يقول ابن تيمية وهذا القول منه زعما بدون دليل ان سلف الامة وأئمتها وجمهورها وقول كثير من سلف اهل الكتاب وجمهورهم : ان كلام الله صفة له قائما به وجمهورهم
وهذا كتابه الجواب الصحيح وننقل لك منه
الْوَجْهُ الثَّالِثِ: أَنْ يُقَالَ: النَّاسُ لَهُمْ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِدَّةُ أَقْوَالٍ، وَقَوْلُ النَّصَارَى بَاطِلٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ الَّتِي قَالَهَا النَّاسُ فِي كَلَامِ اللَّهِ فَثَبَتَ بُطْلَانُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً لَهُ قَائِمًا بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا لَهُ بَائِنًا عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، بَلْ هُوَ مَا يُوجَدُ فِي النُّفُوسِ، وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ أَبْعَدُ الْأَقْوَالِ عَنْ أَقْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالصَّابِئَةِ: إِنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ وَلَيْسَ هُوَ خَالِقًا بِاخْتِيَارِهِ.
وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّهُ لَيْسَ عَالِمًا بِالْجُزْئِيَّاتِ، وَلَا قَادِرًا عَلَى تَغْيِيرِ الْأَفْلَاكِ، بَلْ كَلَامُهُ عِنْدَهُمْ مَا يَفِيضُ عَلَى النُّفُوسِ، وَرُبَّمَا سَمَّوْهُ كَلَامًا، بِلِسَانِ الْحَالِ.
_وَهَؤُلَاءِ يَنْفُونَ الْكَلَامَ عَنِ اللَّهِ، وَيَقُولُونَ: لَيْسَ بِمُتَكَلِّمٍ، وَقَدْ يَقُولُونَ: مُتَكَلِّمٌ مَجَازًا، لَكِنْ لَمَّا نَطَقَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَطْلَقَهُ مَنْ دَخَلَ فِي الْمِلَلِ مِنْهُم، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِمِثْلِ هَذَا، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيِ الْجَهْمِيَّةِ._
_وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً، لَكِنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ، خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِم، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِلْجَهْمِيَّةِ._
وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ قَائِمٌ بِهِ حَتَّى يَتَّحِدَ بِالْمَسِيحِ، أَوْ يَحُلَّ بِهِ، وَالْمَخْلُوقُ عَرَضٌ مِنَ الْأَعْرَاضِ لَيْسَ بِإِلَهٍ خَالِقٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، مَنْ يَقُولُ بِهَذَا وَهَذَا.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ قَوْلُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَجُمْهُورِهَا، _وَقَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ سَلَفِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَجُمْهُورِهِم_ - فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ قَدِيمُ النَّوْعِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ، أَوْ قَدِيمُ الْعَيْنِ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ بِقَدِيمٍ، بَلْ هُوَ حَادِثٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ عَنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ.
--------
هو ينكر قول الجهمية والمعتزلة في صفة الكلام مع ان الجهمية ردهم كان على النصارى في خلق عيسى بكلمة كن (مختلف في اول من قال ان القران مخلوق ولكن القول هذا هو رد على شبهة نصراني القى شبهة عن عيسى انه كلمة الله والقران كلام الله ومالم يكن من خلقه فهو مثله او ابنه) وكان الرد المختصر هو ان القرآن مخلوق، والمعتزلة ومنهم الكرابيسي قولهم ان القران محدث، ردا على احمد بن حنبل نفسه.
و ابن تيمية حين يورد هذه الاقوال مع انها اقرب للمنقول والمعقول وهذه الجملة كررها في اكثر من كتاب وهو بعيد عن العقل والنقل
من النقل فعلا لا نجد في القران ان الله يتكلم بحرف وصوت بل الذي نجده ان الله يتكلم وفي التفاسير ان صوته يشبه صوت السلسلة : - إذا قضى اللَّهُ الأمرَ في السَّماءِ ضربَتِ الملائِكَةُ بأجنحتِها خُضعانًا لقَولِهِ ، كأنَّهُ سِلسِلةٌ علَى صَفوانٍ، يعني هنا صوت والصوت لايسمى كلاما ابدا وهذا له شاهده ايضا الم يقل الله (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ)، والملائكة تصعق واول من يفيق هو جبريل فماذا سمع من الله وكيف سمع .
الاشكال الثاني هو يدعي ان هذا القول هو قول السلف وقول كثير من سلف اهل الكتاب لكن من هم، لم يذكرهم لنا وقول اهل الكتاب الى الان ان هذا الوحي الذي نزل على الرسل مخلوق
انظر عنوان : معنى "مُوحَى به" من الله:
فالكتاب المقدَّس خرج للوجود بذات القدرة التي خلق بها الله الملائكة والإنسان.
--------------
وهذا النص كاملا
مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية
كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد الجديد من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب
35- ما هو المفهوم الصحيح للوحي الإلهي؟ وما معنى "مُوحَى به من الله"؟
س35 : ما هو المفهوم الصحيح للوحي الإلهي؟ وما معنى "مُوحَى به من الله"؟
ج: أولًا: المفهوم الصحيح للوحي الإلهي:
1ـــ مفهوم الوحي الإلهي سرّ عظيم لا نستطيع أن نسبر أغواره أو ندرك أعماقه، وكل ما نفعله أننا نقترب منه بروح الخشوع والتقوى ونتأمل طويلًا: كيف أصغى الإنسان لصوت الله..؟! كيف شارك روح الله القدوس الإنسان في إنتاج هذه النصوص المقدَّسة..؟! كيف وصلت إلينا كلمات الله مدوَّنة بلغتنا البشرية بطريقة فريدة، لا يشابهها شيء غير التجسد الإلهي..؟! حقًا أن معرفة ماهية الوحي الإلهي تكاد تكون أمرًا مستحيلًا.
يقول "الأب چورج فلورفسكي": " أن الكتاب هو مُوحى به من الله، فهو كلمته.. لكن بحث ماهية الوحي بدقة فهو أمر مستحيل، لأنه مُحاط بسرّ، بسرّ مواجهة الله للإنسان. إننا لا نستطيع أن نفهم الطريقة التي سمع بها قديسو الله سيدهم، ولا كيفية تعبيرهم اللغوي عما أوحى به الله إليهم، وحتى في عملية تعبيرهم الإنساني كان صوت الله معهم. هذه هيَ معجزة الكتاب وأسراريته، أنه ظهور كلمة الله مدوَّنة في لغة بشريّة" (139).
ويقول "الدكتور إميل ماهر إسحق": " الوحي لا يمكن تعليله فهو غير قابل للشرح (inexplicable)، فبالرغم من كل ما قلناه عن طبيعة الوحي، إلاَّ أننا لا نعرف بالتدقيق بأي كيفية تعمل تلك القدرة التي للروح القدس" (140).
2ـــ لم يهتم الآباء الأولين بوضع تعريف محدد ودقيق للوحي الإلهي، ولكنهم اتفقوا على أن الوحي هو التأثير الإلهي الفائق الوصف على الكتَّاب.. "القديس إيرينيؤس" (120 - 202م) كان يعتقد أن الوحي ليس روحًا يأتي ويسكن في قلب الكاتب فيلهمه لإعلان حقيقة جديدة، إنما الوحي هو أن الروح القدس الساكن في جميع المؤمنين المتمسكين بالحق يسموا بالكتَّاب ويحفظهم من الخطأ (راجع فكرة عامة عن الكتاب المقدَّس - إصدار القديس أنبا مقار ص 12)، ويرى "القديس ثاؤفيلس الأنطاكي" (182م) أن الله يختار الكتَّاب القديسين كآنية لخدمته: " فإن رجال الله الذين نالوا تعليمهم من الله فصاروا قديسين وأبرارًا يحل فيهم روحه القدوس فيصيرون أنبياء مُلهمين ومملوئين من حكمة الله. فمن ثم استحقوا أن ينالوا هذه العطية العظمى وأن يصيروا آنية الله تحمل الحكمة التي مـن عــنده (Ad Autal 11.9)" (141).
3ـــ جاء في "قاموس وبستر" عن الوحي الإلهي أنه: " هو تأثير روح الله الفائق للطبيعة على الفكر البشري، به تأهل الأنبياء والرسل والكتبة القديسون لأن يقدموا الحق الإلهي بدون مزيج من الخطأ".
وجاء في "قاموس شامبرز" عن الوحي أيضًا أنه: " التأثير الإلهي الذي بواسطته أُرشد كتبة الكتاب المقدَّس القديسون".
فالوحي الإلهي مصطلح لاهوتي يعني تأثير روح الله القدوس على كتَّاب الأسفار المقدَّسة، فيرشدهم إلى كل ما هو حق، ويعصمهم من أي خطأ، وجاء في "دائرة المعارف الكتابية" عن الوحي الإلهي أنه: "مصطلح لاهوتي للدلالة على سيطرة الله على كتبة الأسفار المقدَّسة مما مكَّنهم من نقل إعلانه عن نفسه وتسجيله كتابة" (142)، وبالطبع ليس المقصود بالسيطرة أن روح الله يُفقد الكاتب شخصيته، أو أن الكاتب يقع تحت الانخطاف ويغيب عن وعيه.
ويقول "دكتور إميل ماهر إسحق" أن: " الوحي هو العمل الفائق الطبيعة الذي يقوم به الروح القدس، فيؤثر في أذهان كتبة الأسفار المقدَّسة، بحيث تكون الأسفار المقدَّسة ليست هيَ مجرد كتاباتهم الشخصية، وإنما هيَ كلمة الله. فالكتاب المقدَّس ليس مجرد كتاب يحتوي على كلمة الله، ولكنه كلمة الله، فالكلمة المكتوبة كاملة إلهيًا، وهيَ في نفس الوقت كاملة إنسانيًا. لها سلطان معصوم لأنها كلمة الله، وهيَ مفهومة لأنها بلغة البشر" (143).
ثانيًا: معنى "مُوحَى به" من الله:
1- مُوحَى به من الله: في الإنجليزية Inspired of God، وفي اليونانية " ثيؤبينوستوس" (Theopneustos) Θεοπευστοζ، و"ثيؤ" (theo) Θεο أي الله، و"بينوستوس"πευστοζ (Pneustas) أي "نُفخ"، فالعبارة جاءت في صيغة المبني للمجهول، وترجمتها الحرفية "نُفخت من الله" أي صدرت من الله، وصيغت بروح الله، فالله هو مصدرها وليس الإنسان، فالكتاب المقدَّس هو كلمات الله التي عبرت خلال ذهن الإنسان، هو نفخة الروح القدس، هو نسمة من الله، فقال الله لإشعياء النبي: " هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ" (إش 55 : 11).
ولفظة "ثيؤبينوستوس" تنسجم تمامًا مع قول السيد المسيح له المجد: " لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ" (مت 4 : 4)، وهذا ما سبق وجاء في سفر التثنية: " لِكَيْ يُعَلِّمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ يَحْيَا الإِنْسَانُ" (تث 8 : 3). وأيضًا "ثيؤبينوستوس" تنسجم مع تعبير الوحي الإلهي على لسان بطرس الرسول: " لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بط 1 : 21)، والمقصود بكلة "نُبُوَّةٌ" جرافيس γραφης (graphis) أي الأسفار المقدَّسة، وكلمة " مَسُوقِينَ" فيرومينوي)Φερομευοι (Pheromeni أي محمولين بالروح القدس، فالروح القدس كان يحمل الكاتب ويقوده لكيما يكتب ما يريده الله بالضبط.
ويقول "دكتور إدوار ج. يونج": " يكتب الرسول بطرس لغة غاية في القوة والوضوح.. ويمكن ترجمة العبارة "محمولين بالروح القدس"، وهنا نصل في لمحة إلى لُب الموضوع، فبطرس كبولس يؤكد أن الكتاب المقدَّس مصدره الله، وأن أناس الله الذين تكلموا به كانوا محمولين بروح الله، ولا خلاف بين الاثنين في هذا الشأن.. إذ لا يؤكد بطرس بصدد هذه الكتب، من الله فحسب، بلي يمتد أكثر إلى القول أن أناس الله تكلموا بها وهم محمولين بالروح القدس.. وهو يكشف بذلك كيف نفخ الله أو أوجد هذه الكتب، إذ أنها في عُرف بطرس ليست كتبًا سحرية سقطت من السماء، لكن الله أعطاها لنا من أُناس تكلموا بها من عنده!!
وفي الواقع أنها لغة مثيرة إذ يوصف الناس الذين تكلموا من عند الله بالقول: أنهم محمولون بالروح القدس.. أي أن الروح حملهم ومن ثم تكلموا، لقد حُمِلوا بقوة الروح القدس، وليس بقوة خاصة بهم.. كان الله هو المصدر أنه الينبوع لكلامهم، غير أنهم عندما تكلموا بلغة الناس والبشر.. قد حملهم روح الله وإذ حملهم تكلموا. ومن ثمَّ فكتاب الله لم ينشأ من الخواء، بل تكلم الله به، فيمن حملهم بروحه وتكلم بهم، بواسطة الناس وأسلوبهم" (144).
