الرد على أباطيل محمد خير موسى عن العلامة البوطي (المقالة الثانية)
محمد خير موسى وتحليلاته الفاسدة
مرّ معنا أن محمد خير موسى كذب كذبة كبيرة وهي أن الشيخ البوطي ساند الحكومة في القتل و وصف المتظاهرين بأوصاف لا تليق ،وقد بيّنا بالدليل والبراهين بطلان هذا الكلام ، وقد بنى هذا الكاتب مقالاته كلها على هذا الأصل الفاسد ، ثم راح يذكر أسباب ومبررات ذلك !!!! ، و بما أننا نسفنا أصل المقالة ، تكون باقي المقالات قد نسفت أيضاً ، ولكن لا بأس أن نقرأ ما كتبه ونحلله ونعرضه على ميزان البحث العلمي .
يقول الكاتب : (وقد شهدتُ دروس أستاذنا البوطي في كليّة الشريعة بجامعة دمشق على مدار أربع سنواتٍ، ولازمت دروسه في جامع الإيمان وقرأت معه في المسجد العديد من كتبه التي كان يشرحها في درس الإثنين)
وقال أيضاً : (.... فاجأني أستاذنا الدكتور البوطي بوقوفه فوقف لوقوفه جميع من في القاعة وأقبلَ عليّ معانقًا بحرارةٍ بالغةٍ، ومن حينها أخذت علاقتي به منحىً جديدًا وشكلًا مختلفًا، حيث صرت أتردّد عليه بشكلٍ مستمرّ وتعمّقت العلاقة معه ومع ابنه الدّكتور توفيق، حتّى غدا يعبّر لي عن حبّه وهو قلّما يفعل ذلك مع أحد من طلّابه وكنت حينها في عمر أحفاده، وكذلك كان الدكتور محمّد توفيق يحبّني حبًّا جمًّا حتّى إنّه كان يقول لي: لا أسجد سجدةً من فرضٍ أو نافلةٍ إلّا دعوت لك فيها بالاسم. وكنت أزورهم في بيتهم وأجلس أوقاتًا جيّدةً في حواراتٍ خاصّة مع كلّ من أستاذنا البوطي الأب والابن )اهـ.كلام الكاتب .
أقول : ألم يقل الله تعالى هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ أهكذا يكون رد الجميل يا محمد خيرموسى ؟ أتكتب مقالة تهاجم فيها شيخك وولي نعمتك الذي علمك وترميه فيها بالنقائص ؟ حقاً إذا لم تستح فاصنع ما شئت ، يقول الشاعر :
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته **** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ثم قال الكاتب : إنّ معرفة مواقف وقناعات الملّا رمضان وكيفيّة تعامله مع ابنه سعيد حتّى سنوات عمره الأخير ينبيكَ عن حالة هيمنةٍ أبويّة مشيخيّةٍ تتجاوز حدود البرّ.اهـ كلام الكاتب .
أقول : والعبارة خاطئة والصواب : حالة هيمنة أبوية مشيخية تتجاوز حدود الأبوّة المعتادة وليس البر ، لأن البر يكون من الولد تجاه الوالد وليس العكس ، وهذه الدعوى سأناقشها من خلال كلامه الآتي .
وقد ذكر الكاتب إن الشيخ البوطي تزوج طاعة لأبيه ، فأقول : وهذا لا شيء فيه سواء من ناحية الأب أو الابن ، فأما الأب فأراد أن يعفّ ابنه ، وكم من أب طلب من ابنه الزواج ؟؟ ، وهذا أمر شائع ، وأما الابن فأراد أن يبر أباه وفعله هذا عبادة لله ، وقد أمر سيدنا عمر ابنه عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته وأمره النبي عليه الصلاة والسلام بطاعة أبيه ، فهل نقول إن سيدنا عمر عنده هيمنة أبوية زائدة عن حدها ؟؟!!.
أيضاً تحدث الكاتب عن طرق تزكية النفس الصوفية وموقف والد الشيخ البوطي منها وقال إن موقف البوطي هو نفس موقف والده وهذا غير صحيح ، فقد كان والده منتمياً لإحدى مدارس التصوف ولم ينتم الابن إلى هذه المدرسة .
وأما موقفه من الأحزاب الإسلامية فهو موقف مماثل لكثير من أهل العلم ولم يتفرد به الشيخ الملا رمضان وابنه ، ولم يكن الشيخ البوطي مجرد مقلد لوالده في هذا الأمر كما يوهم كلام هذا الكاتب ، بل كان مقتنعاً بذلك ، وكم تحدث عن أخطاء هؤلاء الحزبيين وممارساتهم ، وهذا يدل على أنه مقتنع وليس مجرد مقلد .
ثم يقول الكاتب إن الشيخ البوطي درس العلم الشرعي وفعل ما أمره به والده أن يدرس العلم دون أن ينوي بعمله هذا الوظيفة التي يتقاضى منها مرتباً ، وبعد تخرجه أمره والده بالعمل ، ونقل الكاتب أن البوطي لم يكن يعلم لماذا فعل والده ذلك ؟
أقول : لماذا يا محمد خير لم تنقل تعليق الشيخ البوطي على هذا الكلام وهو موجود في نفس الصفحة التي أخذت منها الكلام المنقول وهو :
(قد تكون الحكمة أنه رحمه الله كان يريد أن يسمو برغبتي عن التعلق بالوظائف و أن لا أبتغي بعلوم الشريعة والدين حظوة دنيوية ، فقد كان يرى أنها جريمة كبرى في حق الله عز وجل فلما تصور أنني قد تحققت فعلاً بما أراد لم يعد مانعاً من أن أستجيب لوظيفة دينية هي التي سعت إلى ، ولم أستخدم معارف الدين وعلومه للسعي وراءها )اهـ .كلام الشيخ البوطي .
أقول : فلماذا تغافل الكاتب عن هذه العبارة التي هي في نفس الصفحة التي نقل منها ؟؟؟ وأقول أي شيء أعظم من هذه التربية الراقية ؟؟!! ، هل هناك أعظم من هذا الفقيه المربي الملا رمضان الذي جعل ولده يُخلص في طلبه للعلم حتى إذا تأكد من ذلك أمره بالمشي في مناكب الدنيا للعمل والكسب ؟؟؟!!.
ثم يقول الكاتب إن الشيخ البوطي كان يستشير والده إذا دعته السلطة أو أراد التعليق على بعض الأحداث فأقول : وأي ضير في هذا ؟؟ ، فإذا كان الله تعالى قد أمر خير الخلق عليه الصلاة والسلام بمشاورة من دونه ، فكيف بمن هو دونه ؟؟؟ ألم يقل ربنا تعالى : (وشاورهم في الأمر) ؟ ، وإذا كان الطالب يستشير زملاءه و أستاذه فيما يعرض عليه من مشكلات ، فما بالك إن كان الذي أمامك والدك وكان عالماً فقيهاً ومربياً ويسكن معك في نفس البيت ؟؟؟!!! .
يقول الكاتب : ... مع ما رافق ذلك من اقتناع عميق من الابن سعيد بأنّ والده بلغ مرتبة متقدّمة في الولاية والكرامات، وهذا عزّز من وصول هذه الأوامر الأبويّة حدّ القناعات الرّاسخة كما لو أنّها كانت وحيًا أو شبيهةً بالوحي.اهـ كلام الكاتب .
أقول : والرد على هذا الهراء من كلام العلامة البوطي نفسه : يقول في الجزء الأول من شرح الحكم العطائية صفحة 294 : (والميزان الشرعي في هذا أن الكرامة الحقيقية التي تكون دليلاً على صلاح صاحبها وعلى تقواه وولايته هي الاستقامة على شريعة الله والانضباط بأوامر الله المتجهة إلى إصلاح كل من الظاهر والباطن ، فمن تمتع بهذه الاستقامة فهو الولي الذي عرفه الله في القرآن الذين آمنوا وكانوا يتقون) بعد قوله : (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .
وقد اجتمعت كلمة العلماء الصالحين الذين شهد لهم السلف الصالح بعلو المنزلة على أنه لا قيمة لحال من يُرى ماشياً على البحر أو طائراً في الجو أو مظهراً لما هو أغرب من ذلك من الخوارق إن لم يتمتع بهذه الاستقامة على أوامر الله وشرعه ظاهراً وباطناً ..... ، بقي أن نختم شرح هذه الحكمة بالتحذير مما عليه حال كثير من العوام من النظر إلى قيمة العالم أو المرشد الديني من خلال ما يتراءى له أو ينسب إليه من الخوارق والكرامات ، فإن كان ممن يتحدث الناس عن كراماته الخارقة تفتحت له نفسه ووثق به وصدقه في كل ما يقول وسلم له كل أفعاله وتصرفاته ، دون أن يعود في شيء من ذلك إلى ميزان الكتاب والسنة .
...مقياس الولاية عندهم ما قد عرفوا به ونسب إليهم من هذه الخوارق والأعاجيب .
عندما ألّفت كتاب هذا والدي في ترجمة حياة والدي لم أعرّج على ذكر شيء من الكرامات ولم أنسب إلى والدي شيئاً منها ولما ظهر الكتاب وانتشر اطلع عليه بعض الفضلاء الذين كانوا يترددون على والدي ممن يهمهم أمر الكرامات ولا يستطيعون أن يتخيلوا أي انفكاك بينها وبين صلاح الصالحين وتقواهم فأقبل إلي مستنكراً يقول : كتابك هذا ناقص فأنت لم تتحدث عن أهم ما كان يجب أن تحكيه عن الوالد ، قلت : ما هو ؟ قال كراماته العجيبة !.اهـ كلام الشيخ البوطي .
ثم ذكر د. البوطي أن والده كان يكره الوقوف على كرامات الأولياء وكان أشد كراهية أن يجلس إليه أحد ينقب عن خارقة له أو كرامة .
ثم قال البوطي : (ماذا يفيدني في ديني وإصلاح حالي أن أصغي إلى قصة تقول أن الشيخ عبد القادر الجيلاني قدمت إليه مرة دجاجة مشوية فلما أكلها جمع عظامها ثم قال لها قومي بإذن الله فقامت للتو دجاجة حية ، وانطلقت تخفق بجناحيها؟ .
ولكن كم يفيدني في إصلاح حالي وإيقاظي من غفلات الأهواء أن أصغي إلى عظاته ونصائحه في مجلس من مجالسه الإيمانية الرائعة في كتابه الفتح الرباني والفيض الرحماني ).اهـ كلام د. البوطي .
أقول : نلاحظ محاولة الكاتب تصوير الدكتور البوطي بموقف الساذج المولع بالكرامات المؤمن بها المستسلم لمن تظهر على يديه ، بينما نجد في كلام الشيخ البوطي نقيض ذلك تماماً ، من هنا نعلم مدى مصداقية هذا الكاتب !!!!.
يقول الكاتب : (هذه الهيمنة الأبويّة والسّلطة المشيخيّة انطبعت في سلوك الدّكتور محمّد سعيد مع من يتعامل معهم في اتّجاهين اثنين:
الاتجاه الأول الخضوع للأبويّة: وذلك مع أصحاب السلطات إذ كان يخضع للسلطات الأقوى لا سيما السياسيّة التي تمارس الأبويّة السياسيّة والأمنيّة، فالحكّام يعرفون مصالحنا أكثر منّا والحكومة أبعدُ نظرًا وأعمق بصيرة).اهـ كلام الكاتب
أقول: هنا أخطأ الكاتب في أمرين خطأ جسيماً : أما الأول وهو كذبه في أن الدكتور البوطي خاضع للسلطة سواء أخطأَت أو أصابت وقد أفضنا في تفنيد هذا الافتراء ، والخطأ الثاني أنه علل هذا الافتراء بكون والده متسلطاً !!!! ، فهو يرى أنه هناك تلازماً بين شدة الأب ومناصرة الحاكم في الظلم !!!!! ، وهذه الدعوى باطلة بدليل وجود أناس خاضعين لآباء شديدي السيطرة على أبنائهم ومع ذلك فالأبناء يعارضون الفساد في الأنظمة ولا تجد منهم خضوعاً لهم .
يقول الكاتب : كان الدّكتور البوطي شديدَ الاعتداد بنفسه علميًّا وفكريًّا، فيرى أنّه ليسَ تابعًا لمدرسةٍ فكريّة أو تيّارٍ علميّ بل هو نسيج وحده، فلا ينتسبُ لأحدٍ من الأقدمين أو المعاصرين، وإنّما علاقته بالعلماء والفقهاء والأدباء هي علاقة إعجاب بما يقدّمونه ليسَ أكثر. اهـ كلام الكاتب .
أقول: هنا يتناقض الكاتب مع نفسه ويرد بنفسه على نفسه ، ففي حين يصور لنا الكاتب في مقالته الأولى أن الدكتور البوطي ينتمي إلى المدرسة التقليدية يصور لنا في مقالته الثانية أنه ليس تابعاً لمدرسة فكرية أو تيار علمي و أنه نسيج وحده ، وهذا كلام مضحك حقاً لهذا الكاتب الذي يظن أنه يجود علينا بتحليل علمي دقيق وهو لا يعدو أن يكون أوهاماً سطحية وتحليلات ساذجة ، فجميع أهل العلم في سورية يعلمون انتماء الدكتور البوطي إلى عقيدة السنة والسلف الصالح و التي لها اسم آخر وهو الأشعرية ، و أما في الفقه فهو على المذهب الشافعي ، وعليه تكون قد ذهبت هذه الدعوى التي يدعيها الكاتب أدراج الرياح .
ثم يردف الكاتب قائلاً : (هذا الاعتداد صبغَ نقاشاتِه وحواراته لآراء الآخرين بشكلٍ جليٍّ واضح، وأذكرُ جيّدًا كيف كان يتحدّث وهو يناقشُ أقوال المخالفين له من العلماء باعتدادٍ ظاهر، ففي أكثر من مرّة وهو يناقشُ أقوال ابن تيمية ـ على سبيل المثال ـ يقول قبل الشّروع في الرّدّ على رأيه: "وهنا يصل ابن تيمية إلى مستوى طالب في الصّف الثّالث الابتدائي"!!)اهـ كلام الكاتب .
أقول : وهنا للأسف الكاتب يبتر كلام الدكتور البوطي و يقطعه عن سياقه ولا يذكر الموضوع الذي يتحدث فيه ، فكيف سيقيّم القارئ كلام الدكتور البوطي وحكم الكاتب إذا لم يفهم القضية التي قال فيها هذا الكلام ؟؟؟!!!.
والقصة باختصار أن الدكتور البوطي كان يتحدث عن المسألة التي شذّ فيها ابن تيمية عن جماهير المسلمين فحرّم السفر لزيارة النبي عليه الصلاة والسلام !!!! ، وهي مسألة عجيبة غريبة و من المسائل الشنيعة التي قال بها ابن تيمية وفي قوله هذا خطأ حديثي وخطأ لغوي وخطأ أصولي وسنبين ذلك :
فأما الخطأ الحديثي فإن ابن تيمية أخذ بحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى). متفق عليه ، ففهم ابن تيمية أن السفر لزيارة قبر النبي محرمة بهذا الحديث ، ولكن فات ابن تيمية روايات معتبرة بينت المستثنى منه كقول النبي عليه الصلاة والسلام : (لا ينبغي للمطي أن يشد رحاله إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي ) وفي لفظ آخر (لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ) .
و أما من ناحية اللغة فكما هو معلوم أن الرواية الأولى (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى )
لم يذكر فيها المستثنى منه ، فالنبي عليه السلام نهى عن السفر إلى شيء إلا إلى المساجد الثلاثة ، ولكن هذا الشيء محذوف في الحديث ، يقول د. البوطي في فقه السيرة صفحة 368 طبعة دار الفكر : (فقوله عليه الصلاة والسلام لا تشد الرحال ....استثناء مفرغ والمستثنى منه محذوف و إنما يقدر المستثنى من جنس المستثنى منه و إلا كان استثناء منقطعاً ) اه من كلام الشيخ البوطي .
أقول فالحديث لو صغناه بالطريقة التالية : (لا يجوز السفر إلى شيء إلا إلى ثلاثة مساجد ) فما هي الكلمة المناسبة لنضعها مكان شيء ليستقيم الكلام ؟ هناك ثلاثة احتمالات : مكان – قبر – مسجد ، فلو قلنا لا يجوز السفر إلى مكان إلا إلى المساجد الثلاثة لحرم السفر لطلب العلم و التجارة وهذا باطل فالاحتمال الأول مرفوض ، ولو قلنا لا يجوز السفر إلى قبر إلا إلى المساجد الثلاثة فهنا الكلام غير مستقيم لأن المستثنى بإلا (المساجد) مختلف عن المستثنى منه (قبر) ، وأما الاحتمال الثالث : لا يجوز السفر إلى مسجد إلا إلى المساجد الثلاثة فهنا يستقيم الكلام لأن المستثنى بإلا من جنس المستثنى منها ، فيكون النهي متوجهاً إلى السفر لغير المساجد الثلاثة لأن سائر المساجد متساوية في الأجر إلا المساجد الثلاثة ، ثم ذهب بعض أهل العلم إلى أن النهي للتحريم وبعضهم قال للكراهة ، وأما أصولياً فقد قرر أهل العلم أن للوسائل حكم المقاصد ، فزيارة القبور مستحبة (إني كنت نهيتم عن زيارة القبور ألا فزوروها ) ، والسفر وسيلة للزيارة ، وعليه فالسفر لتحقيق الزيارة المستحبة مستحب ، وبذلك نكون قد أبطلنا شذوذ ابن تيمية في هذه المسألة حديثياً ولغوياً وأصولياً ، وبذلك يتجلى لنا معنى قول العلامة البوطي : ( وهنا يصل ابن تيمية إلى مستوى طالب في الصّف الثّالث الابتدائي"!!) ، فالشيخ البوطي يقصد من قوله هذا أن يبدي استغرابه كيف غابت عن ابن تيمية هذه المسألة اللغوية ؟؟!! .
وهذه نبذة من أقوال أهل العلم الذين سبقوا العلامة البوطي إلى التشنيع على ابن تيمية بهذه الفتوى الفاسدة :
قال الإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي في كتابه " الصّلات والبشر في الصلاة على خير البشر (127-128) :
(وأما حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " فلا دلالة فيه على النهي عن الزيارة بل هو حجة في ذلك ، ومن جعله دليلاً على حرمة الزيارة فقد أعظم الجراءة على الله ورسوله ، وفيه برهان قاطع على غباوة قائله ، وقصوره عن نيل درجة كيفية الاستنباط والاستدلال ).
وقال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم:
(وفي هذا الحديث: فضيلة هذه المساجد الثلاثة، وفضيلة شد الرحال إليها، لأن معناه عند جمهور العلماء: لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها. وقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا: يحرم شد الرحال إلى غيرها وهو غلط) اهـ
وقال الإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في شرحه لحديث: " لا تشد الرحال " في كتابه: " فتح الباري شرح صحيح البخاري (3 / 66) : (والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلى زيارة قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكرنا صورة ذلك ، وفي شرح ذلك من الطرفين طول ، وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية ، ومن جملة ما استدل به على دفع ما ادعاه غيره من الإجماع على مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقال: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه: بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى ذي الجلال وإن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع , والله الهادي إلى الصواب) اهـ.
ولو رحنا نسوق شذوذات ابن تيمية في العقيدة والفقه لطال بنا المقام جداً فقد قال بالقدم النوعي للعالم أي أن هناك مخلوقات لا أول لها وهذا هو قول فلاسفة اليونان وهو كفر بإجماع المسلمين ، وكذا قال بفناء النار عن أهل النار ونقل قولاً ومدح قائليه إن الله يقعد معه محمداً على العرش !!!! .
وقد أنكر عليه غالبية علماء أهل عصره عليه وقال الإمام السبكي : وسجن بإجماع العلماء .
يقول الكاتب : (هذا الاعتداد كان حائلًا بين تقبّل الدكتور البوطي لكثيرٍ من آراء المخالفين، ونُصحِ العلماء المعاصرينَ له، وكان يسفّه آراء المنتقدين والمخالفين، ويُلبِسُ على الدّوام اعتدادَه هذا لَبُوس المنهج العلميّ والعمق الفكريّ)اه .
أقول : تبين لنا مما سبق أن ما قاله الكاتب من اعتداد د. البوطي برأيه غير صحيح ، وأنه ليس رأياً خاصاً للشيخ البوطي بل هو رأي الغالبية الساحقة لجمهور العلماء قديماً وحديثاً والرأي المعتمد في المذاهب الأربعة المتبعة و أن ابن تيمية شذّ عنها وليس د. البوطي ، وبالتالي نعرف أن هذه الأسطر الأخيرة ما هي إلا كلام لا أساس له من الصحة ، وكان د. البوطي شافعي المذهب ويقبل التمذهب بأي مذهب من المذاهب الأربعة ولا يعترض على من يتبنى أي رأي من هذه المذاهب ، فكيف سيعتد برأي هو أصلاً فيه مقلد وليس من اجتهاده ؟؟ ، علاوة على أنه يجيز الأخذ بأي قول من المذاهب الأخرى .