قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله:
إذا نقل إليك مذهب إمام كبير من علماء الأمة، فنفر طبعك عن قبوله، وظهر لك بطلانه بكلام جلي، ودليل واضح غير دقيق ولا خفي، فإياك أن تهجم على إنكاره، وتشتغل باستبعاده واستنكاره، فإنك بين أن تحكم بخفاء ذلك الكلام الجلي على ذلك الإمام مع منصبه العلي، وبين أن تقول لعله اطلع على سر خفي ذهب عني ذلك السر الخفي.
فليت شعري أنت أجدر بالقصور عن درك المعنى الخفي أم الإمام الكبير بالذهول عن المعنى الظاهر الجلي.
فإن أنصفت علمت وتحققت أن ذهاب الخفيات عليك أقرب إلى الإمكان من ذهاب الجليات عليه، فاتهم نفسك واحذر الجسارة والجرأة.
ولا يكون عقلك أضعف من عقل الثعلب حيث رأى إلية مطروحة في برية فقيل له بادر إلى طعامك والتقم، فقد ظفرت بمطلوبك فاغتم، فتوقف وقال: إلية في برية ما تُركت إلى لبلية! اهـ حقيقة القولين