النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: لماذا بطش العباسيون بالعلويين؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907

    لماذا بطش العباسيون بالعلويين؟


    لماذا بطش العباسيون بالعلويين، وهم إنما ثاروا انتصارا للعلويين؟
    ولماذا ثار أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه على العباسيين، بالرغم من أن ثورة العباسيين على الأمويين كانت من أجل الإنتقام من ظلم الأمويين لأبناء علي رضي الله عنه؟
    والتاريخ يقول إن ما لاقاه العلويون من بطش العباسيين، أضعاف ما لاقوه من الأمويين.
    أليس هذا من غرائب التاريخ؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    وهناك كتب أُلِّفتْ في مصارع الطالبيين، لمن شاء الإطلاع عليها. منها هذا:
    https://archive.org/details/20200116_202001

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    (منقول)
    حركة محمد ذو النفس الزكية وأخيه إبراهيم
    خرج محمد ذو النفس الزكية من مكانه في أول رجب عام 145ﻫ، وأعلن عن حركته في المدينة المنورة، إذ أتفق مع أخيه إبراهيم على أن يثور هو الأخر في ذات الوقت في مدينة البصرة في جنوب العراق، حتى يقع المنصور بين نارين، ولكن من سوء حظ محمد ذو النفس الزكية تأخر إبراهيم مدة شهرين عن أعلان ثورته بسبب أصابته بمرض الجدري، ونتيجة لذلك سنحت الفرصة للمنصور للقضاء على حركة الأخوين واحداً بعد الأخر . فقد أتخذ الحرب الكلامية في بادئ الأمر عن طريق إلقائه الخطب وتبادل الرسائل واستخدام أساليب الدعاية المختلفة.
    وأخذ كل فريق بشرح وجهة نظره وحقه في الخلافة ويتفاخر بنسبه وحسبه، وقد أورد الطبري نصوص تلك الرسائل في تأريخه. وحاول المنصور استخدام طرق اللين والمداراة، فدعى محمد الى حل الخلاف حلاً سلمياً وأعطاه أمان على نفسه وولده وأخوته ومن بايعه ووعد بإنزاله حيث شاء من البلاد كما عرض عليه مبلغ كبير من المال، وقد رد محمد على المنصور بأن لا أمان لمثله أن هو دخل في بيعته لأنه أحق منه بالخلافة، وبعد فشل المراسلات أرسل المنصور ولي عهده وأبن أخيه عيسى أبن موسى على رأس جيش كبير الى المدينة، ويلاحظ أن المنصور حرص على جعل قيادة الجيش لأحد الأمراء من الأسرة الهاشمية حتى يكون له تأثير قوي في رفع الروح المعنوية للجنود، وبعد اندلاع الحرب بين الفريقين كان وضع محمد سيء للغاية من الناحية الإستراتيجية، لأن الحجاز قطر قاحل فقير في غلاته ورجاله وسلاحه الى جانب ذلك إن المنصور قطع عنه الأقوات والمؤن الواردة إليه من الشام ومصر وممر خليج أمير المؤمنين في مصر (وهي القناة التي كانت تصل النيل بالبحر الأحمر لإمداد الحجاز بالغلال.
    وحفر محمد حول المدينة خندقاً للإقتداء برسول الله (ص) فأتم بذلك الحصار الاقتصادي عليه، فلما وصل الجيش العباسي تخلى عن محمد كثير من أتباعه وضعفت قوته وانتهى الأمر بهزيمته ومقتله إذ أرسل رأسه الى المنصور في منتصف رمضان عام 145ﻫ ، ثم تحول عيسى أبن موسى لقتال إبراهيم في جنوب العراق والتقى الفريقان في قرية باخمرى بالقرب من الكوفة، وانتهت تلك المعركة بهزيمة الجيش العلوي ومقتل إبراهيم في أواخر ذي القعدة عام 145ﻫ ، والذي سمي بشهيد باخمرى .
    (يتبع)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    (منقول)
    وإتهم مالك أبن أنس بالميل لجانب محمد، لاسيما أنه كان يفتي في أهل المدينة أثناء تلك الحركة بأنه ليس على مكره يمين، وهو يقصد بذلك أنه من بايع المنصور مكره فهو في حل من بيعته وله أن يبايع محمد وقد ألحق بمالك أذى كبير من جراء ذلك إذ ضربه العباسيين بالسياط ومنعوه من الخوض في هذا الحديث .
    وقد ألقى المنصور بتبعية ذلك على والي المدينة جعفر بن على وأن هذا الحادث جعل لمالك بن أنس ومذهبه المالكي مكانة مرموقة في بلاد المغرب والأندلس، ويروي المؤرخون إن كره مالك للعباسيين كان من الأسباب التي جعلت الأمويون في الأندلس يعتنقون المذهب المالكي ويجعلونه المذهب الرسمي لدولتهم وذلك لعدائهم الشديد للعباسيين، وكذلك يروى إن إدريس بن عبد الله أخو محمد ذو النفس الزكية الذي فر الى المغرب الأقصى وأسس دولة الأدارسة هناك أمر بأتباع المذهب المالكي بجميع أعماله.
    ويبدو أن الخليفة المنصور قد شعر في عام 145ﻫ وهو العام الذي إنتصر فيه الخليفة على جميع الحركات إنه قد صار خليفة حقاً دون منازع ولهذا عمد الى تخليد هذا الانتصار فلقب نفسه بالمنصور في ذلك العام.
    (يتبع)

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    (منقول)
    الخليفة المهدي
    توفي المنصور عام 158ﻫ وهو عائد من الحج، وخلفه من بعده أبنه المهدي الذي إمتدت خلافته عشرة أعوام إذ جاء الى الحكم والبلاد منهوكة القوى لكثرة ما أريق فيها من دماء فكان الناس كما وصفهم المنصور في وصيته لأبنه" أني تركت الناس ثلاثة أصناف...فقير لا يرجو إلا غناك وخائفاً لا يرجوا إلا أمنك ومسجوناً لا يرجو الفرج إلا منك" .
    لذلك كان من الضروري أن يتخذ المهدي سياسة لينة يداوي بها الجراح والنفوس ويجمع فيها الشمل فرد معظم الأموال التي صودرت في عهد أبيه الى أصحابها و أطلق صراح المسجونين السياسيين، لاسيما العلويين منهم وأمر لهم بأرزاق وصلات وكذلك على إسترضاء أهل الحجاز الذين سبق أن عاملهم المنصور بكل شدة وعنف لتأييدهم حركة محمد ذو النفس الزكية فحين حج المهدي عام 162ﻫ وزع على أهل الحجاز أموال طائلة. وأعاد إليهم الغلال والحبوب الواردة من مصر والشام، وكان المنصور قد منعها عنهم أثناء حركة محمد ذو النفس الزكية . وضم الى حرسه الخاص عدداً من الجنود الحجازيين إذ بلغ عددهم خمسمائة كوسيلة لاسترضائهم أو لحفظ التوازن بين العجم والعرب في جيشه.
    أما من جهة أهل الشام فقد عمل المهدي أيضاً على اكتساب مودتهم فزارهم في بلادهم ونزل دمشق والقدس وفرق عليهم الأموال وعمل على إزالة الخلافات بين القبائل المختلفة. وحرص على أقامة العدل بين الناس فكان يجلس مع القضاة في بغداد عند النظر في المظالم. كما أقام له نافذة من حديد يضع الناس فيها عرائض شكواهم فيمكن بذلك النظر فيها دون تأخير والوقع إن عهد المهدي أمتاز بالهدوء الداخلي وبالمشروعات الإصلاحية التي تعود على الرعية بالخير والنعم مثلاً كبناء المدارس والمستشفيات والاهتمام بشؤون التجارة ومسالكها، وإنشاء شبكة من الطرق العامة جعلت من بغداد مركزاً تجارياً عالمياً، وأهتم بصفة خاصة بطريق الحجاج المؤدي الى مكة، فأقام القصور والمحطات والمصانع (أي خزانات المياه) على جانبيه، كما وضع فيه الحراسة لحمايته. وأستحدث البريد على الطريق الى اليمن فهو أول بريدي بين العراق والحجاز واليمن وكان البريد ينقل هناك على ظهور الخيل والإبل والبغال، ولاشك أن الأموال الطائلة التي تركها المنصور قد ساعدت المهدي على تنفيذ تلك المشروعات.
    (يتبع)

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    (منقول)
    الخليفة موسى الهادي
    توفي المهدي عام 169ﻫ وتولى الخلافة من بعده ابنه موسى الهادي الذي كانت مدة خلافته قصيرة حوالي عام تقريباً وأهم حدث في عهده هو ثورة العلويين في الحجاز عام 169ﻫ بزعامة الحسين بن على بن أبي طالب وهو أبن عم محمد ذو النفس الزكية ويبدوا أن سياسة اللين التي أتبعها المهدي مع العلويين من قبل قد أنتهت، على العكس من الهادي الذي أتبع معهم سياسة قاسية فقطع عنهم الأرزاق والصلات التي أجراها له أبوه المهدي كما أمر عماله بمراقبتهم والتضييق عليهم ولاشك إنه أخلاق الهادي تتسم بالقسوة والشراسة كانت من العوامل الهامة التي ينبغي أن يعمل حسابها عند الكلام عن دوافع الثورة من الأسباب المباشرة هو إن والي االمدينة من قبل الهادي أمر بضرب الحسن بن محمد ذو النفس الزكية مع بعض أصحابه لإنهم شربوا النبيذ ثم وضع في أعناقهم حبلاً ثم طاف بهم في أنحاء المدينة المنورة وهذا الحادث أثار غصب رئيس العلويين أنذاك وهو الحسين بن على فقام بثورة وأستولى على المدينة ثم أتجه الى مكة في موسم الحج، فأنضم إليه بعض الحجاج والعبيد وفي مكان يسمى فخ بين مكة والمدينة تقابل العلويين مع الجيوش العباسية في معركة عام 169ﻫ هزم فيها العلويين وقتل فيها قائدهم الحسين الذي يسمى بقتيل فخ كما قتل الحسن بن محمد ذو النفس الزكية الذي كان السبب المباشر في قيام تلك الثورة وأن أهميتها تكمن في النتائج الهامة التي حققتها لأنه في هذه الموقعة فر أثنان من كبار العلويين أحدهما أدريس بن عبد الله الذي فر الى المغرب الأقصى حيث أسس هناك دولة علوية مستقلة وهي دولة الأدارسة.
    وبنى فيها عاصمته مدينة فاس عام 172ﻫ أما العلوي الثاني فهو أخوه يحيى بن عبد الله الذي فر الى بلاد طبرستان في المشرق وظل هناك متخفي وفي عهد الرشيد أعلن العصيان فأرسل إليه الرشيد جيشاً بقيادة الفضل بن يحيى البرمكي وأستطاع الفضل بمهارته أن يقنع يحيى العلوي بقبول الصلح والأمان حقناً للدماء فقبله بعد أن كتب له الرشيد بخطه غير أن الرشيد لم يكن مطمئناً ليحيى فحدد إقامته في بغداد وتحت إشراف البرامكة.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    (منقول)
    موقعة فخ
    موقعة فخ أو معركة فخ معركة وقعت بتاريخ (8 ذو الحجة 169 هـ - 11 يونيو 786م) بالقرب من مكة بمكان يسمى فخ. حدثت المعركة بين الجيش العباسي في مواجهة ثوار من العلويين بزعامة الحسين بن علي (العابد) بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب، وكان مع الحسين هذا من بني عمومته إدريس وسليمان ويحيى أبناء عبد الله الكامل ساندا وشاركا في الثورة والحرب ونجوا من المعركة، وشارك معهم سليمان بن عبد الله الرضا وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا واستشهدا.
    بعد مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ابن بنت رسول الله في معركة كربلاء، وفشل ثورة محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط وفشل ثورة أخيه إبراهيم بن عبد الله الكامل؛ بعد فشل تلك الثورات قامت حركات أخرى لعلويين في اليمن وخراسان، لكنها لم تلقَ نجاحًا، وأصابها مثل ما أصاب ما قبلها من ثورات، وعاش من بقي من آل البيت العلوي في هدوء، وربما استخفوا حتى يتمكنوا من إعداد العدة للخروج وهم مكتملو القوة والعدد، وظلت الأمور على هذا النحو من التربص والانتظار حتى حدث نزاع صغير بين والي المدينة المنورة وبعض رجال من آل البيت العلويين حيث أساء التعامل معهم، وأغلظ القول لهم، فحرك ذلك مكامن الثورة في نفوسهم، وأشعل الحمية في قلوبهم، فثار بعض العلويين في المدينة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى العلوي، وانتقلت الثورة إلى مكة بعد أن أعلن الحسين البيعة لنفسه، وأقبل الناس عليه يبايعونه.
    ولما انتهى خبر هذه الثورة إلى الخليفة العباسي موسى الهادي، أرسل جيشًا على وجه السرعة للقضاء على الثورة، قبل أن يمتد لهيبها إلى مناطق أخرى؛ فيعجز عن إيقافها، فتحرك الجيش العباسي إلى مكة، والتقى بالثائرين وهم محرمون في طريقهم للحج في (8 من ذي الحجة 169هـ = 11 من يونيو 786م) في معركة عند مكان يسمى «فخ» يبعد عن مكة بثلاثة أميال، وانتهت المعركة بهزيمة جيش الإمام الحسين بن علي الفخي، وإستشهاده هو وجماعة من أصحابه.
    نتائج المعركة:
    من نتائج معركة فخ بالقرب من مكة، مقتل الحسين بن علي العابد المتزعّم للثورة وجلُّ من كان معه وفي صفّه، وهو من ولد علي العابد بن الحسن المثلث العلوي، الحسين بن علي وهو الشهيد صاحب فخ، خرج ومعه جماعة من العلويين زمن الهادي موسى بن المهدى بن المنصور بمكة، وجاء موسى بن عيسى بن علي ومحمد بن سليمان بن المنصور فقتلاهم بفخ يوم التروية سنة تسع وستين ومائة 169 هـ. وقيل سنة سبعين، وحملا رأسه إلى الهادي فأنكر الهادي فعلهما وإمضاءهما حُكم السيف فيهم دون رأيه، ونقل أبو نصر البخاري عن محمد الجواد بن علي الرضا أنه قال لم يكن لنا بعد الطف (يعني يوم الطف أي ومن مراثي الحسين ومن معه، أذكر ما جاشت به قريحة عيسى بن عبد الله الطالبي:

    تُركوا بفخ غُدوة ... في غير منزلة الوطن
    كانوا كراما قُتِّلوا ... لا طائشين ولا جُبُن
    غسلوا المذلة عنهم ... غسل الثياب من الدَرَن
    هُدِى العباد بجدهم ... فلهم على الناس المِنن

    (ويكيبيديا)

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    تصحيح لعبارة وردت في النص السابق:
    نقل أبو نصر البخاري عن محمد الجواد أنه قال: «لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ»

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    الأدارسة:
    تُعَدّ دولة الأدارسة أول دولة علوية هاشمية تقوم في التاريخ الإسلامي. وتعود نسبتها إلى مؤسسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي هرب مع مولاه راشد إلى مصر ثم إلى المغرب الأقصى بعيدًا عن أيدي العباسيين؛ وذلك بعدما تمكّن العباسيون من القضاء على ثورة الحسين بن علي بن الحسن في معركة فخ. وكان ممن نجا من قادة الثائرين في هذه المعركة "إدريس بن عبد الله بن الحسن"، الذي اتجه إلى مصر ومعه خادمه راشد، وظل أمرهما مجهولاً حتى بلغا مصر مستخفيْن في موكب الحجيج، ولم يكن اختفاؤهما أمرًا سهلاً؛ فعيون الخلافة العباسية تتبعهما وتقتفي أثرهما. ومن مصر خرج إدريس وخادمه "راشد" إلى بلاد المغرب، ويقال: إن هذا الخادم كان بربريَّ الأصل، وساعدهما على الخروج من مصر عامل البريد بها؛ فقد كان متشيعًا لآل البيت، فلما علم بوجودهما في مصر قدم إليهما في الموضع الذي يستخفيان به، وحملهما على البريد المتجه إلى المغرب. حتى وصلا إلى تلمسان سنة (170هـ= 786م)، وأقاما بها عدة أيام طلبًا للراحة، ثم واصلا سيرهما إلى مدينة "وليلي"، وهي بالقرب من مدينة مكناس المغربية، واستقرا بها بعد رحلة شاقة استغرقت حوالي عامين. وبعد أن استقر إدريس في وليلي اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة "أوربة" البربرية، صاحبة النفوذ والسيطرة في "وليلي"؛
    قبيلة "أوربة" البربرية: قبيلة أوربة و البرانس أول قبيلة بربرية بالمغرب الأوسط ، و تحت قيادة بربرية صرفة ، تمثلت في كسيلة بن لمزم الأوربي البرنسي
    استطاعت أن تتحدى العرب ، و تنتصر عليهم في موقعة تهودة سنة 63 /هـ 682 م، وقد تخلص العرب الفاتحون من هذه القبيلة القوية بتهجيرها من مناطقها:
    حيث تم هذا التخلص بطريقة و أسلوب جد منظم و مدروس، و تبعا لخطة محكمة، تمثلت في تشتيت القبيلة، و تجزئتها إلى ثلاثة أقسام:
    قسم لاحقوه و اضطروه ليحط رحاله بجبال الونشريس ، في جوار قبيلة بربرية أخرى مختلفة عنه تماما، حتى ينشغل بها.
    قسم ثان دفعوه قسرا ليستقر ببونة (عنابة حاليا) ، متاخما هو الآخر لقبائل بربرية لا تمت إليه بصلة، محققين بذلك نفس الهدف السابق.
    قسم ثالث، و هو القسم الأكبر و الأخير ، حرصوا على إبعاده عمليا إلى مرمجنة ، ثم إلى ملوية بالمغرب الأقصى، ليعرف هو الآخر نفس النهاية و المصير.
    هذا القسم الثالث لشدة شوكته سارع لاستقبال إدريس الأكبر،إذ يذكر ابن خلدون أنه في سنة 172 /ه 788 م، بوليلي: مقر هذا القسم الأكبر من قبيلة
    أوربة، استقبل رئيسها إسحاق بن محمد بن عبد الحميد، العلوي إدريس الأكبر، أحد أعقاب علي بن أبي طالب ( رضي االله عنه )، الفار من ملاحقة العباسيين له بالمشرق.

    مبايعة قبيلة أوربة لإدريس بن عبد الله:
    ولمَّا اطمأنَّ إدريس إلى رئيس أوربة إسحاق بن محمد بن عبد الحميد عرَّفه بنسبه، وأعلمه بفراره من موطنه؛ نجاةً بنفسه من بطش العباسيين، وقد رحَّب إسحاق بضيفه الكبير، وأنزله معه داره، وتولَّى خدمته والقيام بشأنه شهورًا عديدة، حتى إذا حلَّ شهر رمضان من السنة نفسها جمع إسحاق بن محمد إخوته وزعماء قبيلة أوربة، وعرَّفهم بنسب إدريس وبفضله وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه وعلمه؛ فرحبوا جميعًا به، وأعربوا عن تقديرهم له، وبايعوه بالخلافة في (14 من رمضان 172هـ=15 من فبراير 788م)، وبعد ذلك خلع "إسحاق بن عبد الحميد" طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    خطبة أبي العباس السفاح وخطبة إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:

    - من خطبة أبي العباس السفاح وقد بويع بالخلافة:

    صعد أبو العباس السفاح المنبر حين بويع له بالخلافة، فقام في أعلاه، وصعد عمه داود بن علي فقام دونه، وتكلم أبو العباس، فقال:

    "الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه تكرمة، وشرفه، وعظمه، واختار لنا وأيَّده بنا، وجعلنا أهله وكهفه وحصنه والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحق بها وأهلها، وخصنا برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته، وأنشأنا من آبائه أنبتنا من شجرته، واشتقنا من نبعته، جعله من أنفسنا عزيزًا عليه ما عنتنا، حريصًا علينا، بالمؤمنين رءوفًا رحيمًا، ووضعنا من الإسلام وأهله بالموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابًا يتلى عليهم، فقال عز من قائل فيما أنزل من محكم القرآن: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أ َهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وقال: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ، وقال {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وقال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} ، وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيءظ¥ والغنيمة نصيبنا، تكرمة لنا، وفضلًا علينا، والله ذو الفضل العظيم.

    وزعمت السبئية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والخلافة منا، فشاهت وجوههم! بم ولم أيها الناس؟ وبنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم، وبصرهم بعد جهالتهم! وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسدًا، ورفع بنا الخسيسة، وأتم بنا النقيصة، وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر، ومواساة في دينهم ودنياهم، إخوانًا على سرر متقابلين في آخرتهم، فتح الله ذلك منة ومنحة لمحمد صلى الله عليه وسلم، فلما قبضه الله إليه قام بذلك الأمر من بعد أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم، فعدلوا فيها ... )

    وقام بعده عمه داود بن علي:

    مما جاء في خطبة داود بن علي:

    "الحمد لله شكرًا شكرًا شكرًا، الذي أهلك عدونا، وأصار إلينا ميراثنا من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ... ، ألا وإنه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المومنين عبد الله بن محمد –وأشار بيده إلى أبي العباس– فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم صلى الله عليه، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا".

    خطبة إدريس بن عبد الله عند مبايعته:


    "بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الذي جعل النصر لمن أطاعه، وعاقبة السوء لمن عانده، ولا إله إلا الله المتفرد بالوحدانية. وصلى الله على محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه وآله الطيبين، أما بعد: فإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، والى العدل في الرعية والقسم بالسوية ورفع المظالم والأخذ بيد المظلوم وإحياء السنة وإماتة البدع وإنفاذ حكم الكتاب على القريب والبعيد.
    اعلموا يا معاشر البربر أني أتيتكم وأنا المظلوم الملهوف الطريد الشريد الخائف الموتور الذي كثر واطره وقل ناصره وقتل إخوته وأبوه وجده وأهلوه، فأجيبوا داعي الله عز وجل إذ يقول:" ومن لا يجيب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه من أولياء أولئك في ضلال مبين". أعاذنا الله وإياكم من الضلال وهدانا إلى سبيل الرشاد، وأنا إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    هذه دعوتي العادلة غير الجائرة فمن أجابني فله مالي وعليه ما عليَّ، ومن أبى فحظه أخطأ وسيرى ذلك عالم الغيب والشهادة، إني لم أسفك دماً ولا استحللت محرماً ولا مالاً وأستشهدك يا أكبر الشاهدين وأستشهد جبريل وميكائيل إني أول من أجاب وأناب، فلبيك اللهم لبيك مزجي الجبال سرابا بعد أن كانت صماً صلاباً، وأسألك النصر لولد نبيك إنك على كل شيء قادر وصلى الله على محمد وآله وسلم."

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    كلام ومراسلات...

    لما خرج محمد النفس الزكية استفتى أهلُ المدينة الإمامَ مالك بن أنس في الخروج معه، وقيل له: إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر قال: إنما بايعتم مكرهين؛ وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى محمد، ولزم مالك بيته، وخرج محمد ومعه (250) رجلاً، فقصد السجن، وكسر بابه، وأخرج من فيه، ووضع يده على بيت المال، وحبس رياحاً عامل المدينة وأخاه عباس بن عثمان وابن مسلم بن عقبة المرّيّ.

    وصعد المنبر، وقال: «أما بعد، أيّها الناس: فإنه كان من أمر هذا الطاغية عدّو الله أبي جعفر ما لم يخف عليكم… اللّهمّ إنهم قد أحلّوا حرامك، وحرّموا حلالك، وآمنوا من أخفت، وأخافوا من آمنت، اللّهمّ فاحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً… والله ما جئت هذه وفي الأرض مصر يُعبد الله فيه إلا وقد أخذ لي فيه بيعة».

    رسالة المنصور:
    ثم إن المنصور كتب إلى محمد : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) الآيتين ، ولك عهد الله وميثاقه ، وذمة رسوله أن أؤمنك ، وجميع ولدك ، وإخوتك ، وأهل بيتك ومن اتبعكم على دمائكم وأموالكم ، وأسوغك ما أصبت من دم أو مال ، وأعطيك ألف ألف درهم ، وما سألت من الحوائج ، وأنزلك من البلاد حيث شئت ، وأن أطلق من في حبسي من أهل بيتك .
    وأن أؤمن كل من جاءك وبايعك واتبعك أو دخل في شيء من أمرك ثم لا أتبع أحدا منهم بشيء كان منه أبدا ، فإن أردت أن تتوثق لنفسك فوجه إلي من أحببت يأخذ لك من الأمان والعهد والميثاق ما تتوثق به، والسلام .

    رد محمد النفس الزكية:

    فكتب إليه محمد : ( طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ) إلى : ( يحذرون ) وأنا أعرض عليك من الأمان مثل ما عرضت علي ، فإن الحق حقنا وإنما ادعيتم هذا الأمر بنا وخرجتم له بشيعتنا وحظيتم بفضله ، فإن أبانا عليا كان الوصي وكان الإمام ، فكيف ورثتم ولايته ، وولده أحياء ؟

    ثم قد علمت أنه لم يطلب الأمر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا ، لسنا من أبناء اللعناء ولا الطرداء ولا الطلقاء ، وليس يمت أحد من بني هاشم بمثل الذي نمت به من القرابة والسابقة والفضل ، وإنا بنو أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت عمرو في الجاهلية ، وبنو بنته فاطمة في الإسلام دونكم .
    ...

    رد المنصور:

    فلما ورد كتابه على المنصور قال له أبو أيوب المورياني : دعني أجبه عليه . قال : لا إذا تقارعنا على الأحساب ، فدعني وإياه . ثم كتب إليه المنصور : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فقد بلغني كلامك وقرأت كتابك ، فإذا جل فخرك بقرابة النساء لتضل به الجفاة والغوغاء ، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء ، ولا كالعصبة والأولياء ، لأن الله جعل العم أبا ، وبدأ به في كتابه على الوالدة الدنيا ، ... ،
    ... وأما ما فخرت به من علي وسابقته ، فقد حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوفاة فأمر غيره بالصلاة ثم أخذ الناس رجلا بعد رجل فلم يأخذوه ، وكان في الستة فتركوه كلهم دفعا له عنها ، ولم يروا له حقا فيها .

    وأما عبد الرحمن فقدم عليه عثمان وهو له متهم ، وقاتله طلحة والزبير ، وأبى سعد بيعته فأغلق بابه دونه ، ثم بايع معاوية بعده ، ثم طلبها بكل وجه وقاتل عليها وتفرق عنه أصحابه وشك فيه شيعته قبل الحكومة ، ثم حكم حكمين رضي بهما ، وأعطاهما عهد الله وميثاقه ، فاجتمعا على خلعه ، ثم كان حسن فباعها من معاوية بخرق ودراهم ، ولحق بالحجاز ، وأسلم شيعته بيد معاوية ، ودفع الأمر إلى غير أهله ، وأخذ مالا من غير ولائه ولا حله ، فإن كان لكم فيها شيء فقد بعتموه وأخذتم ثمنه .
    ثم خرج عمك حسين على ابن مرجانة ، فكان الناس معه عليه حتى قتلوه ، وأتوا برأسه إليه ، ثم خرجتم على بني أمية فقتلوكم ...، حتى خرجنا عليهم فطلبنا بثأركم ، وأدركنا بدمائكم ، وأورثناكم أرضهم وديارهم ، وسنينا سلفكم وفضلناه ، فاتخذت ذلك علينا حجة ، وظننت أنا إنما ذكرنا أباك للتقدمة منا له على حمزة والعباس وجعفر ، وليس ذلك كما ظننت ، ولكن خرج هؤلاء من الدنيا سالمين متسلما منهم ، مجتمعا عليهم بالفضل ، وابتلي أبوك بالقتال والحرب ... ،فاحتججنا له وذكرناهم فضله وعنفناهم وظلمناهم بما نالوا منه ...، فإن الإسلام جاء والعباس يمون أبا طالب وعياله ، وينفق عليهم للأزمة التي أصابته ،... ، ثم فدى عقيلا يوم بدر، فكيف تفخر علينا وقد علناكم في الكفر وفديناكم من الأسر وحزنا عليكم مكارم الآباء، وورثنا دونكم خاتم الأنبياء، وطلبنا بثأركم فأدركنا منه ما عجزتم عنه، ولم تدركوا لأنفسكم ! والسلام عليكم ورحمة الله.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    خبر يحيى بن عبد الله في الديلم
    يحيى بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، يكنى أبا الحسن وقيل أبو محمد ،ولد سنة 110هـ، كان مقدماً في أهل بيته، تعلم من جعفر الصادق ومالك بن أنس، كان قصير الجسم ،آدم اللون، حسن الوجه والجسم، أصلع. خرج متنكراً في أيام الرشيد حتى ورد بلاد الديلم، فعرف بحيى صاحب الديلم، وكانت وفاته في حبس الرشيد سنة 175هـ، وعمره 65 سنة.
    في سنة خمـس وسبعيـن خـرج يحيـى بـن عبـد اللـه بـن حسـن أخـو المهـدي بالديلـم واشتدت شوكته وكثر جمعه وأتاه الناس من الأمصار فندب إليه الرشيد الفضل بن يحيى في خمسين ألفاً وولاه جرجان وطبرستان والري وما إليها ووصل معه الأموال‏.‏ فسار ونزل بالطالقان وكاتب يحيى وحذره وبسط أمله وكتب إلى صاحب الديلم في تسهيل أمر يحيى على أن يعطيه ألف ألف درهم فأجاب يحيى على الأمان بخط الرشيد وشهـادة الفقهـاء والقضـاة وأجلـة بنـي هاشـم ومشايخهم عن عبد الصمد منهم فكتب له الرشيد بذلك وبعثه مع الهدايا والتحف‏.‏ وقدم يحيـى مـع الفضـل فلقيـه الرشيـد بكل ما أحب وأفاض عليه العطاء وعظمت منزلة الفضل عنده‏.‏ ثم إن الرشيد حبس يحيى إلى أن هلك في حبسه‏.‏

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    محنة عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب وأقاربه مع المنصور:
    من (البداية والنهاية لابن كثير)
    استشار المنصور من يعلم من أمرائه ووزرائه من ذوي الرأي في أمر ابني عبد الله بن حسن، وبعث الجواسيس والقصاد إليهما، فلم يقع لهما على خبر، ولا ظهر لهما على عين ولا أثر، والله غالب على أمره .
    وقد جاء محمد بن عبد الله بن حسن إلى أمه فقال : (يا أمه، إني قد شققت على أبي وعمومتي، ولقد هممت أن أضع يدي في أيدي هؤلاء لأريح أهلي) ). فذهبت أمه إليهم إلى السجن، فعرضت عليهم ما قال ابنها، فقالوا : (لا) ، بل نصبر على أمره )، فلعل الله أن يفتح على يديه خيرا )، ونحن نصبر)، وفرجنا بيد الله. وتمالئوا كلهم على ذلك، رحمهم الله.
    وفي هذه السنة نقلوا من المدينة إلى حبس بالعراق وفي أرجلهم القيود، وفي أعناقهم الأغلال. وكان ابتداء تقييدهم من الربذة بأمر أبي جعفر المنصور، وقد أشخص معهم محمد بن عبد الله العثماني، وكان أخا عبد الله بن حسن لأمه، وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله، وقد حملت قريبا، فاستحضره الخليفة، فقال له : (قد حلفت بالعتاق والطلاق إنك لم تغُشَّني، وهذه ابنتك حامل! فإن كان من زوجها فقد حنثت، وإن كان من غيره فأنت ديوث). فأجابه العثماني بجواب أحفظه به، فأمر به فجردت عنه ثيابه، فإذا جسمه كأنه الفضة النقية، ثم ضرب بين يدي الخليفة مائة وخمسين سوطا، منها ثلاثون فوق رأسه، أصاب أحدها عينه فسالت، ثم رده إلى السجن وقد بقي كأنه عبد أسود من زرقة الضرب، وتراكم الدماء فوق جلده، فأجلس إلى جانب أخيه لأمه عبد الله بن حسن، فاستسقى فما جسر أحد أن يسقيه حتى سقاه خراساني من جملة الجلاوزة الموكلين بهم، ثم ركب الخليفة في هودجه، وأركبوا أولئك في محامل ضيقة، وعليهم القيود والأغلال فاجتاز بهم المنصور وهو في هودجه، فناداه عبد الله بن حسن: (والله يا أبا جعفر ما هكذا صنعنا بأسراكم يوم بدر) ). فأخسأه المنصور )، وتفل عليه ، ونفر عنهم . ولما انتهوا إلى العراق حبسوا بالهاشمية )، وكان فيهم محمد بن إبراهيم بن حسن)، وكان جميلا يذهب الناس لينظروا إليه من حسنه )، وكان يقال له : الديباج الأصفر ). فأحضره المنصور بين يديه )، وقال له : (أما والله لأقتلنك قتلة ما قتلها أحدا). ثم ألقاه بين أسطوانتين، وسد عليه حتى مات. وقد هلك كثير منهم في السجن حتى فرج عنهم فيما بعد على ما سنذكره.
    فكان فيمن هلك في السجن عبد الله بن حسن ، وقد قيل وهو الأظهر : إنه قتل صبرا. وأخوه إبراهيم بن حسن، وقل من خرج منهم من الحبس، وقد كانوا في سجن لا يسمعون فيه التأذين، ولا يعرفون وقت الصلاة إلا بالتلاوة، ثم بعث أهل خراسان يشفعون في محمد بن عبد الله العثماني، فأمر به، فضربت عنقه، وأرسل برأسه إلى أهل خراسان.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    May 2013
    الدولة
    المنيعة - الجزائر
    المشاركات
    907
    مكانة عبد الله بن الحسن بن الحسن عند أهل السنة:

    ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق

    عبد الله بن الحسن بن الحسن
    ابن علي بن أبي طالب الهاشمي أمه فاطمة بنت الحسين. وفد على سليمان بن عبد الملك، وعلى عمر بن عبد العزيز وعلى هشام بن عبد الملك.
    روى عبد الله بن الحسن عن عبد الله بن جعفر في شأن هؤلاء الكلمات: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش الكريم، الحمد لله رب العالمين، اللهم اغفر لي، اللهم تجاوز عني، اللهم اعف فإنك عفو غفور، أو غفور عفو.
    قال عبد الله بن جعفر: أخبرني عمي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه هؤلاء الكلمات.
    وحدث عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه وجده عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من أجرى الله على يديه فرجاً وفرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة.
    وحدث عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن أبيها عن علي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل المسجد قال: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: اللهم افتح لي أبواب فضلك.
    وحدث عبد الله بن الحسن عن أمه عن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شرار أمتي الذين غذوا بالنعيم، الذين يأكلون ألوان الطعام، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون في الكلام.
    قال رجاء: قدم عبد الله بن الحسن - وهو إذ ذاك فتى شاب - على سليمان بن عبد الملك، فكان يختلف إلى عمر يستعين به على سليمان في حوائجه، فقال له عمر: إن رأيت ألا تقف ببابي إلا في الساعة التي ترى بأنه يؤذن لك فيها علي، فإني أكره أن تقف ببابي فلا يؤذن لك علي. قال: فجاءه ذات يوم فقال: إن أمير المؤمنين قد بلغه أن في العسكر مطعوناً فالحق بأهلك، فإني أضن بك.
    قدم عبد الله بن حسن على عمر بن عبد العزيز فقال له عمر: إنك لن تغنم أهلك شيئاً خيراً من نفسك، فرجع وأتبعه حوائجه.
    قال عبد الله بن حسن: وفدت على هشام بن عبد الملك فقال لي: ما لي لا أرى ابنيك محمداً وإبراهيم يأتياننا فيمن أتى؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، حبب إليهما البادية والخلوة فيها، وليس تخلفهما عن أمير المؤمنين لمكروه، فسكت هشام. قال: فلما ظهر ولد العباس تغيباً أيضاً فلم يأتيا أحداً منهم، وسأل عنهما أبو العباس فأخبره أبوهما عنهما بنحو مما قاله لهشام، فكف أبو العباس عنهما.
    وكان عبد الله بن حسن بن العباد وكان له شرف وعارضة وهيبة، ولسان شديد. وأدرك دولة بني العباس، ووفد على أبي العباس بالأنبار ثم رجع إلى المدينة. فلما
    ولي المنصور حبس عبد الله بالمدينة لأجل ابنيه محمد وإبراهيم عدة سنين، ثم نقله إلى الكوفة فحبسه بها حتى مات.
    سئل مالك بن أنس عن السدل فقال: لا بأس، قد رأيت من يوثق به يفعل ذلك. فلما قام الناس سئل: من هو؟ قال: عبد الله بن الحسن.
    قال مصعب بن عبد الله: ما رأيت أحداً من علمائنا يكرمون أحداً ما يكرمون عبد الله بن حسن بن حسن. وعنه روى مالك الحديث في السدل في الصلاة.
    قال عبد الله بن إسحاق الجعفري:
    كان عبد الله بن حسن يكثر الجلوس إلى ربيعة. قال: فتذاكروا يوماً السنن، فقال رجل كان في المجلس: ليس العمل على هذا. فقال عبد الله: أرأيت إن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام، أفهم الحجة على السنة؟ قال ربيعة: أشهد أن هذا كلام أبناء الأنبياء.
    قال جرير: كانت سارية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الجمعة لعبد الله بن الحسن، فجاءه رجل من بني أمية فدفعه حتى وقع لوجهه فقالت الأنصار: السلاح، السلاح، فكانوا يهيجوها فتنة فسكتوهم بغير شر. وكانت بين المغرب والعشاء لهشام بن عروة.
    قال أبو خالد الأحمر: سألت عبد الله بن الحسن عن أبي بكر وعمر فقال: صلى الله عليهما، ولا صلى على من لم يصل عليهما.
    قال عبد الله بن الحسن: والله لا يقبل الله توبة عبد تبرأ من أبي بكر وعمر، وإنهما ليعرضان على قلبي فادعوا الله لهما، أتقرب به إلى الله عز وجل.
    قال حفص بن قيس: سألت عبد الله بن الحسن عن المسح على الخفين فقال: امسح، فقد مسح عمر بن الخطاب، فقلت: أنا أسألك أنت: أتمسح؟ قال: ذلك أعجز لك، حين أخبرك عن عمر وتسألني عن رأيي، فعمر كان خيراً مني، وملء الأرض مثلي، قلت: يا أبا محمد، إن ناساً يقولون: إن هذا منكم تقية. فقال لي: ونحن بين القبر والمنبر، اللهم إن هذا قولي في السر والعلانية، فلا تسمعن قول أحد بعدي، ثم قال: هذا الذي يزعم أن علياً كان مقهوراً، وأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بأمر فلم ينفذه، فكفى هذا إزراء على علي عليه السلام، ومنقصة أن يزعم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بأمر فلم ينفذه.
    قال محمد بن القاسم الأسدي أبو إبراهيم: رأيت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ذكر قتل عثمان فبكى حتى بل لحيته وثوبه.
    قال أبو خالد الأحمر: سألت عبد الله بن الحسن عن الصلاة خلف هؤلاء فقال: من صلاها في وقتها فصل خلفه، ومن لم يصلها في وقتها فلا صلى الله عليه.
    قال سليمان بن قرم: قلت لعبد الله بن حسن: في أهل قبلتنا كفار؟ قال: نعم، الرافضة.
    قال فضيل بن مرزوق: سمعت عبد الله بن الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة: والله إن قتلك لقربة لولا حق الجوار.
    وقع بين جعفر بن محمد وبين عبد الله بن حسن كلام في صدر يوم، قال: فأغلظ في القول عبد الله بن حسن، ثم افترقا وراحا إلى المسجد، فالتقيا على باب المسجد فقال أبو
    عبد الله جعفر بن محمد لعبد الله بن حسن: كيف أمسيت يا أبا محمد؟ قال: بخير: - كما يقول المغضب - فقال: يا أبا محمد، أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب؟ فقال: لا تزال تجيء بالشيء لا نعرفه. قال: فإني أتلو عليك قرآناً. قال: وذلك أيضاً؟ قال: نعم. قال: فهاته. قال: قول الله تعالى: " الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ". قال: فلا تراني بعدها قاطعاً رحماً.
    قال الحسين بن يزيد: سب رجل عبد الله بن حسن بن حسن فأعرض عنه عبد الله. فقيل له: لم لا تجبه؟ قال: لم أعرف مساوئه، وكرهت بهته بما ليس فيه.
    تعرض رجل لعبد الله بن حسن فسبه فأنشأ يقول:
    أظنت سفاهاً من سفاهة رأيها ... أن أهجوها لما هجتني محارب؟
    فلا وأبيها إنني بعشيرتي ... هنالك عن ذاك المقام لراغب
    ومن شعر عبد الله بن حسن بن حسن:
    لم يبق شيء يسامه أحد ... إلا وقد سامناه إخوتنا
    فوجدونا نحمي الذمار ونأ ... بى الضيم أن تستباح حرمتنا
    بذاك أوصى من قبل والدنا ... وتلك أيضاً غدراً وصيتنا
    قال الأصمعي: عزم عبد الله بن علي على أن يقتل بني أمية بالحجاز، فقال له عبد الله بن الحسن بن الحسن: يا بن عم، إذا أسرعت بالقتل في أكفائك فمن تباهى بسلطانك؟ فاعف يعف الله عنك، ففعل.
    قال عبد الله بن الحسن بن الحسن: إياك ومعاداة الرجال، فإنك لن تعدم مكر حليم، أو مفاجأة لئيم.
    قال عبد الله بن الحسن بن الحسن: المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون المغالبة، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة.
    ومن شعر عبد الله بن حسن بن حسن:
    أنس غرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام
    يحسبن من أنس الحديث زوانياً ... ويكفهن عن الخنا الإسلام
    قال الحسن بن الحسين الأشقر:
    كنت أطوف مع عبد الله بن حسن بن حسن فإذا هو بغمرأة حسناء تطوف. فقال لها عبد الله بن حسن بن حسن:
    أهوى هوى الدين واللذات تعجبني ... فكيف لي بهوى اللذات والدين؟
    فقالت يا بن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دع أحدهما، تنل الآخر. فقال: هل من زوج؟ فقالت: قد كان، فدعي، قال: منذ كم؟ قالت: منذ سنة. فقال: الحمد لله على تمام النعمة. قال: هل لك في التزوج؟ قالت: والله ما كان ذلك رأيي ولكن لك فنعم. فتزوجها.
    قال سليمان بن أبي شيخ: بينا عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب يطوف بالبيت إذ رأى امرأة تطوف وتنشد:
    لا يقبل الله من معشوقة عملاً ... يوماً وعاشقها غضبان مهجور
    وكيف يأجرها في قتل عاشقها ... لكن عاشقها في ذاك مأجور
    فقال عبد الله للمرأة: يا أمة الله، مثل هذا الكلام في مثل هذا الموقف؟ فقالت: يا فتى، ألست ظريفاً؟ قال: بلى. قالت: ألست راوية للشعر؟ قال: بلى. قالت: أفلم تسمع الشاعر حيث يقول:
    بيض غرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام
    يحسبن من لين الحديث زوانياً ... ويصدهن عن الخنا الإسلام
    لما ولي أبو جعفر ألح في طلب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن حسن بن حسن وتغببا بالبادية، وأمر أبو جعفر زياد بن عبد الله الحارثي بطلبهما، فكان يغبب في ذلك ولا يجد في طلبهما، فعزله أبو جعفر عن المدينة، وولاها محمد بن خالد بن عبد الله القسري وأمره بطلبهما، فلم يبالغ أيضاً وكان يعلم مكانهما، فيرسل الخيل في طلبهما إلى مكان آخر، وبلغ ذلك أبا جعفر فغضب عليه فعزله، وولى رياح بن عثمان بن حيان المري وأمره بالجد في طلبهما وقلة الغفلة عنهما.
    قال محمد بن حرب: قال عبد الله بن حسن بن حسن لابنه محمد حين أراد الاختفاء من أبي جعفر المنصور: يا بني، إني مؤد إلى الله حقه علي في نصيحتك، فأد إلى الله حقه عليك في الاستماع والقبول، يا بني، كف الأذى، وأفض الندى، واستعن على السلامة بطول الصمت في المواطن التي تدعوك نفسك إلى الكلام فيها، فإن الصمت حسن على كل حال، وللمرء ساعات يضر فيهن خطاؤه، ولا ينفع صوابه، اعلم أن من أعظم الخطأ العجلة قبل الإمكان، والأناة بعد
    الفرصة، يا بني، احذر الجاهل وإن كان لك ناصحاً كما تحذر العاقل إذا كان لك عدواً، فيوشك الجاهل أن يورطك بمشورته في بعض اغترارك، فيسبق إليك مكر العاقل، وإياك ومعاداة الرجال، فإنها لا تعدمك مكر حليم أو مبادأة جاهل.
    أخذ أبو جعفر عبد الله بن حسن بن حسن فقيده وحبسه في داره. فلما أراد الخروج إلى الحج جلست إليه ابنة لعبد الله بن حسن بن حسن يقال لها فاطمة، فلما مر بها أنشأت تقول:
    ارحم كبيراً سنة متهرماً ... في السجن بين سلاسل وقيود
    وارحم صغار بني يزيد إنهم ... يتموا لفقدك لا لفقد يزيد
    إن جدت بالرحم القريبة بيننا ... ما جدنا من جدكم ببعيد
    فقال أبو جعفر: أذكرتنيه، ثم أمر به فحدر إلى المطبق فكان آخر العهد به.
    قال ابن داحة: يزيد هذا أخ لعبد الله بن حسن، قال إسحاق بن محمد: سألت زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي عن يزيد هذا فقال: لم يقل شيئاً، ليس في ولد علي بن أبي طالب يزيد، إنما هذا شيء تمثلت به، ويزيد ابن معاوية بن عبد الله بن جعفر.
    توفي عبد الله بن حسن بن حسن سنة خمس وأربعين ومئة، بالهاشمية، في حبس المنصور. وعبد الله يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة.
    وكان عبد الله ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز في خلافته، ثم أكرمه أبو العباس ووهب له ألف ألف درهم، ومات ببغداد.
    وقال الخطيب: هذا وهم، إنما مات بالكوفة، وقيل: كانت سنة ستاً وسبعين سنة.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •