفتحوا لأنفسهم طريقاً في المدخل الشمالي لسهل عين جالوت ليتمكنوا من الهرب، واستطاعوا فتح ثغرة في المدخل الشمالي، وخرجت أعداد كبيرة منهم باتجاه الشمال، وخرج المسلمون في طلبهم، حتى وصل التتار الفارون إلى مدينة بيسان، وعندما وصل إليهم المسلمين، لم يجد التتار أمامهم إلا أن يعيدوا تنظيم صفوفهم ويصطفوا من جديد، ودارت بين الطرفين معركة كبيرة قرب بيسان، وقاتل التتار فيها قتالاً شديداً، وبدؤا يضغطون على المسلمين، ودارت الدائرة لهم، عندها كرر قطز ما فعله في عين جالوت وأخذ يصيح بالجند «واإسلاماه... واإسلاماه... واإسلاماه» ثلاثاً، كانت هذه الكلمات دفعة معنوية لجنود جيش المسلمين، وأقبل الجند على القتال وارتفعت راية الإسلام وهوت راية التتار، وبدأ جنود التتار في التساقط، وكانت نتيجة المعركة أن أُبيد جيش التتار بأكمله .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف يسير ) .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    غزو المغول للعالم الإسلامي :

    كان المـغولُ لأهل الشرقِ قد طَحنُوا ــــــــــــــــــــــ و خرَّبوا الأرض ، فالعُمران كالدِّمَنِ