2- لأن كلمات الأسفار المقدَّسة نُفخت من الله وصدرت منه، لذلك فهيَ ثابتة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. لا يمكن أن تتغيَّر أو تتبدل أو تُحرَّف " وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ" (إش40 : 8)، وحقًا قال السيد المسيح له المجد: " وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ" (يو10 : 35). ولأن كلمات الأسفار المقدَّسة صدرت من الله، لذلك فهيَ "معصومة" عصمة كاملة شاملة تامة، تخلو من أي خطأ أو شبه خطأ، ومَن ينسب أي خطأ للكتاب فهو في الحقيقة ينسب هذا الخطأ لصاحب الكتاب.
3ــــ لأن كلمات الأسفار المقدَّسة صدرت من الله، لذلك كثيرًا ما استخدم الكتاب عبارات " قال الرب" أو "هكذا يقول الرب" أو " فكانت كلمة الرب إليَّ"، وتكررت هذه العبارات ومرادفاتها آلاف المرات، فمثلًا:
أ - قال داود النبي:" رُوحُ الرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي" (2صم 23 : 2).. فمَن هو المتكلّم؟.. أنه روح الله القدوس الذي تكلّم بفم أبينا داود النبي.
ب - قال ميخا بن يملة: " حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ" (1مل 22 : 14).. فمَن القائل؟.. أنه الرب بفم ميخا بن يملة.
ج - قال الرب لإرميا النبي: " وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ" (إر1 : 7).. من الآمر؟.. أنه الرب لإرميا النبي.. استخدم إرميا في الإصحاح الثامن عشر تعبير " قال الرب" أو "هكذا قال الرب" اثنى عشرة مرة.
د - قال الرب لزكريا النبي: " وَالْكَلاَمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّ الْجُنُودِ بِرُوحِهِ عَنْ يَدِ الأَنْبِيَاءِ الأَوَّلِينَ" (زك 7 : 12).. من المُرسِل؟.. أنه رب الجنود بفم أنبيائه الأولين.
هـ - قال بولس الرسول: " حَسَنًا كَلَّمَ الرُّوحُ الْقُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ" (أع 28 : 25).. مَن الذي تكلّم؟.. أنه الروح القدس بفم إشعياء النبي. واستخدم بولس الرسول عبارة: " يَقُولُ الْكِتَابُ" أو " الْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى" وهو يقصد الله (صاحب الكتاب)، فقال: " لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ إِنِّي لِهذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ" (رو 9 : 17)، وهذه الكلمات قالها الله ذاته في سفر الخروج (خر 9 : 16). كما قال: " الْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ" (غل 3 : 8)، والذي بشر إبراهيم بأن في نسله تتبارك جميع الأمم هو الله (تك 22 : 18).
ويقول "دكتور إدوار ج. يونج": " ولعل هذا هو السبب فيما درج عليه الأنبياء عندما ألفوا كثيرًا أن يقولوا: "هكذا قال الرب".. وعلى السامع أن يدرك أن هذه الكلمات، ليست أقوال النبي، أو أخصاب البذرة المزروعة في ذهنه، بل هيَ ذات كلمات الله المعلنة له، وخير مثال لذلك ما كشفت عنه الحفريات في الشرق الأدنى، إذ وجدت خطابات متعددة تحمل هذه العبارة المتكررة: "هكذا يقول س" وهيَ تعني بذلك أنها منسوبة مباشرة إلى هذا الشخص المشار إليه، وعندما أعطى الأنبياء رسالتهم كانوا يقصدون على وجه التحديد، أن يبينوا أن هذه الرسالة ليست من بنات أفكارهم، بل هيَ كلمات السيد نفسه، التـي ألقاها إليهم، فإذا كان النبي وهو يتكلّم برسالته حقًا، يعلن ذات الكلام الذي كلمه به الرب، بات واضحًا أنه مُوحَى إليه من الله" (145).
4ــ تعبير "ثيؤبينوستوس" يعني أيضًا "نَفَسْ الله" أو "تنفس الله" أو "الله تنفس"، فالكتاب المقدَّس هو أنفاس الله، هو نسمة من الله، فالكتاب المقدَّس يتساوى في قدره وعظمته مع خلقة الملائكة والإنسان، فقال الكتاب عن خلق الملائكة: " بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ وَبِنَسَمَةِ فِيهِ كُلُّ جُنُودِهَا" (مز 33 : 6)، كما قال الكتاب عن خلق الإنسان: " وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِــهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً" (تك 2 : 7)، فالكتاب المقدَّس خرج للوجود بذات القدرة التي خلق بها الله الملائكة والإنسان.