    تعتبر الإمبراطورية المغولية أضخم إمبراطورية ككتلة واحدة بالتاريخ البشري، فالقرنين الثالث عشر والرابع عشر كانا يُسمّيان بعصر المغول. و من العوامل التي ساعدت الجيش المغولي على الانتشار السريع بالعالم واحتلالهم العديد من البلدان هي الانضباطية العسكرية البحتة وعدم التسامح بالمرة مع من هو بغير صفهم . و أعداد ضحايا المعارك والمجازر والفيضانات والمجاعات التي سببتها تلك الحروب والغزوات المغولية تقترب من سقف الأربعين مليون شخص كمعدل متوسط كما تشير بعض التقارير.
    وصفت المصادر القديمة غزوات المغول بأنها دمار شامل وعلى نطاق لم يسبق له مثيل في بعض البلدان والمدن، وهذا أدى إلى التغيير في ديموغرافية بعض مناطق آسيا، مثال على ذلك: الكثير من مناطق آسيا الوسطى كانوا يتكلمون اللغات الآرية أو الإيرانية وقد استبدلوا بشعوب ناطقة اللغات التركية، الجزء الشرقي من العالم الإسلامي مر بتجربة مريعة من المجازر والمذابح على أيدى المغول وحولت شمال وشرق إيران إلى صحراء. ما بين عامي 1220 و1260 انخفض السكان بإيران من 2.5 مليون إلى العشر أي 250 ألف نسمة جراء الإبادة الضخمة للبشر والمجاعات .
    بحساب المؤرخ الغربي "روميل" قدر بأن 30 مليون شخص قتل تحت حكم المغول، فسكان الصين انخفض إلى النصف خلال 50 عاما من حكم الإمبرطورية المغول، قبل الغزو المغولي كان تعداد الصين يقارب 120 مليون نسمة وبعد أن اكتمل الاحتلال المغولي عام 1279 إحصاء عام 1300 كان التعداد السكان بالكاد وصل 60 مليون نسمة . يقول "ديفيد نيكول" في كتابه "المغول سادة الحرب": "الرعب والإبادة لكل من هو ضدهم كان من أفضل التكتيكات المغولية" . مات حوالي النصف تقريبا من الشعب الروسي خلال تلك الغزوات ، و قدر أيضا المؤرخين أن نصف سكان المجر ذات المليوني نسمة قد قضى نحبه ضحية تلك الغزوات .
    نهاية الدولة الخوارزمية :
    في جزيرة نائية في بحر قزوين وجد السلطان علاء الدين محمد الخوارزمي نفسه وحيدًا شريدًا، ذهب عنه سلطانه، وضاعت دولته، وفقد جاهه وملكه أمام إعصار المغول المدمر، الذي اجتاح كل شيء . و قضى في تلك الجزيرة شهرا كأنه دهر، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في (13 شوال 617 هـ= 17 ديسمبر 1220م) أوصى بالسلطنة من بعده لابنه جلال الدين.
    غزو المغول :
    ولي جلال الدين السلطنة في ظروف قاسية و المغول يسيطرون على بلاد ما وراء النهر ، وهي تعد أهم أجزاء دولته المتداعية، وامتلكوا إقليم "مازندران" على حصانته ومناعته، وسيطروا على الري وقزوين وتبريز عاصمة أذربيجان وبلاد الكرج . و بعد أن أجهز جنكيزخان على بلاد ما وراء النهر وبلاد العراق وأذربيجان، شرع في السيطرة على خراسان وخوارزم حتى تتم له السيطرة على بلاد الدولة الخوارزمية قاطبة، فأعد لهذه المهمة جيشين سنة (618 هـ= 1220م) عبر أحدهما نهر جيحون وقصد مدينة بلخ فاستسلمت صلحا، ولم يتعرض لها المغول بالسلب والنهب على غير عادتهم، وواصل المغول تقدمهم في بلاد خراسان فسقطت مدنها واحدة بعد أخرى، ثم حاصروا مدينة مرو حاضرة الدولة الخوارزمية حتى استسلمت، وأحدثوا فيها ما تشيب له الولدان من الأهوال التي حلت بها، وهلك سكانها جميعا رجالا ونساء وولدانا، وكانوا نحو 700 ألف، ثم ساروا إلى نيسابور فاستولوا عليها وارتكبوا فيها من الفظائع ما ارتكبوه مع غيرها من المدن، وواصلوا زحفهم نحو طوس فأخذوها دون عناء ثم بسطوا سيطرتهم على هراة ، أما الجيش الآخر فقد اتجه إلى خوارزم، لكنه لقي مقاومة عنيدة من أهلها بعد أن لبسوا ثياب الصبر والثبات فلم يؤثر في عزمهم ضراوة الهجوم وشدة الحصار، وصمد أهل خوارزم لهذا البلاء خمسة أشهر دارت خلالها معارك عنيفة قُتل من الفريقين أعداد هائلة، ولم يجد المغول بدا من طلب العون والمدد فأمدهم جنكيزخان بما يطلبون؛ فمكنهم ذلك من الاستيلاء على المدينة بعد جهد وعناء، وكان جزاء المدينة على هذا الصمود فظائع مهلكة حيث قام المغول بقتل أهلها جميعا، وفتحوا ماء جيحون على المدينة فأغرقها، فمن سلم من السيف غرق بالماء.
    كان المغول يتعقبون جلال الدين؛ لكونه أقدر الخوارزميين على جمع الناس ضدهم وأكثرهم جرأة على الحرب والقتال، حتى إذا بدأت طلائع الجيش المغولي تزحف نحو غزنة للاستيلاء عليها والقضاء على السلطان الجديد قبل أن تشتد شوكته، فاجأها جلال الدين بهجوم خاطف في ربيع الأول (618 هـ= 1221م) لم تصمد له ولحقتها هزيمة كبيرة قُتل فيها ألف رجل منهم؛ فكان لذلك أثر عظيم في نفسه استرد به ثقته وثبّت قدمه، فلما التقى بقوات المغول الرئيسية التي أعقبت طلائعها صمد لها في القتال وألحق بها هزيمة مدوية وولّى فرسانها الأدبار، وجنود السلطان يتعقبونهم بالقتل والأسر.
    وما كادت أنباء هذا النصر تصل إلى بعض المدن التي في أيدي المغول حتى عمها الفرح والبشر، وظنت أن ساعة الخلاص قد اقتربت فثارت في وجه المغول، وكانت "هراة" واحدة من تلك المدن، غير أن فرحها تحول إلى مأساة محزنة؛ إذ قدم عليها جنكيزخان واستعاد سيطرته عليها وقتل أهلها.
    عاقبة الفرقة : و بدلا من أن يزيد النصر الذي حققه المسلمون وحدة إلى وحدتهم ويوثق عراهم أمام الخطر الذي لا يزال محدقا بهم، تنازعوا فيما بينهم على الغنائم التي حصلوا عليها، وعجز السلطان عن تدارك الانقسام الذي حدث، وترتب على ذلك أن انسحب أحد القادة بقسم كبير من الجيش الخوارزمي دون تقدير للمسئولية، وغادر غزنة دون أن يستجيب لتوسلات السلطان الذي بكى بين يديه ووجد نفسه في قوات لا تقدر على مقاومة إعصار المغول؛ فانسحب بها إلى سهل يقع غربي نهر السند حين علم بقدوم المغول بقيادة جنكيزخان إلى إقليم غزنة للانتقام من جلال الدين منكبرتي والثأر لهزيمة جيشه على يديه.
    و جمع جلال الدين السفن ليعبر بها إلى نهر السند هو وجنوده إلى الهند لعله يجد فيها مأمنه، ولكن بحّارة السفن لاذوا بالفرار حين علموا بقدوم جنكيز خان تاركين السلطان وجنوده على الشاطئ، فاضطروا إلى خوض معركة لم يستعدوا لها ودارت معركة غير متكافئة ثبت فيها جلال الدين لهجوم المغول وحمل بنفسه حملة صادقة على قلب الجيش المغولي كادت تزلزله، ولكن ميسرة جيش جلال الدين لم تتحمل ضربات المغول فانكشفت وتبددت، ووقف السلطان على رأس 700 من رجاله يقاتلون في بسالة وثبات جحافل المغول، ولكن دون جدوى، واضطر أن يولي وجهه شطر النهر وقذف بنفسه في النهر وتبعه ما بقي من رجاله وعبروا النهر إلى الضفة الأخرى، ووقع في الأسر ابن للسلطان وكان طفلا في الثامنة، ولكن جنكيزخان لم يرحم طفولته فقتله بيده، ولما عبر السلطان إلى الجهة الأخرى رأى والدته وأم ولده وحريمه يصحن بأعلى صوتهن: "بالله عليك اقتلنا وخلّصنا من الأسر"، فأمر بهن فأغرقن.
    وهمّ كثير من المغول بعبور النهر واللحاق بجلال الدين، لكن جنكيزخان منعهم واكتفى بهذا النصر الذي أعاد للمغول هيبتهم، وحقق لهم الاستيلاء على غزنة التي كانت خالية من الجند.
    اتجه جلال الدين إلى الهند مع الناجين من رجاله وكانوا أربعة آلاف على هيئة مزرية ، غير أنهم في أثناء بحثهم لم يراعوا حرمة ولا خلقا فأغاروا على بعض البلاد وأحدثوا بها خرابا وتدميرا وفرضوا إتاوات على أهلها . وقضى السلطان في الهند ثلاث سنوات جمع فيها قوة كبيرة من الجند الفارين من وجه المغول في الهند، وانضم إليه كثير من القادة الخوارزميين الذين قدموا إليه، وآلاف من المتطوعين الراغبين في الدفاع عن الإسلام، ونجح في مهاجمة بعض الأقاليم الهندية الواقعة في حوض نهر السند وغنم منها غنائم كثيرة وأخضعها لسلطانه.
    وبعد أن استقر جلال الدين عمل جاهدا على إعادة الأمن وإصلاح ما خربه المغول وتجهيز جيش للوقوف على أهبة الاستعداد، وامتد سلطانه على أقاليم خوارزم وغزنة وكرمان وفارس وخراسان ومازندران.
    وعلى الرغم من تحسن الأوضاع نسبيا لجلال الدين فإنها لم تكن كافية للصمود أمام المغول؛ فالدولة كانت منهكة من أثر التخريب والدمار الذي ألحقه المغول بالبلاد، والأحوال فيها مضطربة، والصلات والروابط التي تعين على مواجهة المحن قد تقطعت بين شعوب تلك المنطقة، وغلب على الناس إيثار السلامة بعد الأهوال التي شاهدوها، ولكل هذا لم ينجح جلال الدين في وقف الهجمة المغولية التي بعثها "أوكتاي" خاقان المغول الجديد، وكان قد أرسل جيشا من 30 ألف مقاتل لشن حرب شاملة على جلال الدين، فعبر نهر جيحون ووصل بسرعة إلى الأقاليم الغربية من الدولة الخوارزمية واستولى على الري وهمدان وما بينهما، ووصل إلى أذربيجان سنة (628 هـ= 1231م)، ولم يقدر جلال الدين على لقائهم وفر من أمامهم وهم في إثره يطاردونه.
    وعندما رحل جلال الدين إلى تبريز كانوا وراءه، وأرغموه على التقهقر إلى سهل موقان المجاور للساحل الغربي من بحر قزوين قبل أن يتمكن من جمع جيوشه، وحاول أن يستنجد بالخليفة العباسي وأمراء ديار بكر ولكنهم تقاعسوا عن نصرته، وتركوه يلقى نهايته وحيدا دون معاون أو نصير، فلما وصل إلى آمد في أعالي نهر دجلة لحق به المغول وهزموه شر هزيمة وقتلوا كثيرا من جنده واستولوا على ما بيده من سلاح.
    نهاية السلطان : لجأ السلطان جلال الدين بعد هذه المعركة إلى جبال كردستان بعد أن يئس المغول من تتبعه للقضاء عليه، وظل هناك هائما على وجهه حتى عثر عليه رجل كردي وأخبره أنه هو السلطان جلال الدين، فأخذه الكردي إلى منزله، وخرج ليدبر له بعض خيوله ليستعين بها السلطان في رجوعه إلى بلاده، وبينما كان الكردي غائبا عن منزله أتى كردي آخر لزيارته فلما دخل المنزل رأى السلطان فعرفه، وكان قد قتل أخًا له في إحدى غزواته، فضربه بحربته التي كانت في يده فنشبت بين أضلعه وسقط السلطان قتيلا، وذلك في (15 شوال 628 هـ= 9 أكتوبر 1231م) .
    وبمقتله سقطت الدولة الخوارزمية أمام المغول الذين سيطروا على أراضيها، وبدأت بعد ذلك مرحلة جديدة للغزو المغولي قادها هولاكو حفيد جنكيزخان فقضى على الخلافة العباسية في بغداد وسقطت في يديه مدن الشام كحلب ودمشق .
    أوضاع الدولة العبَّاسيَّة :
    كانت بغداد عاصمة الدولة العبَّاسيَّة وح اضرة الخِلافة الإسلاميَّة مُنذ حوالي 496 سنة، وقارب عدد سُكَّانها آنذاك مليون نسمة، إلَّا أنَّ سُلطة الخُلفاء العبَّاسيين في هذا الوقت كانت قد ضعًفت، وانحسر نُفوذهم حتَّى أصبح يقتصر تقريبًا على مُعظم العراق وأجزاء من فارس .
    وفي سنة 640 هـ المُوافقة لِسنة 1242م تولَّى أبو عبدُ المجيد عبدُ الله المُستعصم بالله أمر الخِلافة، ويبدو أنَّهُ لم يكن خيرًا من أسلافه، إذ اتصف بالطيش واللامُبالاة والتهوُّر ومال إلى الشهوات الدُنويَّة، وفق ما ورد في المصادر الإسلاميَّة القديمة، فقد وصفه ابن كثير قائلًا: «كَانَ فِيهِ لِينٌ وَعَدَمَ تَيَقُظٍ وَمَحَبَّةٌ لِلمَالِ وَجَمعِهِ» . ووصفهُ المُؤرَّخ ابن أيبك الدواداري قائلًا: «كَانَ فِيهِ هَوجٌ، وَطَيْشٌ، وَظُلمٌ، مَع بَلَهٍ، وَضِعفٍ، وَانقِيَادٍ إِلَى أَصحَابِ السُّخفِ. يَلعَبُ بِطُيُورِ الحَمَامِ، وَيَركَبُ الحِمِيرَ المِصْرِيَّةَ الفُرءِ». أمَّا عن الأحوال الداخليَّة في بغداد والعراق حينذاك، فالواقع أنها كانت سيئة جدًا نظرًا لِعدم جديَّة المُستعصم في إدارة الشُؤون العامَّة، فقد أصاب بغداد في أواخر صيف سنة 654 هـ المُوافقة لِسنة 1256م سيلاً ضخمًا أغرقها وأزال بيوتًا ومتاجر كثيرة برُمّتها، وفشا السلب والنهب، وخربت نصف أرض العراق، وأُطلق على هذا السيل تسمية «الغرق المُستعصمي» .
    قتل المغول جلال الدين خوارزم شاه بعد مُقاومةٍ باسلة، واستولوا على مملكته، وارتكبوا العديد من المذابح البشعة، وبذلك أصبح الطريق نحو جنوب غرب آسيا مفتوحًا أمام المغول . وعندما تولَّى مونكو خان الحُكم، قرَّر استكمال الفُتوحات التي بدأها جده جنكيز خان، فأعدَّ العدَّة لِذلك، واختار لِقيادة الفُتوحات عدد من إخوته جعل كُلٌ منهم قائدًا على الجُيوش المُتوجهة في كُل صوب. ووقع اختيار مونكو خان على أخيه هولاكو لِقيادة الجُيوش المُكلَّفة بفتح غرب فارس ومصر والشَّام والأناضول وأرمينية .
    كان المُستعصم قد لجأ ورجاله إلى مُصانعة المغول بالمال والهدايا في مُحاولةٍ لِتجنُّب الدُخول في معركةٍ معهم، ولم يكن الخليفة الوحيد من بين حُكَّام المُسلمين الذين لجأوا إلى تلك السياسة في التعامل مع المغول، فشاركه في ذلك بدرُ الدين لؤلؤ حاكم الموصل الذي دخل في طاعة المغول ، والنَّاصر يُوسُف حاكم دمشق الذي راسل المغول سرًا، وكان يصلهم بالهدايا مع ابنه العزيز ووزيره زين الدين الحافظي لِيتحالفوا معه ضدَّ مصر ، والملك المُغيث حاكم الكرك الذي كان أيضًا على تواصلٍ مع المغول .
    في أواخر شهر كانون الثاني (يناير) يناير سنة 1257م، تحرَّك هولاكو بالجيش وبصحبته أُمراء المغول والقادة وحُكامٌ وكُتّابٌ من إيران. ولمَّا وصل أسد أباد، أرسل للمُستعصم يأمُره بأن يأتيه ، فماطلهُ المُستعصم في البداية ، ثُمَّ حاول استرضائه ومُهادنته .
    يوم 23 مُحرَّم 656 هـ المُوافق فيه 29 كانون الثاني (يناير) 1258م، بدأ قصف المغول لِبغداد بالمجانيق. كان هولاكو في قلب جيشه مُحاصرًا لِلمدينة من أمام البُرج العجمي، والقادة کوکه إغŒلگه نويان وفربا أمام بوابة كلواذي، وقولي وبولغا وتوتار وشيرامون وأرقيو أمام باب سوق السلطان، وبايجو وسونجاق أمام غرب المدينة عند البيمارستان العضدي، وتمكنت المجانيق من إحداث ثغرة في البرج العجمي . أحسَّ الخليفة بِالخطر، وأنَّ الأمر قد خرج من يديه؛ فسعى في التوصُّل إلى حلٍ سلميٍّ مع هولاكو .
    ينقل ابن كثير أنَّ الجيش العبَّاسي المُدافع عن المدينة كان لا يبلغ أكثر من عشرة ألاف فارس، وصفهم بـ«القلَّة ونهاية الذلَّة»، بعد أن كانوا خِلال السنوات القليلة السابقة يبلغون حوالي 100,000 جُندي .
    في يوم الجُمُعة 26 مُحرَّم 656 هـ المُوافق فيه 1 شُباط (فبراير) 1258م، هدم المغول جُزءٌ من البُرج العجمي، وبعد ثلاثة أيَّام تسلَّق المغول البُرج، وقتلوا حاميته. وبِحُلول مساء ذلك اليوم، سيطر المغول على الأسوار الشرقيَّة. كما أمر هولاكو بنصب المجانيق على مجرى النهر، وقطع أي مُحاولة لِلهُروب عبره .
    وفي يوم الأحد 5 صفر 656 هـ المُوافق فيه 10 شُباط (فبراير) 1258م، خرج المُستعصم وأولاده أبو الفضل عبدُ الرحمظ°ن وأبو العبَّاس أحمد وأبو المناقب مُبارك، ومعهم 700 من القضاة والفقهاء والأُمراء ورجال الدولة والأعيان لِلقاء هولاكو، فأُوقفوا وسُمح لِسبعة عشر رجلٍ فقط بمُصاحبة الخليفة إلى هولاكو، وأُمر بالباقين فقُتلوا ، وأمر هولاكو الخليفة بأن يأمر سُكَّان بغداد بالخُروج دون أسلحة ليتم إحصائهم، ففعلوا، فغدر بهم المغول وقتلوهم .ثم وُضع الخليفة وأولاده وأتباعه تحت الحراسة بالقُرب من باب كلواذي فى معسكر كتبغا نويان .
    المذبحة الكُبرى وتدمير بغداد :
    في يوم الأربعاء 9 صفر 656 هـ المُوافق فيه 14 شُباط (فبراير) 1258م، اجتاح المغول طُرقات بغداد، واستباحوها وقتلوا كُلَّ نفسٍ صادفتهم ونهبوا وحرقوا كُل ما صادفوه عدا بعض بُيُوتٍ للرُعاة والغُرباء ، كما أمَّن المغول سُكَّان بغداد المسيحيين على حياتهم بِتوصية من زوجة هولاكو النسطوريَّة دوقوز خاتون وكذلك اليهود ومن التجأ إلى دار ابن العُلقُمي، وطائفةٌ من التُجَّار بذلوا المال ليسلموا وذويهم من القتل . وكان أغنياء بغداد من المُسلمين يُدركون المكانة التي يحتلها السُريان لدى هولاكو لذا سارعوا الى وضع أموالهم أمانةً لدى بطريرك السُريان النساطرة لكي لا ينهبها جُنود هولاكو. وعرض هولاكو قصر الخلافة لِلبطريرك سالف الذِكر، وأمر لهُ بِبناء كاتدرائيَّة ، وأقدم المغول على إحراق عدد من معالم المدينة وأماكنها المُقدَّسة، مثل جامع الخليفة ومشهد موسى الجوَّاد ومقابر الخُلفاء . ودمَّروا بيت الحكمة وغيره من مكتبات بغداد النفيسة، و ألقوا بالكُتب في نهر دجلة حتى أسودَّ لونه من المداد.
    استباح المغول بغداد أربعين يومًا ، فمالوا على البلد وقتلوا جميع من قدرُوا عليه من الرِّجال وَالنِّساء والولدان والمشايخِ والكُهُول والشُّبَّان، فكانوا يذبحون الرجل، ويسبون من يختارونه من بناته وجواريه، و لم ينجُ من هذه المذبحة سوى القليل، وأغلبهم كان ممن اختبأ في الآبار وأقنية المجارير والأوساخ، وأقدم بعض الناس على الاختباء في الحانات والدكاكين وأقفلوا الأبواب على أنفُسهم، فكان المغول يكسرون الأبواب أو يحرقوها، ويقتحمون تلك الأماكن ويقتلون من فيها، وقام بعض هؤلاء بِمُحاولة الاحتماء على السُطوح، فكان المغول يصعدون ورائهم ويذبحونهم، فتسيلُ دمائهم في المزاريب إلى الأزقَّة. يقولُ ابن كثير: «... وَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي الْآبَارِ وَأَمَاكِنِ الْحُشُوشِ، وَقُنِيِّ الْوَسَخِ، وَكَمَنُوا كَذَلِكَ أَيَّامًا لَا يَظْهَرُونَ، وَكَانَ الْفِئَامُ مِنَ النَّاسِ يَجْتَمِعُونَ فِي الْخَانَاتِ، وَيُغْلِقُونَ عَلَيْهِمُ الْأَبْوَابَ، فَتَفْتَحُهَا التَّتَارُ إِمَّا بِالْكَسْرِ أَوْ بِالنَّارِ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ فَيَهْرُبُونَ مِنْهُمْ إِلَى أَعَالِي الْمَكَانِ، فَيَقْتُلُونَهُمْ فِي الْأَسْطِحَةِ، حَتَّى تَجْرِيَ الْمَيَازِيبُ مِنَ الدِّمَاءِ فِي الْأَزِقَّةِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ...» . وحرق المغول كُتب العلم والأدب، وقيل أنهم استخدموها جسرًا لِعُبور النهر .
    اختلف المؤرخون في عدد من قُتلوا في بغداد، فمنهم من قدَّرها بِحوالي 90,000 أو 200,000 قتيل ، وحسب المصادر الفارسيَّة فإنَّ القتلى تراوح عددهم ما بين 800,000 إلى 2 مليون، وقال ابن تغري بردي أنهم بلغوا أكثر من 1,800,000 نفس، أو مليوني نفس ، فيما رجَّح الذهبي في كتابه «تاريخ الإسلام» أن القتلى كانوا 800,000 نسمة . وبعد الأربعين يومًا، أوفد أهل بغداد شرف الدين المراغي وشهاب الدين الزنجاني إلى هولاكو يطلبون الأمان، فأصدر هولاكو أوامره بوقف النهب، وانصرف أهل بغداد إلى مُزاولة أنشطتهم اليوميَّة .
    إعدام المُستعصم : في يوم الجُمُعة 11 صفر 656 هـ المُوافق فيه 16 شُباط (فبراير) 1258م، دخل هولاكو قصر الخليفة، وأمرهُ أن يدُلَّه على كُنوزه، فدلَّهُ الخليفة من خوفه على أحواضٍ تحت ساحة القصر، مملوءة بالذهب الأحمر . و يذكر مُؤرِّخ المغول رشيد الدين فضل الله الهمذاني ( أنَّ ما جمعهُ بني العبَّاس خلال خمسة قُرونٍ من أموال أصبح غنيمةٍ للمغول، فجمعوه وكدَّسوه حتَّى صار وكأنَّهُ جبلٌ على جبل ) .
    أمر هولاكو بِوضع الخليفة في السجن وأن يُمنع الطعام عنه، ولمَّا طلب المُستعصم بشيءٍ من الطعام أرسل له هولاكو طبقًا فيه جواهر ذهب وفضَّة وطلب منه أن يأكلهم .
    وفي 14 صفر 656 هـ المُوافق فيه 19 شُباط (فبراير) 1258م ، أرسل هولاكو في طلب الخليفة . ولمَّا يئس الخليفة من إنقاذ حياته استأذن في أن يذهب إلى الحمَّام لِيُجدد اغتساله ويكون على طهارةٍ إن قرر المغول قتله .
    وفي مساء ذلك اليوم، أمر هولاكو بِإعدام الخليفة، فقتلهُ المغول بعد أن جُمع في سجَّاد، وركلوه ركلاً بالأرجل حتَّى مات ، وقيل خنقوه أو أغرقوه . وقيل أنَّهم قتلوه بهذه الطريقة كي لا تسيل دماءه على الأرض فيُصبح له ثأر بين المُسلمين . وكان عُمرُهُ يومئذٍ ستًّا وأربعين سنةً وأربعة أشهُرٍ، وبلغت مُدَّةُ خِلافَتهِ خمس عشرة سنةً وثمانيةُ أشهُرٍ وأيَّام. كما قتل المغول الابن الأكبر لِلخليفة أبو العبَّاس أحمد ولهُ خمسٌ وعُشرون سنة، ثُمَّ قُتل ولدهُ الأوسط أبو الفضل عبدُ الرحمظ°ن ولهُ ثلاثٌ وعُشرون سنة، وأُسر ولده الأصغر مُبارك وسُبيت بناته فاطمة وخديجة ومريم. وفي اليوم التالي لِإعدام الخليفة، تتبع المغول العباسيين قتلًا، فقضوا على كُلِّ شخصٍ وجدوه حيًّا من العبَّاسيين إلَّا أفرادًا قلائل لم يأبهوا لهم. وبذلك قُضي على دولة خُلفاء آل العبَّاس الذين حكموا بعد بني أُميَّة وكانت مُدَّة خلافتهم خمسًا وعشرين وخمسُمائة سنة وعددهم سبعةٌ وثلاثون خليفة .
    خرج الناس من مخابئهم ، و كان من بقي على قيد الحياة من أهالي بغداد قد أصبح في أسوأ حال، بعد أن مضى عليهم أربعين يومًا مُختبئين في الأقنية والمجاري تحت الأرض، ولمَّا نُودي بِبغداد بِالأمان خرج من كان تحت الأرض بِالمطامير والقُنيِّ والمغاير، كأنَّهم الموتى إذا نُبشوا من قُبورهم، وبلغ من هول صدمة الناس وخوفهم أن أنكروا بعضهم بعضًا، فلم يعرف الوالد ولدهُ، ولا الأخ أخاه ، وظلَّوا على تلك الحال فترةً من الوقت حتَّى أدركوا نهاية محنتهم، فبادروا إلى دفن الضحايا المُتناثرين، وطهَّروا الطُرق من جُثث القتلى والحيوانات النافقة وفتحوا الأسواق من جديد .انتشار الأوبئة والأمراض
    رُغم اختلاف التقديرات حول عدد القتلى في بغداد إلَّا أنَّهُ من المُتفق أنَّها كانت أعدادًا ضخمةً جدًا، وقد تناثرت الجُثث في الطُرقُات كأنها التُّلُولُ، ثُمَّ تساقطت عليهم الأمطار فتغيَّرت صُورتهم، وأنتنت المدينة من جيفهم، وتغيَّر الهواء، واضطر هولاكو أن ينقل مُخيمه من المدينة بِسبب رائحة العُفونة التي انطلقت من جيف القتلى . وحصل بِسبب ذلك وباءٌ شديد حتَّى تعَدَّى وسرى في الهواء إِلى الشَّام، فمات خلقٌ كثيرٌ من تغيُّر الجوِّ وفسادِ الرِّيحِ في حلب ودمشق . يقولُ ابن كثير في هذا المجال: «فَاجْتَمَعَ عَلَى النَّاسِ الْغَلَاءُ وَالْوَبَاءُ وَالْفِنَاءُ وَالطَّعْنُ وَالطَّاعُونُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ». وسُرعان ما أُصيب بالوباء الكثير من الأشخاص الذين نجوا من المذبحة، فماتوا هم أيضًا .
    كان لِسُقوط بغداد دويٌّ هائلٌ وعميقٌ في مُختلف أنحاء العالم الإسلامي. واهتزَّ الحُكَّام المُسلمون في المناطق المُجاورة لِهذا الحدث الجلل. واعتبر المُسلمون في كُلِّ مكان، أنَّ سُقوط الخلافة العبَّاسيَّة صدمةٌ مُريعة، وتحديًا مُخيفًا، كان لهُ أسوأ الأثر في نُفوسهم. فعلى الرُغم من أنَّ الخِلافة ظلَّت مُنذُ زمنٍ طويلٍ تفقدُ قدرًا كبيرًا من سُلطتها الماديَّة، فإنَّ مكانتها الأدبيَّة والروحيَّة لا زالت قويَّة. فبكى بغداد الكثير من المُؤرخين والباحثين والعُلماء، منهم ابن الأثير الذي قال: «لَقَد بَقِيتُ عِدَّة سِنِينَ مُعرِضًا عَن ذِكرِ هَذِه الحَادِثَة اسْتِعْظَامًا لَهَا، كَارِهًا لِذِكرِهَا، فَأَنَا أُقَدِّمُ إِلَيهِ رِجلًا وَأُؤَخّّرُ أُخرى، فَمَن الذِي يَسهُلُ عَلَيهِ أَن يَكتُبَ نَعيَ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ؟ وَمَن الذِي يَهُونُ عَلَيهِ ذِكرُ ذلِكَ؟ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَم تَلِدُنِي، وَيَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبلَ حُدُوثَهَا وَكُنتُ نَسيًا مَنسيًّا» .
    دام تأثيرُ سُقوط بغداد قويًّا في نُفوس المُسلمين عُمومًا والعرب خُصوصًا حتَّى بعد مُرور مئات السنوات على تلك الحادثة، فأصبحت كلمة «التتر» رديفةُ «الهمج» والهمجيَّة، وشاع في التعابير العاميَّة العربيَّة استعمال بعض التعابير مثل «هجوم التتر» .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بشيء من التصرف ) .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    حروب الفرنجة أو الحروب الصليبية و احتلال القدس :

    جاء الفِرنْجةُ من غربٍ بِذِي لَــــجَبٍ ـــــــــــــــــــــــــــ يُجرُونَ للـــــرُّكب الدماء من ضَغَنِ

    أرسل قائد الصليبيين جودفري للبابا يبشره باستيلائهم على القدس و ما فعلوه بأهلها :

    "إذا ما أردت أن تعلمَ ما جرى لأعدائنا الذين وجدناهم بالمدينة، فثِقْ أنَّه في إيوان سليمان أو معبده كانت خيولنا تخوض في بحر من دماء الشرقيين المتدفّقة إلى ركبتيها"

    و كتب مؤرخون إفرنجة عاصروا أحداث استيلاء الصليبيين على القدس :

    (... فتعقبهم رجالنا وأخذوا فى مطاردتهم، معملين فيهم القتل والتذبيح حتى بلغوا هيكل سليمان، حيث جرت مذبحة هائلة، فكان رجالنا يخوضون حتى كعوبهم فى دماء القتلى !!؟؟ فلما ولج حجاجنا المدينة جدوا فى قتل الشرقيين ومطاردتهم حتى قبة عمر، حيث تجمعوا واستسلموا لرجالنا الذين اعملوا فيهم أفظع القتل طيلة اليوم بأكمله، حتى لقد فاض المعبد بدمائهم، ولما تم لرجالنا الغلب على الكفرة، عثروا فى المعبد على فئة كبيرة من الرجال والنساء، فقتلوا البعض وأبقوا على الذين أحسنوا بهم الظن... )
    (... وفى صباح اليوم التالى تسلق رجالنا سطح الهيكل وهجموا على الشرقيين رجالا ونساء، واستلوا سيوفهم وراحوا يعملون فيهم القتل، فرمى بعضهم بنفسه من أعلى المعبد، فتلظى تنكريد غيظا حين شاهد هذا المنظر.. وصدر الأمر أيضا بطرح كافة موتى الشرقيين ... ، فقام الشرقيون الذين قيضت لهم الحياة بسحب القتلى خارج بيت المقدس، وطرحهم أمام الأبواب، وتعالت أكوامهم حتى حاذت البيوت ارتفاعا !! ... وما تأتى لأحد قط أن سمع أو رأى مذبحة كهذه المذبحة التى ألمت بالشعب الوثنى!! ... )
    ( إنَّ النساء كن يُقتلن طعنًا بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم، ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهَشَّم رؤوسهم بدقها بالعمد )
    ( بدأ رجالنا يدخلون إلى القدس بجسارة وإقدام، وقد أراقوا من الدماء في ذلك اليوم كمية لا يمكن تخيلها ... ما إنِ استولى رجالُنا على السور والأبراج ... أطاحوا برؤوس أعدائهم، بينما رشقهم البعض الآخر بالسهام، بحيثُ سقطوا من الأبراج، على حين عذبهم البعض فترة طويلة بأن قذفوهم في النار أحياء، وكانت أكوام الرؤوس والأيدي والأرجل تسترعي النظر في شوارع المدينة، وكان المرءُ يَشُقّ طريقه بصعوبة بين جثث الرجال والخيول، ولكن هذه كانت أمورًا صغيرة إذا قورنت بما جرى في معبد سليمان... ترى ما الذي حدث هناك؟! إذا ذكرت الحقيقة فإنَّها ستتعدَّى قدرتكم على التصديق؛ ولذا يكفي أن أقول: إنه في معبد سليمان كان الرجالُ يخوضون في الدماء حتى ركبهم وحزام ركابهم، والواقع أنه كان حكمًا عادلاً ومحترمًا منَ الرَّبّ أن يمتلئَ هذا المكان بدماء الكفار؛ لأن هذا المكان طالما عانى من دَنَسِهم، وامتلأت المدينة بالجُثث والدِّماء، والآن تم الاستيلاء على المدينة وهي جديرة بكل أعمالنا السابقة، والمصاعب التي واجهناها؛ لترى إخلاص الحُجَّاج في الضريح المقدس )
    ( وهرب بعض هؤلاء العرب إلى برج داود، وأغلق آخرون على أنفسهم معبد الرَّبّ ومعبد سليمان، وتَمَّ شنُّ هجوم وحشي على المسلمين في فناء هَذينِ المعبدَيْنِ، ولم يكن هناك مكانٌ يمكن أن ينجيهم من سيوف رجالنا، ولو أنك كنت موجودًا هناك لغاصَتْ قدماك حتى العقبينِ في دماء المذبوحِينَ، ترى ماذا أقول؟ لم نتركْ منهم أحدًا على قيد الحياة، ولم ينجُ حتى النساء والأطفال، كم سيكون مُدْهشًا لو أنَّك رأيتَ فرساننا ومشاتنا بعد أن اكتشفوا خداعَ المسلمينَ فشقّوا بطونَ الذين ذبحوهم؛ لكي يَستخرجوا من المعدة والأمعاء العُمْلاتِ الذهبية التي كان المسلمون قد ابتلعوها وهم أحياء!! ولنفس السبب قام رجالُنا بعد أيام قلائل بجمع كومة من الجثث وأحرقوها حتى صارت رمادًا، حتى يمكنهم أن يجدوا بسهولة الذهب الذي ذكرنا خبره. عندما جرى رجالنا وسيوفهم مشرعة عبر أرجاء المدينة، ولم يُبقوا على أحد، حتى أولئك الذين يرجون الرحمة، سقط الجميع كما تسقط التفاحات العَفِنَة جميعًا من الأغصان المهزوزة، وبعد هذه المذبحة الكبيرة دخلوا بيوت السكان، واستولَوْا على كلّ ما وجدوه فيها، وتمَّ هذا بطريقة جعلت كل من كان يدخل أولاً سواء كان فقيرًا أم غنيًّا لا يجد من يُنازعه من الفرنج الآخرين، وكان له أن يحتل المنزل أو القصر، ويمتلِكُه بكل ما فيه؛ كما لو كان ملكية خالصة له، وهكذا اتَّفقوا جميعًا على هذا النمط من الملكية، وبهذه الطريقة صار كثيرون من الفقراء أثرياء )
    ( إن زعماء الصليبيين أنفسهم أصابهم الاشمئزاز لما اقترفته أيديهم ) ...

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نقلا عن : مؤرخين إفرنج عاصروا الحملة الصليبية الأولى .

    حروب الفرنجة أو الحروب الصليبية

    حروب الفرنجة أو الحروب الصليبية بصفة عامة اسم يطلق حالياً على مجموعة من الحملات والحروب التي قام بها أوروبيون من أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)، وكانت حملات دينية تحت شعار الصليب ، وذلك لتحقيق هدفهم الرئيسي وهو السيطرة على الأراضي المقدسة كبيت المقدس ، ولذلك كانوا يخيطون على ألبستهم على الصدر والكتف علامة الصليب من قماش أحمر .
    هدف الحروب الصليبية في الاصل كان الإستيلاء على القدس والأراضي المقدسة التي كانت تحت سيطرة المسلمين، وكانت في الأصل استجابة لدعوة من الإمبراطوريه البيزنطيه الأرثوذكسية الشرقية لمساعدتهم ضد توسع المسلمين السلاجقه في الأناضول.

    الحملة الصليبية الأولى و تأسيس مملكة بيت المقدس :

    في عام 1095 انعقد مجمع كليرمونت بناءً على دعوة البابا أوربان الثاني وذلك بهدف مساعدة الإمبراطورية البيزنطية في صد هجمات السلاجقة، الذين فتحوا قسطًا وافرًا من مدن الإمبراطورية في الأناضول، كذلك كان من بين الأهداف أسباب مختلفة دينية وسياسية واقتصاديّة أيضًا؛ وقد أجمع المؤتمرون على أهمية "تحرير الأراضي المقدسة".
    انطلاق الحملة الصليبية الأولى تمّ عام 1098 واستطاعت هزيمة السلاجقة والسيطرة على الرها ثم أنطاكية وتابعت طريقها محاذية الساحل الشامي نحو الجنوب حتى وصلت القدس من الرملة في 7 يونيو 1099 وضربت حصارًا حول المدينة من جميع نواحيها؛ ووصلت تعزيزات قادمة من جنوة للمحاصرين عبر يافا في 15 يونيو 1099؛ وبعد أكثر من شهر على الحصار تمكّن المحاصرون من اقتحام المدينة في 15 يوليو 1099، قبيل وصول جيش الخلافة الفاطمية من مصر بهدف تخفيف الضغط عن المدينة؛ وقد جرت عمليات قتل جماعي وسلب ونهب ذهب ضحيته سبعون ألفًا من سكان المدينة كما نقل مؤرخو العصور السالفة، وقال البعض عشرين ألفًا ، ومن المؤرخين الذين ذكروا تلك الحوادث وليم الصوري، المؤرخ الصليبي، الذي قال أن مجزرة رهيبة وقعت لدى اقتحام الصليبيين للمدينة .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف يسير ) .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    عهد مُلوك الطوائف في الاندلس :

    صارتْ طوائفَ بعد المــــجد أندلسٌ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ نعيمُ ملكٍ بــــــــــــمجد المُلْك لم يُعَنِ !!

    بدأ عصر ملوك الطوائف بالأندلس عام (422هـ) عندما أعلن الوزير أبو الحزم بن جهور سقوط الدولة الأموية بالأندلس، وكان هذا الإعلان بمثابة إشارة البدء لكل أمير من أمراء الأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته، ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه، وبلغت هذه الأسر الحاكمة أكثر من عشرين أسرة أهمها:

    - بنو عباد بإشبيلية (414هـ - 484هـ).
    - بنو جهور في قرطبة (422هـ - 449هـ).
    - بنو حمود بمالقة (407هـ - 449هـ).
    - بنو زيري بغرناطة (403هـ - 483هـ).
    - بنو هود بسرقسطة (410هـ - 536هـ).
    - بنو رزين بالسهلة (402هـ - 497هـ).
    - بنو ذي النون بطليطلة (400هـ - 478هـ).
    - بنو الأفطس في بطليوس (413هـ - 487هـ).
    - بنو عامر في بلنسية 1016-1085 م.


    يُعدُّ عهد دُول الطوائف من أكثر عُهود التاريخ الأندلُسي تعقيدًا وتشابُكًا واضطرابًا. ففيه انفرط عقدُ البلاد وتقاسمتهُ نحو ستةٍ وعشرين دولة تتفاوت فيما بينها في الحجم والقُوَّة والضعف، حتَّى كان لِكُل مدينة تقريبًا حاكمها المُستقل مُتخذًا لقب الملك أو الأمير أو الوالي أو القاضي، تبعًا لِحجم المنطقة أو المدينة التي يحكُمها. وقد أدَّت الحُروب المُتصلة بين مُلوك الطوائف الأندلُسيَّة إلى تحوُّلاتٍ مُستمرَّة في مسار دويلاتها التاريخيّ يتراوح بين النُشوء والسُقوط وعدم ثبات الحُدود. فالقوي انقضَّ على الضعيف وبطش به وسلبهُ أملاكه، حربًا أو صُلحًا، أو اقتطع أجزاء منها. ولجأ الضعيف حتَّى يدرأ الخطر عنه، إلى التحالف مع جارٍ أقوى، فغدى تابعًا له. وكانت المملك المسيحيَّة في الشمال تتزايد قُوَّتها ولا تكُف عن التدخُّل في شؤون تلك الدُول، فتفرض الجزية على الكثير منها، وتعمل على الاستيلاء على ما تستطيع من أملاكها.
    ويُقسِّم بعض المُؤرخين أُسر الطوائف، من الناحية الاجتماعيَّة، إلى أربع فئات: الأرُستقراطيَّة العربيَّة وأشهر أُسرها بنو عبَّاد اللخميّون وبنو تجيب اليمنيّون وبنو صمادح وبنو هود الأدارسة وبنو طاهر القيسيّون؛ موالي بني أُميَّة الذين كانت أُسرُهم عماد الدولة في عهد الأُسرة الأُمويَّة وشتَّت الحاجب المنصور العامري أكثر هؤلاء ولم يبقى منهم إلَّا بنو جهور؛ بقايا أُسرة الحاجب المنصور؛ البربر، وينتظمون في ثلاث مجموعات: البربر المُستعربون ومنهم بنو الأفطس وبنو ذي النون وبنو رزين؛ البربر حديثي الوفود ومنهم بنو زيري الصنهاجيين وبنو زناتة وبنو برزال؛ العرب المُتبربرين ومنهم بنو حمّود الأدارسة الحُسينيين. وقد تكوَّنت، بعد معارك دامية بين الأُسر الطوائفيَّة، سبع دُولٍ رئيسيَّة غلبت على جميع الدُويلات الأُخرى أو تحالفت معها، وهي:

    دولة بنو جهور في قُرطُبة وما يُجاورها من المُدن والأراضي الوُسطى. وهؤلاء من الموالي، وقد قضى عليهم بنو عبَّاد.
    دولة بنو عبَّاد في إشبيلية. وقد توسَّع هؤلاء على حساب بني حمّود والبربر، واضطرَّ أميرا قُرطُبة وبطليوس إلى الانضواء تحت لوائهم حُلفاء، أو مغلوبين، وحاولوا الاستيلاء على الأندلُس كُلَّها، إلَّا أنَّهم اصطدموا ببني ذي النون، حُكَّام طُليطلة الأقوياء، غير أنَّ أراضيهم امتدَّت حتَّى المُحيط الأطلسي.
    دولة بنو ذو النون في طُليطلة أو الثغر الأوسط، ودخلوا في صراعٍ مع بني عبَّاد، وتصدَّوا لِطُموحاتهم التوسُّعيَّة، غير أنَّ ذلك لم يكن إلَّا على حساب استقلالهم، ذلك أنَّهم كانوا يدفعون الجزير لِملك قشتالة التماسًا لِمُساعدته ضدَّ خُصومهم.
    دولة بنو زيري في غرناطة ومالقة في جنوبي الأندلُس، بعد بني حمّود الأدارسة.
    دولة بنو هود في منطقة سرقسطة، أو الثغر الأعلى.
    دولة بنو الأفطس في بطليوس.
    دولة بنو عامر في بلنسية ومرسية، في شرقيّ الأندلُس، إلَّا أنهم كانوا أضعف من الأُسر الأُخرى وأقل استقلالًا.

    يختلف عهد دُول الطوائف، في كثيرٍ من مظاهره، عن العُهود الأندلُسيَّة السابقة، ذلك أنَّ هذه التجمُّعات الأُسريَّة لم تسترشد بِسياسةٍ إسلاميَّة سواء في علاقاتها بعضها ببعض أو في علاقاتها بِشُعوبها، تقوم على الجهاد وتوسيع رُقعة أراضيها على حساب النصارى في الشمال الأندلُسي. ويُلاحظ، في مجال العلاقات المُتبادلة فيما بينهم، أنَّ مُلوك الطوائف كانوا في نزاعٍ مُستمر، ولم يُقيموا سياستهم على أساس التعايش السلمي، والمُحافظة على الأمر الواقع، ولعلَّ سبب ذلك يعود إلى التفاوت فيما بينهم من حيثُ القوَّة والضعف والأطماع الشخصيَّة وحُب الظُهور والتملُّك، بالإضافة إلى اشتداد الخطر المسيحي. ولم تكن دُول الطوائف دُولًا بالمعنى المعروف بل إنها كانت أقرب إلى وحدات الإقطاع وإلى عصبيَّة الأُسرة القويَّة، ومن ثُمَّ لم تكن بها حُكوماتٍ مُنظَّمة بالمعنى الصحيح تعمل على رفاهيَّة شعبها، وإنما كانت أُسرًا أو زعامات تعمل لِمصلحتها ورفعة شأنها وتنمية مواردها وثرواتها وتدعيم سُلطانها.
    ومن الأمثلة على استهتار عدد من مُلوك الطوائف نحو أُمَّتهم ودينهم ما فعله مُحمَّد المُعتمد بن عبَّاد صاحب إشبيلية عندما تعاهد مع ملك قشتالة على غزو أراضي مملكة طُليطلة الجنوبيَّة على أن يُسلِّم منها إلى الملك القشتالي الأراضي الواقعة شمالي جبال سيراموريتا - الشارات، وأن لا يعترض على مشروع ألفونسو السادس القاضي بالاستيلاء على طُليطلة. وما فعلهُ يحيى القادر بن إسماعيل عندما تنازل لِألفونسو السادس عن بعض الحُصون الحُدوديَّة، منها سرتة وقنتورية وقنالش، مُجرِّدًا طُليطلة من حُصونها الأماميَّة، مُقابل أن يدعمهُ الأخير ضدَّ جيرانه من مُلوك الطوائف. غير أنَّ ألفونسو السَّادس كان يطمح للاستيلاء على طُليطلة نفسها، فضرب عليها الحصار مُدَّة ثلاث سنوات (شوَّال 474هـ - مُحرَّم 478هـ \ آذار (مارس) 1082م - أيَّار (مايو) 1085م) انتهت باستسلام يحيى القادر وتسليمه المدينة للقشتاليين. كان لِسُقوط طُليطلة أثرٌ عظيمٌ في مسار الحُروب اللاتينيَّة الأندلُسيَّة، وفي إلهاب حماس القوى المسيحيَّة، فقد كانت هذه المدينة في الماضي عاصمةً لِمملكة القوط، وكانت السيطرة عليها نذيرٌ بإحياء مُلك القُوط القديم، والعمل على طرد المُسلمين نهائيًّا من الأندلُس. ولم يلبث ألفونسو السادس إلَّا قليلًا حتَّى أغار على نواحي طُليطلة واستولى على جميع أعمالها.

    الحضارة في عهد مُلوك الطوائف :

    عصر بني عبَّاد :

    العلم والحضارة :
    تحوَّلت مدينة إشبيلية في عصر بني عبَّاد إلى مركز علمي وحضاري قوي، فبرز فيها الفلكيون والشعراء والفلاسفة، وبات العلماء والأدباء يتوافدون إليها من مختلف أنحاء الأندلس لتقديم أنفسهم للمعتضد والمعتمد، وكان الأكثر حظاً من هؤلاء هم الشعراء، ومن أشهرهم ابن عمار وابن زيدون، وأما الأدباء فمن أبرزهم ابن حزم الأندلسي.

    الاقتصاد :
    ازدهرت مدينة إشبيلية في عصر بني عبَّاد لتحلَّ محل قرطبة، حتى باتت أكثر مدن الأندلس سكاناً،[65] واجتازت قرطبة في حجمها وغناها واقتصادها حتى اثترت، وسمح ثراؤها الكبير لملوك بني عبَّاد بحياة البذخ والترف التي عاشوها. فبطبيعة الحال كان موقع المدينة وريفها على نهر الوادي الكبير يجعلها أفضل مناطق الأندلس زراعياً، واشتهرت بساتين الزيتون التي انتشرت بها في عصر بني عبَّاد بجميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، وأما نبات البهشية الذي انتشر على الجروف المحيطة بإشبيلية فقد كان موطن الدودة القرمزية التي استعملها العرب لإنتاج صبغٍ قرمزي كان الطلب عليه كبيراً في الأندلس. وفضلاً عن ذلك، فإنَّ المنطقة كانت غنية بالمعادن الثمينة، واشتهرت المدينة بصناعة الأدوات الموسيقية وإفريزات الساعات الميكانيكية. ساهمت كلُّ هذه العوامل بازدهار اقتصاد إشبيلية طوال عصر بني عبَّاد، حتى بات عهد المعتضد وابنه المعتمد ذروة عصر ملوك الطوائف بالمدينة.

    الشعر والأدب :
    شهد عهد بني عبَّاد نهضة حضارية كبيرة في إشبيلية والمدن الأخرى التي حكموها، خصوصاً بالنسبة للشعر والأدب، حيث باتت إشبيلية قبلة للشعراء والأدباء يفدون إليها من أنحاء الأندلس، وظهر ونبغ الكثير من الشعراء المشهورين في تاريخ الأندلس خلال عهد بني عباد، ومن أبرزهم أبو بكر ابن عمار وابن زيدون وابن حمديس الصقلي وابن اللبانة وابن وهبون، كما كان المعتضد وابنه المعتمد وزوجته اعتماد الرميكية شعراء أيضاً. وقد عُرِفَ المعتمد وبنو عبَّاد بصورةٍ عامة بعلمهم وأدبهم، واهتمامهم الكبير بالعلماء والأدباء والشعراء خلال حكمهم إشبيلية وقرطبة، وإغداقهم الأموال والمكافآت على البارعين منهم. بل ويقال أن المعتمد لم يكن ينصّب كاتباً أو وزيراً ما لم يكن شاعراً. وقد كانت للمعتمد علاقة وثيقة بالكثير من هؤلاء الشعراء، ومن أبرزهم ابن عمار وابن زيدون. وكان يستخدم أحياناً كثيرة الشعر في مراسلاته معهم، أو يقوم بالتنافس معهم في سرعة تأليف أبيات الشعر.

    سك العملة :
    عُثِرَ على العديد من الدنانير الذهبية والدراهم الفضية التي تعود إلى عصر بني عبَّاد، من حقبتي المعتضد وابنه المعتمد. نقش على وجه بعضها "الحاجب/عضد الدولة" وعلى جانبها الآخر "المعتضد بالله"، وعلى بعضها الآخر "مدينة إشبيلية 464 هـ" (من عهد المعتمد). ومن بين ما عثر عليه من حقبة بني عبَّاد دينار ذهبي من قرطبة، سُكَّ عام 467 هـ (1074 أو 1075م)، ونُقِشَ عليه لقبا الظافر والمُوفَّق، مما يشير إلى أنه سك في عهد عبَّاد سراج الدولة بن المعتمد قبل فترةٍ قصيرةٍ من مقتله ووقوع قرطبة في يد ابن عكاشة، وهذا يعني أن بني عبَّاد كانوا يسكُّون نقوداً خاصة بهم. وحسبما يظهر من مجموعةٍ أخرى من الدنانير التي اكتشفت، فقد بدأ سكُّ العملة في قرطبة مجدداً عام 469 هـ (1076 أو 1777م) بعد عودتها إلى أيدي بني عباد، إلا أنَّ اسم سراج الدولة المقتول استبدل الآن باسم أخيه عضد الدولة، وكذلك وجدت دنانير أخرى سك عليها اسم الفتح بن المعتمد الملُقَّب بالمأمون.

    العمارة :
    كان المسجد الجامع بالمدينة أيام بني عبَّاد هو نفس المسجد الذي بناه عبد الرحمن الأوسط، المعروف باسم مسجد ابن الدبَّاس، وقد بُنِيت مكانه اليوم كنيسة السلفادور، وقامت بجانب هذا المسجد منطقة هامة من الأسواق ومحالّ البيع في إشبيلية. شهد عهد المعتمد بن عباد إعادة بناءٍ للمسجد الجامع، إذ إنَّ المسجد تعرَّض لأضرارٍ في أعقاب زلزال ضربه عام 472 هـ (1079م)، سُجِّلت تفاصيله على جدارٍ حجري في المسجد، ومن الإضافات التي قد تكون شملتها إعادة البناء هذه عددٌ من الأعمدة الرخامية التي تدعم زوايا مئذنة المسجد الأربعة.
    بنيت وشُيِّدت الكثير من القصور بإشبيلية في عهد بني عبَّاد، وخصوصاً عهد المعتمد، ولا زال بعضها باقياً إلى اليوم رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت عليها. كان بين أبرز هذه القصور قصر المبارك، الذي بدأ في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله بما عُرِفَ باسم دار الإمارة، وهي قصر بني عند الطرف الجنوبي لمدينة إشبيلية القديمة المُسوَّرة، وتوسَّعت هذه المنطقة من المدينة لاحقاً لتصبح مركزاً رئيسياً لمقار الحكم بإشبيلية طوال العهد الإسلامي. طوَّر المعتمد بن عباد قصر المبارك، فأضاف إليه أعمدة وإنشاءات جُلِبَت من مدينة الزهراء بقرطبة، وزخر القصر في عهده بالشعراء والأدباء والموسيقيّين، ثم تحول لاحقاً على يد بيدرو الأول وملوك قشتالة الآخرين إلى قصر إشبيلية الحديث. ارتبطت بالقصر في عصر بني عبَّاد مجموعة من القصور الأخرى والمزارع والحدائق، وامتدَّت هذه الأبنية وإنشاءات أخرى خارج حدود المدينة المسورة القديمة، وذلك لضيق المساحة المتاحة داخل نطاق السور، وأما القصر الرئيسي فقد ظلَّ عند طرف السور. لم تتوسَّع أسوار إشبيلية في عهد بني عباد، على عكس العصور الإسلامية السابقة واللاحقة لهم.أمر المعتمد بن عبَّاد خلال عهده بزراعة منطقة من إشبيلية عُرِفَت باسم البحيرة (تسمى الآن "Huerta del Rey")، فأصبحت منطقةً من البساتين والحدائق، وبنى بوسطها سرداقاً، وتوسَّعت المنطقة لاحقاً ليبنى بها عددٌ من القصور في عهد الموحّدين، إلا أنَّ البحيرة التي منحتِ المنطقةَ اسمها القديم جفَّت منذ زمن طويل.
    من الصعب تحديد طبيعة قصور الحكم في إشبيلية خلال عهد بني عبَّاد، إذ إنَّ النصوص المكتوبة حول ذلك قليلة جداً، وقد أدَّت التطويرات العمرانية التي قام بها المرابطون والموحدون ثم المسيحيون فيما بعد إلى دثر معظم معالم العمارة العبَّادية. رغم ذلك، توحي الأشعار التي تعود إلى حقبة بني عبَّاد بأنهم اهتمُّوا في تصميم القصور بارتفاعها، لكي تكون مطلَّة على نهر الوادي الكبير. شملت قصور بني عبَّاد المعروفة قصور المبارك والمكرم والزاهي والزاهر والوحيد والتاج .يعتقد بعض الباحثين أن حدائق وبرك قصر الزاهي ربما كانت مرتبطةً بقصر المبارك، بحيث أنَّ كليهما شكَّلا قصراً واحداً كبيراً. ولعلَّ العديد من قصور بني عبَّاد الأخرى كانت مرتبطة بهما لتشكِّل تجمعاً كبيراً من القصور.
    كان أحد أهم قصور بني عبَّاد هو قصر المبارك الواقع على الضفة الشرقية لنهر الوادي الكبير، وربَّما يكون شُيِّد على يد عبَّاد المعتضد، وقد كانت لقصر المبارك قبَّة مركزية كبيرة تسمى "الثريا"، وأحاطت به حدائق وينابيع كثيرة، ومن المحتمل أن يكون قد قام فوق دار الإمارة القديمة، أو ربما بجانب موقعها السابق، وقد اكتشف حديثاً جزءٌ صغير من حدائقه أثناء أعمال تنقيب عن حديقة موحدية من القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي). كان قصر المبارك هو المفضل عند المعتمد، إذ كان يقضى معظم وقته فيه، وأما قصر المكرم فقد خصَّصه لإدارة شئون الحكم، حيث أطلق عليه ابن أحمد "مركز الخلافة". وأما والده المعتضد فقد كان يفضل قصر الزاهر للإقامة، وربَّما يكون هو الذي بناه، وقد رمَّمه ابنه المعتمد واستعمله بعده، وتموضع هذا القصر عند حافة جرفٍ يرتفع 40 متراً عن نهر الوادي الكبير، وكان يبعد أربعة كيلومتراتٍ عن إشبيلية على ضفة النهر اليمنى، حيث أحاطت به مزارع الزيتون، إلا أنَّه تدمر أثناء معركة إشبيلية التي سقطت بها دولة بني عبَّاد (وقد رممه الموحدون فيما بعد، وأطلقوا عليه اسم حصن الفرج). كانت لقصر الزاهي هو الآخر قبة مركزية مشابهة لقصر المبارك، تسمى "سعد السعود"، وأحاطته الحدائق والبرك، وهو يقع على الضفة الغربية للوادي الكبير، وكان يستعمله المعتمد والمعتضد للهو والتسلية .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف ) .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    ضياع الأندلس ما بعد عهد الموحدين :

    مِــــنْ بعْدِ أبناء عبد المُؤمِنِ بنِ عَلِي ــــــــــــــــــــــــــــــــ ضاعتْ ، كأنَّ بها الأمجادُ لم تــــكُنِ

    سقطت مُرَّاكش العاصمة المُرابطيَّة بيد عبد المؤمن بن علي زعيم الموحدين في 18 شوَّال 541هـ المُوافق فيه 24 آذار (مارس) 1147م، وجلس المُوحدون على عرش المُرابطين وآلت إليهم أملاكهم، بما فيها الأندلُس. وكانت الأندلُس في تلك الفترة على وشك أن تضيع مُجددًا بعد أن ضعفت الدولة المُرابطيَّة ونتيجة الثورات والحركات الاستقلاليَّة فيها، وتوثُّب الممالك النصرانيَّة واستعدادها لاستئناف حركة الهُجوم عليها. أرسل عبد المُؤمن بن عليّ ثلاثة جُيوشٍ عبرت إلى الأندلُس في مُحرَّم 541هـ المُوافق فيه حُزيران (يونيو) 1146م، وانتشرت في جنوبي البلاد بعد أن نجحت في السيطرة عليها، وبعد فترةٍ من دُخول المُوحدين إلى الأندلُس، إرتدَّ ت المُدن عن طاعتهم، فأرسل عبدُ المُؤمن بن عليّ تعزيزاتٍ عسكريَّةٍ للقضاء على الثورات واستكمال ضمَّ البلاد،وقد فقد المُسلمون في بداية العهد المُوحدي جميع قواعدهم في الثغر الأعلى، فسقطت مُدن طرطوشة ولاردة في يد رامون يرنگار الرابع كونت برشلونة، واستولى القشتاليّون على أقليش وسرانية وإفراغة وكناسة....هاجم ألفونسو الثامن أراضي الأندلُس حتَّى بلغ جنوبها، ودمَّرت قوَّاته في طريقها كُلَّ شيءٍ بدون هوادة أو رحمة. وما أن علم الخليفة المُوحدي بما جرى في الأندلُس حتَّى عبر إليها على رأس جيشٍ كبير بلغ تعداده أكثر من مائة ألف مُقاتل، والتحم مع القشتاليين في معركةٍ طاحنة (معركة الأرك) وهزمهم هزيمة قاسية وكبَّدهم نحو ثلاثين ألف قتيل،وقضى على قُوَّتهم الميدانيَّة وأدخلهم في كبوةٍ عسكريَّة دامت عدَّة سنوات، وأسر منهم نحو عشرين ألف جُندي،عملت الممالك النصرانيَّة، بعد أن أدركت مدى حرج وضعها على إثر هزيمتها في معركة الأرك، على التحالف ونبذ الخلافات للتصدي للخطر الإسلامي، فعقد ملكا قشتالة وليون الصُلح، كما عُقدت مُعاهدة صُلح بين قشتالة ونبرَّة، وتمَّ تحقيق السلم والتحالف في السنة التالية بين نبرَّة وأراگون، كما تحالفت قشتالة والپرتغال، واتفق الجميع على غزو الأندلُس والتعاون على قتال المُسلمين. وبارك البابا أنوسنت الثالث هذه الخُطوة، وأيَّد قيام حملة صليبيَّة في أيبيريا، مُناشدًا المُلوك والأُمراء المسيحيين المُساعدة، فتوافد المُتطوعون وفُرسان الجمعيَّات الدينيَّة من كافَّة أنحاء المُدن الإسپانيَّة والفرنسيَّة بِقيادة رجال الدين، وقد تقلَّدوا شارة الصليب. واحتشد في طُليطلة أكثر من مائتيّ ألف مُقاتل من الفُرسان والمُشاة، وخرجوا منها في 17 مُحرَّم 609هـ المُوافق فيه 20 حُزيران (يونيو) 1212م، فاستولوا على قلعة رباح وحصن العُقاب، والتقى الجمعان يوم الإثنين 15 صفر 609هـ المُوافق فيه 17 تمُّوز (يوليو) 1212م، فدارت بينهمامعركة ضارية (معركة حصن العُقاب) انهزم فيها المُسلمون وانسحبوا عائدين إلى إشبيلية.وقد قضت تلك الهزيمة نهائيًا على سُمعة المُوحدين العسكريَّة في شبه الجزيرة الأيبيريَّة، وتحطَّم ذلك الدرع الذي كانت تُشكلهُ الجُيوشُ المُوحدية القادمة من وراء البحر لِحماية المُسلمين في الأندلُس من هجمات النصارى، وتضعضع الحُكم المُوحدي في هذه البلاد التي أخذت مُنذ ذلك الحين تنحدر إلى براثن الفوضى الطاحنة. كما فتحت المعركة الباب واسعًا لاستئناف الهُجوم المُنظم على بِلاد المُسلمين وانتزاع مُدنهم واقتطاع أشلاء الأندلُس بِصورةٍ مُتتابعة، وفي مُددٍ زمنيَّةٍ قصيرة. ومع وفاة مُحمَّد الناصر، أخذت دولة المُوحدين تنهار في المغرب والأندلُس، فقد جاء بعده خُلفاء ضعاف لم يكونوا على مُستوى الأحداث الخطيرة آنذاك، وأبرزُها اتحاد مملكتيّ قشتالة وليون.وفي الوقت الذي اندلعت فيه الثورات في رُبوع الأندلُس، كانت الممالك المسيحيَّة تسيرُ بِخُطىً ثابتة، وتتطلَّع بأمل إلى انتزاع كافَّة المُدن الأندلُسيَّة من أيدي المُسلمين، مُستغلَّةً انهيار جبهتهم الدفاعيَّة وتراجع قُوَّتهم العسكريَّة. فهاجم ألفونسو التاسع ملك ليون مدينة قاصرش واستولى عليها، وأضحى الطريق مفتوحًا أمامه للانسياب إلى ماردة وبطليوس الواقعتين جنوبي قاصرش، كما استولى على حصن منتانجش الواقع شمالي ماردة، وحاصر هذه الأخيرة واقتحمها في شهر رجب سنة 627هـ، المُوافق فيه شهر أيَّار (مايو) سنة 1230م، كما سقطت بطليوس في يده واستغلَّ فرناندو الثالث تنافس وتحارب الأُمراء المُسلمون، فأرسل حملةً عسكريَّةً ضربت الحصار على مدينة أبدة مُدَّة سبعة أشهر حتَّى سقطت في يده، ودخلها في شهر ذي الحجَّة سنة 631هـ المُوافق فيه شهر أيلول (سپتمبر) 1234م. الواقع أنَّ غزوات فرناندو الثالث المُتوالية لِأراضي الأندلُس وسيطرته على حُصون منطقة جيان ومدينة أبدة؛ لم تكن سوى مُقدمات لِحدثٍ أخطر وأبعد مدىً، كان يعمل على تحقيقه، ألا وهو الاستيلاء على قُرطُبة. ففي أواخر ربيع الآخر سنة 633هـ المُوافق فيه أوائل كانون الثاني (يناير) 1236م، سار جيشٌ مسيحيٌ ضخم من أبدة وضرب الحصار على عاصمة المُسلمين القديمة، وشدَّد فرناندو حصاره عليها وعزلها عن الخارج، فنضبت أقواتُها واضطرَّ سُكَّانُها إلى التفاوض معهم بشأن التسليم مُقابل الأمان على أنفُسهم، فوافق على ذلك، ودخل النصارى المدينة يوم الأحد 22 شوَّال 633م المُوافق فيه 29 حُزيران (يونيو) 1236م، وغادرها سُكَّانها وتفرَّقوا في أنحاء ما تبقى من مُدن الأندلُس، وأعقب سُقوطها خُضوع مُعظم البلدات والحُصون التابعة لها، بعد أن حكمها المُسلمون مُدَّة خمسمائة وخمسةٍ وعشرين سنة.


    من أمجاد الأندلس :

    سياسيا و عسكريا :

    ... وصلت الأندلُس إلى حالةٍ كبيرة من الاستقرار والأمن بعد السيطرة على التمرُّدات الداخليَّة، وبعد نجاح الحملات التي كانت تُرسل لِقتال الممالك المسيحيَّة في الشمال، والتي كانت تعود مُحمَّلة بالغنائم والأموال، كما تحسَّنت أحوال البلاد الزراعيَّة والصناعيَّة، حتَّى بلغت جباية الأندلُس من الكور والقُرى في عهد عبد الرحمظ°ن النَّاصر خمسة ملايين وأربعمائة وثمانين ألف دينار، ومن ضريبة الأسواق سبعمائة وخمس وستين ألف دينار، بالإضافة إلى ما كان يدخل خزائن الدولة من أخماس الأغنام.[57] كما بُنيت مدينة الزهراء شمالي غرب قُرطُبة بنحو خمسة أميال، لِتكون قاعدة ملكيَّة جديدة بعدما ضجَّت قُرطُبة بساكنيها وازدحموا بها. وفي هذا العهد خطا المُسلمون في پروع¤انس خُطوةٌ أُخرى في سبيل التوغُّل في عُمق أوروپَّا. ففي سنة 318هـ المُوافقة لِسنة 930م غزوا ثغر فريجوس، وهو من أمنع ثُغور فرنسا الجنوبيَّة، كما غزوا ثغر طولون. وفي سنة 327هـ المُوافقة لِسنة 939م غزوا منطقة ع¤اليه في جنوبي سويسرة، واستقرّوا فيها، واتخذوا منها قاعدة لِغزو الأراضي المُجاورة في سويسرة وإيطاليا، كما غزوا منطقة جزبرون في شرقي سويسرة، ووصلوا في توغُلهم إلى بُحيرة جنيع¤، وجاوزوا إلى مفاوز جورا الواقعة في شمالها، وسيطروا على ولاية ليگوريا في شمالي إيطاليا، وفتحوا آكام الألب وممرَّاتها، ونفذوا إلى منطقة نيس واخترقوا قلب ولاية دوفينيه، وغزوا گرونوبل وسيطروا عليها مُدَّةً من الزمن، كما سيطروا على واديها الخصيب. وتجاه هذا التوغُّل الإسلامي في عُمق الفارَّة الأوروپيَّة، نهض المُلوك والأُمراء والأباطرة الأوروپيّون لِوقف المُسلمين عند حدِّهم ودفعهم إلى الجنوب، فتمكَّن هيو ملك إيطاليا بالتعاون مع الإمبراطور البيزنطي رومانوس الأوَّل من هزيمة المُسلمين وإرغامهم على التراجع حتّى الآكام، وكاد يقضي على سُلطانهم في تلك الأنحاء لولا اضطراب الأوضاع الدَّاخليَّة في بلاده، فاضطرَّ أن يعقد صُلحًا مع المُسلمين مُقابل أن يتمركزوا في رؤوس الألب وممرَّاته ويُغلقوا الطُرق بوجه خُصومه. وبذلك استعاد المُسلمون بعض قلاعهم وسيادتهم في جنوبي پروع¤انس. أمَّا في الشمال، فقد أنشأ المُسلمون في الأراضي التي سيطروا عليها سلسلةً من القلاع القويَّة لِتكون مركزًا لِغزواتهم في لومبارديا وفي سويسرة، غير أنهم أُخرجوا من بعض الجهات في بيدمونت ...

    إقتصاديا :

    أحدثت الحضارة الإسلاميَّة في شبه الجزيرة الإيبيريَّة تحوُّلاتٍ اقتصاديَّة هامَّة، حيث تحول الاقتصاد من كونه زراعيًا بالمقام الأول إلى حضريًا. وتنوع النشاط الاقتصادي في بلاد الأندلس بين زراعة وصناعة وتعدين، ... ،استخدم المُسلمون طرقًا حديثة للزراعة أو ما يُعرف باسم وسائل الهندسة الزراعية، إضافة إلى الطرق العملية في الري مع الاستعمال الجيد للأسمدة لزيادة إنتاجية الأرض، وقد أنتجوا أنواعًا جديدة من الفاكهة والأزهار، مثل قصب السكر والأرز والقطن والموز، ووضعوا تقويمًا زراعيًا خاصًا سُمي بالتقويم القرطبي، وأبدعوا في طرق تطعيم النباتات. ولأن علماء الزراعة كانوا قد استحسنوا هذه العملية، أقيمت البساتين التي كانت بمثابة حقل تجاربهم، حيث كانوا يستعينون بأحدث المؤلفات في العلوم الزراعية. وبفضل ما قدموه للزراعة، فقد تطورت وبلغت ذروتها، واقتبست أوروپَّا الأسس العلمية الزراعية التي توصل إليها المُسلمون. ونشط التعدين ، وكان يُستخرج الذهب من بعض الأنهار مثل سيجرا والوادي الكبير وتاجة. فيما كان يتم استخراج الفضة من مرسية وباجة وقرطبة، بينما الحديد من ولبة وسان نيكولاس ديل بويرتو. وكان المستودع الأكبر للزنجفر في المادن، بينما النحاس في طليطلة وغرناطة، والرصاص في قبرة، والقصدير في منطقة الغرب.كانت الأندلس دائمة الرواج الصناعي والتجاري واشتهرت عدد من مدنها بصناعات مختلفة كمالقة وألمرية وغرناطة. ... وبرز هذا النشاط في صناعة الجلود والخشب والأسلحة وضرب العملة وصناعة الخمور والسكر والزيوت والزيتون والصابون والأدوية، والصناعات المعدنية مثل الذهب والفضة والحديد والرصاص وصناعة الزجاج والزئبق والرخام والكُحْل والكبريت الأحمر. وكانت تصدر من هذه الصناعات الجلدية والفخارية والزجاجية ومبريات الخشب وأدوات الموسيقى والمصنوعات المعدنية والبسط والورق والكتان والحرير، ومواد الصباغة مثل الزعفران. وقام أهل الأندلس بتصنيع الورق لتسهيل العلم ونشر الكتب والمعرفة، ليصبح هو الأداة التي يتم استخدامها في الكتابة بدلًا من الجلود. واشتهرت بعض المدن مثل غرناطة وبلنسية وطليطلة وشاطبة بصناعة الورق.وقاموا بتأليف كتاب للطبخ الأندلسي حتى يعلموا الناس كيفية استخدام التوابل المصدرة إليهم. وكانت أخشاب الغابات الوفيرة تستخدم في صناعة الأثاث وبناء السفن والوقود. وجُمعت أيضًا النباتات الطبية والعطرية والفواكة المخصصة للغذاء مثل البندق والكستناء أو بعض المنتجات مثل الفلين. وأدت عملية وجود خط ساحلي طويل إلى تشجيع عملية الصيد واستخراج الملح. و صيد الأسماك، كان يتم على الجانبين البحري والنهري، وكان من بين الأنواع الأكثر صيدًا هي أسماك التن (التونة) والسردين. فيما كان يتم استخراج الملح من مناجم الملح الصخرية في منطقة سرقسطة شأنه شأن الملاحات في مناطق لقنت وألمرية وقادش. وبفضل الملح، تطورت صناعة التمليح بشكل كبير، وكانت واحدة من مواد التصدير .

    علوم :

    ألف الأندلسيون كتبًا في علوم القرآن والحديث والفقه، وفي القضاء واللغة وآدابها وعلومها والمعاجم والتراجم، والتاريخ والسيرة والجغرافية، وألفوا في علوم الطب والحساب والهندسة والفلك والكيمياء والمنطق والفلاحة والملل والنحل، وفي الفلسفة والموسيقى،وكان يهدف حكام الأندلس إلى الاعتناء بالعلم والمعرفة وتثقيف الأمة والسعي كي تحتل الأندلس مكانة كبيرة في العالم، فقاموا ببناء دور للكتب وأنشأوا المدارس والمكتبات في كل ناحية وترجموا الكتب المختلفة ودرسوا العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية والكيمياوية والطبية... ،في أواخر القرن الثاني عشر كان إبن رشد القرطبي يحذو حذو ابن سينا بتحمسه للفلسفة اليونانية وشروحه لفلسفة أرسطو . ويُعد ابن رشد أول وآخر أرسطوطالي كبير على المسرح الفلسفي في الإسلام. ولعب مركزه بوصفه قاضيًا في إشبيلية على تخصيص الكثير من وقته لتفسير كتب أرسطو وشرحها وتلخيصها. وقد أثر نتاجه الفلسفي بشكل كبير على أوروپا، وكان كتاب تهافت التهافت من أشهر كتبه... ،وفي الطب يعد الزهراوي أشهر أطباء وجراحي الأندلس حيث كان طبيبًا خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة وله تصانيف في الطب، ومن مؤلفاته كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وهو عبارة عن دائرة معارف طبية كبيرة في ثلاثة أجزاء، قسم في الطب وآخر في الصيدلة وآخر في الجراحة، وقد حصل على أعلى درجات التقدير في أوروبا، وتُرجم إلى العبرية واللاتينية والإنگليزية، ولُقب الزهراوي بأبو الجراحة بعدما كان أول من ربط الشرايين واستأصل حصى المثانة في النساء عن طريق المهبل وأول من أوقف النزيف ونجح في عملية شق القصبة الهوائية، وبحث في التهاب المفاصل، واكتشف آلة لتوسيع باب الرحم للعمليات؛ ومنهم أحمد بن يونس بن أحمد الحراني الذي تولى إقامة خزانة للطب ورتب لها اثنى عشر طبيبًا، وكان يعالج المحتاجين والمساكين من المرضى. وكان يشارك الحراني عدد من الأطباء في القيام على خزانة الطب، الذين دُونت أسمائهم ورواتبهم في ديوان الأطباء. استطاع العلماء العرب دراسة الكثير من النباتات الطبيعية التي لم يسبقهم إلى دراستها أحد وأدخلوها في العقاقير الطبية. واستطاعوا أيضًا أن يستولدوا بعض النباتات التي لم تكن معروفة كالورد الأسود، وأن يكسبوا بعض النباتات خصائص العقاقير في أثرها الطبي ...، وتوصل علماء المسلمين إلى حقائق علمية رائدة في علم الفلك، ويبرز صاحب القبلة أبو عبيدة البلنسي الذي أقر بكروية الأرض واختلاف المناخ في أنحائها. كما طبق المسلمون النظريات الهندسية على فن البناء فشيدوا الأبنية التي تميزت بالفخامة والإتقان والمتانة كالمدن والقصور والجوامع، ومنها مدينة الزهراء وجامع الزهراء وقصور الحمراء، والنافورات المائية، بالإضافة إلى عنايتهم بالنقوش والزخارف، كما اهتموا بهندسة الري أيضًا، وذلك لأن تنظيم الري يتطلب معرفة دقيقة بمستوى الأرض وانحدارها وبكمية الماء وسرعة مجراها، ومواد البناء وطرق بنائها . وقد لمس الأوروپيون بشكل جلي الجهود العلمية التي بذلها الأندلسيين في علم الكيمياء فوصلت إليهم ثروة كبيرة من المعرفة والحقائق، والتجارب والنظريات العلمية، فأخذوا يقبلون على دراستها وترجمتها إلى لغاتهم.

    آداب :

    من أشهر شعراء العصر الأندلسي: ابن زيدون وابن حزم وابن خفاجة والمعتمد بن عباد وابن عبد ربه وابن هانئ الأندلسي وابن سهل الأندلسي. ومن أشهر النثريين الأندلسيين يأتي كل من ابن زيدون وابن شهيد وابن حزم وأبي حفص ابن برد وابن دراج القسطلي ولسان الدين بن الخطيب.

    عمران :

    كان جامع قرطبة كيانًا شامخًا في بنائه وهندسته، فقد بناه عبد الرحمن الداخل سنة 170هـ، وتتابع الأمراء والخلفاء في العناية به وتوسعته، وأصبح أعظم جامعة عربية في أوروپا في العصر الوسيط، فكان البابا سلع¤ستر الثاني قد تعلم في هذا الجامع يوم كان راهبًا، كما أن كثيرًا من نصارى الأندلس كانوا يتلقون علومهم العليا فيه، واستأثر المسجد في الأندلس بتدريس علوم الشريعة واللغة إضافة إلى العلوم الأخرى. وتعد مدينة الزهراء من أشهر المشيدات العمرانية في الأندلس،وتشتمل الزهراء على ثلاث مدن متدرجة، وتنحدر تلك المدن نحو الوادي الكبير ولكل منها سورها، القصور في أعلاها والبساتين والجنان في الثانية، وفي الثالثة الديار والجامع.وبلغت أعمدة الرخام في الزهراء حوالي 4313 سارية تم جلبها من قرطاجة وتونس والقسطنطينية وما وجد في إسپانيا. أما قصر المورق كما عرفه الموحدون أو قصر المبارك كما عرفه بنو عبَّاد أو كما يعرف حديثًا باسم «قصر إشبيلية»، هو أقدم قصر ملكي لا يزال مستخدمًا في أوروپا. كان القصر يحوي ساحات ونوافير وقاعة مشابهة لقاعة السفراء في قصر الحمراء سميت قاعة العدل والحكم. و كذلك قصر الحمراء وهو قصر أثري وحصن شيده الملك أبو عبد الله محمد الأول بن الأحمر في مملكة غرناطة، وتظهر به بعض من سمات العمارة الإسلامية الواضحة مثل استخدام العناصر الزخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية،وتمتد جنة العريف حول قصر الحمراء،وهي حدائق عامرة بالأشجار المثمرة والورد من مختلف الأنواع.و من المشيدات المعمارية الهامة في الفن الإسلامي في الأندلس الخيرالدة أو ما يُعرف بمئذنة الجامع الكبير في عهد الموحدين، هو برج قائم من الآجر في إشبيلية، بُني عام 1184م بأمر من الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب المنصور، ويُعد من أهم معالم المدينة...، كانت تيجان أعمدة جامع قرطبة، التي تعود إلى عهد الخليفة الحكم الثاني والمنصور تتناوب بين التيجان الكورنثية والتيجان المركبة ويمكن ملاحظة الأسلوب ذاته في مدينة الزهراء، ولكن بروز النحت فيها قليل، وفي زخارفها عناصر مستمدة من الفنون القديمة كحبات اللؤلؤ والحلزون وحلية القلب وأوراق الشجر. ولعبت الكتابة العربية دورًا هامًا في زخرفة المباني المدنية والدينية، وخاصة مسجد قرطبة...

    موسيقى :

    لعبت الموسيقى العربية دورها في الأندلس، فالمدرسة الموسيقية التي أسسها زرياب كان لها تأثير كبير في الحياة الاجتماعية ... ،وعرف الأورپيون في لغتهم أسماء كثير من الآلات الموسيقية العربية واستعملوها بألفاظها العربية، مثل القانون والطبل والنقارة والقيثارة والربابة والعود، وكانت الموشحات الأندلسية واحدة من أهم الأشكال الشعرية الغنائية والموسيقة التي ابتكرت بالأندلس، حيث تتنوع الأوزان وتتعدد القوافي مع استخدام اللغة الدارجة في خرجته. حيث نشأت أواخر القرن التاسع الميلادي، لازدهار الموسيقى وشيوع الغناء و الحاجة إلى نوع شعري جديد يواكب الموسيقى والغناء في تنوعها واختلاف ألحانها...

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة ( بتصرف ) .

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •